«جيران السوء».. إزعاج وانتهاك خصوصية بعيداً عن القانون
يواجه سكان خلافات مع بعض جيرانهم، بسبب إزعاجهم المستمر لهم في ساعات النهار أو الليل، وتحولهم إلى ما يشبه أبراج المراقبة، إذ يرصدون تحركاتهم أولاً بأول، ويتدخلون في شؤونهم، وينشرون الأخبار عنهم بين جيرانهم الآخرين.
ويروي أحدهم أنه اضطر لتغيير مسكنه، بسبب الضجيج الذي يصدر من الطابق العلوي، وآخر أكد أنه لم يجد وسيلة لمنع ابن جيرانه من التنمر على طفلته المصابة بمتلازمة داون سوى تقديم شكوى لدى الشرطة، فيما بادر سكان إحدى البنايات بتوجيه رسالة إلى المؤجر، مطالبين بطرد جارهم من البناية، بسبب استمرار إلقاء أكياس القمامة بجوار المصعد، بدلاً من إلقائها في الحاوية المخصصة لذلك.
واقترحوا وضع قانون يحكم حقوق وواجبات الجار تجاه جيرانه، للحدّ من الخلافات.
وأكدت شرطة أبوظبي المجتمعية أنها تتعامل مع بلاغات وشكاوى الجيران بالتوعية والحوار، وتدعو إلى الصلح بين المتخاصمين، فيما تحيل الحالات التي ينتج عنها اعتداء وإصابات إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
واعتبر مستشار قانوني أنه «لا حاجة لإصدار قانون يحكم خلافات الجيران ذات الطابع اليومي، لأن القوانين الموجودة تتصدى للتجاوزات التي تسبب ضرراً للآخرين»، مشدداً على مسؤولية السكان الأدبية والاجتماعية في احترام حقوق بعضهم بعضاً.
وتفصيلاً، قال سكان لـ«الإمارات اليوم»، إن معظم الخلافات التي واجهوها مع الجيران كانت لأسباب بسيطة، لكن بعضها استدعى الاتصال بالشرطة لوقفها.
وأكدوا أن الجهة المؤجرة تتدخل أحياناً للفصل في الخلافات التي تنشأ بينهم، خصوصاً عندما يكون سبب الخلاف هو التعدي على حقوق الآخرين، وتكرار إصدار الضوضاء، أو شغل مواقف المركبات العائدة لهم.
وذكر أمين الحاج، وهو موظف في أحد البنوك، أنه فقد مواعيد نومه بعد وصول جار جديد إلى البناية، بسبب حركة أبنائه المستمرة، وصراخهم، ومشاجراتهم التي تتواصل حتى ساعة متأخرة ليلاً، الأمر الذي اضطره لاستئجار شقة أخرى، في موقع آخر من البناية.
وتكررت الشكوى ذاتها من لمياء عامر، وهي بائعة في محلّ، شارحة أنها تعود إلى شقتها آملة الحصول على بعض الراحة، في منتصف النهار، لكن جيرانها يحرمونها من هذا الحق، بسبب الضوضاء. وعند عودتها إلى الشقة ليلاً، تفاجأ بهم يراقبونها، ويوجهون إليها أسئلة حول سبب عودتها المتأخرة.
وقال صبري محمد، وهو صاحب محل حلويات، إن شكاوى الجيران لا تقتصر على الضوضاء أو إزعاج الأطفال، لكن هناك مصادر أخرى، منها الروائح الكريهة، وعدم النظافة، ورمي المخلفات، وإشغال المواقف، وغيرها، مشيراً إلى أنه يلجأ عادة للشكوى لاتخاذ إجراء بحق جاره.
وأفاد «أبونادية»، الذي يعمل مهندساً، بأن طفلته تعاني «متلازمة داون»، وأن بعض الأطفال يتنمرون عليها بسبب مرضها. وذكر أن ابن جار له كان يدفعها للبكاء، وكلما شكاه لوالده فوجئ به يطالبه بأن يوسع صدره، بدلاً من أن يتخذ موقفاً تجاه ابنه لتوعيته وتحذيره، الأمر الذي دفعه للجوء إلى الشرطة.
ووقّع سكان رسالة جماعية إلى الجهة المؤجرة لاتخاذ إجراء، بعد إصرار ابن جيران لهم على إلقاء أكياس القمامة أمام المصعد، بدلاً من التخلص منها في الحاوية المخصصة لذلك، مطالبين بطرده من البناية.
وقال «أبوآسر»، وهو معلم في مدرسة خاصة، إن هناك مصادر إزعاج لا يمكن التحكم فيها، خصوصاً عندما يكون سببها الأطفال، مضيفاً أنه فوجئ بجارة تقطن شقة في الطابق السفلي، تشكوه إلى الشرطة بسبب الضوضاء.
وشرح أنه لا يستطيع منع أطفاله أو معاقبتهم على ممارسة حياتهم الطبيعية داخل الشقة، مؤكداً أن جارته لم تضع في اعتبارها صغر سن الأطفال، وصعوبة التحكم في تصرفاتهم، ومنعهم من الجري واللعب داخل الشقة.
واعتبر «أبوياسين» أن البعض يبالغ في الشكوى، ويسارع في تقديم البلاغات إلى الشرطة، مقترحاً وجود قانون يحكم العلاقة بين الجيران.
من جهته، أكد رئيس قسم شؤون الشرطة المجتمعية في المناطق الخارجية، في شرطة أبوظبي، المقدم عبدالله محمد الحارثي، أن البلاغات الواردة بسبب الخلافات التي تنشأ بين الجيران محدودة، إذ تحرص الشرطة على أداء مهام استباقية وقائية لمنع ظهور مثل هذه الخلافات، من خلال توعية أفراد المجتمع عبر اللقاءات المباشرة والافتراضية والمحاضرات والندوات وغيرها.
وقال إن الخلافات التي تنشأ بين الجيران غالباً ما تكون بسيطة، وتنشأ بسبب الأطفال، فضلاً عن مسببات أخرى، مثل الإزعاج، والتعدي على حقوق الجار، مضيفاً أن شرطة أبوظبي تتعامل باحترافية مع مثل هذه البلاغات، التي غالباً ما تنتهي بالصلح بين الطرفين.
وأكد أن حملات التوعية التي تنفذها الشرطة المجتمعية مستمرة طوال العام، تبدأ من المدرسة وصولاً إلى الأحياء السكنية، مضيفاً أنها تواصلت خلال ظهور جائحة «كورونا» عبر التوعية الإلكترونية، وتنظيم لقاءات مع شرائح المجتمع المختلفة عن بعد.
ولفت إلى أن معظم الخلافات بين الجيران تكون بسيطة، لكن في الحالات التي تحدث فيها إصابات أو ضرب، يتم التعامل مع مرتكبيها وفق القانون، للحدّ من التجاوزات والتصرفات غير المقبولة مجتمعياً.
من جهته، قال المستشار القانوني، محمد وحيد، إنه لا يوجد قانون يحكم الخلافات البسيطة بين الجيران، لكن التجاوزات التي يتخللها اعتداء جسدي أو لفظي، تخضع للعقوبة التي تنصّ عليها قوانين العقوبات والإجراءات الجزائية وتقنية المعلومات، فيما يحكم قانون المعاملات العينية العلاقة بشأن الحقوق العينية بين الجيران.
ولفت إلى أن الشركة المؤجرة لها دور رئيس في حلّ الخلافات التي تنشأ بين جيران المبنى الواحد، سواء المتعلقة بالإزعاج والضوضاء أو التعدي على حقوق الآخرين.
وأشار إلى أن «مسؤوليات السكان الاجتماعية تجاه جيرانهم تستوجب استئذانهم عند أداء أعمال منزلية باستخدام آلات قد تسبب إزعاجاً، أو إقامة احتفال قد تصدر عنه أصوات مزعجة، وغيرها»، داعياً إلى التفرقة بين الإزعاج المتعمد والإزعاج غير المتعمد، إذ يمكن تفهم الأول، خصوصاً عندما يحدث على فترات متباعدة، أما الثاني فهو غير مقبول، ومن حق المتضرر الشكوى إلى الجهة المعنية، سواء الشركة المؤجرة أو الشرطة.
دورات «الحقوق والواجبات»
أفاد رئيس قسم شؤون الشرطة المجتمعية في المناطق الخارجية، في شرطة أبوظبي، المقدم عبدالله محمد الحارثي، بأن دور الشرطة المجتمعية التوعي لا يقتصر على الأحياء السكنية، بل يمتد إلى أماكن سكن العمال، حيث تنظم لهم لقاءات ودورات تدريبية حول الحقوق والواجبات المفروضة عليهم، لتعزيز التفاهم بينهم، والحدّ من أي مشكلات قد تحدث في السكن المشترك.
كما تتواصل مع الشركاء الاستراتيجيين لوضع حلول ناجعة لأيّ ظواهر اجتماعية مقلقة قد تظهر بين فترة وأخرى، إضافة إلى التواصل مع السكان في الأحياء للتعرف إلى أبرز المشكلات التي يواجهونها، واتخاذ إجراءات عاجلة لحلها.
• موظف اضطر لتغيير الشقة بسبب ضجيج الجيران المستمر في الطابق العلوي.
• مهندس طالب الشرطة بمنع ابن الجيران من التنمّر على طفلته المصابة بمتلازمة داون.
• سكان يطالبون المؤجر بطرد جارهم.. بسبب إلقاء أكياس القمامة بجوار المصعد.