الألعاب النارية.. لهو محفوف بالمخاطر والموت
الألعاب النارية خطر يستهوي الأطفال للهو بها على سبيل التسلية في الأعياد والمناسبات، على الرغم من أن هذه الألعاب تسببت في وقوع حوادث عدة أسفرت عن وقوع إصابات ووفيات، وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة لايزال تجار يتسابقون في الخفاء لترويج الألعاب النارية في الأحياء الشعبية، بعيداً عن أعين الشرطة والبلديات، مستغلين قرب حلول عيد الفطر المبارك، ورغبة الأطفال في التسلية بهذه الألعاب للتعبير عن فرحتهم، غير عابئين بخطورة تلك الألعاب على مستخدميها، في سبيل تحقيق المكاسب الطائلة من وراء هذه التجارة الخطرة.
فيما تحذر أجهزة الشرطة بشكل مستمر من ترويج هذه الألعاب حفاظاً على سلامة الأطفال والمجتمع من أخطارها، وتؤكد الجهات الطبية أن استخدام الأطفال الألعاب النارية ينتج عنه تلوث سمعي يؤثر في أذن الطفل الذي يلهو بها، لاسيما ما ينتج عنها من إصابات خطرة قد تخلف عاهات مستديمة أو أن يفقد الطفل حياته.
حذرت وزارة الداخلية من خطورة الألعاب النارية، موضحة أن عقوبة ترويجها تصل إلى الحبس ستة أشهر و10 آلاف درهم غرامة، منبهة إلى أهمية الدور الرقابي للأسر، إذ إن بعض الأطفال يعمدون في غفلة من الأهل الى شراء الألعاب النارية واللعب بها، ما يشكل تهديداً جدياً لسلامتهم، ومخالفة قانونية تستوجب العقاب الذي يطال ذويهم في حال ثبت إهمالهم أو علمهم بالأمر، وفق القانون.
ودعت الوزارة أفراد الجمهور إلى الإبلاغ عن باعة ومروّجي الألعاب النارية والمفرقعات، محذرة من تداولها، مؤكدة عدم التهاون في ملاحقة أية مخالفة بشأنها.
وأشارت الوزارة إلى أن القانون ينظم أسس بيعها وطرق استخدامها، في حين يتم بيع الألعاب النارية للأفراد بصورة غير قانونية، وبطرق تخزين خطرة، إضافة إلى أنها غير مضمونة العواقب بسبب رداءة تصنيعها، ما يشكل خطراً داهماً على البائعين والمستخدمين.
الحبس والغرامة عقوبة ترويج الألعاب النارية أكد الباحث القانوني، أيهم المغربي، أنه بموجب المرسوم الاتحادي بشأن الأسلحة والذخائر والمتفجرات والعتاد العسكري، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وغرامة لا تزيد على 10 آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام بدون ترخيص، بالاتجار في الألعاب النارية أو استيرادها أو تصديرها أو تصنيعها أو إدخالها أو الشروع في إدخالها إلى الدولة، ويعتبر ظرفاً مشدداً الإدخال أو التصنيع بقصد الاتجار. وأشار إلى أنه يعاقب کل من استورد أو صدّر أو باع أو اشترى أو حاز أو نقل أو خزن أو مارس أي تصرف من التصرفات الأخرى المرخص له بها في الألعاب النارية دون الحصول على التصريح اللازم، بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وغرامة لا تزيد على 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، لافتاً إلى أنه يعاقب بالحبس مدة شهر وغرامة لا تزيد على 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تسبب بإهماله في فقد شيء من الألعاب النارية المرخص له بها أو علم بفقدها ولم يبلغ سلطة الترخيص أو أقرب مقر للشرطة خلال أسبوع من تاريخ العلم بالفقد. • إصابة طفل مواطن بقطع وخلع في أصابعه نتيجة انفجار ألعاب نارية في يده. • 150 درهماً أسعار ألعاب نارية على شكل أعواد ثقاب، والصواريخ الصغيرة بـ60. • الألعاب النارية تسببت في إصابة شخص بتلف في أعصابه ووفاته. |
وأكد مدير عام الشرطة الجنائية الاتحادية في وزارة الداخلية، العميد حمد عجلان العميمي «حرص الوزارة على التصدي للسلوكيات السلبية»، داعياً الجمهور إلى «تجنب المخالفات القانونية في تعبيرهم عن فرحتهم أو الترحيب بالمناسبات المختلفة»، لافتاً إلى ضرورة أن تضطلع الأسر بدورها في المساهمة بتعريف الأبناء بمخاطر الألعاب النارية ومتابعة أبنائهم وردعهم عن استخدام هذه الألعاب.
ورصدت «الإمارات اليوم» أصحاب محال في الشارقة يبيعون أنواعاً مختلفة من الألعاب النارية بطريقة سرية، إذ يخفونها في مخازن سرية بعيداً عن التجمعات السكنية، وترويجها إلى أشخاص ذوي ثقة، إذ يعرض صاحب المحل صوراً للألعاب النارية على الزبون الموثوق به، وبعد أن يحدد الأخير النوعية التي يريدها، يكلف صاحب المحل شخصاً آخر بإحضار الكمية المطلوبة من المخزن، فيما يراقب شخص ثالث المكان خلال تسليم الكمية للزبون وتقاضي الثمن».
وقال المواطن حمد الكعبي (17 عاماً)، إنه «يتعامل مع محل يوفر له الكميات والأنواع التي يريدها من الألعاب النارية المختلفة»، مضيفاً «أحرص على التجمع مع أصدقائي في المساء واطلاق الألعاب النارية بغرض الترفيه والتنافس على حيازة المفرقعات الأقوى، على الرغم من علمنا بخطورتها».
وأشار إلى أنهم يشترونها بأسعار مرتفعة، إذ تصل قيمة ستة صواريخ صغيرة إلى 60 درهماً، في حين تصل قيمة أنواع أخرى على شكل أعواد إلى 150 درهماً للعلبة الواحدة.
وقال المواطن أبواليازية: إن «ابن أخي (15 عاماً) اشترى كميات كبيرة من الألعاب النارية، ورفض أن يخبرني باسم المحل، حتى لا أبلغ الشرطة عن المحل».
وذكرت المواطنة (أم سليمان) أن أشخاصاً آسيويين يجوبون الأحياء في المناسبات لبيع الألعاب النارية، لافتة إلى أنه في الأيام الأخيرة من شهر رمضان تنتشر هذه الألعاب في أيدي الكبار والصغار الذين يلهون بها دون وعي بخطورتها.
وأفاد مصدر في مستشفى بالشارقة بأن الألعاب النارية تسببت في وقوع العديد من الحوادث أدت إلى عاهات مستديمة لأطفال، بالإضافة إلى وقوع حوادث وفاة، آخرها وفاة شاب مواطن قبل أعوام قليلة، انفجرت في وجهه ألعاب نارية عندما كان يلهو بها، محدثة تلفاً كبيراً في أعصاب دماغه أدى إلى بقائه مشلولاً أشهراً عدة قبل أن يتوفى متأثراً بإصابته.
وكانت شرطة الشارقة رصدت أخيراً خمسة أشخاص يعرضون ألعاباً نارية للبيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتوصيلها إلى الراغبين مباشرة في مختلف مناطق الدولة، وأعد رجال المباحث الجنائية كمائن محكمة للإيقاع بهم ونجحت في القبض عليهم.
وأهاب مدير إدارة التحريات والمباحث الجنائية في شرطة الشارقة، العقيد إبراهيم مصبح العاجل، بالأفراد الإبلاغ عن أماكن بيع وترويج الألعاب النارية فوراً، والتعاون مع الشرطة للحد من مخاطرها والحوادث التي تنجم عنها، سواء داخل المنازل أو الأحياء السكنية، أو في الحدائق أو المتنزهات العامة والشواطئ.
ودعا الأسر إلى الحرص على سلامة أبنائهم وعدم السماح لهم باستخدام الألعاب النارية وتعريض أنفسهم للأذى بسبب هذه الألعاب التي باتت تتخذ أشكالاً وأحجاماً وطرق استخدام تجعلها أشد خطورة على حياة وسلامة مستخدميها، خصوصاً الصغار.
فيما قال رئيس قسم التحريات في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة رأس الخيمة، المقدم أحمد مبارك، لـ«الإمارات اليوم»، إن رجال التحريات تمكنوا من ضبط خمسة أشخاص بتهمة الاتجار في الألعاب النارية وتعريض حياة الآخرين للخطر، كما ضبطوا أكثر من 20 صندوقاً من هذه الألعاب بحوزة بعض الأشخاص المتهمين في مختلف مناطق الإمارة.
وأوضح أنه بعد ورود بلاغ إلى الشرطة من بعض الجمهور حول وجود مفرقعات في منطقتهم السكنية، انتقل رجال التحريات وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمصادرة المفرقعات التي تؤدي إلى إصابة مستخدميها بإصابات بليغة، لاحتوائها على مواد خطرة قد تنفجر قبل إشعالها، ما يؤدي إلى إصابة مستخدميها بإصابات خطرة تصل في بعض الأحيان إلى الإصابة بعاهة مستديمة.
ودعا مبارك الأسر إلى منع أطفالهم من شراء هذه الألعاب أو اللعب بها حفاظاً على سلامتهم وحياتهم، وضرورة إبلاغ الجهات الأمنية بأماكن بيعها وترويجها، إذ ينتشر ترويج هذه الألعاب في رمضان وفي مناسبات وطنية ودينية مختلفة، لافتاً إلى أن شرطة رأس الخيمة تقف بالمرصاد لكل من يحاول تعريض حياة الآخرين للخطر، من خلال بيعهم ألعاباً خطرة.
وكان قسم الطوارئ والحوادث في مستشفى صقر في رأس الخيمة، استقبل طفلاً مواطناً أصيب بقطع في إصبعه الوسطى بإحدى يديه، وبخلع في إصبع الإبهام إثر انفجار مفرقعات من نوع «الشلق» بيديه أثناء إشعالها.
وقال مصدر طبي في المستشفى إنه تم إجراء الإسعافات الأولية للطفل ونقله إلى قسم العظام لإجراء الفحوص الطبية اللازمة وعلاج جروحه التي نتجت عن انفجار هذه الألعاب، لافتاً إلى أن الطفل كان معرضاً لإصابات خطرة حال انفجرت المفرقعات في وجهه، تؤدي إلى فقدانه البصر أو إصابته بجروح عميقة في الوجه أو إعاقة مستديمة في يديه.
وكانت شرطة رأس الخيمة ضبطت 50 طناً من الألعاب النارية والمفرقعات شديدة الانفجار العام الماضي، كانت مخبأة في منزلين برأس الخيمة وأم القيوين، في عملية أمنية ناجحة أطلق عليها عملية «سناب شات»، وتعد الأكبر من نوعها على مستوى الدولة، إذ نشر مراهقون مواطنون عبر برنامج «سناب شات» مقطع فيديو يظهر وجود كميات كبيرة من المفرقعات مخزنة في إحدى الفلل السكنية في رأس الخيمة، الأمر الذي أسهم في كشف تفاصيل ومكان المفرقعات ووصول رجال التحريات وضبط مروجي مقطع الفيديو والكميات الكبيرة من المفرقعات والألعاب النارية.
من جانبها، اعتبرت الطبيبة في منطقة الفجيرة الطبية، الدكتورة مريم الحمادي، الألعاب النارية أحد أسباب التلوث الكيميائي والفيزيائي، موضحةً أن كلا الأمرين يمثل خطورة، إذ إن الرائحة المنبعثة من احتراق هذه الألعاب تؤدي إلى العديد من الأضرار البدنية لمستخدميها، إضافة إلى الأضرار الكارثية التي قد تنتج عن انفجارها إذا كانت مخزنة بطريقة خاطئة.
وأضافت أن ظاهرة استخدام الألعاب النارية والمفرقعات من الظواهر السلبية المنتشرة في المجتمع، على الرغم من نشر تحذيرات كثيرة حول مخاطرها إلا أن البائعين مستمرون في ترويجها بشكل سري، خصوصاً مع اقتراب الاحتفالات بالأفراح والمناسبات العامة والأعياد.
وأوضحت أن «الشرر والحرارة الناجمة عن استخدام المفرقعات يشكل خطراً على جسم الانسان، خصوصاً منطقة العين الحساسة، بالإضافة إلى أن الرماد الناتج عن عملية الاحتراق يضر بالجلد والعين إذا ما تعرض له الطفل بشكل مباشر، إذ تصاب العين بحروق بالجفن والملتحمة وتمزق في الجفن أو دخول أجسام غريبة في العين أو انفصال في الشبكية، وقد يؤدي الأمر إلى فقدان كلي للعين، فضلاً عن التلوث الضوضائي الذي يؤثر في طبلة الأذن، ويسبب خللاً وظيفياً في عمل المخ قد يستمر لمدة شهر أو شهرين».