اخبار العالم
حق الشكوى مكفول للجميع!!
الشكوى حق مشروع لكل مواطن ومقيم، والعدالة القانونية في الإمارات فتحت باب التقاضي أمام الجميع، ولم تضع لذلك ضوابط، فمن حق أي شخص يشعر بأنه تعرّض للظلم التقدّم لرفع دعوى قضائية، ومن ثم تأخذ القضية مجراها، والجهات القانونية المختصة هي التي تقرر قبول الدعوى في حالة اكتمال عناصرها، أو رفضها في حالة وجود مسببات الرفض..
والقانون في الإمارات لم يستثنِ أحداً من الشكوى، كما لم يستثنِ أحداً من التقدم عليه بالشكوى، والكثير كانوا يعتقدون أن المسؤولين وخصوصاً الوزراء يتمتعون بحصانة دبلوماسية تجعلهم في منأى عن القضاء، ومما دعّم هذا الاعتقاد الخاطئ، عدم وجود سابقة للشكوى على وزراء، أو رفع دعوى قانونية عليهم من أشخاص عاديين، ولكن الشكوى التي رفعت الأسبوع الماضي على وزير في الحكومة الحالية بدعوى «خيانة الأمانة»، أثبتت وبشكل قاطع المساواة القانونية التي يتمتع بها جميع من يعيش على أرض الإمارات، والتي ربما تكون نادرة في هذا الجزء من العالم..
الجانب المشرق في هذه القضية الغريبة من نوعها، والتي لم يعتد مجتمع الإمارات عليها، يتمحور في ترسيخ مبادئ القانون والعدالة القانونية، فلا يوجد عملياً من هو فوق القانون، حتى الوزراء، مع الأخذ في الاعتبار أن الوزراء عادة ما يكون لهم وضع رفيع، عالي المستوى، يمنعهم من التورّط في قضايا ذات طبيعة مالية، خصوصاً وكما ذكرت في مقال الأمس أنهم يمثلون حكومة الإمارات، والحكومة الحالية هي فريق عمل محمد بن راشد، وجميعنا يعلم تمام العلم من هو محمد بن راشد !!
ومع احترامنا الشديد لجميع الوزراء الحاليين والسابقين، وتقديرنا لهم ولجهودهم، إلا أنهم أمام القانون سواسية مع بقية أفراد المجتمع، و«استدعاء أي منهم «غير مستبعد» في أي لحظة، لسماع أقوالهم في ما ينسب إليهم من اتهام» كما قال النائب العام في دبي عصام الحميدان، الذي أكد أيضاً أن «الشكوى على أي مسؤول متاحة في حدود القانون».. إنها فعلاً قمة المساواة والعدالة..
نثق تماماً في القضاء، ونزاهته، ولا أقصد أبداً من مقالي الأمس واليوم تثبيت التهمة على الوزير المدّعى عليه، أو الاستعجال في إطلاق الأحكام، فكل الاحتمالات مازالت مفتوحة إلى أن تأخذ القضية مجراها، والقضاء وحده هو الذي سيقرر إن كانت اتهامات السيدة التي تمثّل ورثة رجل الأعمال اللبناني حقيقية، أم أنها مجرد ادعاءات،وهو الوحيد الذي سيقرر إن كان الوزير قد «خان الأمانة» فعلاً أم لا، وإثارة الموضوع لا تهدف إلا لإثبات المقولة الشهيرة «لا أحد فوق القانون»، وتأكيد مبادئ العدالة والمساواة التي تقرها قوانين دولة الإمارات..
ومع ذلك لا أخفي الصدمة والدهشة التي شعر بها كثيرون من احتمالية تورّط شخص بحجم وزير في قضية من هذا النوع، خصوصاً أن تفاصيلها تنمّ عن أشياء غريبة، عموماً الأفضل أن ننتظر مع المنتظرين، فإن صدق وكانت من الكاذبين، فعليها تحمّل وزر الادّعاء الكاذب، وعلينا رفع «الراية البيضاء» للوزير، وإن صدقت وكان من الكاذبين، فالقانون يأخذ مجراه، ولا مكان في الحكومة لمن لا أمانة له!!
|