طالب يقود شقيقه للتعاطي.. وآخر يجرّه أصدقاؤه إلى المخدرات
قال مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون البحث الجنائي، اللواء خليل إبراهيم المنصوري، إن إهمال الآباء في التعرف إلى أصدقاء أبنائهم، ومتابعة سلوكهم خارج المنزل، سبب رئيس لوقوعهم في فخ الإدمان، لافتاً إلى تسجيل حالات لأبناء تورطوا في التعاطي، بسبب جرعات حصلوا عليها من أشقائهم، وسط غياب كامل لرقابة الأسرة.
ولاء المراهقين.. لأقرانهم أفاد مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون البحث الجنائي، اللواء خليل إبراهيم المنصوري، بأن دراسة أجرتها شرطة دبي أخيراً، كشفت أن ولاء المراهقين من سنّ 13 عاماً لأصدقائهم يكون أكبر من ولائهم للأسرة، خصوصاً إذا كانوا يعانون تفككاً أسرياً وإهمالاً، مشدداً على ضرورة أن يتعامل الآباء بطريقة اجتماعية ذكية، تعتمد على اكتساب ثقة الأبناء، وتكوين صداقات معهم، بدلاً من اللجوء إلى القمع والشدة. وذكر أن انتشار ما يعرف بالمخدرات غير التقليدية، أو الحبوب المخدرة على مستوى العالم، جعل الأبناء هدفاً سهلاً للمروّجين، إذ تبدأ الجرعة الأولى عادة بنصيحة من صديق سيئ يحرّض صديقه على الإدمان، بدعوى أن هذه الحبوب تساعد على التركيز والقدرة على التحصيل بشكل أفضل، مستغلاً صعوبة اكتشافها، لأنها تشبه الدواء. |
وذكر مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، العقيد عيد ثاني حارب، لـ«الإمارات اليوم»، أن «وعي الأسر بمخاطر الإدمان ارتفع بشكل ملموس، في ظل حملة توعية ممنهجة وذكية نظمتها شرطة دبي، استهدفت جميع أفراد الأسرة، خصوصاً الآباء والأمهات»، لافتاً إلى أن «أسراً أبلغت عن أبنائها المدمنين، وأسهمت في توفير الدعم الصحي والنفسي لهم، وإنقاذهم في المراحل الأخيرة».
وكشفت الباحثة الاجتماعية في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، خولة العبيدلي، عن تورط شقيقين في تعاطي الحبوب المخدّرة، بسبب أصدقاء السوء.
وتفصيلاً، قال اللواء خليل إبراهيم المنصوري، لـ«الإمارات اليوم»، إن القانون يوفر فرصة كبيرة لإنقاذ الأبناء من الإدمان دون اتخاذ إجراء ضدهم، من خلال المادة رقم 43 من القانون الاتحادي رقم (14) لسنة 1995، في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، المعدل بالقانون الاتحادي رقم (1) لسنة 2005، إذ تتيح معاملة المتعاطي كمريض، لا كحالة جنائية، في حال إبلاغ أحد أفراد أسرته عنه.
وأضاف أن «حالات عدة سجلتها شرطة دبي لأسر أدمن أكثر من فرد فيها المخدرات، بسبب تعاطي أحد أبنائها، وعدم الانتباه إلى ذلك، فكان سبباً لاستدراج أشقائه أو أقاربه»، لافتاً إلى أن «المدمن يحب ألا يكون وحيداً، ويسعى إلى جرّ الآخرين إلى الفخ الذي سقط فيه، حتى لا يشعر بأنهم أفضل منه، لذا يجب أن يتنبه الآباء إلى أنه مثل التفاحة الفاسدة، التي يمكن أن تتلف المحيط الذي توجد فيه».
وأشار إلى أن شرطة دبي تحلل سنوياً مؤشرات التعاطي وأسبابه، لوضع خطط الوقاية والتوعية المناسبة، مبيناً أن أصدقاء السوء تصدروا قائمة الأسباب خلال السنوات الأخيرة، إذ يستغلون إهمال الآباء في متابعة أبنائهم للتسلل إليهم وإفسادهم.
من جهته، قال العقيد عيد ثاني حارب، إن شرطة دبي لجأت إلى التوعية الذكية، حتى تناسب ثقافة الأبناء وأفكارهم، فتواصلت معهم عبر منصاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، والإنترنت عموماً، كما أطلقت برنامجاً متطوراً لتوعية طلبة المدارس عن بُعد، من خلال بثّ محاضرة تصل إلى عدد من المدارس في وقت واحد، وتتيح التفاعل والمناقشة، كما بدأت تجتذب طلبة نابهين للمشاركة في برنامج توعية، باعتبارهم أقرب إلى زملائهم، وأقدر على مخاطبتهم.
وأضاف حارب أن الفضول والجهل بمخاطر الإدمان يعدان سببين رئيسين لتعاطي المراهقين المخدرات في سنّ مبكرة، لذا تركز الإدارة على هذا الجانب في التوعية، وتحذر من عواقب التجربة، خصوصاً في ظل انطلاق العام الدراسي الجديد، وشيوع فكرة خاطئة عن تأثير الحبوب المخدرة في زيادة التركيز، سواء أثناء المذاكرة أو الامتحانات.
وأشار إلى أن الإدارة تحرص على التواصل المستمر مع إدارات المدارس والأخصائيين الاجتماعيين، لتوعيتهم بآلية رصد الطالب المتعاطي، والإجراء الذي يجب اتخاذه، مؤكداً أن شرطة دبي تحرص على العمل بشكل وقائي.
وأوضح أن فرق التوعية بالإدارة حرصت على التواصل مع الآباء والأمهات، ليس فقط عبر المنصات الإلكترونية، بل وصلت إلى أماكن عملهم، لتوعيتهم بكيفية التعرف إلى أي تغيرات في سلوكيات أبنائهم قد تكون مؤشراً إلى التعاطي، مثل الشرود والعزلة والاكتئاب واختفاء أغراض من المنزل، لافتاً إلى أن تعاطي المخدرات التقليدية يترك آثاراً واضحة على الجسم، لكن تظل مشكلة الحبوب المخدرة كبيرة، لأنها لا تترك آثاراً في البداية.
وذكر أن برامج التوعية التي طبقتها الإدارة أسهمت في ارتفاع وعي الأسر، إذ بادر بعضها إلى الإبلاغ عن أبناء مدمنين، وساعدتهم الإدارة على تلقي العلاج والخضوع للفحص، من خلال برنامج متخصص لدى شرطة دبي، دون تسجيل بلاغ أو دعوى قضائية ضدهم.
من جهتها، قالت الباحثة الاجتماعية في إدارة التوعية الأمنية، التابعة للإدارة، خولة العبيدلي، إن الإدارة تعاملت مع شبان جرّوا أشقاءهم إلى الإدمان، منها حالة طالب في الصف الثاني عشر، استدرجه أصدقاء السوء إلى الإدمان، بمنحه المخدرات دون مقابل مالي، حتى أدمنها، ولجأ إلى إخفاء الحبوب في غرفته، إلا أن الشقيق الأصغر تورط مصادفة حين رأى الحبوب، فتعاطاها وتأثر بمفعولها.
وأضافت العبيدلي أن جدالاً دار بين الشقيقين حول وجود الحبوب في الغرفة، وتفادياً لكشف أمره، سمح لشقيقه بالتعاطي معه، وقدمه لأصدقاء السوء، لافتة إلى أنهما كادا يتورطان أكثر، لكن تنبهت العائلة إلى المشكلة، وأبلغت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات عنهما.
وأوضحت أن الشقيقين خضعا لبرنامج الفحص الدوري في شرطة دبي على مدى عام كامل، التزما خلاله بالتوقف عن تعاطي الحبوب، وارتفع مستوى تحصيلهما الدراسي بشكل لافت، بعد أن شهد تراجعاً كبيراً خلال فترة التعاطي.
وأفادت بأن هناك حالات أخرى لا تنتهي بهذه النهاية السعيدة حين تغيب الأسرة، من بينها طالب يبلغ 18 عاماً، تورط في فخ الإدمان، بسبب أصدقاء السوء، الذين استغلوا ظروفه الاجتماعية السيئة، وحالة التفكك الأسري التي يعيشها، واستدرجوه إلى تعاطي الحبوب المخدرة.
وأوضحت أن الطالب كان يدرك خطورة هذه الحبوب، لكنه لم يستطع مقاومة إلحاح أصدقائه، فرضخ لهم، وظل يتعاطى الحبوب ثلاثة أشهر، ثم انتقل إلى مخدر أقوى وأكثر خطورة، فتدهورت حالته، وبدأ يرسب ويتغيب عن الدراسة، إلى أن قبض عليه برفقة أصدقاء السوء.
وأفادت بأن الطالب أبدى رغبة كبيرة في الخروج من هذا العالم المظلم، وتواصل مع الإدارة طالباً مساعدتها في الإقلاع عن الإدمان، والعودة إلى مسار حياته السليم، بعد انتهاء فترة عقوبته، وهو يخضع حالياً للفحص الدوري.