رسوم «الهوية» عقبة في طريق تسجيل العمال
أبدى عمال وموظفون استياءهم من قرار شركات ومؤسسات، بعدم تحمّل تكاليف رسوم استخراج بطاقة الهوية التي يتوجب على جميع المقيمين داخل الدولة من جميع الفئات والمهن والشرائح الاجتماعية، الحصول عليها قبل نهاية عام .2010 وقالوا إن العديد من المؤسسات أبلغت عمالها بعدم تحملها الرسوم المقررة، وأرسلت بعضها رسائل إلكترونية إلى عمالها وموظفيها تحثهم فيها على التسجيل. وشكا عاملون في قطاعات مختلفة من ارتفاع هذه الرسوم مقارنة بالرواتب التي يتقاضونها، مؤكدين أنها عائق أمام تسجيلهم في بطاقة الهوية.
وفي المقابل اعتبر مسؤولون في شركات مقاولات أن إلزام الشركات بهذه الرسوم يعد ظلما شديدا، خصوصا بالنسبة إلى المؤسسات ذات العمالة الكثيفة، مطالبين وزارة العمل بتحمل هذه المسؤولية، على اعتبار أنها تحصل على 2000 درهم رسوماً عن كل تصريح عمل.
رسالة إلكترونية
وتفصيلا قال سائق في مؤسسة إعلامية خاصة سراج أمين خان إنه تلقى رسالة إلكترونية من شركته تدعوه إلى التسجيل في السجل السكاني الموحّد واستخراج بطاقة هوية، وتتضمن الرسالة جميع البيانات المتعلقة بالتسجيل والأوراق المطلوبة والرسوم المقررة. وتشير الرسالة أن الشركة لن تتحمّل أية رسوم، وكل عامل يتحمل تكاليف بطاقة هويته، متابعا أنه جدد إقامته منذ نحو أسبوع ما يعني أن مدة الإقامة المتبقية له ثلاث سنوات، وبالتالي فعليه أن يدفع 350 درهما رسوم بطاقة الهوية، لافتاً إلى أن راتبه لا يتعدى 1000 درهم، ولا يتبقى له منه سوى 500 درهم يرسلها إلى أسرته، ولن يستطيع تحملها . وأكّد عامل رخام في شركة مقاولات هيغو جونشار، أنه لم يسمع حتى الآن بأية معلومات حول بطاقة الهوية، وما إذا كان يتوجب عليه الحصول عليها أم لا. وقال إنه في حال إلزامه باستخراج بطاقة الهوية، فإنه لن يستطيع تحمل رسومها إذا كانت بالفعل 100 درهم عن كل سنة باقية من الإقامة، وقال إن راتبه 900 درهم ما يعني أن عليه دفع أكثر من ربع راتبه قيمة الرسوم.
وأجمع عدد كبير من العمال على أن هذه الرسوم مرتفعة مقارنة بمراتباتهم، مطالبين الشركات والمؤسسات التي يعملون فيها بتحملها نيابة عنهم، معتبرين هذه الرسوم عقبة في طريق تسجيلهم في بطاقة الهوية.
تكاليف باهظة
واعتبر مدير العلاقات العامة لشركة «مايا» للمقاولات يوسف زياد أن إلزام الشركات بدفع رسوم بطاقة الهوية، يعد ظلما فادحا بالنسبة للشركات ذات العمالة الكثيفة، مثل شركات البناء والتشييد والمقاولات، والتي سيكون عليها تكبّد مبالغ طائلة. فالشركة التي تضم 5000 عامل ستتكبد عن كل عام إقامة نحو نصف مليون درهم، بالإضافة إلى تكاليف الطباعة 40 درهما عن كل معاملة أي 200 ألف درهم، و20 درهما تكلفة البريد أي نحو 100 ألف درهم. وقال إن نحو 90% من الشركات ستضطر إلى دفع هذه الرسوم، لكنها ستضطر أيضا إلى استقطاعها من رواتب العمال، وهو ما قد ينجم عنه مشكلات عمالية بين الشركات والعمال، لأن جميع العمال يرفضون تحمّل هذه الرسوم على اعتبار أنها مرتفعة.
وقال مدير تطوير الأعمال في شركة مقاولات توحيد محمد إن وزارة العمل عليها أن تتحمل مسؤوليتها في هذا الجانب، نظرا للتداعيات السلبية التي قد تنجم عن تطبيق القرار، موضحا أن الوزارة تحصل على 2000 درهم رسوم عن كل تصريح عمل تتم الموافقة عليه، وهي أعلى رسوم تحصلها جهة حكومية ليس داخل الإمارات فقط وإنما العالم أجمع، ومن ثم يجب على الوزارة تحمل رسوم بطاقة الهوية ضمن رسوم بطاقة العمل، على اعتبار أنها لاتمثل 5% من قيمة بطاقة العمل.
وأضاف أن الرسوم التي تقوم الشركات بدفعها إلى وزارة العمل، تشمل 240 درهما رسوم تقديم طلب استخراج تصريح العمل بالإضافة إلى 2140 درهما بعد الموافقة على التصريح، وضمان بنكي 3000 درهم ثم طباعة عقد عمل 40 درهما يتم تسلّمه خلال 45 يوما من تقديمه، عدا ما تتكبّده الشركات في رسوم التأمين الصحي 600 درهم سنويا عن كل عامل، وتكاليف جلب العامل نفسه التي تتعدى 7500 درهم.
حوافز العمل
وحول الحوافز التي أعلنتها وزارة العمل للشركات التي ستبادر بتسجيل عمالها في بطاقة الهوية، أشار توحيد إلى أن هذه الحوافز هي حق من حقوق الشركات الملتزمة بقرارات الوزارة وقوانين العمل، سواء بنسب التوطين أو تحويل رواتب العمال وتسديد الأجور في مواعيدها، فموافقتها على طلبات تصاريح العمل الجديدة هي حق للشركة، ما دامت الوزارة وافقت على التصريح لها بالعمل، وما دام لديها مشروعات وأنشطة تقوم بها. فيما اعتبر مدير عام شركة «نوكري» للتوظيف الدكتور عماد الدين عمر أن رسوم بطاقة الهوية البالغة 100 درهم عن كل سنة، تشكل للعامل ذي الدخل المنخفض عبئا كبيرا قد يؤثر في ميزانيته الشهرية، لكنها لا تعني شيئا للشركة. مضيفا أن الشركات الكثيفة العمالة، ليس لديها سبب منطقي لعدم الالتزام بدفع رسوم بطاقة الهوية عن عمالها، لأن الشركة التي تضم 5000 عامل، لابد أن تكون حجم استثماراتها بمئات الملايين، ومن ثم فإن مبلغ نصف مليون أو مليون درهم لا تعني لها شيئا، مقابل ما تحققه من ارباح. لافتا إلى أنها تدفع نحو ثلاثة ملايين درهم سنويا للضمان الصحي، وإذا رفعت شركات التأمين قيمة البوليصة، فإنها ستضطر إلى الدفع دون أن تعد ذلك ثقلا على كاهلها.
وطالب الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات «آفاق الخليج» ياسر حسن الرواشدة شركات القطاع الخاص بتحمّل هذه الرسوم طواعية نظرا للآثار الإيجابية التي ستترتب بعد الحصول على بطاقة الرقم الموحد، ورجح ألا تجد الشركات صعوبة في دفع رسوم عمالها وموظفيها، لأنها سوف تستقطعها من رواتبهم. مضيفا أن المشكلة الحقيقية ستكون في استقطاع هذه الرسوم من رواتب العمال التي تقل عن الألف درهم شهريا، خصوصا في قطاعات الإنشاءات والمباني المعروفة بانخفاض الأجور، مطالبا بإيجاد آلية واضحة لتطبيق القرار حتى لا يضار أي طرف من الأطراف.
تطبيق القرار
من جهته، قال مدير عام هيئة الإمارات للهوية درويش الزرعوني إن الهيئة جهة تنفيذية ليس من صلاحياتها أن تفرض على أية جهة دفع رسوم بطاقة الهوية نيابة عن موظفيها أو عمالها، موضحا أن هدف الهيئة هو تطبيق قرار مجلس الوزراء في هذا الشأن من أجل إنجاح مشروع السجل السكاني، وإصدار بطاقة الهوية المتعددة الاستخدامات ذات الرقم الموحّد، وأي تأخير في تنفيذ المشروع ينعكس سلباً على العديد من المشروعات الوطنية الحيوية في البلاد، والتي تعتمد أساساً على إنجاز هذا المشروع المهم. وأكّد الزرعوني أن الهيئة استعدت جيدا لتلقي الأعداد الكبيرة من طلبات التسجيل المتوقعة عند فتح المجال أمام كل فئة من فئات المجتمع، ووفرت جميع الإمكانات اللازمة لإتمام المشروع على أكمل وجه.
فيما أفادت مصادر في وزارة العمل بأن الوزارة لم تصدر حتى الآن قرارا يلزم الشركات بدفع رسوم بطاقة الهوية. وأضافت أن قانون العمل يلزم الشركات والمنشآت بتحمل كل الرسوم الحكومية المقررة عن جلب العامل واستخدامه، وبالتالي فإنها ستكون ملزمة باستخراج بطاقات الهوية لعمالها.
وأكّدت أنها لم تقرر حتى الآن فرض عقوبات على الشركات التي ستتقاعس عن تسجيل عمالها، لكنها أعلنت عن حوافز تشجيعية للشركات صاحبة المبادرة في التسجيل. وأوضحت أن وزارة العمل، حريصة على إنجاح هذا المشروع الاستراتيجي، ومن ثم ستكون من أولى الجهات التي تقوم بتفعيل رقم بطاقة الهوية، المتعددة الاستخدامات في جميع معاملاتها الداخلية، للوصول إلى قاعدة شاملة ومتكاملة، يمكن الرجوع إليها في أي وقت .