محاكمة مدير مشروع ومسؤول بالتسبب في وفاة عامل
نقضت المحكمة الاتحادية العليا حكماً برّأ مدير مشروع ومسؤول السلامة في شركة، من تهمة قتل عامل خطأ، محيلة القضية إلى محكمة الاستئناف لنظرها مجدداً، إذ أكدت المحكمة في الحيثيات أن قانون العمل يلزم أصحاب العمل بضرورة توفير وسائل الوقاية المناسبة، لحماية العمال من أخطار الإصابات.
وتشير أوراق القضية إلى أن المجني عليه كان يمارس عملاً ذا طبيعة خطرة، وهو عامل جديد قليل الخبرة، وكان يقف في الطابق الثامن لنقل الطابوق، وأثناء ذلك سقط الطابوق عليه، ما أدى إلى سقوطه من فتحة المنور ووفاته، وثبت من أقوال الشهود أن هذه الفتحة لم تكن محاطة بحواجز، كما لم تتوافر لافتات تحذيرية.
وأحالت النيابة العامة المتهمين: (مدير المشروع، ومسؤول السلامة)، إلى المحاكمة، موجهة إليهما تهمة التسبب بخطئهما في موت المجني عليه، نتيجة إخلالهما بما تفرضه عليهما وظيفتها بأن لم يعملا على توفير متطلبات السلامة، أو وضع لوحات تحذيرية بالقرب من فتحة المنور التي سقط منها المجني عليه.
وقضت المحكمة الاتحادية الابتدائية ببراءة المتهمين مما أسند إليهما، وأيدتها محكمة الاستئناف، ولم ترتضِ النيابة العامة هذا الحكم، فطعنت عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا.
وذكرت النيابة أن «حكم البراءة أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الثابت من الأوراق ومحضر المعاينة والتقرير المصور لموقع الحادث عدم وجود لوحات إرشادية بالمكان الذي يعمل به المجني عليه بموقع البناء، وأن فتحة المنور غير مسوَّرة، ولم تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع سقوط العمال منها، وكذلك عدم وجود مسؤول الأمن والسلامة بالموقع، ولم يثبت أنه تم تزويد المجني عليه بالأحزمة اللازمة لمنع سقوطه أو إعلامه بخطورة العمل الذي يؤديه بجانب فتحة المنور غير المؤمنة، ما يعد مخالفاً لما نص عليه قانون العمل، الذي يلزم صاحب العمل باتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية العمال، وإذ قضى الحكم ببراءة المتهمين من دون أن يعرض لأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه».
وأيدت المحكمة الاتحادية العليا الطعن، موضحة أن «المقرر في قضاء هذه المحكمة، أنه وإن كان تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها من سلطة محكمة الموضوع، إلا أن لمحكمة النقض أن تتدخل إذا كانت الأسباب التي اعتمد عليها الحكم المطعون فيه تنطوي على مخالفة للقانون أو مخالفة الثابت بالأوراق، أو لا يكون من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، لقصور شاب أسبابه أو فساد في استدلاله، ومن المقرر أيضاً أنه وإن كان تقدير أدلة الاتهام في الدعوى واستخلاص توافر الخطأ الموجب لمسؤولية مرتكبه وتوافر علاقة السببية بين الفعل والنتيجة من سلطة محكمة الموضوع، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغاً مستنداً على أدلة مقبولة لها أصلها الثابت بالأوراق».
وأكدت أن القانون يلزم أصحاب العمل بضرورة توفير وسائل الوقاية المناسبة لحماية العمال من أخطار الإصابات، وسائر الأخطار التي تنجم عن استعمال الآلات، وغيرها من أدوات العمل، مشيرة إلى أن الحكم أقام قضاءه بتبرئة المتهمين على سند من القول بأن المتوفى كان يرتدي أدوات الأمن والسلامة، وأن سقوطه كان بسبب سقوط الطابوق الذي لم يكن مرصوصاً بشكل جيد، وأن فتحة المصعد لم تكن السبب الرئيس في سقوطه، من دون أن يناقش الحكم الأدلة التي ساقتها النيابة العامة أو الواردة في أقوال الشهود، ولم يخضعها إلى سلطته التقديرية في الإثبات ولم يوردها إيراداً أو رداً، ولم يقل كلمته فيها ومن ثم يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه مع الإحالة.