معايير التكافؤ بين الزوجين
تلعب الأسرة، وتحديداً الأب أو الأم، دوراً كبيراً في حسم زواج الابنة في مجتمعاتنا العربية، التي لاتزال تتقيد بتقاليد رصينة، تمنح الوالدين حق إبداء الرأي، وربما المنع إذا رأيا أن الشخص المتقدم لابنتهما غير كفء لها!
ونظراً لأهمية التكافؤ، تطرق إليه قانون الأحوال الشخصية بشكل تفصيلي، لإدراك المشرّع أن الأسرة هي اللبنة الأولى في بنيان المجتمع، وقيامها على أساس سليم يعزز قوتها.
ومن واقع القضايا التي تمر علينا في المحاكم، نجزم بأن توافر الكفاءة ضروري، وركن أصيل لنجاح الزواج، وإن كان يجب الإشارة إلى أن معايير التكافؤ تغيرت، بحسب ما طرأ على المجتمع من مستجدات وثقافات وانفتاح على الآخر، فما كان مرفوضاً بالأمس صار مقبولاً اليوم.
والتكافؤ وفق المفهوم التقليدي، مفاده تساوي الزوجين في الإمكانات المادية والاجتماعية، وهو – بحسب القانون – شرط لزوم بالنسبة للرجل، فيجب أن يكون كفؤاً للمرأة عند إجراء عقد الزواج، ولها ولوليها الحق في تحديد ذلك، بل وحق فسخ العقد إذا انعدمت الكفاءة بعد الزواج.
وتنص المادة 24 من قانون الأحوال الشخصية الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 على أنه «إذا ادعى الرجل الكفاءة أو اصطنع ما يوهم بها، وظهر بعد ذلك أنه غير كفء، كان لكل من الزوجة ووليها حق طلب الفسخ».
ويظل التكافؤ في السن من أهم الأركان الضرورية لزواج ناجح، ومن النادر أن تنجح زيجة بين شخصين متفاوتين إلى حد غير مقبول في العمر، لاختلاف نمط التفكير والاهتمامات، وتؤسس هذه الزيجات عادة على المصلحة المادية التي تنعدم مع مرور الوقت!
وبناءً على ذلك، تشدد القانون حيال هذا الشكل من الزواج، فتفيد المادة 21 من قانون الأحوال الشخصية بعدم إجراء الزواج بين من تتفاوت أعمارهم بمعدل الضعف أو أكثر، إلا بعد علم كلا الطرفين بهذه الحقيقة، وموافقتهما على ذلك، بل وبعد استئذان القاضي المكلف بتقدير الحالة، ويتيح له القانون عدم السماح بذلك إذا لم ير أن هناك مصلحة أو تكافؤاً ما.
وبالنظر إلى ما اجتمع عليه الفقهاء، نجد كما أشرنا أن التكافؤ شرط لزوم بالنسبة للراجل، فيما أنه لا ينظر إلى كفاءة المرأة عند إجراء عقد الزواج، إذ إن بإمكان الرجل أن يتزوج امرأة أقل منه في المكانة المادية أو الاجتماعية دون اعتبار التكافؤ.
لكن بالعودة إلى الواقع، نجد كما أشرنا أن معايير التكافؤ تغيرت، فثقافة الرجل وتعليمه ونجاحه في عمله وأخلاقه القويمة، صارت بالنسبة لأسر كثيرة أهم من معيار التكافؤ في الحسب والنسب.
ومن واقع ما يمر علينا من قضايا، يمكن الجزم بأن التكافؤ الثقافي هو الركن الأساسي للزواج الناجح، دون التمييز بين الرجل والمرأة، وبغض النظر عن التفاوت المادي أو الاجتماعي بينهما، خصوصاً لو تأسست العلاقة على الحب والمودة والاحترام.
مستشار قانوني أول