إطلاق استراتيجية حكومية جديدة لـ «الهوية الوطنية»
كشف مسؤولون بوزارة الثقافة والشباب أن الوزارة تعتزم إطلاق استراتيجية حكومية جديدة لـ«الهوية الوطنيـة 2031»، قبل نهاية العام الجاري، تهدف إلى التأكيد على الثوابت العامة والأساسية لدولة الإمارات، وترسيخ مبادئ مؤسس الدولة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، من أجل المضي على خطاه وخطى الآباء المؤسسين، والحفاظ على مكونات الهوية الوطنية الإماراتية في ظل جميع المتغيرات المعاصرة، لتبقى هوية أصيلة في روحها، متجددة في شكلها.
وأوضح المسؤولون، في تقرير برلماني حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منه، أن الاستراتيجية الجديدة تأتي استكمالاً لاستراتيجية 2021، حيث تركّز على ثلاثة أبعاد أساسية، هي تأكيد الثوابت العامة للدولة، وترسيخ مبادئ مؤسس الدولة، التي آمن بها، كبناء الإنسان، والتعليم، والعمل، والإنسانية، والاحترام، والحوار والجوار، إضافةً إلى الرؤية المستقبلية التي تميّز بها الشيخ زايد في إدارة الشؤون داخلياً وخارجياً، والحفاظ على أصالة الهوية الإماراتية، ومراعاة إبراز مبادئ الآباء المؤسسين.
ورصد التقرير البرلماني، الذي أعدته لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام في المجلس الوطني الاتحادي، برئاسة رئيس اللجنة، عدنان حمد الحمادي، واعتمده المجلس، خمسة أسباب رئيسة أدت إلى محدوديـة اسـتخدام اللغة العربية في كثير من المجالات والقطاعات الحيوية بالدولة، أولها «مجال التكنولوجيا»، لافتاً إلى أنه لوحظ محدودية المحتوى الرقمي للغة العربية على مستوى العالم العربي في هذا المجال، حيث أن إسهام اللغة العربية في المحتوى الرقمي لا يتجاوز 3% من مجمل المحتوى الرقمي، ويعود ذلك إلى غياب بنية مؤسساتية منظمة لرصد نمو هذا المحتوى وتتابع مواكبته للتحديثات التقنية، إضافة إلى محدودية النشاط البحثي في تمكين اللغة العربية تقنياً، والتأخر في تأسيس أجيال عربية مدربة في مجال التكنولوجيا، ما يؤخر فرصة أرشفة التاريخ العربي بشكل رقمي، واستفادة الأجيال القادمة منه، وتأخر نشر الإنتاج الثقافي العربي لتعريف العالم به.
وأكد التقرير أنه فـي «مجـال الترجمـة»، لـوحظ قلـة البيانـات والإحصاءات الرسمية والدقيقـة والراصـدة لحركـة الترجمـة مـن حيـث الإنتاج الكمـي فـي المجـالات الأدبيـة والمعرفية المتنوعـة، نظـراً لغيـاب مرجـع مؤسسـي مـوحـد يعمل على تنظيم الترجمة، فهي تقوم على مبادرات فردية لمترجمين أو دور نشر تتحكم نوعاً وكماً في ما ينشر، ما أثر في كمية الإنتاج المعرفي العربي، مقارنة بالمعارف الأخرى، ومحدودية فهم وإثراء الثقافات الأخرى بالثقافة العربية والأدب العربي، الأمر الذي من شأنه أن يعرّض اللغة العربية للاضمحلال على مستوى العالم، حيث تؤكد منظمة اليونسكو أن آلاف اللغات المعرضة لتهديد الاضمحلال على مستوى العالم تشكل 43%، وأحد أهـم المؤشرات التي تعتبر على أساسها لغة ما مهددة أو معرضة للاضمحلال هـو مؤشـر الترجمة منها وإليها.
ووفقاً للتقرير، فقد أدى غيـاب استخدام اللغـة العربيـة فـي مؤسسات التعليم العـالي، خاصـة فـي مجـال الـعلـوم التطبيقيـة، بسـبب الوتيرة السريعة التـي تشهدها المصطلحات العلميـة والتقنيـة بدرجـة يصعب معـهـا علـى المـتـرجمين نقـل هـذه المصطلحات إلى العربيـة بالسرعة نفسـها، إلى إبطـاء عمليـة نقـل المصطلحات الأجنبيـة فـي هـذه المجـالات إلى العربيـة ودمجهـا فيهـا، وكذلك اتساع الفجـوة بـيـن حـركـة الإنتاج المصـطلحي فـي الترجمـة وبـين العلـوم البحتـة المترجمـة فـي الـعـالم العربي.
وذكر أنه في مجال البحـث والنشر العلمي باللغة العربيـة، تبـيّـن عـزوف الكثيـر مـن البـاحثين عـن النشـر باللغة العربيـة فـي المجلات العربيـة، لأسباب عدة، أبرزها اشتراط بعض المؤسسات الجامعية والبحثية نشر البحوث العلمية للترقية باللغة الأجنبية في المجلات الأجنبية، وندرة المصادر المحدثة باللغة العربية في التخصص أو ضعف الترجمة، ما ترتب عليه قصور كبير في معـدلات الإنتاج والنشر العلمي بقواعد البيانات العالمية المعتمدة، وضعف مواكبة المحتوى العربي للمنشورات العالمية في العصر الرقمي.
وانتهى التقرير إلى أن غياب معايير موحدة لاختبارات مهارات اللغة العربية على المستوى العالمي (الاختبارات المعتمدة عالمياً في عـدد من اللغات المعتمدة عالمياً، مثل أيلتس – IELTS)، أدى إلى عدم قدرة الناطقين باللغة العربية على إتقان المهارات اللغوية الأساسية على المستوى التعليمي والعملي والاجتماعي.