إعادة محاكمة طبيبين متهمَين بالتسبب في وفاة مريض
نقضت المحكمة الاتحادية العليا، حكماً، دان طبيبين (من جنسية عربية)، بالتسبب في وفاة مريض (آسيوي الجنسية)، بعد عمليتين جراحيتين، وقضت بإحالة القضية مرة أخرى إلى محكمة الاستئناف، لنظرها مجدداً، إذ لم يبين الحكم أوجه التقصير الذي تسبب فيه الطبيبان.
وتفصيلاً، توفي مريض آسيوي، يعاني مشكلات في القلب، على خلفية إجرائه عمليتين جراحيتين، وأقام ورثته دعوى قضائية يتهمون فيها طبيبي الجراحة والتخدير، بالتسبب في وفاته.
وخلص تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية إلى أنه كان هناك قصور واضح في تحضير المريض للتخدير في العملية الأولى، وكذا في العملية الثانية، إذ اعتمد الجراح وطبيب التخدير، على إفادة المريض الشفوية، ولا يوجد أي مستند في سجلات المريض يثبت أنه تم معاينته من قبل طبيب القلب، ولا يوجد في ملف المريض ما يثبت أن طبيب التخدير اطلع على تخطيط القلب قبل العمليتين الأولى والثانية، كما أن فحوص الدم ناقصة، ولا تحتوي على فحص وظائف الكُلى والأملاح، ولا توجد أشعة الصدر.
وأشار التقرير أيضاً إلى أن طبيب التخدير لم يفحص المريض ويعاينه قبل دخول غرفة العمليات، واعتمد على ما نقل إليه عن طريق الجراح ولم تكن العملية الثانية بحاجة إلى تخدير كامل، وكان التخدير الموضعي كافياً، إلا أن المريض رفض التخدير الموضعي وأصر على التخدير الكامل مستغلاً صداقته مع أحد المدعي عليهما، ولم يتم أخذ عينة لفحص غازات الدم.
وأثبت تشريح الجثمان وجود مظاهر مرضية متقدمة بالقلب على هيئة تضخم عضلة القلب، ووجود منطقة باهتة اللون حدث لها احتشاء بالبطين الأيسر.
• طبيب التخدير لم يفحص المريض ويعاينه، قبل دخول غرفة العمليات. • التقرير الطبي: تقصير الجراح والمخدر لم يكن سبباً في وفاة المريض. |
وانتهي التقرير إلى أربع نتائج مفادها أن سبب الوفاة هو مرض القلب وليس العملية الجراحية أو التخدير، ولم يتم تحضير المريض للتخدير بالشكل المطلوب، ما يعد إهمالاً وتقصيراً من قبل الجراح والمخدر بنسبة متساوية، ولم يكن التخدير الكامل مبرراً على الإطلاق، وتم اللجوء إليه بعد إلحاح المريض، ويوجد تقصير من قبل الجراح والمخدر في التحضير للعملية وعمل الفحوص اللازمة وأخذ الاحتياطات المطلوبة، إلا أن هذا التقصير لم يكن سبباً في الوفاة.
وأحالت النيابة العامة الطبيبين إلى المحاكمة الجزائية، إذ وجهت إليهما أنهما تسببا بخطئهما في وفاة المجني عليه، وكان ذلك ناشئاً عن إخلالهما بما تفرضه عليهما أصول مهنتهما، مطالبة بمعاقبتهما.
وقضت المحكمة الشرعية ببراءتهما، ورفض الدعوى المدنية بحقهما، ثم استأنفت النيابة العامة والمدعي بالحق المدني، وقضت محكمة الاستئناف بمعاقبة المتهمين، بتغريم كل منهما 5000 درهم عن التهمة المسندة إليهما، وإلزامهما مناصفة بالدية الشرعية البالغة 200 ألف درهم لورثة المجني عليه، وإحالة الدعوى إلى المحكمة المدنية المختصة، فطعن المتهمان على هذا الحكم.
وقال دفاع طبيب التخدير، إن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق والاخلال بحق الدفاع، لانتفاء الخطأ المنسوب لموكله، إذ إن ما قام به طبيب التخدير يتفق مع الأصول والمعايير الطبية، كما أنها كانت بإشراف وموافقة الطبيب الجراح، كما أن الحكم قضى بإدانة موكله، رغم انتفاء رابطة السببية بين الفعل والنتيجة، إضافة إلى أن خطأ المجني عليه استغرق خطأ المتهم، باعتبار أنه أصر على إجراء التخدير الكامل، رغم أن الطبيب نصحه بالتخدير الموضعي كما رفض إجراء الفحوص الطبية الأولية.
من جانبه، قال وكيل المتهم الثاني، المحامي علي العبادي، في صحيفة الطعن، إن الحكم دان طبيب الجراحة، من دون توضيح الأسباب الكافية للإدانة أو الاستناد إلى دليل قوي، رغم ورود تقرير الطبيب الشرعي الذي خلص إلى أن المتوفى كان يعاني حالة مرضية متقدمة بالقلب، على هيئة تضخم عضلة القلب، وأن سبب الوفاء يُعزى إلى توقف القلب والتنفس أثناء إجراء العملية الجراحية، وأن وفاته غير مرتبطة بالتخدير الذي أخذه.
وأيدت المحكمة الاتحادية العليا، طعن الطبيبين، مبينة أن حكم الاستئناف دان الطبيبين المتهمين بالتسبب في وفاة المجني عليه أخذاً مما جاء في تقرير اللجنة العليا، رغم أن التقرير انتهى إلى أن التقصير الذي حدث من المتهمين لم يكن سبباً للوفاة، ورغم ذلك انتهى الحكم إلى إلغاء الحكم الأول، وإدانة المتهمين من دون أن يحدد الخطأ الذي ارتكباه وتسبب في وقوع الوفاة ومن دون أن يعرض لدفاع المتهمين في هذا الخصوص ويرد عليه بما يدحضه، ويورد الدليل على توافر الخطأ وعلاقة السببية بينه وبين النتيجة التي حدثت، وكان يتوجب على المحكمة أن تعرض لهذا الدفاع وتقسطه حقه في الرد واستظهار وجه الحق في الدعوى، وإذا التف الحكم عن هذا الدفاع وأخذ بتقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، على الرغم مما ورد بشأنه من اعتراضات، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، بما يوجب نقضه مع الإحالة.