تبادل اتهامات بين المدرسة وشـركة النقل و«أبوظبي للتعليم» حول وفاة طالبة «الروضة»
أصيبت والدة طالبة رياض الأطفال، نزيهة لال أحمد، بصدمة، بعد سماعها خبر وفاة ابنتها، نتيجة نسيانها نائمة داخل الحافلة المدرسية، ولاتزال منتظرة عودة الطفلة من المدرسة، فيما دخل الأب في حالة حزن عميق،بينما تبادلت مدرسة أكاديمية الورود الخاصة الاتهامات مع شركة النقل الخاصة، ومجلس أبوظبي للتعليم، حول مسؤولية وفاة الطالبة نزيهة (4 سنوات). وقال مصدر مسؤول في شرطة أبوظبي أن الشرطة حولت ملف القضية إلى النيابة العامة في أبوظبي.
ركض بين المركبات أفاد تقرير مجلس أبوظبي للتعليم بأن استراتيجيات إدارة السلوك في مدرسة أكاديمية الورود الخاصة غير متسقة، خصوصاً في قسم البنين، حيث ذكر بعض الطلبة استخدام معلمين العقاب البدني، كما ذكروا وجود التنمر في المدرسة، وعدم تمتعھم بالحياة المدرسية، نتيجة عدم قيام إدارة المدرسة بالتعامل بشكل فعال، الأمر الذي أكده ذوو الطلبة. وأشار التقرير إلى تنافس عدد كبير من السيارات في بداية اليوم على توصيل الطلبة أمام المدرسة، وخروج الطلبة في نهاية الدوام فوراً إلى الشارع أو إلى طريق جانبي، والركض بين المركبات، إضافة إلى وجود شكاوى من ذوي الطلبة تؤكد أن السلامة في الحافلات غير كافية، لعدم وجود أحزمة الأمان، وغالباً ما يقف الطلبة أثناء تحرك الحافلة أو يجلسون بشكل غير مناسب في المقعد الأمامي. وأوضح التقرير أن الأمن ليس صارماً في الصباح وعند الانتهاء الدوام الدراسي، خصوصاً عندما ينتهي دوام صفوف الروضة، إذ لا يتم التحقق من هوية أي شخص بالغ عند الدخول إلى المدرسة لأخذ طفل، ويتم ترك بوابات الخروج مفتوحة على مصراعيها. دليل النقل المدرسي أفاد دليل النقل المدرسي الخاص بدائرة النقل في أبوظبي بأن مسؤوليات المدارس في النقل المدرسي تلزمها بعدم تشغيل حافلات مدرسية غير مطابقة للمواصفات المقررة من الدائرة، وتعيين منسق بين المشغل والمدارس المعنية للإشراف على تنظيم الخدمة وحركة سير الحافلات المدرسية، وتوفير بيانات كل رحلة وأسماء الطلاب المنقولين، وتسليمها للسائقين للتأكد من خلو الحافلة تماماً عند وصولها إلى نقطة النهاية، وعدم تجاوز عدد أطفال دور الحضانة (أقل من أربع سنوات) المنقولين في الحافلة الواحدة 20 طفلاً، والاحتفاظ بتسجيلات الدوائر التلفزيونية المغلقة لمدة لا تقل عن سنتين. فيما تتضمن مسؤولية سائقي الحافلات والمشرفات التأكد من خلو الحافلة من الطلاب عند وصولها إلى نقطة النهاية، وإظهار علامة «الحافلة المدرسية خالية» في مؤخرة الحافلة، والتأكد من جلوس جميع الطلاب أثناء سير الرحلة، وربط أحزمة الأمان في المقاعد التي تتوافر فيها أحزمة، وعدم السماح للطلاب بالجلوس على المقعد الأوسط من الصف الخلفي، والتأكد من خلو الحافلة من الطلاب عند وصولها نقطة النهاية. وأشار الدليل إلى وجود أنظمة ذكية يجب توافرها في حافلة النقل المدرسي، تتضمن تجهيز جميع الحافلات المدرسية بدائرة تلفزيونية مغلقة، ومزودة بنظام تسجيل مستمر بالصوت والصورة، ويمكن الدخول عليها لاسلكياً في حالة الطوارئ، وبسعة تخزين لا تقل عن شهر، قبل أن تبدأ عملية تسجيل جديدة وتسمح بمراقبة جميع المقاعد، إضافة إلى أربع كاميرات خارجية على الأقل تسمح بالكشف عن جميع جوانب الحافلة، مع وجود شاشة ولوحة تحكم أمام السائق، ونظام تتبع «GPS» لمتابعة حركة الحافلات وتحديد موقعها. |
وكشف تقرير المجلس الخاص بتقييم المدرسة عن وجود قصور كبير في الأمور الخاصة بالأمن والسلامة، لافتاً إلى أن المدرسة تقع ضمن مدارس الفئة ج التي تحتاج إلى تحسن كبير، وأنها حصلت على المرتبة قبل الأخيرة في إطار تقييم أداء المدارس، وتوجد ملاحظات وإنذارات وجهت إليها خاصة بصحة وسلامة الطلبة داخل المدرسة العام الماضي.
فيما أكدت إدارة المدرسة عدم مسؤوليتها عن حادث وفاة الطفلة، كونه وقع خارج اسوارها، محملة شركة النقل ومجلس أبوظبي للتعليم المسؤولية، في المقابل أقرت شركة النقل بوجود تقصير من سائق ومشرفة الحافلة، مضيفة أن المدرسة تتقاسم معها المسؤولية، بسبب تراخيها في مراجعة أعداد الطلبة، فيما كشفت أسرة الطالبة المتوفاة عن نيتها رفع قضية على المدرسة والشركة، لضمان عدم تكرار هذه المأساة لأي أسرة أخرى.
وتفصيلاً، قال المجلس لـ«الإمارات اليوم» إنه وجه فريق تحقيق على أعلى مستوى إلى المدرسة، للتحقيق في الواقعة والوقوف على جميع ملابسات الحادث لتحديد العقوبة التي سيوقعها على المدرسة، مشيراً إلى أن المجلس ينسق مع الجهات المعنية للوصول إلى أسباب الحادث، وضمان عدم تكراره مرة أخرى.
وكشف تقرير المجلس عن عدم توافر الاهتمام الكافي لحماية الطلبة ورعايتهم وإرشادهم ودعمهم، وأن المدرسة لا توفر البيئة الآمنة المناسبة لھم، وأن كثيراً من ذوي الطلبة يشعرون بضعف توفير الأمن والرعاية للطلبة في المدرسة، إضافة إلى وجود سلبيات أخرى تتعلق بالصحة والسلامة، منها تخزين المواد الكيميائية ومواد التنظيف بطريقة غير مناسبة، وعدم وجود سجلات للتحقق من الشبكة الكھربائية، أو الصيانة العامة، أو تدريبات الإخلاء الاعتيادية، كما أن منطقة ألعاب البنين مكتظة، وكثيراً ما تفتقر إلى الإشراف.
من جانبها، قللت نائب رئيس مجلس إدارة مدرسة أكاديمية الورود الخاصة، الدكتورة منى الأنصاري، من أهمية تقرير مجلس أبوظبي للتعليم، مشيرة إلى أن المجلس يضع لوائح دون النظر في تغير سلوكيات ذوي الطلبة وطرق تعاملهم، مشددة على أن المدرسة، وإن كانت تقدر حجم المأساة، إلا أنها غير مسؤولة عن الحادث، نظراً لأن الطفلة ماتت خارج أسوارها، ولم تحضر اليوم الدراسي من أساسه.
وأشارت إلى أن المدرسة تقدمت بعشرات الطلبات إلى المجلس منذ أكثر من عام لتغيير شركة نقل الطلاب، وقدمت إليهم عرضاً من شركة مواصلات الإمارات، يقوم من خلاله ذوو الطلبة بتسديد رسوم الحافلات إلى الشركة مباشرة، إلا أن المجلس منذ أكثر من عام لم يرسل الموافقات، على الرغم من اجتماعاتهم الكثيرة.
وقالت الأنصاري «تحدثنا مع مديرة عام المجلس، الدكتورة أمل القبيسي، ومدير قطاع التعليم الخاص المهندس حمد الظاهري، ومسؤول التفتيش على المدارس الدكتور جورج نادر، وجميعهم أخبرنا بأن الموافقات تمت، وسيتم إرسالها لاستبدال الشركة، ولم يحدث أي شيء، ولم تصلنا أي موافقات، وفوجئنا بسفر جميع المسؤولين في المجلس خلال الصيف، ولم يتم البت في الأمر حتى الآن».
وأضافت أن «المدرسة لجأت إلى شركة النقل، بسبب رفض المجلس رفع رسوم الحافلات، على الرغم من أننا طالبنا بأن يتم التحصيل مباشرة بين ذوي الطلبة وشركة مواصلات الإمارات، للتأكيد على عدم استفادة المدرسة، وأن الهدف هو الحرص على سلامة الطلبة وتوفير وسائل نقل أكثر أماناً»، مشيرة إلى أن الرسوم المقررة حالياً للنقل المدرسي تبلغ 3650 درهماً، في حين أن المجلس حدد لأقل مدرسة رسوم نقل أعلى من 5000 درهم، لتتمكن من توفير حافلات تتوافق مع المواصفات التي حددها المجلس ودائرة النقل.
وأشارت إلى أن «المدرسة مسؤوليتها استلام الطلبة من مشرفة الحافلة التابعة للشركة، وتسليمهم إليها في العودة فقط، ولذلك لم يتم اكتشاف أمر الطالبة المتوفاة، بسبب أنها سجلت غياباً منذ بداية اليوم الدراسي، وحين تم تسليم الطلبة إلى مشرفة الحافلة اكتشفت أنها مسجلة لديها». وشددت على وجود عقد بين المدرسة وشركة النقل يحدد مسؤوليات كل طرف بوضوح، والأهمال تسببت فيه المشرفة وسائق الحافلة، لعدم مراجعتهما الحافلة عقب نزول الطلبة.
ونفت الانصاري مزاعم أحد مسؤولي شركة النقل بأن المسؤولية مشتركة بين الشركة والمدرسة، لعدم وجود مشرفة من قبل المدرسة تستلم الطلبة بناءً على كشف الصعود، مشيرة إلى أنها تسلم الطلبة بعد اليوم الدراسي بالعدد، لكن لا تقوم باستلامهم بالعدد، خصوصاً أن المدرسة تستخدم 28 حافلة، وليس من الممكن تعيين مشرفة لاستلام الطلبة من كل حافلة.
وطالبت بضرورة دمج جميع شركات النقل المدرسي تحت مظلة شركة واحدة، والسماح لجميع المدارس بالاشتراك فيها نظير رسم موحد، لضمان الحصول على خدمة مميزة.
من جانبه، أكد مسؤول في شركة النقل، أن الحادث الأول من نوعه، معترفاً بوجود إهمال من جانب المشرفة والسائق، إضافة إلى إهمال مقابل من مسؤول استلام الطلبة في المدرسة.
من جهة أخرى، أفاد مصدر في مجلس أبوظبي للتعليم، فضل عدم ذكر اسمه، بأن أي طلبات خاصة برسوم النقل المدرسي، من اختصاص دائرة النقل أبوظبي، وأن جميع الطلبات التي تم استلامها تم رفعها إلى الدائرة، مشيراً إلى أن الموضوع حالياً في الشرطة، وأن المجلس يتولى التفتيش على قائمة الالتزامات المحددة من المجلس داخل المدرسة، للوقوف على كل وسائل أمن وسلامة الطلبة. وأوضح أن المدرسة كان يجب عليها التأكد من وجود كاميرات مراقبة داخل الحافلات المدرسية، وإلزام الشركة بتركيبها في حال عدم وجودها.
وأكد أن المدرسة مسؤولة عن سلامة الطلبة داخل أسوار المدرسة وخارجها، والمسؤولية تبدأ من تسلم الطفل من منزله وحتى تسليمه إلى ذويه، بما في ذلك أثناء وجوده في الحافلة من وإلى المدرسة. وأوضح أن «المدرسة خالفت هذه اللوائح، إضافة إلى أن اللائحة تنص على أن المدارس الخاصة مسؤولة عن تأمين الطلبة داخل الحافلات، حتى في حال الاستعانة بشركات النقل الخارجية، وأن المدرسة مسؤولة عن سلامة الطلبة منذ استلامهم من ذويهم على باب الحافلة المدرسية، وحتى تسليمهم لهم في رحلة العودة».
من جانبه، أكد والد الطفلة المتوفاة، نزير أحمد، أن ابنته نزيهة هي الشقيقة الكبرى لأخت صغرى تبلغ عامين، مشيراً إلى أنه يتمنى أن تتحسن حالة زوجته من الصدمة التي تعرضت لها، لتتمكن من رعاية الابنة المتبقية لهما.
فيما أكدت أسرة الطفلة المتوفاة لـ«الإمارات اليوم»، أثناء وجود بعضهم في المدرسة لمتابعة سير التحقيقات التي يجريها المجلس، أنهم ينوون رفع قضية ضد إدارة المدرسة وشركة النقل يتهمونهما بالإهمال الجسيم، مشيرين إلى أن الهدف من القضية منع تكرار الحادث مرة أخرى في أي مدرسة.
وأكد عم الطفلة أنهم لن يتهاونوا في حق ابنتهم، خصوصاً أن الأم في حالة صدمة حتى الآن، وتجلس في انتظار عودة ابنتها من المدرسة.