جرائم غريبة بدافع الانــتقام
يرتكب متهمون جرائم غريبة بدافع الانتقام الشخصي أو العاطفي، مثل الإضرار بالغير أو الممتلكات، وفق الخبير الكيميائي في الإدارة العامة للأدلة الجنائية، المقدم خالد حسين أحمد السميطي، الذي حذّر من أن «بعض الجرائم تكون خطرة مثل تبوّل خادمة أو إضافتها مواد بيولوجية، خصوصاً قطرات من دمها إلى مشروب مخدومها، أو سكب أشخاص مواد حارقة في سيارات صديقاتهم».
وأفاد بأن قسم الكيمياء الجنائية الذي يعمل به في الإدارة العامة للأدلة الجنائية يفحص عينات من أغذية يشتبه في تسميمها أشخاصاً، كما يفحص ألعاباً نارية وتحديد ما إذا كانت مرخصة من عدمه، إضافة إلى الأعشاب المشبوهة التي تسبب ضرراً للإنسان، مؤكداً «أهمية تقنين استخدام ما يعرف بالأدوية الطبيعية والتشدد في دخولها إلى الدولة».
احتيال ببودرة الذهب |
وفي التفاصيل، قال الخبير الكيميائي خالد السميطي في حوار مع «الإمارات اليوم» إن هناك حالات غريبة من الانتقام الشخصي والعاطفي، تقود شخصاً إلى ارتكاب جرائم مثل الإضرار بالغير أو الممتلكات، إذ تعمد خادمات إلى التبوّل أو وضع مادة بيولوجية مثل قطرات من دمائهن في مشروبات مخدوميهن انتقاماً منهم على سوء معاملتهن أو لدفعهم إلى الاستغناء عنهن.
وأضاف أن تلك الحالات منتشرة بكثرة وأظهرت نتائج فحص بلاغات وجود آثار بول في مشروبات مثل الشاي والقهوة، موضحاً أن شخصاً اشتبه في طعم المياه الغازية التي قدمتها إليه خادمته في المنزل، ولجأ إلى شرطة دبي ودياً دون أن يبلغ عنها، ومن خلال الحصول على عينة من المادة الوراثية الخاصة بها تبين أنها وضعت قطرات من دمها الفاسد في المشروب.
انتقام عاطفي
وأشار إلى أن «هناك جرائم أخرى يرتكبها أشخاص بدافع الانتقام العاطفي وتكون عادة بين الأصدقاء وتنتهي بالإضرار بممتلكات الغير، إذ يلجأ أحياناً أشخاص لحرق سيارات صديقاتهم ومن أنواعها وضع سكر في محرك السيارة أو مادة حارقة تؤدي إلى إتلافها»، موضحا أن قسم الكيمياء الجنائية يتولى فحص تلك السيارات أو الممتلكات التي تتعرض لحريق لتحديد الأسباب وتوضيح ما إذا كان عمداً أو ناتجاً عن خلل في المركبة أو تقصير أو إهمال أو غير ذلك من الأسباب، لافتا إلى أن «بعض الحرائق قد ترتكب بقصد التحايل على التأمين، لذا يتم الحصول على عينات من المواد المحترقة وفحصها لتحديد أسباب الحريق».
ووفقاً للسميطي، فإن «القسم يتولى أيضا فحص الألعاب النارية وتحديد ما إذا كانت قانونية ومنتجة من مصانع مرخصة أم مخالفة»، مشيرا إلى أن مشكلات الألعاب النارية تحدث عادة بسبب سوء التخزين وعدم مراعاة المكونات الحساسة لتلك الألعاب التي قد تتحول إلى متفجرات مدمرة.
وقال السميطي إن «هناك فهما خاطئا لدى كثير من أفراد المجتمع لطبيعة الأدوية الطبيعية (الاعشاب) إذ يعتقدون أنها لا تحمل أضراراً جانبية وأحيانا يتعاطونها مع الأدوية الكيميائية التي يصرفها لهم الطبيب ما يؤدي إلى تفاقم أضرارها نظرا لاحتوائها على مواد غير طبيعية، فضلا عن أنها قد لا تتناسب مع طبيعة الجسم».
وأوضح أن «من الأدوية الشائعة التي تتداول باعتبارها مواد طبيعية تلك التي تستخدم في التخسيس وتحتوي على مادة «سيتترومين» التي تؤدي إلى فقدان الشهية وتدر البول، مشيرا إلى أن هذه العقاقير غير طبيعية على الإطلاق بل إن بعضها يتضمن مواد مسرطنة وحظرت وزارة الصحة تداولها مثل «فينال فيثامين».
وأشار إلى أن تلك الأدوية تشمل كذلك الهرمونات البانية للعضلات والتي تنتشر في الصالات الرياضية، موضحا أن «تلك المنشطات ليست لها وصفات طبية ولا يوجد قانون يضبط مسألة تداولها مثل المخدرات التي تدرج في جداول ويجرمها القانون»، موضحا أن كل ما يمكن اتخاذه بشأن تلك الهرمونات هو سحبها من الجهات التي تبيعها باعتبارها غير مرخصة دون اتخاذ إجراء بحقها.
وطالب السميطي بإصدار تشريع يمنع تداول هذه المنشطات وإدراجها في جداول تحت إشراف الجهات المختصة على غرار الدول المتقدمة التي تقنن استخدامها، لافتا إلى أن «بعضها يسبب أضراراً بصحة الانسان فضلا عن أن تداولها لا يتناسب مع دخولنا عصر الاحتراف الرياضي الـذي يستـلزم وجـود إجراءات وقوانين تحـكم تداول هذه المواد».
وأوضح أن «المقويات الجنسية غير المعروفة الهوية تنتشر في الأسواق الداخلية وتتسبب أحيانا في أعراض خطرة وربما تؤدي إلى الوفاة، مؤكدا عدم وجود عقار طبيعي 100٪ يعالج العجز أو الضعف الجنسي»، موضحا أن غالبية الأدوية والمستحضرات التي ترد إلى القسم لا تكون مغلفة مصنعياً بل تندرج في إطار العمل المنزلي وتحتوي في الأغلب على المكون الرئيس لعقار الفياغرا وتكون على أشكال مختلفة مثل العسل، ويظن الشخص أنها لن تؤثر فيه لكنها تضره كثيرا وهناك حالات وفاة تبين من خلال فحصها تعاطي أصحابها تلك العقاقير.
آلية الاستيراد
وأكد السميطي ضرورة إعادة النظر في آلية الاستيراد والتراخيص التي تمنح للأماكن التي تبيع هذه المستحضرات والتأكد من فحصها جيدا، مشيرا إلى أن «قسم الكيمياء الجنائية يتدخل فقط لفحص هذه المستحضرات في حال وجود شـبهة جـنائية وعثر على عينات منها في مسرح جريمة ما».
ولاحظ السميطي خلال عمله في قسم الكيمياء الجنائية سهولة الحصول على تلك العقاقير والمستحضرات من خلال مواقع إلكترونية على الإنترنت، مؤكداً ضرورة إيجاد طريقة لمنع تداولها إلكترونيا وعدم شرائها إلا من الجهات المرخصة لذلك.
وكان السميطي ذكر لـ«الإمارات اليوم» أن شرطة دبي ضبطت عقاقير تباع في الأسواق لها مواصفات المخدرات المحظور تداولها نفسها لكنها غير مدرجة في جدول المخدرات، إضافة إلى مواد تباع على أنها أدوية طبيعية تحتوي على نسبة كبيرة من الكوكايين والأفيون وهرمونات للإجهاض وتغيير الجنس»، مشيراً إلى أن نائب القائد العام لشرطة دبي اللواء خميس مطر المزينة يتولى متابعة لجنة على مستوى الدولة لرصد هذه العقاقير وإدراجها في جدول المخدرات.
وسجلت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي 39 قضية تعاطي ترامادول منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية شهر مايو الماضي، مقابل 50 قضية في العام الماضي و62 قضية في عام 2007 و23 قضية في عام ،2006 فيما سجلت ثماني قضايا تعاطي مخدر الأرتان في 2009 مقابل 20 قضية في 2008 و22 قضية في 2007 وخمس قضايا في ،2006 كما سجلت الإدارة 17 قضية تعاطي مخدر الكيمادرين في 2009 مقابل 15 في 2008 و17 في 2007 وتسع في .2006
ولفت السميطي إلى أن «قانون المخدرات رقم 14 لسنة 1995 يحتاج إلى تحديث ملحّ لأن المستحضرات المخدرة تظهر كل يوم وتحتوي على المواد نفسها التي يعاقب عليها القانون مثل الأرتان والترامادول ولكنها غير مدرجة في الجدول ما يفتح الباب إلى إساءة استخدامها، مشيرا إلى أنه تم إعداد تقرير في هذا الصدد ورفعه إلى وزارة الداخلية، موضحا أن انتشار هذه العقاقير في الأسواق يصل إلى مستوى الظاهرة، لأن كثيراً من المدمنين يخبرون أصدقاءهم عنها، ويتم تداولها من خلال العيادات النفسية.