متهمون يرفضون حضور جلســـات المحاكمة
أعرب قضاة ومختصون عن قلقهم من تزايد معدلات رفض المتهمين الموقوفين على ذمم قضايا متنوعة، حضور جلسات المحاكمة التي تعقد لهم في المحكمة، مؤكدين أن «تخلف حضور متهم مطلوب للمحاكمة يعني تأخيراً في البت في القضايا، كون المحكمة لا تفصل في القضية غيابياً والمتهم محبوس أو مقيد الحرية».
وخلال يوم الخميس الماضي شكلت نسبة من رفضوا الحضور إلى جلسة «جنايات دبي» لمحاكمتهم 90٪ من إجمالي المتهمين الذين أدرجت ملفاتهم للنظر فيها في هذا اليوم.
ورأى قضاة أنه «يتعين على الشرطة إحضار المتهم من محبسه بالقوة الجبرية في حال رفضه، لأن القانون لا يجيز له الرفض».
الأمر الذي أكده رئيس المحكمة الجزائية في محاكم دبي، القاضي أحمد إبراهيم سيف بقوله «إذا كان المتهم محبوساً، فذلك يعني أنه مقيّد الحرية، ولا يحق له رفض حضور جلسات المحكمة، وإن القانون عندما نص على حضور المتهم جلسة محاكمته، فإنه كان يهدف من ذلك إتاحة الفرصة له للدفاع عن نفسه والرّد على الاتهام المسند إليه»، لافتاً إلى أنه «يتعين على النيابة العامة والشرطة في هذه الحالة تنفيذ قرار القاضي بإحضار المتهم، وإن لم يحضر يطلب القاضي إحضاره بالقوة الجبرية».
وبحسب سيف، فإن «المقصود بالقوة الجبرية، القوة التي يحتاجها منفذ الأمر لإجبار المتهم على حضور الجلسات، كما هو الحال عندما يلقي رجال الشرطة القبض على المطلوبين، إذ يقاوم أحدهم رجال الشرطة، وعليه يستخدم القوة اللازمة للسيطرة عليه فقط، دون أن يكون المقصود من ذلك الاعتداء عليه أو الانتقام منه لعدم امتثاله للأمر»، متابعاً أنه يمكن لرجال الشرطة أن يبلغوا المتهم بأنه مطلوب للمثول أمام هيئة المحكمة، وإذا رفض، يتم إبلاغه بأن هناك أمراً من المحكمة باستخدام القوة الجبرية، وفي حال رفضه يستخدم ما يلزم من قوة لإحضاره».
وأكد سيف أن «ظاهرة عدم إحضار المتهمين الموقوفين من محبسهم إلى جلسات المحاكمة، بدأت في الظهور منذ منتصف العام الماضي، وازدادت تدريجياً».
وتابع «إذ إن هناك بعض الموقوفين يرفضون الحضور إلى المحكمة، ولديهم اعتقاد خطأ بأن رفض حضور الجلسة في مصلحتهم»، مؤكداً أنه لم يبد أي من المتهمين سبباً لرفضه حضور جلسات المحاكمة، معتبراً أن «ذلك الأمر يؤدي إلى تأخر الفصل في القضايا، إذ إن المحكمة لا تستطيع أن تفصل في القضية غيابياً والمتهم محبوس أو مقيد الحرية».
ومن النيابة العامة في دبي، قال رئيس قسم قضايا الجزاء جاسم المعيني، إن «النيابة وتحديداً كاتب القاضي، أي أمين السر، يقدم رسالة إلى مركز الشرطة المختص، الموجود فيه المتهم المطلوب محبوساً، وذلك لإبلاغه بالحضور لجلسة المحاكمة، بعد الجلسة التي يقرر فيها القاضي ذلك، وهنا تنتهي مهمة النيابة العامة، وهي إبلاغ الشرطة بضرورة حضور المتهم المطلوب إلى الجلسة».
وتابع المعيني أنه «في حال عدم إحضار المتهم تستبعد القضية فوراً من «رول» الجلسة، ويتم تحديد موعد آخر لإحضاره، حتى يتم إحضاره»، مشيراً إلى أن «القاضي يطلب إحضار المتهم بالقوة الجبرية في حال تكرار إحضاره».
ورأى المعيني أن «ظاهرة عدم إحضار المتهمين ازدادت، خصوصاً بعد حادثة ضرب السجناء في السجن المركزي في العوير في أغسطس 2007»، معتبراً أن «الموقوفين باتوا يستقوون على أفراد الشرطة بعد تلك الواقعة»، لافتاً إلى أن «غالبية الموقوفين الذين يرفضون الحضور للمحاكمة هم متهمون في قضايا مخدرات».
وبحسب المعيني، فإن «هناك حلاً، لكن لم يؤخذ به حتى اللحظة، وهو أن يصدر القاضي حكماً غيابياً بحق المتهم الذي يرفض الحضور للمحاكمة، لإجباره على الحضور وتقديم اعتراضه على الحكم».
وتابع المعيني أن ما بدأنا عمله في النيابة هو «إخطار إدارة التحريات في شرطة دبي عند رفض متهم ما حضور الجلسة، لإعلامها بالأمر».
فيما ذكر مدير التحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي العقيد خليل المنصوري، أن «الإجراءات التي تتخذها الشرطة بعد وصول كتاب من نيابة دبي يفيد بطلب إحضار متهم ما كتبليغ بالحضور إلى جلسة محاكمته، فإن ضابط السجلات الجنائية ينفذه، ويخصص حراسة مع المتهم لتوصيله إلى المحكمة ومن ثم إعادته».
وأضاف أنه «في حال رفض المتهم الذهاب للمحكمة، فإنه يتم إبلاغ نيابة دبي بكتاب رسمي يفيد بذلك الرفض، وغالباً ما يطلب القاضي إحضار المتهم بالقوة الجبرية بعد رفضه الحضور»، لافتاً إلى أنه «لابد أن تنفذ الشرطة أمر القاضي»، لكنه أوضح أن «لا ضرب ولا اعتداء يزاوله أفراد الشرطة لجلب المتهمين لأن هناك نظاماً وعدالة ومراعاة لحقوق المتهمين».
وقال المنصوري إنه «تم إنشاء إدارة أطلق عليها «إدارة الحراسات»، مختصة بجلب ونقل الموقوفين من مراكز الشرطة إلى المحكمة والعكس، علاوة على تشكيل لجنة قائمة من الشرطة تجتمع مع المحكمة والنيابة العامة أسبوعياً لبحث تلك العراقيل».
18 رفضاً
بلغ رفض أحد المتهمين حضور جلسات محاكمته 18 جلسة، كانت أولها في يناير الماضي، ولايزال يرفض الحضور، وفقاً لقاضي جنايات دبي فهمي منير، الذي رأى «ضرورة تنفيذ الشرطة أمر القاضي في استخدام القوة الجبرية لإحضار متهم للمحاكمة»، شارحاً أن «القوة الجبرية تعني اقتياد المتهم بالقوة من محبسه إلى المحكمة، والاقتياد ليس بالضرب أو الاعتداء على المتهم، إنما تقييده وجلبه»، مدللاً على ذلك بقوله إنه «في قضايا المخدرات غالباً ما يستخدم رجال الشرطة ذلك الفعل أثناء إصدار إذن قبض من النيابة على متهم بالمخدرات، فيتم تقييده بالقوة عند القبض عليه نظراً لمقاومته». وأكد منير أنه «ليس من حق المتهم ألا يحضر إلى المحكمة عند طلب القاضي له، في أي قانون في العالم»، ورأى أن «ذلك التصرف من المتهم يسبب تأخيراً في الفصل في القضايا». |