«ذهبت طفلتي».. دهشة لا تخلو من التثاؤب
«ذهبت طفلتي ذهبت» مفاجآت البحث عن طفلة. آوت ناو
لم يعد التحري الخاص ذاك الذي يرتدي معطفاً طويلاً، أو يعقد حول رقبته ربطة عنق على الأقل، الأمر لا يستحق العناء، الجينز و«تي شيرت»، ولا داعي لتلك الأناقة المتكلفة، كما أن ملامح الوجه لن توحي بنظرة ثاقبة مدوّخة، ولا شخصية خاصة جداً كما هو المحقق مارلو في فيلم روبرت ألتمان البديع «الوداع الطويل».
المحقق في فيلم Gone Baby Gone «ذهبت طفلتي ذهبت» شاب في 30 من عمره، لا بل إنه يوحي بأنه أصغر عمراً، ومهمته في هذا الفيلم البحث عن طفلة في السابعة من عمرها اختفت. أخرج الفيلم الممثل الأميركي بن أفليك في أول تجربة إخراجية له يِنتج عنها فيلم روائي طويل، بعد إخراجه فيلما قصيرا عام 1993 حمل عنواناً عجيبا غريباً، لا بل إن العنوان يلخص قصة الفيلم كاملة وهو «قتلت زوجتي السحاقية، وعلقتها على خطاف لحم، ولدي ثلاث صور صالحة لصفقة مع ديزني»، وليكون افليك في فيلمه «ذهبت طفلتي ذهبت» الذي نقدم له هنا معلقاً على خطاف التشويق وتقديم حبكة تسعى لأن تدهشنا، ما دام كل ما تطمح إليه الأفلام هو أن تضعنا في دائرة صعقنا بمفاجآت مروعة، ولعل هذا الرهان صالح بامتياز أمام رتابة الحياة الحديثة، والانتصار لقيمة مقدسة وحيدة تتمثل بالاستهلاك، وفي السينما هذه هي البضاعة الرائجة.
مقدمة طويلة للوصول إلى فيلم «ذهبت طفلتي ذهبت» الذي كلما أدهشنا أراد أن يقدم المزيد، وليصل في النهاية وقد أنهكنا حجم الدهشة الذي لا يخلو من وصلات لا بأس بها من التثاؤب، خصوصا أن الفيلم يبدأ بجرعة حكمة يطلعنا بها الراوي على شيء من الموعظة الحسنة، ثم تمضي قصة الفيلم التي تبدأ باختفاء الطفلة سابقة الذكر ومن ثم طلب خال وخالة تلك الطفلة من التحري الخاص باتريك «كاسي أفليك» وشريكته أنجي «ميشلي مونغان» البحث عنها، ولتنقلب صورة هذا التحري على الفور ونحن نراه يقوم بما لا يوحي به مظهره ولا حتى بروده الذي يواجه به كل شيء، ولنكتشف أنه على علاقة مع العالم السفلي لمدينة بوسطن- أفلام قليلة جداً وجدت في بوسطن مسرحاً لأحداثها خصوصا في ما يتعلق بالجريمة- وبمعرفته أن أم الطفلة مدمنة هرويين يمسك أول الخيط في اكتشاف ملابسات قضيته، ويتعاون مع عميلين فيدراليين.
تبدو القصة أولاً بأن أم الطفلة متورطة في تجارة المخدرات، حيث إنها تقوم برفقة صديق لها بتوزيع كمية من الهرويين لتشيسي «تاجر مخدرات» ثم يقومان بالاحتفاظ بالمال، وعليه تبدو القصة أن تشيسي قام بخطف الطفلة لغرض استعادة ماله.
يستعيد باتريك مال تشيسي، ويتفق معه على إعطائه إياه مقابل إعادة الطفلة، ولدى عملية التبادل التي تجري تحت أعين رجال الشرطة ورئيسهم جاك «موغان فريمان» والعمليين الفيدراليين، يقتل تشيسي بعد أن يرمي بالطفلة من جرف صخري. لكن مهلاً لم ينته شيء من القصة، هناك اكتشافان قادمان، وليبدو الأمر شديد التعقيد، فإنها مؤمراة يشترك فيها الجميع، لخدمة رئيس الشرطة، مؤامرة تضع باتريك لدى اكتشافها أمام امتحان أخلاقي، بين أن يترك الطفلة تعيش مع العائلة التي ترعاها وتعتني بها بشغف وحب، وإعادتها إلى أمها الحقيقية المدمنة غير المبالية، ولينتصر للخيار الأخير، ولينتهي الفيلم في مشهد له أن يدفعنا للشك بصواب خياره.
فيلم ”ذهبت طفلتي ذهبت” خلطة من التشويق والمؤامرة والأخلاق، وكله قبض الريح. |