الإيدز في الإمارات «لم يعد قاتــلاً».. والخطر في «المختبئين»

الإيدز في الإمارات «لم يعد قاتــلاً».. والخطر في «المختبئين»

قسم: مانشيتات اخبار العالم الإيدز في الإمارات «لم يعد قاتــلاً».. والخطر في «المختبئين» » بواسطة adams - 15 نوفمبر 2024

يوصف ملف مرض «الايدز» في الإمارات بـ«الشائك».. فالمسؤولون عنه يرفعون شعار «ممنوع الاقتراب أو التصوير».. والحديث عن المصابين بالفيروس يكاد يكون من «المحرمات»، أو هو بالفعل كذلك.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل يرجى الضغط على هذا الرابط

الأطباء المعالجون للمرضى يمتنعون عن التحدث للاعلام، إلا بعد استخراج تصاريح وموافقات رسمية من رؤسائهم.. والإحصاءات المتعلقة بحاملي المرض تكاد تكون مكتوبة بـ«الحبر السري» لا يطلع عليها أحد.

«الإمارات اليوم» قررت فتح الملف «الشائك»، واقتحام الجدار الفولاذي المشيّد حول «الإيدز»، لمعرفة واقع المرض في الامارات.. وعلى مدار أسابيع طويلة، واجهت إجراءات معقدة وصعوبات شديدة للحصول على موافقات حكومية، وطرقت أبواب مسؤولين ومرضى، في دبي وأبوظبي، والإمارات الشمالية، ودخلت غرف «عزل المرضى»، وأقسام علاجهم «المخيفة»، لتضع يدها على الحقيقة.

وعبر حوارات ولقاءات وتحقيقات، رصدت «الإمارات اليوم» واقع «الإيدز» في الدولة، لتنتهي الرحلة بنتيجة غير متوقعة.. الايدز في الإمارات ودول عربية عدة «لم يعد قاتلاً»، هذا ما أكده أطباء إماراتيون، وخبراء دوليون.

وعن قناعة تامة، وادلة علمية موثقة قالوا إن «الإيدز صار مرضاً مزمناً عادياً، مثل السكري وأمراض القلب، ومرضاه لا يموتون بسببه، إذا ما التزموا العلاج الكامل».

ولأن المصاب بالإيدز يعيش الآن سنوات طويلة تقدر بالعشرات، فمرضاه، خصوصاً في الإمارات، يطلبون حقهم في الوظيفة، والزواج، بل وفي الإنجاب أيضاً.

ويؤيد هذه المطالب، أطباء مسؤولون عن هؤلاء المرضى، مؤكدين أن «مصاب الإيدز قادر على العمل، والطب الحديث يتيح له الزواج من طرف غير مريض، وإنجاب أطفال غير حاملين للفيروس، وهو ما تحقق فعلاً لمرضى إماراتيين».

لكن الاطباء يطالبون في الوقت نفسه بالتعامل مع المرض دون تهاون في العلاج والوقاية، ويحذرون المرضى «المختبئين» الذين يلزمون منازلهم ولا يعالجون، بأنهم «يكتبون شهادة وفاتهم بانفسهم، ويشكلون خطراً صحياً على المجتمع».

مضى نحو 24 عاماً على اكتشاف أول إصابة بمرض الإيدز في الإمارات، وكانت لمريض عربي يعمل في مهنة المحاماة، أصيب بفيروس المرض، بعد نقل دم ملوث له، وغادر الدولة إلى بلده الذي توفي فيه.

وتوالى ظهور حالات أخرى، مع توافد عمالة من مختلف دول العالم، وكان السبب الرئيس في إصابة معظهم بالفيروس في ذلك الوقت، هو نقل الدم الملوث، وانتقل المرض إلى أشخاص آخرين عبر العلاقات الجنسية، ثم عبر إبر المخدرات، ثم انتقل الفيروس من المصابين إلى زوجاتهم، عبر العلاقة الزوجية.

المصابون الأوائل بالفيروس في الإمارات ماتوا جميعاً، وفق ملفاتهم الطبية.

احذروا المخدرات والجنس.. ولا خوف من نقل الدم

السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تظهر حالات إصابة جديدة كل عام بالإيدز في مجتمع محافظ مثل الامارات؟

مديرة البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز، الدكتورة ندى المرزوقي، حددت الأسباب في «تعاطي المخدرات، خصوصاً بالابر والعلاقات الجنسية، باعتبارهما السببين الرئيسين لنقل العدوى وظهور حالات إصابة جديدة»، لافتة إلى أنه لا توجد دراسة دقيقة توضح أيهما السبب الاول.

وتقول الرئيسة السابقة لقسم الأمراض المعدية في مستشفى راشد، الدكتورة ليلى الدبل، إن العدد الاكبر من الحالات التي تعالج في دبي، أصيبت نتيجة علاقات جنسية خارج إطار الزواج، ويأتي تعاطي المخدرات عبر الإبر في المرتبة الثانية للإصابات التي تستقبلها مستشفيات الهيئة، ثم تأتي حالات الإصابة بين النساء نتيجة انتقال الفيروس من الأزواج. ولفتت إلى أن الأطفال المصابين انتقل إليهم المرض عن طريق الأمهات قبل الولادة، لكن هذا السبب تراجع كثيراً خلال الأعوام الأخيرة، لوجود أدوية تتحكم في الفيروس، وتمنع انتقاله من الأم إلى الجنين بنسبة تزيد على 90٪. وأوضحت أن الحالات المصابة من غير المواطنين يتم وضعهم في وحدة عزل تتبع هيئة الصحة إلى حين تسفيرهم، في حين يتم علاج المصابين غير الاماراتيين من السجناء، مجاناً في مواعيد محددة، إلى حين انتهاء فترة العقوبة.

ويشير اختصاصي طب الأسرة والصحة المهنية، الدكتور منصور أنور، الى سبب آخر للاصابة، يتمثل في عمليات نقل دم ملوث لاماراتيين في الخارج، أو الحلاقة في صالونات لا تراعي تطبيق سياسة تعقيم الأدوات.

من جانبه، أكد وكيل وزارة الصحة للممارسات الطبية والتراخيص، ورئيس اللجنة الوطنية العليا لنقل الدم، أمين الأميري، أن عمليات نقل الدم للمرضى في الإمارات آمنة تماما، ولم تسجل الدولة أي حالة نقل دم ملوث بفيروس الايدز، منذ ما يزيد على 20 عاماً. وأوضح أنه يتم إخضاع كل تبرع بالدم لسبعة فحوص مخبرية على أعلى مستوى، للتأكد من خلوها من فيروسات الايدز، والالتهاب الكبدي، والسفلس وفيروس الخلايا الليمفاوية، مضيفاً أن الامارات هي أول دولة عربية تطبق فحص الحمض النووي شديد الدقة للتأكد من خلو الدم من فيروسات الايدز.

وفي السنوات الاولى من ظهور المرض بالإمارات، كان اكتشاف أي مريض بالإيدز «أمراً مفزعاً»، يمكن أن يثير الرعب والهلع، لكنه الآن بات لا يمثل مشكلة، ولا يحتاج رد فعل مبالغاً فيه، بعد أن حول الطب الحديث الإيدز إلى مرض عادي، وقضى على فكرة أنه «قاتل العصر».

بهذه الكلمات بدأ رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى راشد في دبي، عضو اللجنة الاستشارية للايدز في منطقة الخليج، الدكتور عبدالله الاستادي، حديثه عن واقع المرض في الامارات.

وأضاف في مقابلة مع «الإمارات اليوم»: النظرة التي لاتزال سائدة حول الايدز أنه «مرض قاتل، يتوفى حامله بعد عامين أو ثلاثة، لكنه الآن صار مرضاً عادياً، أو بالأدق مرضاً مزمناً، لا يتم الشفاء منه، لكن تتم السيطرة عليه، ويعيش حامله إلى ما شاء الله، ولا يموت بسببه، إذا ما حافظ على العلاج».

ويشرح استادي: في بداية ظهور المرض، لم يكن هناك علاج له، وكان المريض يواجه الفيروس معتمداً على مناعته الشخصية، لذلك كان يتوفى بعد عامين أو ثلاثة، الأمر الذي رسم صورة مفزعة للمرض، وبعد تجارب تم التوصل إلى علاج يهاجم الفيروس بصورة غير كافية، لذلك كانت حالات الوفاة مستمرة، لكن الآن تغيرت الصورة كلية، بسبب العلاج الحديث المسمى بالعلاج «الثلاثي»، وهو علاج متوافر في جميع أنحاء الإمارات، ويقدم مجاناً للمرضى، على الرغم من أن كلفة علاج المريض الواحد تقدر بنحو 5000 درهم شهرياً.

وهذا العلاج يهاجم الفيروس بصورة ثلاثية، للقضاء عليه قبل دخوله إلى الخلية، وبالتالي تزيد مناعة الجسم، ويعيش المصاب بصورة طبيعية، مثل أي مصاب بمرض مزمن.

ويوضح استادي أن المريض لا يُشفى من الإيدز، لكن يجب أن ينتظم في العلاج، وهو عبارة عن قرصين يومياً، حتى يسيطر على الفيروس.

وتابع «دعني أقل لك بكل ثقة إن مريض الايدز الملتزم بالعلاج يعيش مثل أي شخص طبيعي، ويموت لاسباب أخرى بخلاف الإيدز»، مضيفاً «أنا أعالج مرضى منذ 17 عاماً، لايزالون محتفظين بقوتهم وقدرتهم على التعايش مع المرض، ومنذ سنوات عدة لم نسجل أي حالة وفاة للمرضى الملتزمين بتناول الدواء».

في المقابل، يضيف استادي، يصبح المرض قاتلاً إذا أهمل المريض العلاج، ودوماً أقول «من يهمل الدواء يكتب شهادة وفاته»، لذلك «لا تهاون في العلاج من الفيروس، ولا تهاون في الوقاية منه، لأن الإصابة تعني أن الإنسان المريض سيعيش طوال حياته مقيداً بقائمة من المحظورات الطبية، والاجتماعية».

حياة طبيعية

حرص استادي على أن يكون حديثه لـ«الإمارات اليوم» داخل عيادة الأمراض المعدية في مستشفى راشد، ليحضر اللقاء مرضى إيدز إماراتيون، بدوا أمامنا في صورة طبيعية تماماً، وكانوا قادمين من منازلهم بسياراتهم الخاصة.

والتقط المريض (ف.ص) أطراف الحديث، واصفاً نفسه بأنه «أفضل من أشخاص آخرين مصابين بأمراض السرطان أو الالتهاب الكبدي، أو حتى السكري»، مضيفاً «اكتشفت إصابتي بالفيروس عام ،2006 وقتها أصبت بما يشبه الشلل الكامل في التفكير، فكرت في الهجرة والسكن في دولة لا يعرفني فيها أحد، حتى يأتي موعد موتي، لكن الاطباء الذين فحصوا حالتي طلبوا مني أن اراجع قسم الامراض المعدية في مستشفى راشد، وكان حديث الاطباء مطمئناً جداً، وتعاملوا معي من دون خوف أو قلق، وكأني مصاب بالانفلونزا، وليس بمرض قاتل».

ويتابع «بمرور الأيام، تولد لدي أحساس بأني مصاب بمرض عادي، فأنا أتناول العلاج بشكل منتظم، وأمارس حياتي بصورة طبيعية، والتقيت مرضى يحملون الفيروس في أجسادهم منذ سنوات طويلة، دون أن تبدو عليهم أية تغيرات».

المهم، يكمل المريض، ان نتعايش مع المرض دون خوف منه ونسيطر عليه بالعلاج، وفي الوقت نفسه نتبع الأسس الصحية في التعامل مع المقربين منا، حتى لا ننقل الفيروس إلى أي شخص حولنا.

وأكد أن «الامر الوحيد الذي يزعجنا هو نظرة الخوف والارتجاف منا، ولولا هذه النظرة ما ترددت في نشر اسمي وصورتي في الجريدة».

أما المريض (سعيد.ي) فهو مصاب بالإيدز منذ أكثر من أربعة أعوام، ومضت عليه الاشهر الاولى، قاسية قاتلة، وفق وصفه، لكن حين تعمق في القراءة عن المرض، وتعرف إلى فوائد العلاج الحديث، حافظ على مراجعة عيادة الأمراض المعدية في دبي، ليكتشف أن الاصابة بالايدز لم تعد تعني نهاية الحياة.

660 مصاباً بينهم أطفال ورضّع

ترفض الجهات الصحية في الدولة الكشف عن عدد الحالات المصابة بمرض الإيدز، خصوصاً إدارات الطب الوقائي في وزارة الصحة، التي تتحفظ كلياً عن الإجابة عن أي سؤال يتعلق بالايدز، ورفض مسؤولون فيها، بشكل قاطع، التحدث لنا عن هذا الملف.

واكتفت مديرة البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز، الدكتورة ندى المرزوقي، بالقول: إنه لا يوجد رقم دقيق عن عدد المرضى في الدولة، لوجود حالات غير مسجلة، وحالات تتجه إلى العلاج في الخارج، لكن الرقم التقديري هو 660 مصاباً، مؤكدة أنهم يتلقون العلاج مجاناً، وهم غير محتجزين في المستشفيات أو المراكز الصحية. وفي أبوظبي، امتنع المسؤولون في هيئة الصحة عن مدنا بأعداد المصابين الذين يتلقون العلاج في المراكز الصحية التابعة لها. أما في دبي، فحصلت «الإمارات اليوم» على تقرير أعدته هيئة الصحة، يفيد بأن عدد الحالات المكتشفة خلال العام الماضي يقدر بـ233 إصابة، بينها 56 إصابة لإماراتيين. ورصدت الهيئة وجود حالات إصابة لأطفال رضّع، تقل أعمارهم عن عام، وحالات تقل أعمارها عن خمسة و10 أعوام.

ويضيف: لي شقيق مصاب بالسكري، أنا وهو ملتزمان بتلقي أقراص الدواء، لأننا لو اهملنا العلاج سيصاب هو بمضاعفات السكري في الكلى والعين، وسأصاب أنا بمضاعفات ضعف الجـهاز المـناعي، وأرى أنه لا فرق بيننا، فكلانا مصاب بمرض مزمن، وهو ما يتفق عليه أيضاً أطباء معالجون لنا.

ووفق قوله «أنسى في كثير من الأوقات أنني مريض، وأذهب في رحلات مع أصدقائي، وألتقي بهم في «كوفي شوب» وفي المساء أسهر مع أسرتي، وابنائي الثلاثة، واتعامل معهم بصورة طبيعية، لكن المهم ألا اعرضهم لوسائل انتقال العدوى عبر الجروح أو ملامسة الدم.

ليس كابوساً

في إمارة أبوظبي، طلبت رئيسة قسم الأمراض المعدية في هيئة الصحة، الدكتورة فريدة الحوسني، أن نوجه رسالة إلى المجتمع بأن مرض الايدز لم يعد كابوساً مخيفاً كما كان في الماضي، مؤكدة انه «صار مرضاً مزمناً يدوم طوال العمر، مثل السكري وضغط الدم».

وتوضح: قديماً، قبل توافر العلاج الثلاثي، كانت الحياة المتوقعة للمريض تقدر بسنوات معدودة منذ حدوث الإصابة، لكن الآن انتهى هذا التوقع، فالمريض المنضبط في العلاج يحيى مثل أي إنسان غير مريض، والسبب في ذلك، يعود الى العلاج الحديث المتوافر مجانا في الدولة، مؤكدة أنه علاج فعال جدا، ويحافظ على المناعة، ويخفض نسبة الفيروسات في الدم الى نسبة قليلة، لافتة، في الوقت نفسه، إلى أن الكشف المبكر عن المرض، وتلقي العلاج في بداية الاصابة، يسهمان في السيطرة بشكل كبير على الفيروس، أما التأخر في تلقي العلاج، فيؤدي إلى انهيار جهاز المناعة، وبالتالي يصبح المريض فريسة للامراض الخطرة.

مرضى منذ 30 عاماً

في اتصال هاتفي من القاهرة، قالت المنسقة الإقليمية السابقة للإيدز فى الدول العربية، خديجة معلى لـ«الإمارات اليوم»: اتمنى ان ينسى المجتمع العربي الصورة المفزعة لمرض الايدز، ويتأكد انه «بات أقل خطورة من أمراض أخرى عديدة».

وتضيف معلى، التي غادرت منصبها في البرنامج الانمائي للامم المتحدة، قبل أسابيع قليلة، أن النظرة السلبية السائدة تجاه المتعايشين مع فيروس الايدز، هي التي صارت قاتلة لهم، لكن الفيروس أصبح عديم الخطر تقريباً، لو التزم المريض العلاج، ويكفي القول ان لدينا مرضى بالايدز يحملون الفيروس منذ أكثر من 30 عاما، أي منذ اكتشافه في العالم، ويتمتعون بصحة جيدة.

لكن للاسف، متابعة، تعاني بعض دول الخليج من اكتشاف المصابين في مراحل متأخرة، لذلك أرى ان كل وزارة صحة عليها إجراء «مسوحات الجيل الثاني للايدز»، وهي المسوحات التي تستهدف الفئات الاكثر عرضة للاصابة بالفيروس، مثل مدمني المخدرات، ومن يحتمل اعتيادهم على السلوكيات غير الاخلاقية، وبالتالي يتم الكشف المبكر عن المرضى، والسيطرة على إصابتهم.

وتعبر معلى عن حزنها الشديد،كون الفيروس يتناقص في مناطق العالم كافة، ويتزايد في المنطقة العربية، بسبب الجهل بالمرض، ومسبباته، وعدم إجراء الفحص الطوعي، والهروب من العلاج.

مرضى سريون

مركز عزل المرضى

تمنع قوانين الدولة بقاء أي مصاب أجنبي بمرض الايدز في الدولة، لذلك يتم حجز كل من تكتشف إصابته بالمرض، من غير الإماراتيين، في مراكز عزل، إلى حين تسفيرهم الى بلادهم. «الإمارات اليوم» زارت مركز العزل في منطقة المحيصنة في دبي، ورصدت مشاهد لمرضى بالإيدز من دول آسيوية وعربية، يتبادلون الاحاديث في قاعة مخصصة للقائهم، وبعضهم يتابع الفضائيات، عبر شاشة تلفاز مخصصة لهم. وأفادت مديرة اللياقة الطبية في دبي، ميساء البستاني، بأن المركز يستقبل المرضى الذين يتم اكتشاف إصابتهم، عقب الفحوص اللازمة للحصول على الإقامة أو تجديدها، ويبقون فيه حتى موعد السفر.

لكن بقدر ما اصبح المرض مسيطرا عليه، لايزال هناك خوف في الامارات من «المرضى المختبئين» أو «السريين» الذين تجهلهم المؤسسات الصحية، وهي الفئة التي أصيبت بالايدز، وترفض اللجوء إلى المستشفيات، خوفا من «وصمة العار».

وهؤلاء، وفقا لاطباء أمراض معدية، يشكلون خطراً على الامن الصحي للمجتمع، لانهم قد يتسببون في انتقال العدوى إلى مقربين منهم، وفي الوقت نفسه، يقتلون انفسهم بالموت البطيء.

وتكشف الدكتورة فريدة الحوسني، أن اطباء إدارة الامراض المعدية في أبوظبي، اكتشفوا وجود نسبة قليلة من المرضى يعلمون بإصابتهم، لكنهم يرفضون التوجه الى عيادات العلاج، خوفاً من نظرة المجتمع، وخشية ان يعرف القريبون منهم طبيعة مرضهم.

وأشارت الى «وجود مرضى آخرين، يجهلون إصابتهم بالمرض، أو يفضلون تلقي العلاج في الخارج، ولخطورة مثل هذه الحالات، فنحن نعمل على اطلاق حملات توعية بضرورة الانتظام في العلاج، لتوضيح أهمية الفحص الطوعي، لاكتشاف المرض مبكراً».

وتضيف «نتواصل مع هؤلاء المرضى، ونؤكد لهم أن العلاج يتم في سرية كاملة، ولن يتم الكشف مطلقاً عن هوية أي مريض بالإيدز».

أما الدكتور عبدالله الاستادي، فيرى أن هناك اعتقادات خاطئة هي السبب في وجود مرضى الإيدز المختبئين، إذ يعتقد البعض ان المريض سيحال إلى جهات قانونية، أو يسجن، أو يتم حجزه في الحجر الصحي، وهي أمور بعيدة عن الحقيقة. ويتابع: أن قلة الوعي بين المرضى، وخوفهم من نظرات العار، والاتهامات بالشذوذ والعلاقات غير المشروعة، هي السبب في عزوف بعضهم عن العلاج، ودفعهم للانعزال عن المجتمع، وهؤلاء «بلا شك يقتلون انفسهم، لأن عدم تلقي العلاج هو بداية النهاية للمريض».

وقال «في تقديري، انه لو تم اطلاق حملات فحص طوعية، مع التأكيد على أن النتائج ستكون سرية تماما، سنكتشف حالات تجهل اصاباتها بالمرض، لذلك لابد من اطلاق مثل هذه الحملات، واطلاق حملات توعية لإقناع المرضى «المختبئين» بالعلاج، ومن ثم الحفاظ على الامن الصحي للدولة.

لمشاهدة المخطط بشكل واضح يرجى الضغط على هذا الرابط

مانشيتات قد يهمك