محمد بن راشد: دبي تهوى تحويــل الأحلام إلى حقائق
أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن دبي أصبحت مدينة عالمية، وقال إنه «يمكن لما يقارب ثلثي عدد سكان الأرض الطيران والهبوط في دبي خلال ثماني ساعات»، منوها بما شهدته من تطور على المستويات كافة، خلال العقود الثلاثة الأخيرة. وقال سموه إن ما تحقق من نجاح لدولة الإمارات عموما، ولإمارة دبي خصوصا، يعود إلى حرصها على تحويل الأحلام إلى حقائق، وعدم الوقوف عند نقطة أو إنجاز معين بوصفه نهاية الطريق. كما أكد خلال لقاء مع وفد إعلامي صيني من «صحيفة شباب بكين»، التابعة لمجموعة «شباب بكين الإعلامية»، التي تمتلك 11 صحيفة وخمس مجلات، أنه تحدث عن الجوانب التي أعطت إمارة دبي مكانتها في كتاب «رؤيتي».
وتابع سموه: «أستطيع تلخيص ذلك في ثلاث نقاط، الأولى أن يكون لدى القائد رؤية، وأن يؤمن إيمانا كاملا بالقدرة على تحقيقها، وأن تكون هذه الرؤية لمصلحة تحقيق أحلام المواطنين، والثانية اختيار فريق العمل الذي يؤمن بالرؤية، ويمتلك الطاقة الإيجابية لتحقيقها، والثالثة ألا يتوقف أبدا عن توسيع هذه الرؤية، لأنها مصدر الإلهام لجميع من حوله، والمحفز الرئيس لديه للقيام كل صباح بإنجاز شيء جديد.
ولفت صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد إلى أنه لا يحبّ الاستغراق في الأحلام، «الأحلام وحدها لا تحقق أي إنجاز، طريقتنا في تحقيق أحلامنا مختلفة، فعندما يتحدث الناس نحن نعمل، وعندما يخططون نحن ننفذ، وعندما يترددون نتقدم نحو المستقبل بكل ثقة».
وخلال اللقاء، تطرق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى مجموعة متنوعة من الموضوعات، جاء على رأسها العلاقات الإماراتية الصينية، وبناء الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين، خصوصا في المجالات الاقتصادية والثقافية والتقنية، إذ أكد سموه أهمية العلاقات الإماراتية الصينية، وضرورة تعزيز التعاون بين الدولتين ليس فقط في مجال التجارة، بل في المجالات العلمية والتكنولوجية والطاقة المتجددة والنظيفة.
وسأل الوفد الإعلامي الصيني سموه، في بداية اللقاء، عن رؤيته حول مجالات التعاون الاقتصادي بين الصين والإمارات في المستقبل، فأجاب سموه: «أتمنى أن يأتي مزيد من الصينيين ليزورونا ويتعرفوا إلى الإمارات بأنفسهم ولدينا مقولة نحن العرب: (من رأى ليس كمن سمع)، أنا شخصيا زرت الصين في مناسبات عدة، واستمتعت برؤية المدن والثقافة الصينية عن قرب، إن تجربة الصين في النمو هي تجربة مميزة نتابعها ويتابعها كل العالم باهتمام، وبنظري فإن دبي تشبه مدينة (تشانغان) العاصمة الصينية القديمة، من حيث كونها مدينة عالمية منفتحة ومتنوعة الثقافات يعيش فيها أشخاص من جنسيات مختلفة، ويعملون معا على أرض واحدة».
قائد دون حراس شخصيين رسمت رئيس تحرير صحيفة شباب بكين اليومية الصينية وانغ ليوين، صورة عن انطباعاتها، بعد لقائها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، قالت فيها: «إذا كنت محظوظا أثناء زيارتك لمدينة دبي، قد تحظى بفرصة لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في أحد شوارع المدينة، ومصافحته، وإلقاء التحية عليه، وحتى التقاط صورة تذكارية معه، فسموه يستمتع بوجوده عن قرب مع أبناء شعبه، ويحرص على لقائهم والحديث معهم أثناء وجوده في المراكز التجارية والمطاعم وقاعات المعارض، كما يستمتع في أوقات فراغه بالتسوق وتناول وجبات الطعام في المطاعم، كأي شخص عادي ودون مرافقة الحراس الشخصيين». وتابعت وانغ ليوين، الحائزة الجائزة الوطنية للصحافة في بلادها مرتين، وخمس مرات بالجائزة الإقليمية للصحافة: أخبرني أحد المقربين من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن السبب وراء عدم وجود الحرس حول سموه يعود لعدم حاجته لوجود حراس يتبعونه حيثما حل، فهو دائما بين أهله وشعبه، ولا يحتاج لحراس يرافقونه، ويدرك كثير من المواطنين في الإمارات الصعوبات التي واجهها آباؤهم وأجدادهم في الماضي، وعيشهم في الخيم دون أية إمدادات مياه أو كهرباء، كما يدركون أيضا حجم النهضة التي عمت الدولة لاحقا في مختلف المجالات، حيث يقول العديد منهم: «قبل 40 عاما كانت الإمارات دولة صغيرة محدودة الموارد وكبيرة بطموح وأحلام شعبها». واليوم بعد حدوث التطورات والتغييرات التي شهدتها الإمارات، صار أبناؤها يؤمنون ـ وفي ضوء رؤية سموه ـ بأن باستطاعتهم تحقيق أحلامهم في بناء دولة قوية، في فترة لا تتجاوز بضعة أعوام. وأضاف شخص آخر قابلته خلال زيارتي لدولة الإمارات أنه «على الرغم من ثقة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم التامة بجميع موظفيه في الحكومة الاتحادية، إلا أنه لا يعتمد بشكل كامل على التقارير الخطية والشفهية التي ترفع له عن الأداء الحكومي في هذه الجهات، بل يسعى دائما للتميز والتطور في تقديم الخدمات الحكومية، ويكره التباطؤ والتأخير، وفي هذا الصدد قام سموه بإطلاق برنامج المتسوق السري في الحكومة الاتحادية، بهدف الحصول على معلومات إضافية عن الأداء الحكومي، تسهم في تطوير الخدمات الحكومية، وتحسينها بصورة دورية ومستمرة. |
وأضاف سموه: دبي مدينة عالمية، إذ إنها شهدت، عبر الـ20 أو الـ30 عاما الماضية، تدفق المستثمرين من أنحاء العالم كافة، نظرا إلى موقعها الاستراتيجي، إذ يمكن اليوم لما يقارب ثلثي عدد سكان الأرض الطيران والهبوط في دبي خلال ثماني ساعات، ما أسهم في لعب دبي دوراً كبيراً كحلقة وصل بين آسيا الوسطى وشمال إفريقيا وأوروبا، وبالعودة إلى سؤالك، فالتعاون بين الشعب الصيني والعرب قديم جدا، ويعود إلى العام السابع الميلادي، واليوم نحن نتابع تجربة الصين بكل اهتمام، ونسعى إلى تعزيز التعاون بين الدولتين في المستقبل، ليس فقط في مجال التجارة بل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والطاقة المتجددة والنظيفة، كما أننا نريد ابتعاث طلابنا في المستقبل للدراسة في الجامعات الصينية، وكانت هذه الموضوعات وغيرها من القضايا من الموضوعات، التي تمت مناقشتها مع رئيس الوزراء الصيني ون جياباو، خلال زيارته الأخيرة إلى الإمارات لحضور القمة العالمية لطاقة المستقبل.
وسأل الوفد الإعلامي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن بدايات ظهور معالم رؤيته، فقال إنها تعود إلى ما يقارب الـ16 عاما، وأضاف: «كنت أتطلع دوما عندما أزور أوروبا والولايات المتحدة إلى اليوم الذي سيكون لدينا فيه أنفاق وقطارات حديثة وبنية تحتية متطورة، تضاهي أفضل مدن العالم».
وسأل الوفد سموه: قلت سابقا أن لا أحد يذكر الحالمين، ولكن الجميع يتذكرون من يحولون الأحلام إلى حقيقة، هل ترى أنك تمكنت من تحقيق أحلامك؟ فأجاب سموه: «لا أحب الاستغراق في الأحلام، بعض الناس يمضون حياتهم وهم يحلمون، حتى عندما يذهبون للنوم يستمرون في أحلامهم، الأحلام وحدها لا تحقق أي إنجاز، طريقتنا في تحقيق أحلامنا مختلفة، فعندما يتحدث الناس نحن نعمل، وعندما يخططون نحن ننفذ، وعندما يترددون نتقدم نحو المستقبل بكل ثقة، هناك مقولة غربية تقول (لا أخاف من جيش من الأسود يقوده خروف، بل أخاف من جيش من الخراف يقوده أسد)، لديّ قناعة مختلفة عن ذلك، إذا كان القائد أسدا حقيقيا فلابد أن يقود مجموعة من الأسود، وأنا فخور بفريق العمل الذي يساعدنا على تحقيق طموحاتنا لأنهم جميعا من الأسود، وأعمل دائما على تشجيع الشباب على الإبداع، وأتجاوز عن بعض أخطائهم، لأن الأخطاء أحيانا تكون طريقة للتعلم وتحقيق النجاح». وسأل الوفد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عمّا إذا كان مردّ تأثيرات الطاقة الإيجابية والسلبية في الناس، هو وجود منصب رفيع ونفوذ وموارد مالية كثيرة، فقال سموه: «لا أحد يمكنه أن يدرك السعادة الكاملة، هناك العديد من الدول والأشخاص لديهم أموال طائلة ولكنهم لا يمتلكون طاقة إيجابية تدفعهم للتقدم، بل على العكس، هم جامدون نتيجة لاكتفائهم وقناعتهم بما يملكون، وأنا أقول إن على القائد أن يتحلى بالطاقة الإيجابية دائما، فالطاقة الإيجابية هي مصدر التفاؤل الذي يقهر كل العقبات وهي ما يمنح الأشخاص الجرأة والشجاعة لمواجهة الصعاب والتحديات، كما أن الطاقة الإيجابية تجعل الإنسان متفائلا دوما، ومن الضروري أن يحافظ الإنسان على التفاؤل يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر وعاما بعد عام، بعض الناس يقولون عن الناجحين إنهم محظوظون، برأيي الشخصيّ الحظ لا يأتي إلا لمن يكون مستعدا وجاهزا دائما، أما إذا كان لدى الإنسان شك في قدرته على تحقيق أهدافه فيجب أن يعلم أنه لن يتمكن من تحقيقها فالفشل يبدأ دائما من الداخل، أنا دوما أشجع الجميع على التحلي بروح التحدي وعدم الاستسلام والإيمان دائما بأن هناك حتما طريقة لإنجاز المهمة».
وسأل الوفد الإعلامي الصيني سموه عن المصدر الذي يستقي منه أفكاره التطويرية، فأجابه بأنه مدين بجزء كبير من معارفه للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، ولوالده المغفور له الشيخ راشد بن سعيد،. وقال: «نشأت منذ الصغر على القيم والتقاليد الأصيلة السائدة في قبائلنا العربية، حيث إننا نستلهم معرفتنا وحكمتنا ورؤيتنا للأمور من العائلة في المقام الأول، وليس من المدرسة فقط، ولهذا أنا مدين بالجزء الأكبر من كل ما أعرفه للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، ولوالدي المغفور له الشيخ راشد، حيث كنت محظوظا لقربي منهما، وعاصرت تجربتهما الإدارية والسياسية بشكل كامل، أما الجزء الآخر من معارفي وأفكاري فيأتي من دراستي، وما اكتسبته عبر السنين من مهارات تفكيرية وإبداعية وخبرة عملية، كما أنني مستمر دوما في تطوير خبرتي، وأتعلم حتى من الأخطاء الصغيرة، وعلى سبيل المثال قبل سنوات كنا نخطط لبناء ملعب للغولف على الساحل، إلا أنني أجلت موعد البناء لوجود بعض العقبات قبل التنفيذ مباشرة، وعندما استأنفنا العمل في المشروع، بعد فترة من الزمن، أدركت أننا ضيعنا وقتا ثمينا، فلا مجال للتردد، وليس لدينا فائض من الوقت، وكما يقول المثل: (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك)، تعلمت درسا من تلك التجربة أن التردد قد يضيع كثيرا من الفرص والوقت الثمين.
وتطرق الوفد الإعلامي إلى الحديث عن المكانة المتميزة التي تحتلها المرأة في المجتمع الإماراتي، فأكد صاحب السمو أنه فخور بالدور الكبير الذي تؤديه المرأة الإماراتية في مجتمعنا. وقال: «المرأة عندنا تتمتع بالمساواة الكاملة مع الرجل، 70٪ من خريجي جامعاتنا من الإناث، و65٪ من الوظائف الحكومية و30٪ من المناصب القيادية الحكومية تشغلها النساء، حتى أن 80٪ من العاملين في مكتبي الخاص من النساء، إننا في الإمارات لا نكتفي بالحديث عن أهمية دور المرأة في المجتمع، بل نطبق ذلك على أرض الواقع بكل جدية.