نقض حكم بحبس وإبعاد مدير شركة متهم بالاحتيال
نقضت المحكمة الاتحادية العليا حكماً قضى على متهم بالاستيلاء على أموال من شخص، بطرق احتيالية، بالحبس شهراً والإبعاد عن الدولة. وأكدت المحكمة قصور الحكم في استظهار توافر أركان جريمة الاحتيال التي دان المتهم بها، مشددة على وجوب أن يبين حكم الإدانة بجريمة الاحتيال وسيلة التدليس التي استعملها الجاني حتى تتمكن محكمة النقض من التحقق من دخول هذه الوسيلة في نطاق الوسائل التي حصرها القانون.
وكانت النيابة العامة أحالت مدير شركة إلى المحاكمة الجنائية، إذ استولى لنفسه على مبالغ مالية من شخص، بالاستعانة بطرق احتيالية، إذ ادعى له أنه سيتم إدخاله شريكاً في شركة متخصصة في تجارة الرخام والسيراميك، وأكد حيلته بعرض الترخيص وأعمال المصنع، وكان من شأن ذلك كله خداع المجني عليه وحمله على تسليم المبالغ للمتهم.
وقضت محكمة أول درجة غيابياً بحبس المتهم لمدة سنة وإبعاده عن البلاد، وبعد أن عارض المحكوم عليه الحكم، قضت ذات المحكمة مجدداً بإدانته ومعاقبته بالحبس لمدة خمسة أشهر عن التهمة المسندة إليه، وأمرت بإبعاده عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة، وإلزامه بأداء الرسم المستحق، والاحتفاظ للمجني عليه بحقه في ملاحقته مدنياً، ثم قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم والاكتفاء بمعاقبته بالحبس لمدة شهر، وتأييد الحكم فيما عدا ذلك، وإلزام المتهم بالرسوم القضائية. ولم يرتض المتهم بالحكم، فطعن عليه بطريق النقض بالطعن المطروح، وقدمت النيابة العامة مذكرة بالرأي، وطلبت رفض الطعن.
وقال دفاع المتهم إن «الحكم أخطأ في تطبيق القانون، وخالف الثابت بالأوراق، وأخل بحق الدفاع، إذ قضى بإدانة موكله بجريمة الاحتيال، رغم عدم توافر أركانها، ولم يورد ماهية الطرق الاحتيالية، التي اتخذها المتهم لإيهام المجني عليه، ولم يبينها، وأغفل المستندات والتقرير المحاسبي، التي قدمها موكله، والتي تجزم بانتفاء قيام الجريمة وتؤكد مدنية النزاع، وأن أسباب الحكم جاءت معماة لا تنبئ عن الفهم الصحيح لواقعة الدعوى، ولم يرد على ما أبداه موكله من دفاع ودفوع، ما يعيبه ويستوجب نقضه».
وأيدت المحكمة الاتحادية العليا الطعن، موضحة أن «من المقرر أن المشرع الجنائي لا يعاقب على التدليس أياً كانت صورته، كما هو الشأن في مجال القانون المدني، وإنما يعاقب عليه إذا كان على درجة معينة من الخطورة، وكان مقتضى ذلك أنه حدد وسائل التدليس التي يراها حرية بالعقاب، فحصرها على النحو الوارد بالمادة (399) من قانون العقوبات، ويترتب على حصر وسائل التدليس الجنائي أن جريمة الاحتيال لا تقع، إذا استعمل الجاني وسيلة تدليس أخرى، ولو ترتب عليها تسليم المالك ماله إلى المتهم، ولذلك تلتزم المحكمة أن تبين في حكم الإدانة بجريمة الاحتيال وسيلة التدليس التي استعملها الجاني، حتى تتمكن محكمة النقض من التحقق من دخول هذه الوسيلة في نطاق الوسائل التي حصرها القانون».
وأشارت إلى أن حكم أول درجة والمؤيد بحكم الاستئناف، أقام قضاءه بإدانة المتهم بما أورده في مدوناته بقوله، وحيث إن الاتهام المسند للمتهم المعارض ثابت في حقه ثبوتاً كافياً أخذاً بأقوال المجني عليه وشاهد الإثبات وما قدمه من دلائل بصور ضوئية من الحوالات المالية المرسلة منه للمتهم المرفقة بأوراق القضية وسند المديونية بالمبلغ محل القضية، بما يفيد ذلك الأمر، ما توصل معه المتهم للاستيلاء على المبالغ النقدية ولإقرار المتهم بجلسة المحاكمة باستلامه المبلغ المدعى اختلاسه، من دون أن يبين الطرق الاحتيالية التي قام بها المتهم والمصحوبة بالأعمال المادية التي حملت المجني عليه على الاعتقاد بصحتها، ومن ثم فإن الحكم يكون قد شابه قصور في استظهار توافر أركان جريمة الاحتيال التي دان المتهم بها، الأمر الذي يعجز المحكمة العليا عن إعمال رقابتها على صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، ما يعيبه ويوجب نقضه.