شركات تُخيّر عمالاً بين شهادات الخبرة ومستحقاتهم
أفاد عمال وموظفون سابقون وحاليون في شركات خاصة، بأن أصحاب عمل يستخدمون شهادة الخبرة «ورقة ضغط» عليهم، إذ تخيرهم بين الحصول عليها أو تسلم مستحقاتهم المالية عقب انتهاء خدماتهم، مؤكدين أن القانون منح الموظف الحق في الحصول على الشهادة بمجرد انتهاء خدمته، بالاستقالة أو إنهاء الخدمات، فيما ألزمت أحكام قضائية أصحاب عمل بتسليم الشهادات لعمال.
وأكّد مسؤول في وزارة العمل، فضل عدم نشر اسمه، أن عدم الإلمام بالقانون من جانب عمال يدفعهم إلى التنازل عن مستحقاتهم المالية أو شهادات الخبرة التي يكفلها لهم القانون، داعياً العمال الذين يواجهون مثل هذه المشكلات إلى «اللجوء إلى الجهات المعنية، سواء كانت وزارة العمل أو المحاكم للحصول على شهادات الخبرة ومستحقاتهم المالية كاملة وفق القانون».
المجالات التخصصية قال المستشار العمالي يوسف حمد، إن أصحاب عمل يستخدمون شهادات الخبرة ورقة ضغط على العامل، لمنعه من العثور على عمل في المجال نفسه، خصوصاً في المجالات التخصصية، مثل الطب والهندسة وأحيانا التعليم الخاص. وأكّد أن الشهادات الموثقة، منها شهادة الخبرة إحدى أدوات الباحثين عن عمل في القطاعين العام والخاص، وهو ما يدفع باحثين عن عمل يفتقدون الخبرات إلى محاولة شراء شهادات خبرة غير حقيقية أو تزويرها، وهو ما كشفته وقائع عدة. وأكد أن عدم الإلمام بالقانون يدفع عمالاً إلى التنازل عن حقوقهم المالية أو شهادات الخبرة التي يكفلها لهم القانون، لذا فإن أبواب الجهات المختصة مفتوحة أمام الجميع، للفصل في القضايا بين الطرفين. |
وتفصيلاً، قال سعيد عزت (عامل في شركة إنشاءات ومقاولات)، إنه بعد انتهاء خدمته في الشركة، استخدم المسؤولون فيها شهادة الخبرة «ورقة ضغط» للتنازل عن مستحقاته، إذ خيروه بين الحصول عليها أو التنازل عن حقوقه المالية، لذا أقام دعوى قضائية عمالية للحصول على مستحقاته، وهي رواتب متأخرة ومكافأة نهاية الخدمة وبدل الإجازة السنوية وتذكرة عودة لبلاده، إضافة إلى شهادة خبرة موضح بها تاريخ التحاقه بالعمل وانتهاء خدمته وطبيعة العمل الذي كان أسندته إليه الشركة طوال فترة عمله بها».
وتابع عزت أنه ذكر في دعواه أن «مسؤولي الشركة قبلوا دفع المبالغ المستحقة له، وخيروه بين تسلم مكافأة نهاية الخدمة أو شهادة الخبرة، وهو ما دفعه إلى اللجوء للمحكمة»، متابعاً أن «زملاء قدامى له في الشركة اضطروا للرضوخ لمطالب الشركة غير القانونية ليحصلوا على حقوقهم، لكنه أصر على مقاضاة الشركة وقضت المحكمة بإلزامها بتحرير شهادة الخبرة له، باعتبارها حقا أصيلا للعامل بصرف النظر عن طريقة انتهاء خدمته، ورفضت المحكمة ادعاء الشركة أن العامل سيئ السلوك، وأكّدت أن من حقه الحصول على شهادة الخبرة بحكم القانون الذي لم يشترط حسن السيرة والسلوك لمنح شهادة الخبرة».
وقضت محكمة النقض في أبوظبي، في قضية مماثلة برفض الطعن الذي قدمته شركة ضد حكم محكمة الموضوع الذي قضى بإلزام الشركة دفع قيمة رواتب عامل عن الفترة التي تلت تركه للعمل وحتى حصوله على شهادة الخبرة، قائلة إن الشركة لم تلتزم تنفيذ حكم المحكمة الذي قضى للعامل بالحصول على شهادة خبرة موضح بها تاريخ التحاقه بالعمل والمدة التي قضاها على رأس عمله والراتب الذي كان يحصل عليه لتساعده على الالتحاق بعمل آخر، ورفضت مبررات الشركة التي ادعت فيها أن تأخيرها في إصدار شهادة الخبرة كان سبـبه أن المـدة التي قضاها العامل على رأس عمله كانت محل نزاع بين الطرفين.
وذكرت موظفة في مكتب طباعة في منطقة مصفح الصناعية (فضلت عدم نشر اسمها)، أن صاحب العمل أنهى خدماتها فجأة ومن دون أسباب ووجه إليها خطاباً يشير إلى تقاعسها عن العمل وعدم التزامها بالمواعيد الرسمية للدوام، وذلك حتى يمنعها من الالتحاق بعمل آخر، لأنها لم تكمل عامين لديه.
وتابعت أنها طالبت بحقوقها المالية وشهادة خبرة تساعدها في العثور على عمل آخر، إلا أن صاحب العمل رفض بشدة، فقدمت شكوى لدى وزارة العمل وبعد استدعائه وافق على منحها حقوقها المالية وأصر على عدم منحها شهادة الخبرة، مدعيا أنها لا تستحقها لتقصيرها في العمل، فتمت إحالة القضية إلى المحكمة العمالية، وفي قسم التسويات والمصالحة وافق صاحب العمل على تحرير شهادة الخبرة وخطاب إنهاء خدمات جديد بعد أن أطلعه المستشار القانوني على موقفه غير الصحيح، وأن قضاء المحكمة سيكون في مصلحتها.
كما كشف الحكم القضائي الصادر في القضية العمالية رقم 48 لسنة 2010 دبي، إلزام صاحب مصنع بتحرير شهادة خبرة لموظف سابق بعد إنهاء خدماته، إذ رفض تسليمها له بداعي التقاعس عن أداء واجباته الوظيفية، ما دفع الموظف إلى إقامة دعوى قضائية أمام المحكمة، يطالب فيها بإلزام الشركة بدفع تعويض عن الفصل التعسفي، وبدل علاوة سنوية كانت مقررة له سلفاً، وكذلك شهادة خبرة من الشركة تساعده على الالتحاق بالعمل في شركة أخرى بتخصصه نفسه.
وقال الموظف في دعواه إن الشركة تستخدم شهادة الخبرة ورقة ضغط عليه للتنازل عن مستحقاته، وفيما رفضت المحكمة القضاء بإلزام الشركة بدفع تعويض عن الفصل التعسفي، باعتبار أن الفصل تم وفقاً للقانون واللائحة الداخلية للشركة، وبعد التأكّد من إخلال الموظف بواجباته، وكذلك رفضها الحكم لمصلحة الموظف في ما يخص العلاوة السنوية، إلا أنها ألزمت الشركة بتحرير شهادة خبرة للعامل.
وجاء في نص الحكم «إنه من الثابت من الأوراق ووفقا لما جرت عليه ظروف ومجريات الدعوى، وبإقرار الشركة المدعى عليها ذاتها بأن المدعي عمل لديها فترة حتى تم فصله، لذا يكون له الحق في الحصول على الشهادة التي تفيد بذلك، وبغض النظر عن النهاية التي آل إليها بفصله من العمل».
وطالب مسؤول في وزارة العمل العاملين في إمارات الدولة كافة بتثقيف أنفسهم بالقانون، للحصول على حقوقهم كاملة في حال تقديم الاستقالة أو إنهاء خدماتهم من جانب جهة العمل، مؤكداً أن القانون نظم العلاقة بين الطرفين ليحصل كل منهما على حقه، مضيفاً أن المحاكم تنظر في العديد من القضايا العمالية، وتعطي كل ذي حق حقه، وفق القانون الذي يحكم العلاقة بين الطرفين.