«تمييز دبي»: من حق الوارث التصرف في «أرض المنح»
قضت محكمة التمييز في دبي بصحة وقف امرأة «متوفاة» لقطعة أرض ورثتها عن شقيقها، وعدم جواز توريث المال الموقوف، وذلك إرساءً للمبدأ المقرر وفقاً لتعليمات صاحب السمو حاكم دبي عام 1994، الذي نص على أن التصرف بالأراضي الممنوحة من الحكومة للمواطنين في إمارة دبي بالبيع أو الرهن أو الهبة أو المبادلة أو الاستثمار بالاشتراك مع الغير أو الإجارة لمدة تزيد على ثلاث سنوات، غير جائز، إلا بإذن خاص من صاحب السمو الحاكم، وأن مخالفة ذلك أثره البطلان المطلق المتعلق بالنظام العام، وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.
إلا أن هذا الحظر موجه من صاحب السمو الحاكم إلى الأشخاص الممنوحة لهم الأراضي وحدهم، بحيث لا يجوز لهم التصرف فيها بأي شكل من أشكال التصرفات الناقلة للملكية طوال حياتهم، ولا يتعداهم إلى ورثتهم الذين انتقلت إليهم ملكية هذه الأراضي بعد وفاتهم بالميراث، كسبب مستقل من أسباب كسب الملكية، طليقة من كل حظر أو شرط أو قيد، بحيث يجوز للوارث التصرف فيها بالبيع والهبة، أو بأي تصرف من التصرفات الناقلة للملكية، ويتم تسجيلها لدى دائرة الأراضي الأملاك على هذا الأساس، دون وجوب الحصول على إذن خاص بذلك.
وتفصيلاً، سلمت امرأة قطعة أرض إلى جهة مختصة «بالوقف»، وبعد وفاتها تنازع الورثة، وهم أبناؤها وأبناء زوجها، على قطعة الأرض الموقوفة.
ما دعا جهة حكومية إلى إقامة دعوى ضد الورثة، لطلب الحكم بإثبات صحة ونفاذ الوقوف منذ عام 1997 الصادرة عن المرأة، وتسجيل ملكية الأرض الموقوفة لتكون تحت نظارة المجلس المدعي، وإلزام الورثة بعدم المعارضة في النظارة على وقف الأرض، وذلك على سند أن مالكة قطعة الأرض أوقفتها لتقام عليها المناسبات الدينية، وتم الوقف تحت نظارتها، وإشهاده والختم عليه وبعد وفاتها، واعتبر الورثة أن قطعة الأرض يجب توزيعها عليهم، باعتبارها جزءاً من الميراث.
وطالب الورثة بإحالة الدعوى للتحقيق، لإثبات عدم قيام المرأة بالتوقيع على شهادة الوقف، وانتدبت المحكمة المختبر الجنائي لإجراء مضاهاة بصمة إصبع المتوفاة الواردة في شهادة الوقف مع المحفوظة لدى السجلات النظامية، مع تكليف المدعي بتقديم أصل شهادة الوقف للمضاهاة.
وأفاد تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة بعدم صلاحية طبعة البصمة المنسوب صدورها للمتوفاة، والمذيل بها أصل شهادة الوقف، وذلك لكونها مطموسة.
وأحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، ليثبت المدعي أن المرأة وقّعت على شهادة الوقف المؤرخة في عام 1997، ونفاذاً لذلك أحضر المدعي شاهدين، أثبتا بأقوالهما أن المرأة حضرت مع زوجها، وطلبت وقف قطعة الأرض، وبحضورهما قامت بالتوقيع على الإقرار بالوقف.
وأبدت النيابة العامة رأيها بالحكم بإثبات نفاذ الوقف، فيما قضت المحكمة الابتدائية بصحة نفاذ الوقف، وتسجيل ملكية الأرض لتكون وقفاً تحت نظارة المدعي، وبعدم تعرض المدعى عليهم للمدعي على قطعة الأرض.
ولم يرتض الورثة بالحكم، وطعنوا عليه بالخطأ في تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال، وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الوقف، وعدم صحة نفاذه، على سند أن الأرض كانت منحة، ولا يجوز التصرف فيها إلا بإذن خاص من صاحب السمو الحاكم.
إلى ذلك، أكد وكيل المدعي في محكمة التمييز، المحامي والمستشار حميد بن درويش، أن قطعة التداعي قد آلت إلى الواقف بالميراث عن شقيقها، ومن ثم لا يسري على تصرفها ذلك الحظر، وفق المستقر عليه من أن هذا الحظر موجه من الحاكم إلى الأشخاص الممنوحة لهم هذه الأراضي وحدهم، بحيث لا يجوز لهم التصرف فيها بأي شكل من أشكال التصرف الناقلة للملكية طوال حياتهم، ولا يتعداهم إلى ورثتهم الذين انتقلت إليهم ملكية هذه الأراضي بالميراث، لسبب مستقل من أسباب كسب الملكية، طليقة من كل حظر أو شرط أو قيد.
وأوضح أنه يجوز للوارث التصرف فيها بالبيع والهبة أو بأي تصرف من التصرفات الناقلة للمكية، ويتم تسجيلها على هذا الأساس، دون الحصول على إذن خاص. والثابت من الأوراق أن قطعة الأرض منحة من صاحب السمو الحاكم باسم شقيق المرأة، وآلت ملكيتها إليها بالميراث، وقامت بإرادتها شخصياً بوقفها تحت نظارة المدعي، فإن الوقف يكون قد انعقد بمجرد صدوره من الواقف، وخرج العقار الموقوف من ذمته، ولا يحتاج تصرفها إلى استصدار إذن من صاحب السمو الحاكم للموافقة على الوقف، وإذ خالف حكم الاستئناف فيه هذا النظر.
وبذلك حكمة محكمة التمييز بالصحة، ونفاذ الوقف، وفقاً لإرساء المبدأ المقرر وفقاً لتعليمات صاحب السمو حاكم إمارة دبي عام 1994.
• حظر التصرف في «أرض المنح» بأي شكل من أشكال نقل الملكية موجه إلى الأشخاص الممنوحة لهم الأراضي وحدهم، ولا يتعداهم إلى ورثتهم.