«التوفل والآيلتس» تُباع في «السوق السوداء»
كشف متخرجون في جامعات في دبي، عن وجود سوق سوداء لبيع وتزوير شهادتي قياس اللغة الإنجليزية «الآيلتس» و«التوفل»، اللتين يلزم الحصول على إحداهما لنيل شهادة البكالوريوس، بأسعار تراوح بين 7000 درهم و10 ألاف درهم، فيما أكد مديرو جامعات ومراكز لامتحاني الشهادتين، أن الظاهرة في تزايد مستمر، في حين قال مدير إدارة الاعتماد الأكاديمي في وزارة التعليم العالي، الدكتور بدر أبوالعلا، إن الوزارة اتخذت خطوات جادة للتأكد من صحة الشهادة من خلال التواصل مع مراكز التدريب والاختبارات، مؤكداً أن الوزارة لن تتهاون في حال تلقيها إخطارات بوجود شهادات مزورة.
إلى ذلك، أجرت «الإمارات اليوم» جولة في إحدى الجامعات الخاصة في الإمارة، ورافقت أحد الطلبة أثناء شرائه شهادة «التوفل» من إحدى العاملات بالجامعة، وتبين أن هناك أشخاصاً مختصين في تزوير الشهادتين مقابل 8000 درهم والتسليم بعد أسبوع من دفع المبلغ، حسب عدد من خريجي الجامعات.
القضاء على الظاهرة طالب مدير جامعة الجزيرة في دبي الدكتور محمد غرس الدين، وزارة التعليم العالي بإعطاء الجامعات صلاحية إجراء امتحانات «التوفل» و«الآيلتس» وتأهيل الطلبة في اللغة الإنجليزية، لتسهيل عملية الحصول على التوفل أو الآيلتس، والمساهمة في القضاء على ظاهرة بيع الشهادتين في السوق السوداء، مشيراً إلى ضبط طلبة أحضروا شهادات «توفل» مزورة، وتم التأكد من ذلك من خلال هيئة CTS المتخصصة في إصدار شهادات التوفل، لافتاً إلى أن إدارة الجامعة تعمل على رقابة هذه الشهادات للتأكد من صدقيتها. |
وتفصيلاً، قال متخرج في إحدى الجامعات الخاصة، أحمد راشد، إنه تخرج قبل سنة بعد دراسته الإعلام، وكان شرط التخرج هو إحضار إحدى شهادتي «التوفل» أو «الآيلتس» للحصول على درجة البكالوريوس، لذا كان عليه اجتياز امتحان أي منهما، مضيفاً: «أخبرني أحد الطلبة قبل تخرجه أنه دفع 8000 درهم لإحدى العاملات في معهد معتمد لدى جامعته وحصل على الشهادة بعد أسبوع واحد فقط دون بذل أي مجهود، ومن ثم استطاع إتمام شرط التخرج».
وتابع: «بعد تخرج صديقي اقتنعت بأن الشهادة مصدقة من الجهات المعنية في الجامعة ووزارة التعليم العالي، وقد حاولت اجتياز امتحان التوفل مرات عدة لكنني فشلت، فقررت أن أفعل مثله وذهبت إلى المعهد ودفعت للعاملة المبلغ وحصلت على الشهادة دون حضور الامتحان، وتخرجت بعدها بشهرين»، مشيراً إلى أن صعوبة امتحان التوفل والآيلتس تدفع الطلبة إلى هذا الطريق.
وأيده صديقه خالد صديق، قائلاً: «لم أستطع النجاح في امتحان الآيلتس أوالتوفل، ما دفعني للجوء إلى السوق السوداء، حيث دفعت 9000 درهم وحصلت على الشهادة وسلمتها لإدارة الجامعة، وتم تصديقها دون أن أواجه أي عراقيل»، لافتاً إلى أن معظم الطلبة يلجأون للسوق السوداء لشراء الشهادة مقابل مبالغ متفاوتة تبدأ من 5000 آلاف درهم إلى 12 ألف درهم حسب كل معهد.
وأضاف أن «الأسباب الرئيسة التي تدفع الطلبة لشراء الشهادة الرغبة في عدم بذل جهد، واختصار الوقت، فضلاً عن عدم رغبتهم في تعلم اللغة الإنجليزية، لعدم حاجتهم إليها في حياتهم العملية بعد التخرج».
وقال أحد الخريجين، عبدالله أحمد، إن «الجامعة التي كان يدرس فيها اشترطت عليه إحضار إحدى الشهادتين لإتمام التخرج وتسليمه الشهادة الجامعية، تنفيذاً لقانون الوزارة»، لافتاً إلى أنه لم يستطع النجاح في «الآيلتس»، لأنه كان يدرس باللغة العربية، فضلاً عن عدم تهيئته في المدرسة لمثل هذه الامتحانات.
وأشار إلى أنه «طلب من أحد أصدقائه ايجاد معهد معترف به ليشتري منه الشهادة، وبعد يومين تلقى اتصالاً منه أخبره خلاله أن هناك معهداً يوافق على إعطائه الشهادة مقابل 9500 درهم»، مضيفاً: «ذهبت إلى المعهد ودفعت المبلغ المطلوب وحصلت على الشهادة بعد خمسة أيام، وفي وجهة نظري فإن فرض الوزارة على الجامعات حصول الطلبة على التوفل أو الآيلتس غير منصف، لأنهم يدرسون باللغة العربية وليسوا بحاجة إلى الإنجليزية». وأوضح أن مشكلة «الآيلتس»، تتلخص في ضرورة الحصول على معدل درجات 4.5 في مهارات القراءة والتحدث والاستماع والكتابة، وفي حال عدم التمكن من تحقيق المعدل في أي منها يعاد الامتحان.
وقالت حاصلة على درجة البكالوريوس من إحدى الجامعات الخاصة فاطمة يوسف: «حاولت ثماني مرات اجتياز امتحان التوفل لكنني لم أوفق، وفي كل مرة كنت أدفع 1000 درهم، ما اضطرني للتواصل مع إحدى صديقاتي، وهي تعمل في جامعة خاصة، وطلبت منها إيجاد بائع للشهادة، فطلبت مني صورة الجواز وأوراقاً أخرى، وخلال أسبوع تقريباً حصلت على الشهادة بعد دفع 8000 درهم».
من جهته، أكد الدكتور بدر أبوالعلا، أن «التوفل» تباع ويسهل تزويرها في حين يصعب تزوير «الآيلتس»، مشدداً على أن الوزارة اتخذت خلال الفترة الأخيرة خطوات جادة للتأكد من استحقاق الطالب للشهادة التي قدمها، من خلال التواصل مع مراكز التدريب والاختبارات والجامعات للنظر في الشهادات المشكوك فيها، وأن الوزارة لن تتهاون في حال تلقيها شكاوى تزوير من قبل إدارات الجامعات.
وقال مدير مركز الخبراء للتدريب الإداري محمد نعمان، إن ظاهرة تزوير «التوفل» انتشرت في الآونة الأخيرة، خصوصاً أنه يسهل تزويرها ويصعب اكتشاف التزوير من قبل الجامعات إلا بعد التدقيق مع المعهد المنسوبة إليه، لافتاً إلى انه يتم منح الشهادتين سنوياً لـ500 طالب وطالبة بالتعاون مع الجامعات والمدارس الحكومية والخاصة والنموذجية، مشيراً إلى أن هناك طلبة يتقدمون لتأدية الامتحان منتحلين شخصية أخرى، ما يحتم تطوير عملية التقدم للامتحان للتغلب على تلك المشكلة.
وأضاف أن «كثرة مراكز التوفل سبب في صعوبة مراقبتها من جانب الجهات المعنية، عكس (الآيلتس) التي يصل عدد مراكزها إلى 10 فقط مصرح بها، وتكون متعاونة مع جامعات».
وقالت مساعدة إدارية في مركز دايدكت الإنجليزية، أمل إبراهيم، إن ظاهرة تزوير وبيع الشهادتين، خصوصاً التوفل تشهد انتشاراً كبيراً بين الطلبة، لافتة إلى أن المعهد يقدم امتحان التوفل عن طريق الموقع الإلكتروني المعتمد من معهد ETS المسؤول عن الاختبارات، مؤكدة أن المعهد ليس لديه الصلاحيات لإصدار شهادة التوفل، إذ يتم اصدارها من المعهد المعتمد في الخارج، ويتم إرسالها عبر البريد الإلكتروني، موضحة أن شهادة الآيلتس يندر تزويرها لوجود مراقب يمتحن الطالب في الإجادة والتحدث والكتابة.
واعتبر رئيس مجلس أمناء الجامعة الكندية في دبي بطي الكندي، أن الظاهرة عالمية وتعاني منها مختلف الجامعات في العالم، وتحتاج إلى تضافر الجهود للقضاء عليها، كونها تهدد قطاعاً مهماً في الدولة هو التعليم، وتتسبب في تخريج طلبة ليس لديهم المهارات الكافية في اللغة الانجليزية للتعامل مع سوق العمل.
وأضاف أن «الجامعة رصدت طلبة قدموا شهادات مزورة وتم اكتشافهم من خلال المحاضرات، عندما لاحظ دكتور المادة عدم إجادتهم للغة الإنجليزية، وبعد الرجوع للشهادات تبين تزويرها».
وتابع أن الجامعة لجأت لإجراء تقييم للطلبة الذين أحضروا شهادات التوفل أو الآيلتس، للتأكد من استحقاق الطالب لها قبل إدراجها في ملفه الدراسي، كما تعمل الجامعة على تحويل كل طالب يحضر شهادة مزورة لوزارة التعليم العالي لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه، لأن الجامعة ليست الجهة المسؤولة عن فرض عقوبات على هؤلاء الطلبة.
وأكد رئيس جامعة الغرير في دبي الدكتور عبدالرحيم محمد الأمين، أن تفشي تلك الظاهرة يؤرق الجامعات كافة، خصوصاً أن بعض تلك الشهادات تأتي مزورة بحرفية ولا يمكن اكتشافها بسهولة إلا في حال التدقيق والتواصل مع المراكز المانحة للشهادة، والتأكد من صدقيتها، موضحاً أن الطالب يلجأ لتزور الشهادة ونسبها لأحد المعاهد المانحة عن طريق متخصصين لتضليل إدارة الجامعة التي تحرص في الفترة الأخيرة على التأكد من كل شهادة يقدمها الطلبة.
في المقابل، قالت إحدى البائعات لشهادتي التوفل والآيلتس، طلبت عدم ذكر اسمها، لـ«الإمارات اليوم»، إنها تعمل في إحدى الجامعات في دبي منذ سنتين، وتبيع شهادتي الآيلتس والتوفل مصدقة وليست مزورة مقابل 8000 درهم دون حضور الطالب للامتحان، مشيرة إلى أنها استطاعت بيع عشرات شهادات التوفل لطلاب تخرجوا خلال الدفعات السابقة، لافتة إلى أنها تنهي الشهادة خلال خمسة أيام فقط.