الزواج الثاني يدفع امرأة إلى طلب الطلاق.. والمحكمة ترفض
أيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن رجل ضد حكم استئناف قضى بتطليقه من زوجته بعد زواجه من أخرى، إذ وصفت المحكمة تقرير الحَكَمين، الذي استند إليه حكم الاستئناف، بالخاطئ والمخالف لأحكام الشريعة الإسلامية والقانون، والذي قرر التفريق بينهما دون سند مع عدم ثبوت الضرر.
وأكدت المحكمة أن إقرار طلاق المدعية على سند زواج المدعى عليه، مع إقرارها أمام الحَكَمين بأن زوجها يعاملها معاملة حسنة وطيبة، فإن حكم الاستئناف يكون أخطأ في فهم الواقع، وخالف أحكام الشريعة الإسلامية، ما يوجب نقضه بشأن التطليق وتوابعه مع التصدي.
وفي التفاصيل، أقامت امرأة دعوى ضد زوجها، مطالبة بتطليقها منه للضرر لزواجه من أخرى، مع حضانة أولادها الأربعة، وإلزامه بمؤخر المهر والنفقات وتوابعها لها وللأولاد وتهيئة سكن حضانة وكلفة خادمة.
وقالت المدعية إنها زوجة المدعى عليه، وقد ألحق بها ضرراً بزواجه من أخرى. وتقدم زوجها بدعوى مقابلة لإسقاط حضانة الزوجة وضمّ حضانة الأطفال إليه.
من جانبها، عرضت المحكمة الصلح على الزوجين، فوافق الزوج ورفضت الزوجة، وتعذر على المحكمة إقناعها بالصلح، ثم ندبت حَكَمين أودعا تقريراً قررا فيه أن الصلح تعذر بسبب الخطأ المشترك وإصرار الزوجة على الطلاق.
وقضت المحكمة الابتدائية بالتفريق بين الزوجين وحضانة الأولاد الأربعة، وإلزام المدعى عليه، بمؤخر المهر والنفقات وتوابعها لها وللأولاد، وبتهيئة سكن حضانة للمدعية الحاضنة ودفع كلفة الخادمة.
وقضت محكمة الاستئناف بتعديل مقدار النفقات بين الطرفين، مع مضي الحكم بالتطليق وتوابعه، ولم يرتضِ المدعى عليه بالحكم وطعن عليه، على سند أن الحكم خالف أحكام الشريعة والقانون، ومخالفة الثابت بالأوراق حين قضى بالأخذ بتقرير الحَكَمين، الذي قرر بالتفريق دون سبب شرعي، ودون ثبوت الضرر سوى زواجه الشرعي من امرأة ثانية.
وأيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن الزوج، موضحة أن من المقرر في قضاء المحكمة الاتحادية العليا، وعملاً بنص المادة 117 وما بعدها من قانون الأحوال الشخصية، أن لكل من الزوجين طلب التطليق للضرر الذي يتعذر معه دوام العشرة بالمعروف، وتتولى لجنة توجيه أسري الإصلاح بين الزوجين، فإن عجزت عنه عرض القاضي الصلح عليهما، فإن تعذر وثبت الضرر حكم بالتطليق، وإذا لم يثبت الضرر ترفض الدعوى، وإن استمر الشقاق بين الزوجين وتعذر على لجنة التوجيه الأسري الإصلاح بينهما، عيّن القاضي حَكَمين من أهليهما إن أمكن.
وعلى الحكمين تقصّي أسباب الشقاق وبذل الجهد للإصلاح بينهما، ولا يؤثر في سير عمل الحكمين امتناع أحد الزوجين عن حضور جلسة التحكيم، متى تم إعلانه بالجلسة المحددة، إن حصل انقطاع بينهما.
وتابعت المحكمة أنه إذا عجز الحكمان عن الإصلاح، وكانت الإساءة من جانب الزوج، والزوجة هي طالبة التفريق، قرر الحكمان التفريق بطلقة بائنة دون مساس بشيء من حقوق الزوجية المترتبة على الزواج والطلاق، وإذا كانت الإساءة كلها من جانب الزوجة قررا التفريق نظير بدل مناسب يقدرانه تدفعه الزوجة، وإذا كانت الإساءة مشتركة قررا التفريق دون بدل أو ببدل يتناسب مع نسبة الإساءة، وإن جُهلت الحال فلم يُعرف المسيء منهما، فإن كان الزوج هو الطالب اقترح الحكمان رفض دعواه، وإن كانت الزوجة هي الطالبة أو كان كل منهما طالباً التفريق قرر الحكمان التفريق دون بدل، ويقدم الحكمان إلى القاضي قرارهما مسبّباً متضمناً مدى إساءة كل من الزوجين أو أحدهما إلى الآخر، ويحكم القاضي بمقتضى حُكم الحكمين إن اتفقا، فإن اختلفا عين القاضي غيرهما، أو ضم إليهما حكماً يرجح أحد الرأيين، وعلى القاضي تعديل حكم الحكمين في ما خالف أحكام القانون.
وأضافت أن القانون يصون كيان الأسرة ويحميها من الانحراف، وجعل الطلاق في المرحلة الأخيرة كحل صعب وقاسٍ، وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه إلى ذلك بقضائه بالتطليق، وبأخذه بتقرير الحكمين الخاطئ المخالف لأحكام الشريعة والقانون، الذي قرر التفريق دون سند مع عدم ثبوت الضرر أو دوام العشرة بالمعروف بينهما بمفهومه الشرعي، سوى ادعاء المدعية زواج المدعي عليه سبباً لطلب التطليق، مع إقرارها أمام الحكمين بأن زوجها يعاملها معاملة حسنة وطيبة، فإنه يكون أخطأ في فهم الواقع وتقدير الأدلة، مع ما شابه من القصور في التسبيب، وأسّس قضاءه على أسباب لا تكفى لحمله ما جره إلى مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية والقانون، ما يوجب نقضه بشأن التطليق وتوابعه مع التصدي.
«الاتحادية العليا»: حكم «الاستئناف» أخطأ في فهم الواقع وخالف أحكام الشريعة.