زوجــات يدّعـين التعــــــــرض للضرب للحصول على الطلاق
قال المستشار القانوني المحامي عبدالله الحمداني، في بحث أعدّه حول ظاهرة ضرب الزوجات، إن كثيراً من الزوجات يلجأن قبل رفع دعوى الطلاق إلى التمهيد للدعوى عن طريق رفع دعوى جزائية على الزوج بتهمة الضرب، مؤكداً أنه لوحظ أن التقارير الطبية المرفقة مع أوراق كثير من القضايا تحمل مغالاة ومبالغة غير حقيقية، حتى إن أحد المستشفيات الحكومية أصدر تقريراً طبياً من قسم العظام يفيد بتدهور الحالة النفسية للمريضة، وهو ما يؤكد لجوء زوجات لإصدار التقرير الطبي للحصول على الطلاق للضرر، والاحتفاظ بالحقوق الناتجة عن هذا الطلاق، كحق الحضانة وما يتبعها من نفقات إلى آخر هذه الحقوق.
ولفت الحمداني إلى أن وجود قضاة يفصلون في دعوى الضرب من دون التأكد من صحة التقارير الطبية يسهل عليهن الحصول على ما يسعين إليه.
وأكد أن ملابسات قضايا عدة، نظرتها المحاكم المختصة داخل الدولة، كشفت عن لجوء نساء إلى ادعاء تعرضهن للضرب من أزواجهن للحصول على الطلاق منهم، بعد وقوع خلافات بينهن وبينهم، وإصرار كل من الطرفين على موقفه، ورفضت أحكام قضائية اعتبار التقارير الطبية المرفقة مع أوراق القضايا دليلاً على ارتكاب الزوج فعل الضرب المبرح، لافتاً إلى أن أروقة المحاكم تكتظ بهذا النوع من الدعاوى، وفي الوقت نفسه تمضي الزوجة في دعوى أخرى للحصول على الطلاق للضرر، مستعينة بالدعوى الأولى لمساندة الدعوى الثانية، إذ ينظر في الدعويين بصورة متوازية، وهو ما يستلزم تقويم ميزان العدالة بين الزوج والزوجة.
وأشار الحمداني إلى أنه لاحظ من واقع بعض القضايا أن هناك قضاة يفصلون في دعوى الضرب من دون التأكد من صحة التقرير الطبي، أو مناقشة المدعية (الزوجة الشاكية) بل يكتفون بما جاء في محضر الاستدلال، أو التحقيق الذي تم بمعرفة النيابة العامة، إضافة إلى عدم مراعاة محاولة الإصلاح بين الزوجين، ما قد يؤدي إلى الحكم على الزوج بالسجن أو الغرامة. وبذلك يصبح مدانا، ويصبح من حق للزوجة رفع دعوى مدنية للمطالبة بالتعويض المالي، كما أن هذا الحكم يساعدها في الحصول على الطلاق للضرر، والاحتفاظ بالحقوق التابعة له.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا نقضت حكماً صادراً عن محكمة أول درجة في الشارقة بتغريم زوج مبلغاً مالياً بسبب ضرب زوجته، واعتبرت أن الضرب الذي استخدمه لم يكن بغرض الإيذاء الجسدي أو الإهانة، وإنما بغرض التأديب المقبول بالوسائل التي أباحها الشرع.
وقالت إن المادة 53/1 من قانون الإجراءات الجزائية ينص على أنه لا جريمة إذا وقع الضرب بنية سليمة استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون.
وفي نطاق هذا الحق، يعتبر تأديب الزوج لزوجته وأبنائه ومن في حكمهم من باب استعمال الحق المخول له شرعاً وقانوناً، وبما أن وقائع القضية تفيد بأن ضرب الزوج لزوجته جاء بعد أن كالت له الإهانات والشتائم، فإن ضربه غير المبرح لها يعتبر تأديباً، وتالياً فلا يعاقب عليه قانوناً.
وتابع الحمداني أن المحكمة الاتحادية العليا أصدرت قبل فترة حكماً بمعاقبة زوج ضرب زوجته بالعقال، ورفضت دفاع الزوج الذي قال إنه دفع زوجته فقط بينما هي التي أصابت نفسها كيداً للحصول على الطلاق. وكانت النيابة العامة قد وجّهت للزوج تهمة الاعتداء على سلامة زوجته، والتسبب في إصابات عدة لها هي كدمات في الساقين والفخذ اليسرى قد تكون نتيجة الضرب بالعقال، الأمر الذي منعها من القيام بأعمالها الشخصية مدة لا تزيد على 20 يوماً، وطالبت النيابة بمعاقبة الزوج طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء، وحسب نصوص المادة 339/2 من قانون العقوبات الاتحادي، حيث غرمت محكمة ابوظبي الشرعية الابتدائية المتهم 100 درهم، فاستأنف الزوج الحكم أمام المحكمة الشرعية الاستئنافية التي قضت بدورها بتأييد الحكم الصادر، وفي طعنه أمام المحكمة الاتحادية العليا أيدت المحكمة الحكم السابق، معتبرة أنه قائم على أدلة ثابتة.
وفي قضية أخرى، لجأت زوجة إلى أحد المستشفيات لاستخراج تقرير طبي بحدوث اعتداء عليها من دون أن تتهم أحداً، وبعد سبعة أشهر وقع خلاف بينها وبين زوجها لرغبة الزوج في الزواج بأخرى، فاستخدمت التقرير الطبي، متهمة الزوج بالتعدي عليها بالضرب، وعلى الرغم من التراخي في الإبلاغ لمدة تقارب نصف العام وعدم مواءمة التقرير الطبي والدليل القولي، إلا أن المحكمة أصدرت حكماً ضد الزوج بالحبس والغرامة وإيقاف عقوبة الحبس.
كما قضت محكمة الاستئناف ببراءة زوج بعد صدور حكم ابتدائي ضده بالحبس والغرامة بتهمة التعدي على زوجته، حيث تعود وقائع الدعوى إلى أن الزوج عاد من عمله ليجد ابنته نائمة في مكانه بجوار زوجـته، فطلب منها العودة إلى غرفتها، لكنها رفضت، وانضمت الأم لابنتها، وتشاجرت مع زوجها، فأخرج الزوج ابنته بأن مسكها من يدها وخرج بها من الغرفة، فتعدت عليه زوجته، واعترفت بذلك في أوراق الدعوى، إلا أن التقرير الطبي الذي أرفقته بالدعوى أفاد بتعرضها للضرب، وهو ما دفع المحكمة لإصدار حكمها الذي ألغته محكمة الاستئناف ضده.
كما أصدرت محكمة الأحوال الشخصية في دائرة محاكم رأس الخيمة حكماً بتطليق مواطنة من زوجها، إثر تقديمها تقريراً طبياً من المستشفى يفيد بتعرضها للضرب المؤدي إلى أضرار، بعد فشل القاضي في الإصلاح بين الزوجين بإحالة ملف القضية إلى قسم التوجيه والإصلاح الأسري، إذ أصرت الزوجة على الحصول على الطلاق، مؤكدة أنها تتعرّض للضرب والسباب بشكل متواصل ومن دون أسباب، ورفضـت المحكمة طلـب الطاعة الزوجيـة الذي تقـدّم به الزوج ضد زوجته.
وقال الحمداني إن هناك أشكالاً متعددة للادعاءات الكيدية تم اكتشافها خلال نظر القضايا، من بينها تعمد زوجة تلقي الضرب من إحدى صديقاتها، أو من شخص من أهلها، ثم الذهاب إلى مركز الشرطة لفتح بلاغ جزائي ضد الزوج. وعلى الرغم من الأيمان التي قد يحلفها الزوج بعدم ضرب زوجته، إلا أنه لا يؤخذ بأقواله، ويحكم عليه بواقعة التعدي على الزوجة. وأفاد الحمداني بأن المادة (53) من قانون العقوبات نصت على أنه لا جريمة إذا وقع الفعل بنية سليمة، استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون في نطاق هذا الحق، ويعتبر استعمال الحق، تأديب الزوج لزوجته، وتأديب الأبناء في حدود ما هو مقرّ شرعاً أو قانوناً.
وأكّد الحمداني أهمية وضع قواعد تحدّد كيفية التحقق من واقعة الضرب، وكيفية حدوثها، والأسباب التي أدت إلى ذلك، حتى لا تكون دعوى الضرب سيفاً مسلطاً على رقاب الأزواج.