رومية: «الإتكيت» ضرورة وليس رفاهية
تعليم الأطفال حسن السلوك استثمار ناجح يدوم مدى الحياة.تصوير: دينيس مالاري حسن التصرف، اتيكيت الوافدين، اتيكيت رجال الأعمال، والفنون الجميلة، هي بعض الصفوف التي تعطيها مدرسة «فينيشنغ تاتش» في دبي، كونها مدرسة مختصة في تعليم «الإنسان القدرة على الاستمتاع بإنسانيته وطيبته».
بدأت نور خوري رومية مشوار الألف ميل بالخطوة الأولى، عندما واجهت ورفيقتها موفقاً مضحكاً وغريباً، خلال تلبيتهما عشاء خاصاً حول «الروابط بين الثقافة والغذاء»، وبدا منظر المدعويين مضحكاً وغريباً، لأن كل منهم كان يتصرف بطريقة مختلفة عن الآخر، وفقاً لعاداته وتقاليده الغذائية والثقافية. وتقول « قررت وصديقتي تأسيس مدرسة لتعليم أصول التصرف والاتيكيت»، معتبرةً الصورة المضحكة سبباً ودافعاً للانطلاق في مشروع يقدم فائدة للمجتمع، خصوصا أنه يلقن المرء كيفية التصرف بشكل صحيح ومقبول.
«الحاجة أم الاختراع» بهذه الكلمات وصفت رومية حاجة الناس لقواعد «الاتيكيت» وأصول التصرف، كونها تنظم العلاقات بين البشر، ليتمكنوا من التواصل بشكل إيجابي وناجح، وتقول « يؤمّن المرء بهذه الطريقة سعادته وراحته الشخصية، فضلاً عن تقبل الآخرين وتفهمهم».
بدأت الصديقتان بالتخطيط لإنشاء مدرسة «فينيشينغ تاتش» بالقيام ببحوث ودراسات، لتسافرا بعدها إلى الخارج بغية الاطلاع على أهم المدارس وأحدث المناهج، كما استقدمتا متخصصين في مختلف المجالات المتعلقة بالاتيكيت إلى دبي، ليعلموا مدربي المدرسة، وتشرح «تتميز مدرستنا بجمعها فروعاً عدة من أصول التصرف، عكس المدارس الغربية التي عادة ما تتخصص في فرع واحد، لتكون «فينيشنغ تاتش» متميزة من حيث النوع والكمية». الخطوات الأولى
وعن تجربة شخصية، توضح رومية أنها كانت تنزعج لعدم وقوف التلامذة احتراماً عند دخول المدربة إلى الصف، غير أن تعلم الأصول الصحيحة يغير الإنسان، ويجعله أكثر مرونةً ولطفاً، وتضيف «لمسنا تغيراً كبيراً في تصرفات الأطفال»، إذ صاروا يلقون التحية ويمدون أيديهم للسلام ويقدرون على فتح حديث لائق، أو إفساح المجال كي تمر أمامهم.
أما بالنسبة إلى فئة المراهقين الذين تراوح أعمارهم بين 13 و18، فتقول رومية إن المراهق لا يهتم كثيراً لمظهره ونظافته الشخصية، لذلك يعلمونهم كيفية الظهور بشكل مرتب ومقبول، والاهتمام بأنفسهم، ليكونوا «على الموضة» وواثقين بأنفسهم، وقادرين على الانخراط تدريجياً في المجتمع الكبير، وتصفها بالخطوة الاجتماعية الأولى.
وعن دور المدرسة في حياة الطفل والمراهق، تؤكد المديرة أن دور الأهل والمدرسة متكاملان، غير أن الطفل لا يحب تنفيذ الأوامر أو التعليمات التي تفرض عليه، خصوصا أنه ينفذها مجبراً، إلا أن تحويل أصول التصرف إلى علم أو صف يعلم في مدرسة، يجعله مصراً على تحقيق النجاح، لأن طبيعة الإنسان تواقة إلى العلم والتميز، بغية تطوير المهارات والقدرات الشخصية.
وفي ما يخص الفئة الأخيرة، تضع «فينيشنغ تاتش» الشباب على الخطى الصحيحة قبيل دخولهم الجامعة، وتفسر رومية أنهم يعلمونهم كيفية تقديم موضوع أمام رفاقهم في الصف، أو إجراء مقابلة دخول إلى الجامعة،وكتابة السيرة الذاتية، والاتصال بغية أخذ موعد، ليتركوا الانطباع الجيد، خصوصا أنها خطوة مهمة لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم المهنية والعملية.
وفي سياق مشابه، توضح رومية أن هذه الصفوف يكمل بعضها بعضا، فالطفل ينتقل من فئة إلى أخرى عند بلوغه السن المناسبة « لأن الحفر يؤدي إلى نتيجة فعالة»، ما يجعل أهله فخورين به، لأن العادات الحسنة أمست متملكة فيه منذ صغره وحتى بلوغه سن الشيخوخة، ليحفر صورة جميلة في أذهان الناس، وتقول « يشعر الأبوان بالفخر والسعادة حينما يتصرف طفلهما بطريقة جيدة»، فلا يوسخ ملابسه خلال تناول الطعام على المائدة، و يحسن التصرف أمام الضيوف والغرباء.
إتيكيت الوافدين
ولأنها تعدّ من المناطق المميزة كونها تضم أكبر تجمع للجنسيات المختلفة، ومدينة «الحلم»، يواجه الوافدون إلى دبي مشكلات جمة عندما يكتشفون أنها ليست كما يتخيلونها، وتوضح رومية أنهم يقومون بمساعدتهم لتقبل الآخرين والتعايش معهم، غير أنهم لا يشجعونهم على التصرف كالمواطنين والعيش مثلهم. وتضيف «نؤكد لهم أن دبي ما زالت حلماً جميلا»، كما أنها تجمع عائلة عالمية واحدة، ذات خلطة متنوعة ورائعة. أما عن تقبل الأجانب لطبيعة البلاد وأهلها، فتشرح رومية أن الوافدين عادة ما يأتون إلى الدولة بذهنية منفتحة، بخاصة أن دبي مدينة «مودرن»، ما يسهل المهمة، ويقلل من فترة «عدم الشعور بالراحة والانسجام». ومن المشكلات التي يواجهها الأجانب في دبي هي المواعيد حيث تفسر رومية أن عدم التزام العرب بالوقت يشكل مشكلة مزعجة وغير مقبولة، وتقول «نشرح لهم بأن التأخر عن الموعد لا يقصد بها الإهانة أو عدم الاحترام»، بل إن ظروفاً معينة أو طارئة تتسبب في تأخره، غير أنها تشير إلى أن جيل «المواطنين والعرب الجدد» بدأ يتأقلم مع العادات الأجنبية بسبب العولمة والاطلاع على ثقافة الغرب وعاداتهم.
ورغم وجود «اتيكيت عالمي» منتشر لحسن التصرف، تقول «تفرض المنطقة الجغرافية قواعد معينة، قد تتغير من مكان إلى آخر، وتشرح أن عادات السلام عند اللقاء تخضع للتعديل في المنطقة الإسلامية والخليجية»، وتضيف «إن درس «الاتيكيت» الاجتماعي مهم في مدرستها، خصوصا أنها اختبرت أهميته على الصعيد الشخصي قبل ثمانية أعوام حينما ذهبت إلى إيران، في زيارة عمل». وتوضح «تعلمت منذ صغري أنه يفترض على المرأة مد يدها إلى الرجل عندما يلتقيان، غير أني أصبت بالخجل، في حين ارتبك الرجل الإيراني الواقف أمامي، حين مددت يدي، لأن العادات والتقاليد الإيرانية تمنع السلام بين الرجل والمرأة، لذلك قامت بعدد من البحوث والدراسات عن «قواعد السلام»، لتتيقن أن العادات والتقاليد المحلية والإقليمية، تلعب دوراً في أصول التصرف. وفي السياق ذاته، توضح رومية أن «فينيشنغ تاتش» تتميز بكونها المدرسة الوحيدة التي تعلم اتيكيت الوافدين للجنسيات المختلفة في دبي، في حين أن المدارس المتخصصة في فرنسا وبريطانيا تعلم الوافدين «اتيكيت» محدودا ومقيدا، إذ إنها تخصص صفا منفصلا لليابانيين وآخر للصينيين، وهكذا دواليك، في حين أن المدرسة الواقعة في «قرية المعرفة» تجمع بين الوافدين، وتجعلهم عائلة واحدة كبيرة.
عالم المال وفي ظل طفرة العلم وارتفاع عدد حاملي الشهادات الجامعية، تعلم «فينيشنغ تاتش» طالب الوظيفة القدرة على التميز، وإبراز شخصيته موظفا مستقبليا ناجحا ومميزا، لينال الوظيفة المرغوبة، وتقول «ينال الإنسان فرصته عندما تكون علامة حسن التصرف والشخصية القوية مرتفعة»، على زميله الذي يتمتع بالمواصفات العلمية نفسها، بخاصة أن تميزه سينعكس بشكل إيجابي على أرباح الشركة وأرقامها المرتفعة. وتشير رومية إلى أن رؤوساء كبارا في شركات مهمة يتعلمون في صفوف مدرستها، لأنهم يدركون أهمية تعلم الأصول في عالم المال. وتشدد على أنها متشابهة في كل البلدان والأماكن، ولا تخضع للتغيير مثل «اتيكيت الوافدين» أو «اتيكيت السلوك وحسن التصرف».
صفوف جديدة وعن قدرة «الاتيكيت» وأصول حسن التصرف على تحسين حياة المرء، تؤكد رومية أن المرء يستطيع التصرف بلياقة، من دون تعلم قواعدها في مدارس متخصصة، غير أن العلم والمعرفة يمنحانه القدرة على التميز و«الإشعاع وسط زحمة الناس». وتقول «تستطيع المرأة ترتيب مائدتها وتزيننها بطريقة عفوية، غير أن اتباع الأصول الصحيحة يمكنها من التميز والبروز بشكل كبير أمام عائلتها وضيوفها»، إذ تجعلهم يشعرون بأنهم مميزون ويستحقون الجهد والعناء، ما يعزز العلاقات الإنسانية ويقويها، مشيرةً إلى أن التميز يكسر الروتين والملل المتراكم جراء الأعمال أو النشاطات اليومية المتشابهة. وتشدد مديرة المدرسة على أن ارتياد المدارس التي تعلم أصول حسن التصرف، لم تعد محصورة بالأغنياء أو المقتدرين مادياً، كما كانت معروفة في الماضي، بل صارت أسعارها في متناول الجميع، لأن الموضوع صار ضرورة ولم يعد رفاهية.
شرطي سير وتضيف «أثبتت الدراسات والأبحاث الجديدة التي أجريتها قناعاتي الشخصية حول أهمية هذه القواعد والأصول»، ما جعلها أكثر تصميماً لفتح المدرسة في البداية، وتوسيعها لاحقاً، لتلبي أكبر عدد من الصفوف.
من ناحية أخرى، لا تتدخل رومية أو تعطي رأيها عندما تشاهد أو تلاحظ تصرفاً خاطئاً، وتقول «لست شرطية سير، أصفر عندما أشاهد تصرفاً خطأً، لأن عملها لا يعني جرح الناس أو التقليل من احترامهم أو كرامتهم. وتقول « لا أتدخل، إلا إذا طلب مني»، فضلاً عن أنها تعذر الناس الذين يرتكبون الأخطاء، ماداموا لا يعرفون التصرف الصحيح من الخطأ، خصوصا أن الإنسان يحب التطور إلى الأمام، وليس العكس، في مواجهة الرأسمالية المتوحشة التي اجتاحت العالم. نور خوري رومية
سؤال وجواب وكغيرها من وسائل الاتصال، تخضع هذه الرسائل لقواعد أسوة بأي طريقة مراسلة أخرى، على الرغم من أنها ليس وسيلة رسمية.
وتوضح رومية أن الرسالة الالكترونية ليست ورقة رسمية أو اتصالا هاتفيا، لكنها تستحق الجواب والرد، سلباً أو إيجاباً، كونها تهون على المرء الرد، بخاصة إذا كان سلبياً، ويتوجب إرسال الرد بعد 48 ساعة فقط، والاعتذار عن عدم التأخر في حال لم يتمكن المرسل إليه الإجابة لأسباب خارجة عن إرادته. وتصف رومية الامتناع عن الرد بـ «قلة الأدب والاحترام»، ما يظهر استهتاراً كبيراً، وعدم القدرة على المواجهة، ما يعكس ضعفاً في الشخصية. |