خادمات ينتهكن خصوصية بيوت المواطنين على مواقع التواصل الاجتمـــاعـــي
أكد مواطنون أن وسائل التكنولوجيا الحديثة انتهكت خصوصية منازلهم، وأعربت مواطنات عن استيائهن من ظهور صور منازلهن، وحُليِّهن، وملابسهن، على بعض مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت، موضحات أن الخادمات يتحينّ فرص خروج صاحبات المنازل، أو انشغالهن بارتباطات عائلية، ويلتقطن صوراً لهن، وفي الخلفية أثاث البيوت، وصور أهل البيت على الجدران، بشكل ينسف خصوصية المنزل.
فيما أفاد المحامي والمستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، بأنه حسب القانون الاتحادي رقم (2) لسنة 2006 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، فإن من ينشر معلومات شخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن العقوبة تكون بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
خادمة مع رجل مجهول قالت مديرة مكتب جلب الأيدي العاملة بإمارة الشارقة (إيفا) «وردتنا ثلاث شكاوى بخصوص خادمات قمن بسلوكيات غير مقبولة، تتعلق بتصوير منازل وغرف نوم وأطفال كفلائهن، ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي». وأشارت إلى أن إحدى الخادمات نشرت على حسابها في «فيس بوك» صورة لها مع رجل مجهول، وفي خلفية الصورة تظهر مركبة الكفيل مع لوحة أرقام المركبة، ما أثار غضب الكفيل حين علم بالأمر عن طريق إحدى شقيقاته، ودفعه إلى رفع دعوى ضد الخادمة والمكتب الذي جلبها، إلا أن المكتب أخلى طرفه من المسؤولية التي تقع على عاتق الكفيل، كونه من وفر للخادمة هاتفاً نقالاً، وبعد مفاوضات عدة انتهت القضية بتسوية ودية. وتابعت أن خادمة أخرى نشرت صوراً لها على حسابها في مواقع التواصل الاجتماعي في غرفة نوم أصحاب المنزل الذي تعمل فيه، وهي مرتدية ملابس ومجوهرات صاحبة المنزل، إذ كانت تتحين خلو المنزل من أفراد الأسرة، أثناء توجههم إلى أماكن عملهم، وترتدي الملابس، وتلتقط الصور لنفسها. تجاوز مدخل مصرح به أفاد المحامي والمستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، بأن كل فعل عمدي يتوصل فيه بغير وجه حق إلى موقع أو نظام معلوماتي، سواء بدخول الموقع أو النظام أو بتجاوز مدخل مصرح به، يعاقب عليه بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين. وأضاف الشريف أنه في حال ترتب على الفعل إلغاء أو حذف أو تدمير أو إفشاء أو إتلاف أو تغيير أو إعادة نشر بيانات أو معلومات فيعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، متابعاً «أما إذا كانت البيانات أو المعلومات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي شخصية، فإن العقوبة تكون بالحبس مدة لا تقل عن سنة، والغرامة التي لا تقل عن 10 آلاف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين». |
وقالت مكاتب توريد العمالة المساعدة لـ«الإمارات اليوم» إن منع المربية أو المعاونة المنزلية من استخدام هاتف محمول مزود بكاميرا، منصوص عليه بشكل واضح في العقد الموجود مع الكفيل، غير أن تساهل البعض مع الخادمة هو ما يفتح المجال لمثل هذه الانتهاكات.
في حين أكدت خادمات أنهن لا يتعمدن انتهاك خصوصية بيوت المواطنين، عازيات سبب نشر صورهن على مواقع التواصل الإجتماعي، إلى نقل تفاصيل بيئة عملهن، ومستوى المعيشة الذي يتمتعن به إلى ذويهن، ومن يتابعون حساباتهن.
وتفصيلاً، قالت ربة بيت في مدينة الشارقة، المواطنة (أم راشد)، إنها تلقت اتصالاً من إحدى شقيقاتها، تخبرها بوجود صور أطفالها منشورة على موقع «فيس بوك» على حساب باسم خادمتها الإندونيسية، وعلى الرغم من أنها اعتبرت أن هذا التصرف انتهاك لخصوصياتها، وإفشاء لأسرار المنزل، إلا أنها لم تواجه الخادمة، وآثرت الصمت، كونها تعجز عن إدارة شؤون منزلها وحدها، فضلاً عن حاجتها الماسة إلى الخادمة في الاهتمام بأطفالها أثناء تغيبها عن المنزل خلال ساعات عملها.
وأضافت أن السبب الرئيس الذي يجعل ربات البيوت يغضضن الطرف عن التجاوزات والسلوكيات غير المقبولة التي تمارسها بعض الخادمات في بيوتهن هو ارتفاع كلفة جلب الخادمات في المكاتب المختصة، والتي وصلت أخيراً إلى 15 ألف درهم.
وقالت المواطنة (أم عبدالله)، من إمارة الفجيرة، إنها حين أحضرت خادمتها للعمل في المنزل، تسلمت من مكتب استقطاب الخادمات جواز سفرها وهاتفها المحمول، مع تخييرها بمنح الخادمة الهاتف النقال من عدمه، مشيرة إلى أنها اضطرت إلى منحها إياه، بسبب إلحاحها المتواصل لاستخدام الهاتف من أجل الاتصال والاطمئنان على أطفالها في بلدها.
وتابعت (أم عبدالله)، أنه «لم يخطر على بالي أن تضعني الخادمة في موقف شديد الاحراج، إذ اكتشفت بالمصادفة أنها مرسلة ملابسي في طرد بريدي إلى بلدها، ما أثار استيائي، وجعلني أقرر إرجاعها إلى المكتب الذي جلبها لي، وقبل إرجاعها قمت بتفتيش هاتفها المحمول، وفوجئت بوجود صور غرف منزلي وأطفالي، وصوري العائلية مع زوجي وأفراد أسرتي، التقطتها من مجموعة الصور المعلقة على جدران المنزل».
وأفادت المواطنة هند علي، من مدينة خورفكان، بأنها واجهت أزمة عائلية عندما أبلغتها إحدى صديقاتها بوجود صور لغرف منزلها، بينها غرفة النوم الرئيسة، على موقع «إنستغرام»، مشيرة إلى أن الأمر كاد يتسبب في مشكلة عائلية كبيرة مع الزوج الذي انزعج بشدة من هذا التصرف، خصوصاً أنه يعمل في جهة حكومية مرموقة.
من جانبه، أكد صاحب مكتب الإمارات لتوريد الأيدي العاملة في الشارقة، رشيد البكري، أن معظم مكاتب توريد العمالة في الإمارة تمنع منعاً قاطعاً أن يكون لدى الخادمة جهاز هاتف محمول، وتكون هي على علم بهذا القرار قبل قدومها إلى الدولة عن طريق مكاتب بلدها، وفي حال رغب كفيلها في إعطائها هاتفاً محمولاً، فإن المسؤولية تقع عليه بالدرجة الأولى، مشيراً إلى عدم ورود شكاوى إلى المكتب بهذا الخصوص.
وقالت مديرة أحد مكاتب توريد الأيدي العاملة في الشارقة، (إيفا)، إنه «لا يوجد ضمن عقد المكتب والكفيل شرط توفير هاتف محمول للعمالة المساعدة، حتى لدى وصول بعض الخادمات إلى الدولة ومعها هاتف محمول، فإننا نقوم بمصادرته عنها تنفيذاً لشروط المكتب، وفي حال رغبت الخادمة في التواصل مع ذويها، يكون ذلك من خلال هاتف أحد كفلائها».
وأضافت «إيفا» أن بعض الكفلاء يوفرون هواتف محمولة للخادمات اللواتي يعملن لديهم من أجل التواصل معهن حال وجودهم خارج المنزل، وهذا أمر اختياري، وأي سلوكيات غير مرغوبة قد ترتكبها الخادمة بالهاتف المحمول يكون الكفيل هو المسؤول عنها، ولا تقع على عاتق المكتب أي مساءلة بهذا الشأن.
وتساءلت: لماذا يوفر بعض الكفلاء هواتف ذكية وحديثة لخادماتهم؟ فكان من الأفضل الاكتفاء بإعطائها هاتفاً محمولاً من دون كاميرا يفي بغرض التواصل مع ذويها، متابعة «في حال وردتنا شكوى بهذا الخصوص خلال فترة الضمان الخاص بالخادمة (ثلاثة أشهر)، فإننا نتولى إرجاعها إلى المكتب، وإعادة نصف المبلغ المدفوع إلى الكفيل، أو استبدالها بخادمة أخرى إذا رغب الكفيل في ذلك».
من جانبه، قال المحامي والمستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، إن المشرع قرر عقوبات لمن ينتهك خصوصية الأشخاص، سواء كان يعمل لديهم أو لدى خلافهم، ورأى ضرورة أن تغلظ العقوبة على من يعتبر أميناً على الشيء، مثل الخدم أو أي من العاملين لدى جهة معينة.
وأشار الشريف إلى انتشار ظاهرة دخول الخادمات إلى مواقع التواصل الاجتماعي، أخيراً، بشكل ملحوظ، وعمل حسابات خاصة، ونشر خصوصيات وأسرار أصحاب البيوت بشكل فيه تعد صارخ على الحرمات الخاصة بالبيوت، ما استوجب تدخل المشرّع لوضع قانون يجرِّم ويعاقب على مثل هذه الأفعال، لذا وضع القانون الاتحادي رقم (2) لسنة 2006 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
فيما أفادت إحدى الخادمات بأنها تعمل في منزل أسرة مواطنة منذ أكثر من تسع سنوات، ووفروا لها هاتفاً نقالاً منذ الشهر الأول لقدومها إلى منزلهم، بعد أن أخبرتهم بأنها تحتاجه من أجل التواصل مع أسرتها في بلدها، ومن ثم قامت بإنشاء حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، من أجل أن تتواصل مع أفراد أسرتها وصديقاتها في بلدها، بتكلفة مالية أقل من المكالمات الهاتفية.
وأضافت أن بعض الخادمات يلجأن إلى نشر صور خاصة بغرف في منازل مخدوميهن، وكذلك صور أطفال الأسر اللاتي يعملن لديها، من أجل نقل تفاصيل بيئة عملهن، ومستوى المعيشة الذي يتمتعن به، إلى قائمة من يقومون بمتابعة حساباتهن.