محمد عبدالجليل الفهيــم: زايد بدأ خطوات الاتحاد من الصــفر

محمد عبدالجليل الفهيــم: زايد بدأ خطوات الاتحاد من الصــفر

قسم: مانشيتات اخبار العالم محمد عبدالجليل الفهيــم: زايد بدأ خطوات الاتحاد من الصــفر » بواسطة adams - 6 نوفمبر 2024

قال رجل الأعمال الإماراتي محمد عبدالجليل الفهيم، إن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان يقدم النصح للآخرين دائماً، مضيفاً أن هناك نصائح كان يركز عليها أكثر من غيرها، لإيمانه بأنها كفيلة بإنارة الطريق لهم في رحلة حياتهم: أولاها الإيمان بالله والتوكل عليه، والثانية الاجتهاد في تحصيل العلم والاعتماد على النفس، وثالثاً الإخلاص للنفس وللأهل والوطن.

مدرسة زايد

أوضح محمد عبدالجليل الفهيم أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان موسوعة كبيرة وشاملة، ومدرسة له ولجميع المحيطين به، إذ كان يقدم النصائح دائماً للجميع، ويعلمهم ويرشدهم من خلال سلوكه وأفعاله. وقال: «أعترف بأننا جميعاً كنا مقصرين في فهم الشيخ زايد مثل ما كان يرغب، ومثل ما كان علينا أن نفهمه، وكل ما يمكن أن نعمله الآن هو أن نطلب من الله أن يجازيه بالإحسان، ويجعل أعماله في ميزان حسناته. كما يجب علينا أن نتمسك بأفكاره وتعليماته ونصائحه كمعلّم ورجل ذي رؤية، ونمشي على خطاه التي رسمها لنا».

مواقف إنسانية

قال محمد عبدالجليل الفهيم إن المواقف الإنسانية للشيخ زايد كانت تحدث يومياً، فقد كان كرمه يفوق الحدود المتعارف عليها، ولم يكن يرد من يطرق بابه أو يدخل مجلسه دون أن يمنحه ما يطلبه. وكثيراً ما كان يعطي الناس من دون أن يطلبوا. وأحياناً كانت بعض الأسر تأتي للشيخ زايد وتقدم له هدية ما، ناقة أو جملاً على سبيل المثال، بمناسبة زواج ابن لها، فكان الشيخ زايد يفهم أن هذه وسيلتهم لطلب المساعدة في تكاليف الزواج، فيأمر بمنحهم مبلغاً يوازي قيمة الهدية 20 مرة، مؤمناً بأن هذا جزء من واجبه نحو شعبه.

علاقة أخوية

أكد محمد الفهيم أن علاقة والده عبدالجليل الفهيم، رحمه الله، بالمغفور له، الشيخ زايد، كانت علاقة أخوية، استمرت من 1943 حتى 1986، وكانت بداية العلاقة عندما طلب الشيخ زايد الفهيم ليعمل معه كاتباً، ثم تطورت العلاقة إلى أخوة وصداقة، حتى إن الوقت الذي كان الفهيم يقضيه مع الشيخ زايد أكبر بكثير من الوقت الذي كان يقضيه مع أسرته وأبنائه.


الصعوبات كانت موجودة في كل خطوة يخطوها الشيخ زايد في مسيرة البناء، فليس أصعب من أن تبني مدينة من لا شيء.

وأضاف الفهيم لـ«الإمارات اليوم»: «ظل الشيخ زايد يردد هذه النصائح، موصياً إيانا بها حتى زيارته الأخيرة إلى منزل الأسرة قبل وفاته – رحمه الله – بفترة قصيرة، حيث أعادها علينا، مشدداً على أن نكون رجالاً وقدوة للآخرين، وأن نعمل بجد وأمانة، ونخاف الله في أولادنا وأهلنا وبلدنا».

ويختزن الفهيم كنزاً من الذكريات والمواقف التي عاشها وعايشها مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إذ كان من الشخصيات القريبة للشيخ زايد سنوات طويلة، فقد قضى سنوات من طفولته في قصر الشيخ زايد في العين، عندما كان – رحمه الله – حاكماً للعين وممثلاً لشقيقه الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، حاكم إمارة أبوظبي في المنطقة الشرقية.

كما عمل الفهيم مع الشيخ زايد بعد توليه حكم أبوظبي، وكذلك عقب قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان مقرباً منه حتى وفاته، ويعد كتاب محمد الفهيم «من المحل إلى الغنى.. قصة أبوظبي»، أحد أهم الكتب التي صورت شكل الحياة في أبوظبي قبل النفط وخلال مراحل تطورها عقب تولي الشيخ زايد حكم الإمارة.

وعن ذكريات الفترة التي قضاها في قصر الشيخ زايد في طفولته، قال الفهيم إن «الشيخ زايد لم يكن أباً لأبنائه فقط، بل كان يعتبر نفسه أباً لكل مواطن في الإمارات، وكان يشارك الجميع كل كبيرة وصغيرة، فكان يحرص على الاستماع إليهم، ومعرفة مشكلاتهم، والمساعدة في حلها، ويسعى بجد لتلبية احتياجاتهم، كما كان يشارك الجميع حياتهم ومناسباتهم الاجتماعية سواء في الأعراس أو العزاء. لم يكن حاكماً ورئيس دولة بقدر ما كان أباً وأخاً لكل مواطن».

حكم أبوظبي

وينتقل محمد الفهيم بذكرياته إلى مرحلة بناء أبوظبي عقب تولي الشيخ زايد حكم الإمارة في 6 أغسطس 1966، مشيراً إلى أن الشيخ زايد لم يكن ينام الليل في تلك الفترة من كثرة التفكير في مستقبل الإمارة، وكيف يمكن تحسين معيشة أهلها.

وقال: «في تلك الفترة لم يكن هناك جهاز حكومي ولا إدارات ولا حتى خطط تنمية، وكان لابد أن يبدأ بتأسيس جهاز حكومي وإدارات مختلفة، وأن يوظف كوادر بشرية تساعده على تنفيذ خططه، ووقتها كان عدد سكان أبوظبي قليلاً والكفاءات محدودة، لا تغطي الاحتياجات والرؤية التي رسمها في مخيلته للمستقبل».

وتابع الفهيم أن «الشيخ زايد قضى السنوات الثلاث الأولى من حكمه للإمارة في إرساء الأوضاع الإدارية فيها، بينما كانت مشاريع إقامة وتطوير الطرق والمواصلات تنهض وتتوالى، تلتها المنشآت العامة كالمدارس والمستشفيات والمؤسسات الحكومية».

وأكد أن «الصعوبات كانت موجودة في كل خطوة يخطوها الشيخ زايد في مسيرة البناء، فليس أصعب من أن تبني مدينة من لا شيء. ومن الطبيعي في تلك الحال أن تكون هناك معوقات في كل زاوية وكل خطوة، ولكن زايد لم يعرف اليأس. كان صبوراً ويمتلك الكثير من الجلد والفهم والذكاء ليتوقع كل ذلك، ويتحمله، ويجد وسائل لتذليل الصعوبات».

قيام الاتحاد

لم تكن فترة قيام الاتحاد وما قبلها أقل صعوبة، وفق ما يوضحه الفهيم، فتلك الفترة كانت من أصعب الفترات التي مر بها الشيخ زايد في مسيرة التأسيس والعمل والبناء، فعلى صعيد الداخل كان يعاني صعوبات تنمية وتطوير أبوظبي، وعلى الصعيد العربي كانت من أصعب الفترات في تاريخ المنطقة حيث جاءت بعد هزيمة 1967 مباشرة.

وشرح أنه «كان على الشيخ زايد أن يبدأ خطوات الاتحاد من الصفر، وأن يعمل في البداية على إقناع حكام الإمارات الأخرى بالاتحاد كفكرة، وقضى رحمه الله ثلاث سنوات في مفاوضات ولقاءات واجتماعات مع الحكام والشيوخ والمسؤولين لإقناعهم بالفكرة وشرحها لهم، وكيف أنها تصب في مصلحة الجميع في المستقبل. كان الشيخ زايد يتمتع بذكاء فطري ويمتلك رؤية وتفكيراً أبعد من فهمنا، فلم يكتف بعرض فكرة الاتحاد على الحكام في الإمارات الأخرى كفكرة نظرية مجردة. وكنت شاهد عيان على سعيه لتحويل الفكرة إلى واقع يعيشه الناس ويلمسون فوائده لهم، حيث شرع عند توليه حكم أبوظبي في تنفيذ العديد من المشاريع الخدمية في الإمارات الشمالية والمناطق النائية، دون أي التزام أو شروط بينه وبين الحكام، فقام ببناء بيوت ومدارس وعيادات وطرق. وكان يعطي سكان الإمارات الشمالية من وقته واهتمامه، ومن ميزانية أبوظبي، دون انتظار مقابل أو عائد شخصي يعود عليه، ولكن إرضاء لرغبته الصادقة في إنهاء معاناة المواطنين، وخدمتهم، وتيسير حياتهم، إضافة إلى رغبته في أن يقدم لهم نموذجاً عملياً لما سيعود عليهم به الاتحاد من فوائد».

وأوضح الفهيم أن إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة كان نقطة انطلاق للعديد من مشاريع البناء والتنمية في كل مكان. وفي تلك الفترة كان هو عضواً في مجلس الماء والكهرباء، وكان يتولى تمديد خطوط المياه وتحليتها وإيصال الكهرباء الى كل المناطق، وهي مهمة ليست سهلة، ولكن الشيخ زايد كان دائم الدعم لهم طوال الوقت، ووفر كل ما يحتاجونه لتنفيذ هذا العمل من معدات وماكينات وخزانات وغيرها، كما منح ميزانية مفتوحة للمجلس الذي كان يرأسه الشيخ حمدان بن محمد آل نهيان، رحمه الله، رئيس دائرة الأشغال، الذي كان مثالاً للالتزام والعمل والتفاني، وكان يعمل بكل جهده لتحقيق حلم الشيخ زايد ورؤيته.

مانشيتات قد يهمك