مانشيتات اخبار العالم

روح القانون

مصطلح يتردد على أسماعنا ونقرؤه كثيراً حين يتعلق الأمر بقضية ما، لكن لا يعلم البعض أنه مبدأ قانوني أصيل أسس له الفيلسوف الفرنسي مونتسيكو فى القرن 18 وتناوله في كتابه «روح القوانين»، معبراً عن قيمة إنسانية وجوهرية مهمة تطورت مع مرور الوقت وتناولها فقهاء القانون من منظورهم حتى صار معمولاً بهذا المبدأ في غالبية التشريعات الجنائية.

وتعريفاً بـ«روح القانون» هو السلطة التقديرية للقاضي الجنائي يستخدمها لتخفيف العقوبة، أو النزول بها إلى حدها الأدنى، أو إيقافها حسبما يقتضيه القانون، بالنظر إلى ظروف المتهم والظروف المحيطة بالجريمة، وما إذا كانت هناك أسباب مرضية أو دوافع خاصة أدت إلى حدوث الفعل الإجرامي.

فعلى سبيل المثال، تختلف العقوبة المقررة على شخص تجاوز السرعة بسيارته للحاق باجتماع وتسبب في حادث مروري، عن عقوبة شخص آخر ارتكب التصرف ذاته، أثناء قيامه بنقل ابنه أو زوجته أو شخص مريض من أقاربه إلى المستشفى، وتعذر عليه انتظار سيارة الإسعاف، على الرغم من أن التجاوز متماثل، إلا أن العقوبة قد تكون مختلفة حين يطبق القاضي «روح القانون».

وأخذ المشرع الإماراتي بهذا المبدأ، إذ رأى أن هناك ظروفاً تستدعي استعمال الرأفة بناء على ما تستخلصه المحكمة من ظروف تلحق بالقضية، وتخضع هذه الظروف للسلطة التقديرية للمحكمة.

ونص قانون العقوبات الاتحادي في المادة 98 منه على أنه إذا رأت المحكمة في جناية ما أن ظروف الجريمة أو المجرم تستدعي الرأفة جاز لها أن تخفف العقوبة المقررة على الوجه التالي، إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي الإعدام، جاز إنزالها إلى السجن المؤبد أو المؤقت. وإذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤبد جاز إنزالها إلى السجن المؤقت أو الحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر.

وإذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت جاز إنزالها الى الحبس الذي لا تقل مدته عن ثلاثة أشهر ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

وفي ما يخص الجنح نصت المادة (99) على أنه «إذا كانت العقوبة حداً أدنى خاصاً فلا تتقيد به المحكمة في تقدير العقوبة، وإذا كانت العقوبة الحبس والغرامة معاً حكمت المحكمة بإحدى العقوبتين فقط، وإذا كانت العقوبة الحبس غير المقيد بحد أدنى خاص جاز للمحكمة الحكم بالغرامة بدلاً منه».

كما نص القانون ذاته في المادة 101 منه على أنه إذا اجتمع العذر المخفف والظرف المخفف معاً جاز للمحكمة أن تحكم بالعفو القضائي للمتهم.

وما سبق يوضح لنا مدى حرص المشرع على الأخذ بالأعذار والظروف التي أحاطت بالمتهم على سبيل الرأفة به، ولكن دون الإخلال بتحقيق العدالة والحفاظ على الحقوق، وهذه هي روح القانون.

مستشار قانوني أول

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى