مسؤولون: أُسر الشهداء بحاجة إلى الدعم النفسي لاجتياز مرحلة «ما بعد الصدمة»
أكد مسؤولون إماراتيون أن المبادرات التي أطلقتها قيادة الدولة، والمؤسسات الحكومية والخاصة، والأفراد، لأسر الشهداء، ما هي إلا تأكيد على اللُحمة المجتمعية، لافتين إلى دورها الإيجابي في مساعدتهم على الخروج من حالة الحزن التي مرّت بها الدولة.
مبادرات القيادة والمجتمع يندرج في باب الدعم النفسي قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أخيراً، بأن يكون يوم 30 نوفمبر من كل عام يوماً للشهيد، تخليداً لتضحيات وعطاء وبذل شهداء الوطن وأبنائه، الذين وهبوا أرواحهم وهم يؤدون مهامهم وواجباتهم داخل الوطن وخارجه، في الميادين المدنية والعسكرية والإنسانية كافة، كما قرر سموّه اعتبار هذه المناسبة الوطنية إجازة رسمية على مستوى الدولة. ويأتي في السياق ذاته، توجيه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أخيراً، بإنشاء ساحة ونصب الشهداء على طريق مليحة، وتسمية الشارع الخلفي للمدينة الجامعية باسم «شارع الشهداء». كما وجه صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي، عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، بتشييد ساحة للشهداء، وبناء نصب تذكاري في موقع حديقة العَلَم في منطقة الجرف في عجمان، تخليداً لشهداء الواجب. وأمر سموه بمنح ورثة شهداء الوطن في إمارة عجمان أراضي تجارية، تكريماً لذويهم، واستكمال منزل الشهيد عبدالله علي حسن الحمادي، ومنح ورثة الشهيد سلطان عبيد الكعبي منزلاً، تكريماً للشهداء وذويهم، لما بذلوه من أجل الوطن من تضحية وفداء. وأصدر صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، قراراً أميرياً يقضي بإعفاء أبناء الشهداء من الرسوم المحلية في إمارة الفجيرة. كما قرر مجلس إدارة مدارس الإمارات الوطنية إعفاء أبناء شهداء الإمارات من الرسوم الدراسية للعام الدراسي الحالي والأعوام المقبلة، حتى وقت التخرج، تنفيذاً لتوجيهات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة. وتكفل السكرتير الخاص لصاحب السمو حاكم عجمان، حمد بن غليطة، بتكاليف فريضة حج البدل عن أرواح شهداء الواجب. وأعلن رئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور، خلف أحمد الحبتور، عن تسيير رحلات عمرة لأسر وأبناء الشهداء، خلال عطلة الربيع المقبل. |
وأضافوا أن «أُسر الشهداء تحتاج إلى الدعم المادي الذي قدمه الأفراد والمؤسسات، من خلال مكتب شؤون أُسر الشهداء، في ديوان ولي عهد أبوظبي، إلا أنها تحتاج أيضاً إلى الدعم النفسي لاحتواء آثار ما بعد الصدمة، خصوصاً من المؤسسات التي تعنى بالتنمية الأسرية، مثل وزارة الشؤون الاجتماعية، وهيئة تنمية المجتمع».
وزفّت الإمارات، منذ الرابع من سبتمبر الماضي 52 شهيداً من جنودها البواسل الأبطال، المشاركين ضمن قوات التحالف العربي، الذي تقوده المملكة العربية السعودية، في عملية «إعادة الأمل» باليمن.
وتفصيلاً، قالت عضو المجلس الوطني الاتحادي، الدكتورة منى البحر، إن أسر الشهداء تحتاج إلى دعم نفسي واجتماعي، خصوصاً أن جهات رسمية تعهدت بالدعم المادي للأسر وأبناء الشهداء، مضيفة «لاحظنا أن لدى أسر الشهداء قوة تحمل كبيرة، لكن أفرادها يحتاجون، كذلك، إلى دعم نفسي لاحتواء آثار ما بعد الصدمة».
وأضافت أن «الأسر تحتاج إلى دعم من اختصاصيين نفسيين واجتماعيين من المؤسسات الاجتماعية، مثل وزارة الشؤون الاجتماعية وهيئة تنمية المجتمع، داعية الى إطلاق مبادرات وبرامج نفسية اجتماعية، إضافة إلى برامج متخصصة للأطفال أبناء الشهداء، «لاستيعاب المفاهيم الجديدة التي دخلت حياتهم، ومساعدتهم على التعامل مع الفقد للمعيل الأول، ومساعدة الأجيال التي ستبني مستقبل الدولة».
وأكدت البحر أن ما عايشته الدولة أخيراً، مثل صدمة كبرى، لأنه يحدث لأول مرة منذ إنشائها، موضحة «كنا نتحدث عن مفاهيم مثل التلاحم، والبيت المتوحد، كأفكار في المجتمع، لكنها اليوم واقع». وتابعت أن القيادة والمؤسسات والأفراد شاركوا في دعم أسر الشهداء، وضربوا نموذجاً في التلاحم الإماراتي والمسؤولية المجتمعية تجاه أفراده».
وقال المتعرض العفاري، وهو ابن الشهيد سيف بن ميا العفاري، إن ما تحتاج إليه أسر الشهداء هو تواصل المسؤولين والأفراد المستمر معها، مضيفاً «لاحظنا متانة التلاحم بين القيادة وأسر الشهداء، وهذا أكبر شرف لنا، فهو لا يقدر بثمن، لأننا نعرف أن تضحيات شهدائنا لم تذهب عبثاً».
وأضاف أنهم كانوا من أوائل الذين تسلموا بطاقات الشهداء من مكتب شؤون أسر شهداء الوطن، في ديوان ولي عهد أبوظبي، الذي يمكن لأسر الشهداء من خلاله طلب ما تحتاج إليه، ليتم توفيره لها فوراً، موضحاً أن «الدعم المادي لأسر الشهداء مهم، لكن الدعم المعنوي المستمر، الذي تحظى به أسر الشهداء من المكتب أهم بكثير».
وتابع العفاري: «ما لحق بالدولة خلال الأيام الماضية موجع، وصدمة قاسية تلقيناها، لكن من خلال الصدمة تمكنا من معرفة التلاحم الحقيقي الذي يجمع شعب الإمارات بحكومته»، مضيفاً أن «عدداً كبيراً من المواطنين، بعد أن لاحظوا علاقة الحاكم بالمحكوم في الدولة، يريدون أن يقدموا أرواحهم خدمة لها ولحمايتها».
وأفاد الأمين العام للمجلس التنفيذي في إمارة دبي، المهندس عبدالله الشيباني، بأن «المبادرات التي أطلقتها القيادة والمؤسسات والأفراد، هي ردود أفعال طبيعية تجاه أسر الشهداء، وهي تهدف إلى منحهم الإحساس بالأمان، وبأنهم في أيادٍ أمينة، حتى إن فقدوا المعيل الأول، وأن الدولة تدعمهم مادياً ومعنوياً، خصوصاً في المرحلة المقبلة»، مضيفاً أن «مساندة أسر الشهداء أحد المبادئ التي قامت عليها دولة الإمارات، وهي أساس تلاحم الدولة، وتجديد الثقة والولاء في الحكومة والقيادة».
وذكر رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين، زايد الشامسي، أن «مبادرات القيادة ومؤسسات المجتمع ليست غريبة عن الدولة»، موضحاً أن «شعب الإمارات معطاء، وسيهب ما يملك دفاعاً عن الوطن، وحماية لأفراده».
وأشار إلى أن «جمعية الإمارات للمحامين خصصت خدمات قانونية واستشارية مجانية لأسر الشهداء، إكراماً لتضحياتهم، وتعزيزاً للشهداء الذين قضوا دفاعاً عن مكتسبات الوطن».
وقال محمد راشد بن غدير، إن الدعم المعنوي الذي قدمته الحكومة لأسر الشهداء لا يقل أهمية عن الدعم المادي الذي حصلوا عليه. وتابع أن «علينا ألا ندع أبناء الشهداء يحسّون بأنهم أيتام، فهم أبناء أبطال قدموا أرواحهم دفاعاً عن الوطن، وهو ما عملت عليه القيادة خلال الأيام الماضية».
وأوضح أن «الصدمة كانت الأولى في تاريخ الدولة، لكن ما حدث بعدها من تكاتف القيادة والمؤسسات وحتى الأفراد، أثبت أن شعب الإمارات أسرة واحدة، وقادر على العطاء أكثر، وهي رسالة كبيرة قدمها شعب الإمارات للجميع، كما أنها مساندة للجنود الإماراتيين المشاركين في عملية إعادة الأمل في اليمن».
ويذكر أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كان قد أمر، أخيراً، بإنشاء مكتب في ديوان ولي عهد أبوظبي يُعنى بشؤون أسر شهداء الوطن، يختص بمتابعة احتياجات أسر الشهداء وبالتنسيق مع الجهات الرسمية الأخرى في الدولة، وتقديم الدعم اللازم لأسرة وأبناء الشهيد وتأمين جميع أوجه الرعاية والاهتمام لهم.
وطلب المكتب من الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية والأفراد في الدولة، التواصل والتنسيق مسبقاً بخصوص طرح أي مبادرات أو مشروعات، أو حتى مقترحات، تخصّ الشهداء أو أسرهم.