قواتنا المسلحة.. القدوة والنموذج في العمل الإنساني
جسدت قواتنا المسلحة منظومة القيم الإنسانية النبيلة لدولة الإمارات، التي وضع لبنتها الأولى المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إذ جعلت في صدارة أولوياتها المشاركة في قوات حفظ السلام في المناطق المضطربة، والإسهام في المهام الإغاثية الإنسانية، وتسخير خبراتها ومواردها من أجل تحقيق أهدافها على هذا الصعيد.
وقامت قواتنا المسلحة بمهام وواجبات إنسانية عديدة خارج حدود الوطن، ما بين إغاثة شعوب المناطق المنكوبة، ومدّ يد العون لها، إلى حفظ السلام والأمن في المجتمع الدولي، ما جعلها تمثل القدوة والنموذج في العمل الإنساني، وتبرز الوجه الحضاري والإنساني المشرق للدولة.
وتنضوي مشاركة القوات المسلحة في مهام خارجية متعددة على العديد من الدلالات والمعاني، لعل أبرزها الالتزام بثوابت العقيدة العسكرية، وأسسها القائمة على صون الحق واحترام القانون والشرعية الدولية، ومسؤوليتها في محيطيها الإقليمي والدولي، وأنها عامل رئيس في إرساء الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وقد اكتسبت القوات المسلحة الإماراتية خبرة كبيرة في مجال العمل الإنساني والإغاثي على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأصبح رجال القوات المسلحة الأبطال خير سفراء للإمارات، بما يجسدونه من حس إنساني رفيع في مساعدة ضحايا الأزمات والكوارث الإنسانية في العديد من دول العالم، حتى صارت قواتنا المسلحة عنواناً للنجدة وبث روح الأمل في نفوس المحتاجين والفقراء في بقاع العالم، مجسدة بذلك نهج إنساني نبيل في التضامن مع جميع الدول التي تواجه أزمات أو تحديات إنسانية.
مشاركات عدة
وفي عهد المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كانت للقوات المسلحة مشاركات عدة، لعل أولاها عام 1976 في لبنان ضمن قوات الردع العربية، وفي 1991 ضمن قوات درع الجزيرة لتحرير الكويت، وانضمامها مع قوات الأمم المتحدة في عملية إعادة الأمل للصومال في عام 1992.
وفي أول مبادرة لها في أوروبا، أقامت القوات المسلحة عام 1999 معسكراً لإيواء آلاف اللاجئين الكوسوفويين، الذين شردتهم الحروب في مخيم «كوكس» في البانيا، وقدمت كثيراً من المساعدات للمشرّدين والمحتاجين في إقليم كوسوفا.
وكان لها الدور الأهم في تطهير الجنوب اللبناني من الألغام في 2001. وسجلت مشاركتها في أفغانستان ضمن قوات «إيساف». ولعبت قواتنا المسلحة دوراً حيوياً في تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني، وقامت بدور موازٍ في خطط إعادة الإعمار والحفاظ على الأمن والاستقرار هناك. كما كانت سبّاقة في المشاركة بالدفاع عن الكويت وشعبها الشقيق، ضمن قوات درع الجزيرة عام 2003.
وفي عهد صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، واصلت القوات المسلحة دورها في إطار عمليات الإغاثة الكبرى بمدّ يد العون للشعب الباكستاني في زلزال 2005. ولعبت دوراً فاعلاً عام 2008 في إغاثة المنكوبين في اليمن، نتيجة الظروف الطبيعية العنيفة والكوارث والسيول التي ضربت المنطقة، وتسببت بأضرار جسيمة للسكان. وأقامت القوات المسلحة جسراً جوياً بين الأقاليم الباكستانية المتضررة، جراء الفيضانات التي اجتاحت مناطق متعددة في شمال غرب الجمهورية الباكستانية.
وخصصت القوات المسلحة عدداً من طائرات النقل الجوي والطائرات العمودية لإخلاء سكان المناطق المنكوبة والمحاصرين جراء الفيضانات، ونقلهم إلى مناطق الإيواء التي حددتها الحكومة الباكستانية، إضافة إلى نقل كميات كبيرة من المساعدات والمواد الغذائية ومستلزمات الإغاثة إلى عدد من الأقاليم المتأثرة، التي انقطعت عنها إمدادات الماء والغذاء.
كما كثفت القوات المسلحة جهود الإغاثة الإنسانية على الساحة الباكستانية في إقليم البنجاب، للحد من تفاقم معاناة منكوبي الفيضانات التي خلفت خسائر فادحة مودية بحياة آلاف ومدمرة العديد من الطرق والقرى.
وتعتبر القوات المسلحة لدولة الإمارات من أوائل الجهات التي تجاوبت مع كارثة فيضانات باكستان، وتحركت بالسرعة المطلوبة لمساندة المتضررين، والوقوف إلى جانبهم، ومساعدتهم على تجاوز ظروفهم.
وجسدت القوات المسلحة من خلال مشاركاتها الخارجية مبادئ الإمارات في مساندة الحق والعدل والوقوف بجانب الدول الشقيقة، كما في دورها في حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي، أو في مساهمتها في مواجهة محاولة إثارة الاضطراب والفوضى في البحرين في عام 2011، في تجسيد حي لمفهوم الأمن الجماعي داخل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أو من خلال مشاركاتها في عمليات حفظ السلام في مناطق مختلفة من العالم، وهي المشاركات التي حظيت بالتقدير والاحترام على الساحة الدولية، سواء للمستوى الاحترافي للقوات الإماراتية فيها، أو لما أظهرته هذه القوات من قيم أخلاقية أصيلة، قدمت من خلالها صورة مشرفة.
كما جسدت مشاركة القوات المسلحة الإماراتية في عمليات حفظ السلام الدولية أسس ومبادئ السياسة الخارجية التي تتبناها الدولة، ورؤيتها الشاملة للعمل الإنساني باعتباره ضرورة ملحة لمواجهة مختلف التحديات الإنسانية في مناطق الأزمات والصراعات.
وتمثل مهمة قوات حفظ السلام الإماراتية في ساحات العمل المختلفة رسالة خير للتواصل الإنساني بين الشعوب، وتكريس مفاهيم التسامح ونبذ العنف، وذلك من منطلق إدراكها أن مهمة الحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين مهمة إنسانية بالدرجة الأولى.
وقدمت القوات المسلحة القدوة والنموذج في العمل الإنساني، من خلال أعمال الإغاثة والمساعدات الطبية والإنسانية التي كانت أحد محاور عملها من أجل تخفيف المعاناة عن المدنيين، وإبراز وجه الإمارات الحضاري والإنساني.
ولعبت القوات المسلحة دوراً حيوياً في تحقيق أهداف سياسة الإمارات الخارجية، خصوصاً ذلك الهدف المتعلق بالمساهمة في حفظ الأمن والسلم والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي. كما أنها أصبحت تمثل طرفاً فاعلاً في مواجهة مصادر التهديد الرئيسة التي تواجه أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كالمشاركة في عملية «عاصفة الحزم»، والتحالف الدولي ضد «داعش»، تجسيداً لمواقف الإمارات الثابتة تجاه أشقائها في دول مجلس التعاون والعالمين العربي والإسلامي، وإعلاء قيم التضامن في مواجهة التحديات التي تواجه الأمن الخليجي والعربي، وقد كان لمشاركة القوات المسلحة في مهام خارجية خليجياً وعربياً ودولياً دور في تعزيز مكانة الإمارات عالمياً، وبات ينظر إليها على أنها طرف فاعل في تعزيز السلام والاستقرار الدوليين.