زايد أسّس استراتيجية مبكرة لتطوير الصناعة
أَولى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، مجال النفط اهتماماً كبيراً، باعتباره مصدر الدخل الأول والوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها أن يحقق طموحاته التنموية، وقد عبر عن رؤيته هذه خلال زيارة له إلى وزارة البترول في 19 سبتمبر 1971، إذ قال: «كم سنة تعتقدون أن هذه الثروة البترولية ستعيش، خمسين أو مائة سنة، وما هي مائة سنة في حياة الشعوب، صدقوني أنها قصيرة، ولو استمر اعتمادنا على بيع البترول وصرف عائداته دون أن نفعل شيئاً للأجيال القادمة، فسترجع بلادنا كما كانت، صحراء قاحلة، وستعود الأجيال القادمة إلى حياة المعاناة».
وانصبّ اهتمام الشيخ زايد بقطاع الصناعة على محورين متوازيين: يتمثل الأول في تطوير العمل فيه وفق أحدث الوسائل المتبعة في العالم، وإدارته بسواعد وعقول وطنية، والثاني في استخدام عائدات النفط في تنويع مصادر الدخل، حيث كان التنوع الاقتصادي أحد الأهداف الرئيسة في استراتيجية زايد في بناء الدولة، وهي الاستراتيجية التي مازالت تتبعها الإمارات، وتعكسها الأرقام التي تشير إلى أن النفط كان يمثل أكثر من 90% من حجم الناتج المحلي خلال الأعوام الأولى من السبعينات، ليصل إلى 38% في نهاية عام 2008.
كان إدراك الشيخ زايد المبكر لحقيقة أن النفط مصدر محدود وناضب، هو الدافع الرئيس وراء رؤيته في تطوير القطاع الصناعي، فشهد هذا القطاع نهضة كبيرة في السبعينات، ووجه الشيخ زايد بإنشاء الشركة الصناعية العامة، التي تحولت في ما بعد إلى الشركة القابضة العامة (ش.م.ع)، التي عُهد إليها بوضع السياسات والتخطيط لتنويع التنمية الصناعية.
وركز الشيخ زايد، رحمه الله، بشكل خاص على الصناعات القائمة على النفط وإنشاء المصافي وإنتاج الكيماويات وتحويل المواد النفطية المستخرجة إلى مواد مصنعة لها قيمة إضافية، فأنشأ معمل تسييل الغاز في جزيرة داس للاستفادة من الغاز الذي كان يحترق من قبل دون أن تجني منه الإمارات فائدة تذكر.
كما شكل تطوير البنية التحتية للدولة أيضاً إحدى أهم أولوياته، ومنذ بدايات حكمه كان لديه إدراك بأهمية إنشاء الطرق وخطوط الهاتف وإنشاء إعلام وطني لربط إمارات الدولة ببعضها، واستطاعت مشروعات الطرق الجديدة، والمطارات الدولية، والموانئ البحرية، وشبكات الخطوط الهاتفية المتطورة أن تسهم بفاعلية في احتلال دولة الإمارات مكانة مرموقة بين أكثر دول العالم الصناعية تقدماً. وأدت الإنجازات التي تحققت بين 1970 – 1980 إلى بداية مرحلة جديدة من الرخاء الاقتصادي المميز، حيث بدأ الاقتصاد يركز على التجارة والسياحة والخدمات، وبعد أن كانت مساهمة الصناعة في الدولة لا تتجاوز نسبة 1% من الناتج المحلي في عام 1971 ارتفعت إلى 27% خلال 2008.
لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.