الإمارات تودّع شهداء الخير والإنسانية
شيّعت الإمارات، أمس، جثامين شهدائها الذين قضوا جراء التفجير الإرهابي الغادر الذي استهدف مقر والي قندهار في أفغانستان، وذلك بعدما أدت جموع غفيرة من الأهالي في أبوظبي ومدينة العين والشارقة ورأس الخيمة صلاة الجنازة على شهداء الإنسانية.
ووصلت إلى مطار البطين الخاص في أبوظبي، صباح أمس، على متن طائرة تابعة للقوات المسلحة الإماراتية، أربعة جثامين لشهداء العمل الإنساني، فيما لم تتمكن اللجنة المتخصصة بتحديد الجثامين من التوصل إلى جثة الشهيد محمد علي زينل البستكي، نظراً إلى وجوده في مكان التفجير الإرهابي ذاته، لترتقي روحه مع زملائه الشهداء إلى سماء المجد والخلود، وهم يقدمون العون والمساعدة للأيتام من أبناء الشعب الأفغاني.
وقامت الجهات المعنية بإطلاع ذوي الشهيد البستكي بخصوص الجثمان، الذين أظهروا موقفاً مشرفاً يفتخر به كل أبناء الإمارات، محتسبين ابنهم شهيداً عند الله، ومؤكدين استمرارهم في دعم جهود العمل الإنساني كافة، ومواصلين مسيرة الشهيد العطرة، وملبين نداء القيادة لنشر رسالة الإمارات الإنسانية في كل أنحاء العالم.
وجرت المراسم الخاصة لاستقبال جثامين الشهداء الأربعة على أرض المطار، وكان في مقدمة مستقبلي جثامين شهداء الوطن، سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، وعدد من المسؤولين وكبار ضباط القوات المسلحة.
وتفصيلاً، شيعت مدينة العين شهيد الوطن والإنسانية، عبدالله محمد عيسى عبيد الكعبي، وأقيمت صلاة الجنازة في مسجد الشهيد عبدالعزيز سرحان الكعبي بمنطقة الفوعة، بحضور الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان، وجموع غفيرة من المواطنين والمقيمين من سكان مدينة العين، وبعد أداء صلاة الجنازة، ووري جثمان الشهيد الثرى بمقبرة الفوعة، ودعا الجميع الله، العلي القدير، أن يتقبله مع النبيين والصديقين والشهداء.
وأدى نائب وزير شؤون الرئاسة، أحمد جمعة الزعابي، وجموع المصلين صلاة الجنازة على روح شهيدي الإنسانية، عبدالحميد سلطان عبدالله إبراهيم الحمادي ومحمد على زينل البستكي، وذلك بعد صلاة العصر.
ومن مسجد الشيخ شخبوط في منطقة المقطع بأبوظبي، خرج موكب الشهيد الحمادي إلى مثواه الأخير في مقبره بني ياس، بعد أن أدى المصلون صلاة الجنازة على جثمانه.
ودعا الجميع الله، العلي القدير، أن يتغمد الشهيدين بواسع رحمته، وأن يسكنهما فسيح جناته مع الشهداء والصديقين والأبرار، وأن يلهم ذويهما الصبر والسلوان.
وأشار أشقاء وأقارب الشهيد الحمادي إلى أن «عبدالحميد انتقل إلى جوار ربه، أثناء أدائه عملاً إنسانياً عظيماً، وهو ليس غريباً على أبناء الإمارات المعروف عنهم نصرة المظلوم ومساعدة المحتاج، مشددين على أن استشهاده خاتمة المحسنين، ويا لها من خاتمة مشرفة له ولأسرته ومحبيه، هو وزملاؤه ممن نالوا الشهادة وأياديهم ممدودة بالخير، فنالوا عز الشهادة وحققوا المجد لوطنهم والفخر لذويهم، لافتين إلى أن الشهيد الحمادي كان في زيارة للدولة، الأسبوع السابق لاستشهاده، حرص خلالها على زيارة أشقائه ووالدته التي ترقد في المستشفى لتلقي العلاج، قبل أن يغادر إلى أفغانستان الخميس قبل الماضي.
وأكد ذوو الشهيد أنهم يفتخرون بالعمل الإنساني والبطولي، الذي كان يقوم به الشهيد في خدمة الإنسانية ومساعدة الآخرين، حتى اختاره الله أن يكون شهيداً وهو يؤدي هذا العمل، مؤكدين أنه كان محط احترام وتقدير من الجميع، ومحباً لفعل الخير، وصلة الأرحام، وباراً بوالديه، داعياً الله أن يتغمده بواسع رحمته وينزله منزلة الصديقين والشهداء.
وقال علي سلطان، شقيق الشهيد، إن «آخر لقاء جمعنا منذ شهر ونصف الشهر قبل استشهاده، وكان في منزل شقيقنا»، مشيراً إلى أن «الحمادي كان إنسانا اجتماعياً ويحب العمل الإنساني والخيري، ويتجاوز عن أخطاء الآخرين، ونحمد الله أنه قضى في سبيل الله والوطن، وهو شرف وتاج على رؤوسنا».
وذكر عبدالله إبراهيم، ابن عم الشهيد، أن «الحمادي كان بالنسبة لي أكثر من أخ، ويحب الخير لكل عائلته، وهو معروف عند الجميع بحبه الشديد لمساعدة الآخرين وتنفيذ الأعمال التي تعين الناس وتقضي حوائجهم، وقد اختاره الله ليكون في زمرة الصديقين والشهداء».
وأشار خليفة الحمادي، ابن أخي الشهيد، إلى أن «الحمادي حرص على رؤية إخوانه وأعمامه قبل سفره لأداء مهمته الإنسانية، ونحتسبه شهيداً، وكان يحرص على صلة الرحمة وزياره أشقائه قبل كل سفر، وهو إنسان جعل من العمل الإنساني والخيري محور حياته وهدفه».
يذكر أن الشهيد، عبدالحميد سلطان الحمادي، عمل بالقوات المسلحة لسنوات طويلة حتى تقاعد برتبة عقيد، قبل التحاقه ببعثة الدولة بأفغانستان منذ ثلاث سنوات، ويبلغ الشهيد من العمر 52 عاماً، وهو متزوج ولديه ولدان هما (عبدالله ـ 20 عاماً) و(سلطان ـ 19 عاماً).
والشهيد الراحل، وهو من أبناء مدينة خورفكان، أنهى دراسته في المرحلة الثانوية بالعاصمة أبوظبي، فيما التحق ببعض بعثات الدولة التعليمية والعسكرية بالولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول.
وقد كان الشهيد محباً لعمله العسكري بدرجة كبيرة، حيث قضى سنوات طويلة به، وكان مشهوداً له بالتفاني في أداء واجبه وبتميزه في العمل، فضلاً عن شغفه بالعمل الخيري والإنساني الذي كان ختام أعماله الحياتية به، حيث نال الشهادة ويداه ممدودتان بالخير.
وفي الشارقة، أدى الشيخ سالم بن عبدالرحمن القاسمي، رئيس مكتب سمو حاكم الشارقة، صلاة الجنازة، مساء أمس، على جثمان شهيد الوطن والإنسانية، أحمد راشد سالم علي المزروعي.
وشيع جموع المصلين جثمان الشهيد من مسجد شعبية الحصين في منطقة وادي الحلو، إلى مثواه الأخير، حيث ووري جثمانه الطاهر الثرى في مقبرة الحصين بوادي الحلو.
وقدم رئيس مكتب سمو الحاكم التعازي لذوي الشهيد، معرباً عن خالص تعازيه ومواساته لأسرته، داعياً الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين والصالحين، وأن يصبّر ذويه.
وقال أهالي المدينة إن المزروعي أصبح رمزاً للوفاء والإنسانية، وعَلماً للخير في المدينة، وإنه باستشهاده في ساحة الخير والعمل الإنساني، يضع على صدر كل فرد من منطقته وشاح الفخر والعزة.
وقال والد الشهيد، راشد المزروعي: «استقبلنا نبأ استشهاد ابني البطل أحمد بكل فخر، فلم يكن إلا ساعياً للخير، قاصداً مساعدة المساكين والفقراء في جمهورية أفغانستان، لقد كان خير الأبناء، وخير السند، وهو الذراع التي كنت أتكئ عليها بعدما كبرت سني».
وأشار إلى أن «ابنه الشهيد كان باراً به وبوالدته، ويتنافس هو وأخوته على خدمتهما، كما كان حريصاً على الذهاب معه في كل مرة يراجع المستشفى، خصوصاً أيام غسيل الكلى، رغم أن المستشفى في إمارة أخرى».
وتابع الأب أن «ابنه الشهيد كان مجتهداً جداً في دراسته، ومحباً للعلم وعمل الخير، وقد حصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، ولم يقف طموحه عند حد، بل واصل العمل حتى تمكن من الوصول إلى منصب مساعد مدير ملحقية، الذي استدعى منه متابعة مشروعات الدولة الخيرية في أفغانستان منذ نحو ثلاث سنوات».
وأضاف أن «الشهيد سافر قبل يومين من وفاته إلى أفغانستان مسؤولاً في عمليات الإغاثة، في إطار مهمة إنسانية ضمن برنامج دولة الإمارات لدعم الشعب الأفغاني، شملت وضع حجر الأساس لدار خليفة بن زايد آل نهيان في ولاية قندهار».
أسرة الشهيد البستكي: عاش حياته يحث من حوله على فعل الخير
وزير«التربية»: الشهيد الحمادي كان سعيداً بأنه ضمن الفريق الموفد لأفغانستان
تلقى وزير التربية والتعليم، حسين الحمادي، وأشقاء الشهيد عبدالحميد الحمادي، واجب العزاء، وأكد الوزير أن «علاقة طويلة جمعته بالشهيد، إذ خدما معاً في القوات المسلحة، وظلا على علاقة وطيدة حتى قبل الحادث الغادر الذي استشهد فيه». وروى الحمادي، تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة الشهيد، حيث كان الشهيد في بريطانيا ثم عاد إلى الإمارات، ومكث فيها يومين قبل سفره إلى أفغانستان، موضحاً أن «الشهيد عبّر له عن مدى سعادته لأنه اختير ليكون ضمن فريق المبادرات الخيرية الموفدة إلى أفغانستان لدعم المشروعات الخيرية للدولة»، وأضاف أن «عبدالحميد كان يحب العمل الخيري والتطوعي، وكان سعيداً لأنه سيرى حلماً خيرياً سيطبق على أرض الواقع». وقال إن «الحادث الإرهابي أليم، والمصاب جلل، لكن جائزة الشهادة تجعلنا سعداء، ولن يثني هذا العمل دولة الإمارات عن فعل الخير وتقديم المساعدات الإنسانية والاجتماعية في شتى بقاع العالم»، وتابع الوزير: «نحن جاهزون لخدمة الوطن في أي وقت وفي أي لحظة، طالما نعيش على أرض الخير، فنحن فداء لوطننا، وهذا شرف كبير لعائلتنا»، مضيفاً «مستعدون للعمل الذي كان يقوم به الشهيد عبدالحميد وننتظر فقط التوجيهات».
|
قالت أسرة الشهيد، محمد علي زينل البستكي، إنها تعتبر استشهاده أثناء تأديته واجب العمل الإنساني مكرمة من الله تعالى لشخص عاش حياته يحثّ أبناءه وأهله وذويه على العمل الخيري.
وأكد أحمد علي البستكي، أخو الشهيد، أن الفقيد عاش معظم حياته يحث من حوله على العمل الخيري، وأن روحه الطيبة تحمل في داخلها جوانب مشرقة في حب العمل الإغاثي والعمل الخيري، فلم تكن رحلته الأخيرة إلى أفغانستان هي الأولى، بل قضى جزءاً كبيراً من حياته هناك لتمكين جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في مساعدة وتنمية الشعب الأفغاني، وكان آخرها افتتاح دار للأيتام في مدينة قندهار، حيث وقع الحادث الإرهابي الخسيس.
وأضاف أن الشهيد أحب العمل الخيري قبل أن يلتحق بالعمل به رسمياً، وذلك وفق مرسوم صدر باسمه من رئيس الدولة في عام 2010 للعمل نائباً للمدير العام في مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية، بدرجة مدير تنفيذي، وهو الشقيق الأكبر من بين خمس إناث وثلاثة ذكور، وكان متزوجاً ولديه أربعة من الأبناء، أكبرهم (عبدالله) وعمره 32 سنة.
وأشار إلى أن والدة الشهيد وزوجته وأبناءه استقبلوا خبر استشهاده بفخر واعتزاز، إذ أراد الله له حسن الخاتمة وهو يؤدي عملة الإنساني.
صقر غباش: الإرهاب لن يثني الإمارات عن رسالتها الإنسانية
قال وزير الموارد البشرية والتوطين، صقر غباش، إن شهداء الإمارات، الذين استشهدوا وهم يؤدون مهامهم الإنسانية، وقدموا أرواحهم دفاعاً عن القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية، هم في محل فخر واعتزاز، مؤكداً أن العمل الإرهابي لن يثني دولة الإمارات العربية المتحدة عن مواصلة رسالتها الإنسانية. وأكد غباش أن عام الخير بدأ باستشهاد مواطنين سطروا بأرواحهم وبدمائهم الزكية أسمى معاني العمل الإنساني وأبهى صوره، مضيفاً «إننا اليوم نجدد التأكيد على التفافنا حول قيادتنا الحكيمة، وقواتنا المسلحة التي تحمي الوطن برجالها الغر الميامين، أصحاب الإرادة الصلبة التي لم تنكسر يوماً، والعزيمة التي لا تلين، والجاهزية للدفاع عن الحق ونصرة المظلومين باحترافية عسكرية مشهود لها».
وتقدم غباش بخالص العزاء لأسر الشهداء، داعياً المولى، عزّ وجل، أن يتقبلهم مع الشهداء، وأن ينعم على أهلهم وذويهم بالصبر والسلوان. أبوظبي – الإمارات اليوم
شقيق الحمادي: استشهاد عبدالحميد وسام فخر وعزة
قال المواطن، حسن سلطان الحمادي، أخو الشهيد عبدالحميد الحمادي، إن «الأعمال الخسيسة لن تزيد أبناء الإمارات إلا قوة وإصراراً على دحر الباطل، ومقاومة العابثين بأمن واستقرار أمتنا»، مشيراً إلى أن تضحية شقيقه تمثل رسالة واضحة إلى كل من يعمل ضد الخير، ويصر على مواصلة السير في الظلام، مفادها أن «لغة الحق أقوى من كل الأسلحة الغادرة».
وذكر أن الشهيد هو الرابع بين إخوته، وأنه أهدى العائلة وسام الفخر والعزة، إذ قدم هو ورفاقه الشهداء أرواحهم فداءً للإنسانية، مضيفاً أنه لم يكن يدرك المعنى الحقيقي لشعور أسر الشهداء إلى أن رزقه الله الصبر والسلوان، وربط على قلب عائلته.
وقال إن زوجة شقيقه تلقت خبر استشهاده بكل صبر وثبات، وبشّرت ابنيها بنبأ استشهاد والدهم، مؤكدة لهم أنه كان يتمنى الشهادة في سبيل الله، وأن الله أكرمه بها وهو يؤدي عمله الإنساني. وأضاف سلطان أن شقيقه كان رجلاً صالحاً، محباً لعمل الخير، وعوناً وسنداً للجميع، لافتاً إلى أن الشهيد أنجب ولدين، الأكبر (عبدالله) وهو مبتعث يدرس في الولايات المتحدة الأميركية حالياً، و(سلطان) وهو ملتحق بالخدمة الوطنية.
ولفت الحمادي إلى أن أخاه سيدفن في إمارة أبوظبي بطلب من ابنه.
وزفّت زوجة الشهيد نبأ استشهاد زوجها لابنيها بكل فخر واعتزاز، شارحة لهما أنه «قدم روحه مدافعاً عن القيم الإنسانية النبيلة، وساعياً لعمل الخير، عن طريق تنفيذ المشروعات الإنسانية والتعليمية والتنموية في جمهورية أفغانستان».
وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي تغريدة لها، كتبت فيها: «إنا لله وإنا إليه راجعون، لكم الشرف يا أولادي بوفاة أبيكم شهيداً في مهمة خدمة الوطن، أثناء تنفيذه مشاريع وأعمال الخير.. الله يرحمه ويتقبله في زمرة الشهداء والصديقين، ويبارك فيكم ويجعلكم خير خلف له». سمية الحمادي – خورفكان