عراقيـل تواجـه تنميــة مزارع النــعام
أفاد أصحاب مزارع ومتخصصون في تربية وإكثار النعام داخل الدولة بأن «بعض الجهات تضع عراقيل، بيروقراطية، تقف عائقاً أمام تطوير قطاع تربية النعام، على الرغم من الأجواء المثالية التي تتوافر داخل الدولة لتربيته، بما يساعد على تحقيق الأمن الغذائي الحقيقي داخل الدولة».
وأوضحوا أنهم يواجهون مشكلتين أساسيتين أمام تربية النعام الذي يطلق عليه في بعض الدول «الجمل الطائر» نظراً لضخامته، وانتاج كميات كبيرة من اللحوم منه، الأولى تتمثل في عدم تخصيص المساحات اللازمة لتربيته، والثانية عدم القدرة على تصريف بعض منتجاته باستثناء اللحوم والجلود، حيث لا تتوافر الصناعات اللازمة التي يمكنها الاستفادة من هذه المنتجات.
وتفصيلا قال المواطن أحمد عبيد العبدولي، صاحب أكبر مزرعة نعام في منطقة الفجيرة إنه واجه صعوبات بالغة في إقناع مسؤولي البلدية بمساعدته وتخصيص قطعة أرض واسعة لتنمية مشروعه الوطني للمساعدة في حل أزمة ارتفاع أسعار الغذاء، مشيراً «تلقيت وعوداً متكررة بتلبية طلبي، لكن لم يتحقق منها شيء، على الرغم من عرضي تحمل المصاريف كافة التي قد يتطلبها مد المرافق الأساسية مثل الماء والكهرباء إلى مساحة الأرض التي ستخصص، أيا كان موقعها». وأضاف أن «لمست عدم تقدير لقيمة المشروع الذي أصبح في بعض البلدان مشروعا تنمويا من الدرجة الأولى، يدر أرباحا خيالية». وتابع أنه لا يريد أن يشكل عبئا على أحد ولا يريد دعما ماليا لكنه فقط يريد قطعة أرض واسعة حيث تعد المساحات الكبيرة من أهم شروط تربية النعام وإكثاره.
30 درهماً
وأردف العبدولي أن أهم ميزات هذا المشروع هو توفيره أجود أنواع اللحوم بأسعار تناسب محدودي الدخل داخل الدولة، حيث يباع كيلو اللحوم داخل المزرعة بأقل من 30 درهما، أي أقل من أنواع اللحوم الأخرى، على الرغم من أن نسبة الكوليسترول التي يحتويها هي 0.5% تقريبا. وزاد أن «الإمارات تملك أهم عوامل نجاح هذا المشروع، وهي المناخ الصحي المناسب والمساحات الواسعة والأعلاف الجيدة بأسعار رخيصة، لأن أغلب المزارع تعتمد على الأعلاف التي تنتجها مثل الفجل والجرجير والذرة وأنواع الخضراوات الأخرى»، وأوضح أن النعام الذي يتم تربيته داخل الإمارات من النوع الإفريقي وهو أكبر طائر على وجه الأرض حجما، ويتم استيراده من جنوب إفريقيا وقد ثبت أنه يحقق نتائج إكثار داخل الإمارات أكثر من موطنه الأصلي، حيث تصل نسبة تفريخ البيض في الإمارات إلى 90% في حين لا تتعدى 20% في جنوب إفريقيا وهو ما يؤكّد ما ذهبت إليه بعض الدراسات التي أكّدت أن موطن هذا الطائر الأصلي هو الجزيرة العربية وكان يسمى بالجمل الطائر». وأيده المواطن أحمد الشامسي صاحب مزرعة نعام الطوية في مدينة العين، ورأى أن «بعض الجهات ليس لديها الوعي بأهمية هذا النوع من المزارع ودوره في تحقيق الأمن الغذائي».
وقال إنه تقدم بمشروعات لتربية النعام ولم يجد استجابة حتى الآن ولديه العديد من المشروعات الأخرى الخاصة بتربية النعام والتي ينوي تنفيذها في المستقبل القريب، من بينها إنشاء أول ناد في العالم لركوب النعام، حيث تستطيع أي نعامة بالغة أن تحمل شخصاً وتعدو به بسرعة 40 كليومتراً في الساعة، لافتاً إلى التفكير في إقامة متحف يحتوي هياكل عظمية وأشكالا من قشور البيض وغيرها من المكونات يصبح مزارا لسائحي مدينة العين. وأكد أنه بدا هذا المشروع بالفعل ويتردد عليه الكثير من طلبة المدارس، وعرض الشامسي لـ«الإمارات اليوم» علما إمارتيا مشكلا من بيض النعام صنعه بمناسبة العيد الوطني.
مشروع وطني
وأوضح العبدولي أن «تربية النعام مشروع وطني 100% وإذا حرصت الدولة على رعايته فقد يكون أحد مصادر الدخل المهمة، خصوصا بعد تصديره إلى البلدان الأوربية»، مضيفا أن النعامة تنتج سنويا كحد أدنى نحو 20 فرخا ويعطي الفرخ سنويا نحو 40 كليوغراما من اللحوم إضافة إلى مكونات أخرى أكثر قيمة تتمثل في الجلود التي يصنع منها أجود أنواع المنتجات الجلدية.
وأشار إلى أن «بعض البلدان المجاورة انتبهت إلى هذه الصناعة وحققت نتائج كبيرة، ومنها السعودية التي تمتلك أكبر مزرعة للنعام في الشرق الأوسط بتكلفة نحو 60 مليون درهم، كما أنشأت واحدة من أكبر مدابغ الجلود إلى جوارها تعتمد فقط على منتجات المزرعة الجلدية».
وذكر مهندس زراعي بإحدى مزارع تربية النعام، فضل عدم ذكر اسمه، أن «العديد من أصحاب المزارع يضطرون إلى استهلاك بعض منتجات النعام أو التخلص منها دون جدوى، نظرا لعدم وجود البيئة السليمة التي تساعد على استثمارها بالشكل الأمثل، كما أنهم لا يمتلكون الخبرة الكافية أو الجهة التي تساعدهم على تصدير هذه المنتجات ومن بينها العيون والأمعاء والدماء والدهون وحتى المنقار والعظام، حيث تستخدم العظام في استخدامات العاج نفسها تقريبا ولا تختلف عنه وتستخدم المناقير في صناعة الأزرار الفاخرة والفراء النفيس، كما تدخل الدماء في صناعة بعض الأدوية».
أجود اللحوم
من جانبــه قــال أستاذ تربية الدواجن، الدكتور خالد محروس عبدالعليم إن «لحوم النعام من أجود أنواع اللحوم على الإطلاق، إضافة إلى مذاقها الفريد، فهي لينة الألياف وسريعة الهضم وتحتوي على أقل من 0.5% من الدهون والكوليسترول، ما يجعلها أكثر جدوى للرياضيين والراغبين في إنقاص الوزن».
وتابع أن «لحومها تحتوي أيضاً على أعلى نسبة من الحديد والبروتين والفيتامينات ولا تتسبب في أي أمراض أو أعراض جانبية لمن يتناولها، كما أثبتت الدراسات أنه الطائر الأكثر مقاومة لمرض أنفلونزا الطيور».
وأكّد أن «هناك طفرة في الإقبال على هذا النوع من اللحوم مع ثبات سعره مقارنة بأسعار اللحوم الأخرى»، ويرى أن هناك فكرة خاطئة لدى الجمهور بارتفاع أسعار هذا النوع من اللحوم سببها الفنادق والمطاعم الفاخرة التي تقدمه بأسعار خيالية ما ترك انطباعا بأن ذلك هو سعره المتداول، في حين تقدمه المزارع المنتشرة في العديد من الإمارات بسعر يتراوح بين 20 إلى 40 درهماً.
يشار إلى ان وزن النعامة يصل خلال الستة أشهر الأولى في حال اتباع نظام غذاي سليم إلى أكثر من 100 كيلوغرام، وقد يصل الوزن في مراحل عمرية تالية إلى 300 كيلوغرام، وتبيض سنويا من 50 إلى 70 بيضة يصل وزن الواحدة منها إلى كيلو ونصف الكيلو وهو غني بالعناصر والفيتانينات الغذائية، وتظل النعامة قادرة على البيض حتى عمر 40 عاما، كما تظل قادرة على إنتاج اللحم والريش، وتحتاج تربية النعام إلى مساحة مكشوفة، حيث يحتاج كل زوج لتربيته إلى نحو 250 مترا مربعا، مع أهمية توفير أماكن مظللة وغرفة لتحضين البيض وغرفة لتحضين الصغار بعد الفقس.
فوائد عدة
تنتج النعامة نحو ثلاثة كليوغرامات من الريش سنويا، وهو ريش ثقيل الوزن كبير الحجم يستخدم في التنجيد الفاخر والديكور وبعض الاكسسوارات، واهم استخدامته في مصانع السيارات الفارهة حيث يتم عن طريقه تنظيف الهياكل قبل دهانها الأخير، كما تستخدمه مصانع الآلات الدقيقة لتنظيف الآلات من الداخل قبل تقفيلها نظرا لقدرته على جذب الأتربة الدقيقة دون توليد شحنات كهربية، أما الدهن فيستخدم في صناعة أفضل مستحضرات التجميل العالمية وكريمات التدليك لتليين العضلات وعلاج الروماتيزم وإزالة البقع الجلدية والهالات السوداء حول العين وتفتيح البشرة وإزالة التجاعيد، كما يساعد على نمو الشعر ومنع تساقطه.
وتدخل دماء النعام في صناعة بعض العقاقير الطبية المهمة، في حين تدخل الأمعاء في صناعة أجود الألياف الصناعية، كما أثبتت الدراسات الحديثة أن قرنية عين النعامة تشبه قرنية عين الإنسان وهناك أبحاث متقدمة لاستبدالها وزراعتها في جسم الإنسان.