باحثة: «إلزامية التعليم» في الإمارات تحتاج إلى تعريف
اكشفت دراسة حديثة، صادرة عن مركز البحوث والدراسات الأمنية التابع للقيادة العامة شرطة أبوظبي، عن عدم وجود تعريف واضح لمعنى تعبير «إلزامية التعليم» التي أقرها القانون الاتحادي رقم (11) لسنة .1972 كم كشفت عن عدم وجود جهة معينة تحقق في أسباب عدم التزام شخص ما بتسجيل أبنائه، أو انقطاع الطالب عن الذهاب إلى المدرسة، فضلا عن عدم وجود عقوبة للمتكفل بتربية الطالب في حال حرمانه له من التعليم، أو تقصيره بالتزامه نحو تعليمه.
وتسلط الدراسة التي حملت عنوان: «إلزامية التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة من منظور قانوني وأمني» الضوء على إلزامية التعليم في الدولة وأبعادها الخطرة من المنظور الأمني، وأثرها في المجتمع من جميع النواحي، بما في ذلك الاجتماعية والاقتصادية والنفسية.
وتهدف الدراسة التي أعدتها الرائد الدكتورة إيمان محمد علي الجابري، إلى توضيح الأسباب وراء عدم التقيد بإلزامية التعليم في المرحلة التأسيسية. أوباستخدام الاستبيانات الميدانية، تقدم الدراسة تحليلا علميا للظاهرة، لمعرفة الدوافع وراءها، وسبل الوقاية منها. لذلك كان لا بد من البحث في مختلف جوانب مرحلة إلزامية التعليم، وأثرها في المجتمع «خصوصا أنه كلما ارتفع المستوى التعليمي للأشخاص عن المرحلة الإلزامية، تراجعت نسبة ارتكاب الجريمة». وفقا لنتائج الاستبيان الميداني الذي طرح من خلال هذه الدراسة.
ألاووفقا للدراسة، فإن عبئا كبيرا يقع على عاتق جهاز الشرطة في مكافحة الجريمة وضبط الجناة، وإعادة تأهيلهم أثناء تنفيذهم العقوبات السالبة للحرية في المنشآت العقابية، «ولذلك، لا بد من وضع ثوابت ملزمة تفرض على الآباء تسجيل أبنائهم في المرحلة التأسيسية (ابتدائي إعدادي) ماداموا قادرين على مواصلة التعليم».
وبينت الدراسة أن نسبة ارتكاب الأميين جرائم القتل والاعتداء الجنسي، أو بدافع السرقة، تزيد بنسبة الضعف على ما هي لدى المتعلمين.
كما بينت أن الأشخاص ممن هم ذوو مستوى دراسي أقل، ارتكبوا جرائم جنسية وجرائم قتل وحرق أكثر من غيرهم.
أما المتعلمون، فارتكبوا جرائم سرقة بسيطة. ومما لا شك فيه، كما تقول الدراسة، أن حدود عمل الشرطة لا تقتصر على جلب المتهمين للعدالة وإنما طرق إصلاح المجرمين ومنعهم من ارتكاب الجريمة في الأساس وجهود الشرطة في تعليم المحكوم عليهم.
ألاوخلصت الجابري في دراستها إلى جملة من التوصيات التي رأت أنها تساعد على اتخاذ القرار الثابت حول هذا الغرض. ومن بينها ضرورة تعديل كثير من القوانين السائدة وتحديثها من أجل تحقيق روح الدستور، وضمان تحقيق أقصى درجة من درجات العناية بشرائح المجتمع كافة، وعدم ترك القاصرين والأطفال عرضة لفجوات قانونية تمنعهم من التقدم والانخراط بفاعلية في العمل الدؤوب لخدمة المجتمع.
كما طالبت الدراسة بتشديد العقوبة أو الغرامة المالية على كل من يقصر في التزامه نحو تدريس طفله في المرحلة الإلزامية.
وأوصت بربط العمل التربوي بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بحيث تصبح جزءا لا يتجزأ من استراتيجية التربية، والتوسع في التعليم قبل الابتدائي وجعله جزءا رئيسا من السلم التعليمي النظامي. ورأت ضرورة دمج التعليم الفني بالتعليم العام والتركيز على اللغة الإنجليزية ودعم اللغة العربية.
وكان من بين ما توصلت إليه الباحثة في دراستها أيضا التوصية بإصدار تشريع يمنع تشغيل الأطفال إلا بعد الانتهاء من مرحلة الإلزام، أي بعد سن 15 على الأقل، وذلك حتى لا يكون دافعا لولي الأمر أو حتى الأبناء، رغبة منهم في الحصول على المال بأسرع وقت،من دون بذل جهد للحصول على درجة علمية تؤهلهم للعمل بمستوى لائق. كما حثت الدراسة على ضرورة إيجاد السبل الملائمة لدفع الأسر إلى التعاون مع إدارات المدارس، لحل الإشكالات التي تتعلق بتقصير الطلبة ومنعهم من التسرب الذي يقود عادة إلى الانحراأهمية الدراسة تكمن في شموليتها وربطها بين ما هو أمني وتربوي واجتماعي، نظرا للتكامل الواضح بين هذه المسائل مع أمن المجتمع، منتهية إلى ضرورة العمل على استكمال القوانين والتشريعات اللازمة التي تضمن سلامة التعليم وتقلل من فرص التسرب المدرسي.