العين تشيع جثامين أسرة الكعــبي
سادت مدينة العين، أمس، أجواء من الحزن الشديد، بعد ذيوع خبر وفاة أسرة إماراتية بحادث مروري، خلال وجودها في سلطنة عمان.
وعمّقت التفاصيل ـ التي تناقلها سكان المدينة من أقرباء ومعارف الأسرة المتوفاة ـ إحساس كثيرين بعمق المأساة التي تعرضت لها، إذ كان أفرادها يستعدون لإقامة حفل زفاف الشقيقتين الكبريين إلى قريبين لهما، يوم الجمعة المقبل.
وكانت العائلة قد أنهت تقريبا كل ما يتعلق بالحفل من إجراءات تنظيمية، بما في ذلك توجيه الدعوات، لكن إرادة الله حالت دون إتمام الزفاف.
وأكد أقرباء لضحايا الحادث، أن حزنا شديدا ساد أوساط العائلة والأقارب والأصدقاء، وامتدّ إلى المنطقة كلها، بعدما توافد آلاف المعزين للصلاة على جثامين أفراد العائلة، ولم يخفف منه سوى التعاطف والتضامن الكبيرين، اللذين أحيطت بهما الأسرة من كبار المسؤولين في الدولة.
وكانت أسرة المواطن عبدالله الكعبي فجعت بفقد سبعة من أفرادها، أول من أمس، بحادث مروري تعرضت له في منطقة مغيسيل بصلالة، إثر تصادم سيارتهم وسيارة أخرى من عُمان بشاحنة، وقد أسفر الحادث عن وفاة الوالد سيف عبدالله الكعبي (55 عاما)، وهو عقيد سابق في الجيش، وستة من أبنائه، هم محمد، وهو طيار في طيران الاتحاد (24 عاما)، وأحمد (سبعة أعوام) طالب، وبناته الأربع عفراء (27 عاما)، موظفة حكومية في العين، وحمدة (21 عاما) طالبة في كلية التقنية العليا، وفاطمة (19 عاما) طالبة في جامعة الإمارات، وسارة (13 عاما) طالبة، فيما نجا ابن وحيد كان يقود سيارة أخرى.
وروى ابن أخي المتوفى عبدالله سالم، أنه تلقى الخبر هاتفيا من جار له، تصادف وجوده في منطقة الحادث، بعدما عرف السيارة التي كانوا يستقلونها عن طريق لوحتها.
وقال: «قبل الحادث بوقت قصير، وتحديدا الساعة 25: 2 بعد الظهر، أجريت اتصالات هاتفية عدة، لمعرفة أحوال الأسرة وتحركاتها في الطريق، وكنت أتحدث مع محمد، غير أن الاتصالات انقطعت في وقت لاحق، واعتقدت ـ في بادئ الأمر ـ أن السبب ربما يعود إلى ازدحام مروري في الطريق، لأن الاتصال الأخير كان مع محمد، وقد بدا أثناء المكالمة سعيدا بوجوده مع أفراد عائلته».
وأضاف عبدالله: «المفجع أن عائلة عمي كانت تستعد للاحتفال بزفاف حمدة وعفراء، يوم الجمعة في العين، بعد اكتمال جميع الترتيبات المقررة، حيث كان من المقرر زفافهما إلى قريبين لنا، لكن القدر كان أسرع من الجميع، وخطف العائلة في لحظات».
وتحدث بألم عن ابن عمه محمد، الذي «استهوته فكرة الطيران من عمه الطيار السابق، وقرر الالتحاق بـ(طيران الاتحاد)، فالتحق بالمدرسة الخاصة لتعليم الطيران، التابعة لشركة (الاتحاد للطيران)، وعزز دراسته بدراسة أخرى في بريطانيا، برغبة كبيرة في تحقيق حلمه بأن يصبح المواطن الذي يقود الطائرات بثقة، حتى يكون فخرا للدولة، وقاد رحلات عدة إلى فرنسا وأستراليا واليابان ودول أوروبية عدة».
وأكمل عبدالله: «تربطني علاقة رائعة معه، وأخبرني برغبته في إكمال تشييد منزله قبل التفكير في الزواج، وأعرف أنه قطع شوطا كبيرا في بناء المنزل، وكان سعيدا بما حققه، والجميع يشهد له بحسن الخلق، وكان يتمتع بعلاقة ممتازة في المنزل ووسط الأصدقاء».
وأكد عبدالله لـ«الإمارات اليوم»، أن (محمد) كان في سيارة أخرى، يقودها شقيقه حميد قبل الحادث بنحو 30 دقيقة، وقرر فجأة الانضمام إلى السيارة التي كانت تقل العائلة، بينما انتقل شقيقه عبدالله من سيارة العائلة إلى سيارة شقيقه حميد، وبعد وقت قليل وقع الحادث.
وأكد عوض خلفان، أحد أقرباء عائلة الكعبي، لـ«الإمارات اليوم» أن الفقيد سيف عبدالله الكعبي حصل على إجازة لمدة اسبوع من جهة عمله في القوات المسلحة، التي عاد للعمل فيها براتب مقطوع بعد تقاعده، حتى يتمكن من اصطحاب أفراد عائلته في رحلة إلى صلالة، موضحا أن منزل الفقيد بمنطقة الفوعة القريبة من مدينة العين يعج بالزوار من الأهل والأصدقاء في جميع الأوقات والمناسبات.
وأضاف: «أكثر ما يؤلمني الترتيبات التي قامت بها العائلة، للاحتفال بزفاف حمدة وعفراء يوم الجمعة في مدينة العين، أكاد لا أصدق أن الفتاتين في عداد الموتى، بينما كان الاحتفال المزمع بالزواج، والانشغال بتوجيه الدعوات للضيوف وحضور الأهل والأصدقاء، وغيرها من التفاصيل الأخرى، ما يشغل أفراداً ويتصدر الأحاديث في مجالسهم».
وشيعت الجثامين السبعة، أمس، في مدينة العين، وتوافد آلاف من سكان المدينة عصراً إلى مسجد المعترض، وسط المدينة، للصلاة على المتوفين. وبينما شق بعضهم طريقه بصعوبة إلى داخل المسجد، اضطر آخرون للصلاة في الباحة الخارجية، قبل أن تنقل سيارات الإسعاف الجثامين إلى مقبرة الفوعة، حيث ووريت الثرى.
وشوهدت سيارات الشرطة على المداخل المؤدية للمسجد لتنظيم عملية المرور وسط ازدحام هائل، أدى إلى صف السيارات على جانبي الطريق، كما رافقت سيارات تابعة لإدارة المرور في العين سيارات الإسعاف التي نقلت الجثامين إلى المقبرة، وبقيت سيارات أخرى في الطرق الرئيسة لتنظيم عملية المرور إلى المقبرة.
وكان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وجه بتحريك طائرة خاصة لنقل جثامين أفراد عائلة الكعبي من سلطنة عمان الشقيقة بعد وقت قصير من وقوع الحادث.
كما أمر سموه بتحريك طائرة طبية خاصة على متنها ضابط من وزارة الداخلية، وكادر طبي، لنقل أرملة الفقيد (مريم)، التي تعرضت لإصابات بليغة استدعت حجزها في مستشفى السلطان قابوس في صلالة لتلقي العلاج، لاستكمال علاجها في الدولة.
وتواترت أنباء حول الحالة الصحية لـ(مريم)، لكن أحد أقرباء العائلة أكد وصولها إلى الدولة مساء أمس.
وقال خالد، أحد أقرباء عائلة الكعبي، إن مريم تلقت الرعاية الطبية في صلالة، وإن أقرباءها كانوا على اطلاع بما يجري هناك أولاً بأول. وأكد عوض خلفان أحد أقرباء عائلة الكعبي لـ«الإمارات اليوم»، أن الجميع أحاطوا الحالة الصحية لـ(مريم) باهتمام كبير، وإن هناك أشخاصاً كانوا بصحبتها في صلالة، معرباً عن أمله أن تتحسن حالتها الصحية قريباً، بعد وصولها إلى أبوظبي. وتابع أن الاهتمام الكبير الذي أحيطت به العائلة، من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ولي عهد أبوظبي، كان له أبلغ الأثر في تخفيف وطأة المصيبة، كما أن الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، أبلغهم بتعازيه ومساندته لهم في محنتهم، عبر موفد شخصي حضر لتقديم مراسم العزاء في منطقة مصيبيخ بالفوعة.