امرأة تترك أطفالها الـ 5 بمفردهم مـع خادمتين 10 شهور
تدخلت شرطة دبي لإنقاذ خمسة أطفال تراوح أعمارهم بين عامين ونصف العام و10 سنوات، تركتهم أمهم (مواطنة)، التي تملك حق حضانتهم بعد طلاقها من الأب، في منزل بمفردهم نحو 10 أشهر مع خادمتين من دون رعاية منها.
وأبلغ مدير الإدارة العامة لحقوق الإنسان، العقيد الدكتور محمد المر، «الإمارات اليوم»، أن الأطفال الخمسة، وهم ثلاثة أولاد وطفلتين، يعيشون مأساة إنسانية بكل المقاييس، لافتاً إلى أن أمهم المعنية برعايتهم كانت تتردد على المنزل سراً وتطلب من الخادمة إبقاءهم داخل غرفة أثناء زياراتها السريعة للمنزل حتى لا يروها.
ونقلت إدارة حماية المرأة والطفل في الإدارة العامة لحقوق الإنسان، الأطفال إلى منزل الأب بشكل مؤقت، لحين إعادة النظر في أحقية الحضانة، وألزمته رعايتهم، ويتولى فريق مختص متابعة حالة الأطفال، خصوصاً في ظل عزوف أفراد الأسرة من الجانبين عن السكن معهم.
فيما بررت الأم تصرفها بأقوال متناقضة وغير منطقية، حسب مدير إدارة حماية المرأة والطفل، الرائد إسحاق محمد، الذي أشار إلى أنها ادعت معاناتها مشكلات مالية تعيق رعايتها الأطفال، من دون أن تقدم سبباً مقنعاً حول هجرهم بهذه الطريقة.
حماية الأطفال قال مدير الإدارة العامة لحقوق الإنسان، العقيد دكتور محمد المر، إن هناك خطراً اجتماعياً يهدد الأطفال الخمسة الذين تركتهم الأم من دون رعاية، في حالة نشأتهم بهذه الطريقة حتى لو لم يتعرضوا لمكروه جسماني، في ظل عدم العناية بهم، لأنهم محرومون كلياً من العاطفة، ما يؤثر سلباً في نفسياتهم وسلوكياتهم مستقبلاً، ويؤدي غالباً إلى جنوحهم إلى العنف، ومن ثم الانحراف. وأضاف أن القيادة العامة لشرطة دبي تتبنى منهجاً لحماية الأطفال والأحداث من هذه المخاطر، من خلال إدارة حماية المرأة والطفل، التي تتدخل لحل المشكلات قبل تصعيدها إلى القضاء، بغرض حمايتها من التفكك والحفاظ على مستقبل الأطفال. 40 حالة قال مدير إدارة حماية المرأة والطفل، الرائد إسحاق محمد، إن الإدارة بحثت 40 حالة لمشكلات أسرية تخص أطفالاً ونساء منذ بداية العام الجاري، تشمل حالات صعبة للغاية، مثل واقعة الأطفال الخمسة الذين تركتهم أمهم، مشيراً إلى أن متخصصين من داخل الإدارة يبحثون هذه الحالات ويسعون إلى حلها. وأضاف أن قانون الطفل المزمع إصداره قريباً، سيحل كثيراً من الإشكالات، مطالباً بضرورة تشكيل لجنة وطنية لحماية الطفل، على غرار اللجنة الوطنية للاتجار في البشر، يشترك فيها جميع الدوائر المعنية، تهتم بحماية الأطفال ومراعاة حقوقهم في حالة تعرضهم لأي انتهاكات. |
وتفصيلاً، قال مدير الإدارة العامة لحقوق الإنسان، العقيد دكتور محمد المر، إن الواقعة بدأت حين ورد بلاغ إلى إدارة حماية المرأة والطفل من امرأة مواطنة تقيم في دبي، تفيد بأنها ترتبط بعلاقة صداقة مع أم الأطفال، وانقطع الاتصال بينهما فترة طويلة من الوقت، فقررت زيارتها في منزلها للاطمئنان عليها.
وأضافت المبلغة أنها لم تجد الأم في المنزل، وكان الأطفال بمفردهم مع الخادمتين، وحين سألت عنها علمت أنها تتغيب فترة طويلة من الوقت، وتترك أطفالها من دون رعاية، فقررت إبلاغ الشرطة تخوفاً من تعرض أحد الأطفال لمكروه، خصوصاً أن أعمارهم صغيرة للغاية، ولا يمكن لخادمتين تعويضهما عن دور الأم.
وأشار المر إلى أنه فور تلقي البلاغ تم تشكيل فريق عمل من الإدارة يضم عناصر نسائية وخبراء علم نفس واجتماع، انتقلوا إلى منزل الأسرة، لافتاً إلى أن «ثمة أملاً راودنا بأن تكون المعلومات غير صحيحة، أو أنها تحتمل قدراً كبيراً من المبالغة، نظراً لصعوبة تصديقها نظرياً، لكن فوجئ الفريق بصدق المعلومات، ووجدوا الأطفال بمفردهم، وتأكدوا من خلال التحقيق الدقيق مع الخادمتين من أن الأم تهجر أطفالها فعلياً».
وأوضح أن فريق العمل في الواقعة تحقق من أن الخادمتين تلعبان دور الوالدين للأطفال، فيما تزور الأم المنزل سراً على فترات متباعدة، وتطلب من الخادمة إبقاء الأطفال داخل غرفة أثناء زيارتها المنزل، حتى لا يروها أو تراهم.
وأضاف أن حالة الحرمان العاطفي وصلت إلى درجة تعلق الطفلة الصغيرة (عامان ونصف العام) بإحدى الشرطيات في فريق العمل، واعتبرتها أمها، وكلما زارت المنزل يطلب منهم الأطفال قضاء وقت أطول، بسبب شعورهم بالعزلة والفراغ العاطفي، إذ لا يزورهم أحد من الأسرة.
وحول دور الأب في الواقعة، قال مدير إدارة حماية المرأة والطفل، الرائد إسحاق محمد، لـ«الإمارات اليوم»، إن الأب كان يتكفل بمصاريف المنزل، ويتردد أحياناً لرؤية الأطفال، لكنه تزوج في مكان مختلف، ويقيم مع أسرته الجديدة.
وأشار إلى أن الظروف التي كان يعيش فيها الأطفال كانت غير إنسانية على الإطلاق، وتشكل خطراً كبيراً عليهم، لأنه مهما بلغ إخلاص الخادمتين فلن يمكنهما تعويض خمسة أطفال عن حنان الأب والأم، فضلاً عن أن ترك أطفال في هذه السن يجعلهم عرضة للإصابة بمكروه، سواء كان داخل المنزل أو على يد آخرين من ذوي النفوس الضعيفة.
وأوضح أن الأشقاء الخمسة، من بينهم ثلاثة ذكور تبلغ أعمارهم 10 وتسع وسبع سنوات، وطفلتان إحداهما ست سنوات والصغيرة عامان ونصف العام، لافتاً إلى أن الشقيقين الأكبرين هما اللذان يدرسان فقط في إحدى المدارس، فيما لم يلتحق الثلاثة الآخرون بالتعليم، على الرغم من أن اثنين منهما تجاوزا سن الالتحاق بالمدرسة.
وتابع إسحاق أن الإدارة استدعت الأب، الذي أفاد بأن الأم أصرت على حضانة الأطفال بعد طلاقهما، وتم توقيع الاتفاق أمام المحكمة بوثيقة شرعية، على أن يتكفل بمصاريف الأسرة، ومن ثم غادر إلى مكان مختلف للإقامة مع زوجته الثانية.
وحول تجاهله وضع الأطفال في ظل تركهم وحيدين في المنزل، قال الأب إنه لجأ إلى إقامة دعوى أمام المحكمة لإسقاط الحضانة عن الأم، بعد أن تأكد من تعرضهم لإهمال من الأم. وقال مدير إدارة حماية المرأة والطفل، «تواصلت شخصياً مع الأم، بعد أن لاحظت تجاهلها اتصالات فريق العمل في الواقعة، وإبداءها قدراً كبيراً من اللامبالاة وسألتها عن موقفها من الأطفال، وسبب تركهم في هذه الظروف الصعبة».
وأشار إلى أن الأم قدمت مبررات غير مقنعة، وأفادت بأنها تعاني ضائقة مالية، وعليها متطلبات كثيرة، وتتخوف من أن تلاحقها الشرطة بسبب المستحقات الواجبة عليها للبنوك، لكنها لم تقدم مبرراً كافياً لترك أبنائها بمفردهم مع خادمتين فقط.
وأضاف إسحاق أن «الأب تعهد في البداية بالمرور يومياً على الأطفال لحين صدور قرار من المحكمة بشأن إلغاء حضانة الأم، وتابعنا الأمر مع الخادمتين للتأكد من التزام الأب بذلك فعلياً، وحرصت الإدارة على إرسال فريق لزيارة المنزل بشكل دوري للاطمئنان على الأطفال». وأشار إلى أن هذا الحل لم يكن كافياً في الوقت الراهن، نظراً لتخوف أفراد الفريق من تعرض أحد الأطفال لمكروه، ما يضاعف من حجم الكارثة، موضحاً أن الإدارة العامة لحقوق الإنسان خاطبت المحكمة وطلبت منح الأب حضانة مؤقتة بصورة عاجلة لحين الفصل في دعوى إسقاط الحضانة.
وتابع أن المحكمة تحتاج عادة إلى مهلة للفصل في مثل هذه الحالات، لذا درست الإدارة الأمر وقررت تسليم الأطفال بشكل مؤقت إلى الأب للاهتمام بهم، بعد أخذ تعهد عليه برعايتهم وعدم تركهم بمفردهم، فضلاً عن التزامه بأي قرار تتخذه المحكمة أياً كان، سواء بتأكيد الحضانة للأم أو منحها له.
وأفاد إسحاق بأن فريق المتابعة في الإدارة لم يكتفِ بذلك، بل تابع مع الخادمتين، وتأكد أن الأطفال موجودون حالياً مع الأب، وتتم متابعة حالتهم، للتأكد من حصولهم على الرعاية الكافية، فيما أحالت الإدارة العامة لحقوق الإنسان الواقعة إلى نيابة الأسرة والأحداث لاتخاذ ما تراه مناسباً بحق الأم. وأكد أن الواقعة تدمي القلب، خصوصاً أن أفراد الأسرة يرفضون تحمل مسؤولية الأبناء في ظل عزوف الأم عنهم، مشيراً إلى أن البعض عرض زيارتهم، لكن من دون أن ينتقلوا للسكن معه. يذكر أن الإدارة العامة لحقوق الإنسان تعاملت أخيراً مع حالات انتهاك حقوق الأطفال من جانب ذويهم، منها حالة طفل معاق رفض والداه تسلمه من المستشفى لأشهر عدة، بحجة أنه كان سليماً حين ولد، واستطاعت شرطة دبي حل المشكلة وإقناعهما باستعادة ابنهما، وكذلك هزت جريمة قتل الطفلة (وديمة ثماني سنوات) بعد تعرضها للتعذيب على يد والدها وامرأة تقيم معه في شقته، وكذلك تعذيب شقيقتها (ميرة سبع سنوات)، التي تخضع حالياً للعلاج في مستشفى لطيفة.