عائلة إماراتية تنجو من كارثة مومباي
فصلت 10 دقائق فقط بين الحياة والموت في عمر أسرة إماراتية، كانت تقيم في مدينة مومباي الهندية، التي تعرضت لهجمات مسلحين الأسبوع الماضي.
كانت الأسرة تتناول وجبة العشاء في مطعم فنـدق «أوبروي»، الذي تعرّض لإحدى أكبر الهجمات، وبعد دقائق من مغادرتها له، انفجر المطعم، وتناثرت جثث كل من كان فيه.
وعاشت الأسرة «40 ساعة من الذعر، على وقع أصوات الانفجارات والأعيرة النارية والصراخ ورائحة الموت، في الطابق الـ20 في الفنـدق، وطوال تلك الساعات لم تنم، ولم تجـد طعاماً سوى تفاحـة، وعبوة بسكويت صغيرة».
واشتعلت النيران في الفندق، إلى الحد الذي جعل الأسرة تنطق بالشهادتين، استعداداً لإلقاء أنفسهم من النوافذ، قبل أن يسيطر الأمن على الوضع، فيخرجوا للشوارع، لتحاصرهم النيران مجدداً، ولم ينقذهم من هذا الوضع سوى طائرة تابعة لـ«طيران الإمارات» التي عادت بهم إلى دبي مساء أول من أمس.
ويروي المواطن محمد محمود حبيب تفاصيل الساعات الـ40 لـ«الإمارات اليوم» قائلاً: «توجهت إلى مومباي أنا وزوجتي، وصديق لي، بحثاً عن علاج من مرض في عينها، وأقمنا في الطابق الـ20 في فندق (أوبروي)». ويتابع: «في الساعة 9:30 من مساء الأربعاء الماضي توجهنا إلى المطعم لتناول وجبة العشاء، وبعد نحو 10 دقائق من مغادرته، سمعنا أصوات طلقات نارية، وانفجارات قوية، تصم الآذان، وكادت تمزق أجسادنا، على الرغم من أنها كانت في مدخل الفندق، ونحن في الطابق الـ20». وأضاف: «هرعنا مذعورين خارج الغرفة، لنجد المصاعد متوقفة، وأخبرتنا إدارة الفندق عبر مكبرات الصوت الداخلية، أن الفندق يتعرض لعمل إرهابي، وطلبوا منا البقاء في الغرف».
ويكمل حبيب: «زادت هذه الرسالة الصوتية ذعرنا، وانهارت زوجتي، خشية أن أتعرض لمضاعفات مرضية، إذ إنني مريض بالقلب». مضيفاً: «جاء صديقي الذي كان يسكن غرفة مجاورة إلى غرفتي، وبقينا في حالة قلق، لا ندري ماذا نفعل، وبعد وقت طويل، بدأت القنوات الفضائية تنقل لنا تفاصيل الهجوم الإرهابي على الفنادق، ومن ضمنها الفندق الذي نقيم فيه».
ومضت الساعات، وأصوات طلقات النار والانفجارات مستمرة، وكانت تقترب منا، وعلمنا أن الإرهابيين وصلوا حتى الطابق التاسع، ويقتلون سكان الغرف.
وأوضح «مع ساعات الفجر توقف الإرسال التلفزيوني في الغرفة، فكان أبناؤنا وأشقاؤنا في دبي يتصلون بنا هاتفياً، وهم في حالة هلع، ويروون لنا ما يسمعونه من أخبار على القنوات الفضائية»، متابعاً «أخبرونا أن الفضائيات تنقل صوراً حية لحريق في الطابق الـ18 من الفندق الذي نسكنه».
في هذه اللحظة، يقول حبيب: «شعرنا بأن الموت يقترب منا، فالنيران تعلو نحونا، والإرهابيون يصعدون الطوابق ليقتلوا من فيها، وأصوات الطلقات لا تتوقف، فسلّمنا أمرنا لله، وقررنا أن نلقي بأنفسنا من النوافذ للنجاة في حال اقتراب النيران». ويكمل: «بعد ساعات من الفزع علمنا أن الحريق كان في المبنى الثاني من الفندق، وبدأت أصوات الطلقات تنخفض، ليعود لنا الأمل في النجاة». مضيفاً: «اتصلنا بالأمن الهندي من هواتفنا النقالة، الذي طلب منا البقاء في الغرفة». ويواصل: «بقينا على هذه الحال حتى أول من أمس، أي لمدة 36 ساعة، ظللنا فيها بعيداً عن النوافذ والباب، خشية وقوع انفجارات جديدة، وعشنا على تفاحة، وعبوة بسكويت صغيرة، ونفد ما لدينا من ماء».
ويضيف: «وقت الظهر جاء إلينا جنود مزودون بالسلاح، ونزلنا إلى ساحة الاستقبال، لنكتشف أنها دُمرت وتحوّلت إلى برك من الدماء، ورأينا المطعم الذي تناولنا فيه العشاء، وقد تناثرت فيه الجثث»، مضيفاً «نزلنا في نفق قريب نُقل إليه سكان الفندق الناجون، ثم جاءت سيارة من القنصلية الإماراتية لتنقلنا إلى المطار».
وفي المطار، علمت الأسرة الإماراتية أن طائرة تتبع «طيران الإمارات» ستقلع في المساء، ليعودوا مساء الجمعة، وتستقبلهم عائلتهم بالفرح والبكاء.
ويصف الابن محمد محمود حبيب لحظة عودة والده ووالدته قائلاً: «لقد عاد الوالدان إلى الحياة بعد الموت 40 ساعة».
وفي السياق، نجا المدير التنفيذي لـ«موانئ دبي العالمية»، محمد شرف، والنائب الأول للرئيس والمدير العام لـ«موانئ دبي العالمية ـ شبه القارة الهندية»، جانيش راج، والنائب الأول للرئيس ـ اتصالات الشركة، سارة لوكي، في حادث فندق «تاج محل بالاس» في مومباي، وهم الآن في أمان، كما أكد بيان أصدرته (الموانئ) أمس.