800 طالب وطالبة درسوا خارج الدولة ضمن برنامج «أدنوك».تصوير: غريغ سكار
رفعت شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» دعاوى ضد 15 مواطناً من موظفيها الذين أنهوا برنامجها للبعثات الدراسية في الخارج، ثم استقالوا من مواقعهم الوظيفية قبل انقضاء المدد المتفق عليها، وطالبتهم برد جميع النفقات المالية التي دفعتها الشركة خلال مدد دراستهم، إذ يبلغ متوسط تكلفة الدراسة للشخص الواحد 650 ألف درهم، وطالبت الموظفين وأولياء أمورهم، بناء على ما نصت عليه العقود الموقّعة بين الطرفين بالتضامن معاً بدفع تلك المبالغ التي تقدر بنحو تسعة ملايين و750 ألف درهم.
وفي المقابل أكد موظفون مدّعى عليهم أنهم باتوا مهددين بالسجن لعدم قدرتهم على سداد تكلفة دراستهم، مؤكدين أن «ظروفاً قهرية دفعتهم لتقديم استقالتهم».
«عين الرحمة»
وقضت محكمة أبوظبي الابتدائية أخيراً في إحدى القضايا التي أقامتها «أدنوك» بإلزام أحد الموظفين المستقيلين وولي أمره بدفع 597 ألف درهم قيمة النفقات المالية التي تحمّلتها الشركة لدراسته الهندسة في جامعة أميركية، التمس بعض الموظفين من إدارة الشركة إعادة النظر في موقفها، والأخذ بعين الرحمة الأسباب التي دعتهم إلى الاستقالة، وعدم قدرتهم المالية في الوقت ذاته على تسديد هذه المبالغ الكبيرة، خصوصاً أن القضايا المرفوعة شاملة أولياء الأمور وهم كبار السن، على حد قولهم. ومن جهتها، أكدت الشركة لـ«الإمارات اليوم» أنه «يمكنها التنازل عن تلك القضايا في حال التزم الموظفون بالعمل لدى «أدنوك» أو مجموعة شركاتها، أو عليهم دفع المبالغ التي تحملتها الشركة لتغطية نفقات دراستهم، وفي حال موافقة الموظفين والعودة للعمل فإن الشركة ستحاول إيجاد أفضل الحلول بتوفير الوضع الوظيفي الأفضل لهم».
تشجيع المواطنين وأوضحت الشركة أن «برنامج «أدنوك» للبعثات تأسس لتقديم الدعم والتشجيع للمواطنين لمتابعة دراستهم والحصول على مؤهلات جامعية أو دراسات عليا من جامعات معترف بها محليا ودوليا، وتتكفّل الشركة خلال فترة الدراسة دفع مصاريف الطالب الدراسية كافة شاملة الأقساط الدراسية، والدروس الخصوصية، والمخصص الشهري، وتذاكر السفر السنوية، وبدل الملابس، والكتب، والكمبيوتر، والعلاج الطبي، ومكافآت على الأداء الأكاديمي الجيد، وغيرها من أجل إنجاز أفضل النتائج، وتوفير كوادر وطنية ذات كفاءة عالية»، مضيفة أنه «في إطار ذلك يتم توقيع عقد بين الطالب وولي أمره وشركة أدنوك يشمل مجموعة من البنود، من بينها البند الذي ينص على التزام الشركة بدفع كل المصروفات الدراسية للطالب، على أن يتعهد الطالب بالعودة للعمل لدى الشركة بعد تخرّجه فترة تعادل تلك التي قضاها في الدراسة، وحال مخالفته هذا البند يدفع المبالغ التي دفعتها الشركة لإكمال متطلبات دراسته كافة»
ظروف مرضية
وأكد موظفون عدم قدرتهم على سداد تلك المبالغ الكبيرة، وقال (ماجد.ع) أحد الموظفين الذين تقدموا باستقالاتهم والمدعى عليهم في القضية ذاتها «التحقت ببرنامج «أدنوك» للبعثات الدراسية من أجل دراسة الهندسة الميكانيكية في الولايات المتحدة الأميركية لمدة أربع سنوات، وأكملت دراستي بنجاح، وتم تعييني في إحدى الشركات التابعة لـ«أدنوك» في 28 من أغسطس 2004 في وظيفة مهندس تخطيط تحت التطوير، وطلبت وقتها من المسؤولين الانتقال للعمل بالقرب من إقامة أسرتي لظروف مرضية ألمت بوالدي، بما يمكنني من تقديم أوجه المساعدة لهما، إلا أن الشركة رفضت طلبي ولم تقدّر الظروف العائلية».
وأضاف «بدلا من نقلي بالقرب من أسرتي، طلبت الشركة مني التوجه للعمل في أحد الحقول، ما دعاني للتوجه إلى المسؤولين مرة أخرى محاولاً شرح موقف أسرتي، إلا أنهم رفضوا، وقبلوا استقالتي في 11 من يناير 2005 بعد مرور أربعة أشهر على التحاقي بالعمل»، متابعاً «التحقت بعدها بإحدى المؤسسات الحكومية للعمل مهندساً ميكانيكياً، واستطعت أن أتبوأ موقعاً وظيفياً مرموقاً، وبعد مرور ثلاث سنوات من تقديم استقالتي، فوجئنا، أنا وزملائي المستقيلون، بالدعاوى القضائية التي أقامتها «أدنوك» بحقنا وأولياء أمورنا على اعتبار أنهم كفلاؤنا في عقود البعثات الدراسية، ومن ثم أصبحنا مطالبين بدفع مبالغ طائلة لا قبل لنا بها».
شرط جزائي وأشار ماجد إلى أن «هناك طلبة كثيرين ضمن البعثة التي سافرت معي فشلوا في استكمال دراستهم، ولم تحرك الشركة بحقهم دعاوى قضائية، وهناك موظفون استقالوا في السابق لأسباب مماثلة لحالتنا ولم تطالبهم الشركة برد تكاليف الدراسة»، مضيفاً «كنا نجهل تبعات الاستقالة، لكن كنا على علم بأن الشركة وطنية، وتكفلها بدراستنا يعني تكفل الدولة بدراسة أبنائها، ومن ثم فإن عملنا في أي مؤسسة حكومية أخرى هو بمثابة خدمة للوطن الذي تكفل بدراستنا».
وأقرّ موظف آخر بأن «هناك شروطاً جزائية في العقد»، متسائلاً «لماذا قبلت الشركة استقالتنا في السابق ما دامت أن هناك تبعات مالية تترتب على هذه الاستقالة»، مناشداً المسؤولين «التدخل لحل هذه القضية، وحماية مستقبل أكثر من ثمانية موظفين مواطنين من أصحاب العلم والخبرة مهددين هم وآباؤهم بالسجن لعدم قدرتهم على سداد نفقات دراستهم».
شرح العواقب
وفي المقابل، شرحت الشركة في صحيفة دعواها القضائية أنه «تمت مقابلة الموظف والاستفسار عن السبب الفعلي للاستقالة وشرح عواقبها، خصوصاً أنه لم يكمل المدة المحددة بعقد البعثة الدراسية (بفارق أربع سنوات ونصف السنة) وعرض عليه تغيير موقع العمل إلى إحدى الشركات العاملة الأخرى كأحد الحلول، وتقديم أي مساعدة أخرى قد تمكنه من حل المشكلة، إلا أن الموظف أصر على الاستقالة مبرراً ذلك أن أبويه كبرا في السن، وعليه البقاء بالقرب منهما في مدينة العين»، مضيفة أن «المدة المقررة للعمل بخدمة الموظف 57 شهرا ولم يكمل منها سوى أربعة أشهر، وحيث إن عقد البعثة الدراسية بدأ 22 من أغسطس 1999 وأنهى الموظف دراسته في 30 من يونيو 2004 أي استغرقت مدة الدراسة 57 شهرا، وبلغت مصاريفها التي تكبدتها الشركة 597 ألف درهم».
وأضافت أن المادة 5 من العقد الموقع بين الطرفين تنص على أن (الموظف يتعهد بالعودة إلى أبوظبي خلال مدة تزيد على شهر واحد بعد تاريخ إتمامه بنجاح دراسته في الخارج، وأن يعمل لديها مدة تعادل المدة التي قضاها في البعثة، وفي المكان الذي تحدده الشركة، وبالراتب المقرر للوظيفة التي يعين فيها، وذلك وفقاً للأنظمة المعمول بها لديها)، موضحة أن المادة 7 من العقد تنص على أن (الموظف يعتبر مخلاً بالنصوص الواردة في هذا العقد في الحالات المدونة أدناه، ويلزم هو أو كفيله أو كلاهما معا إلى الشركة في كل من هذه الحالات بدفع جميع المبالغ التي أنفقتها الشركة عليه خلال مدة بعثته، وإذا خالف أحكام البند رقم 5 أعلاه، على أنه في حالة عدم إتمامه لمدة الخدمة المقرر، يسترجع منه ما أنفق عليه عن المدة المتبقية من الخدمة المقررة).
شروط العقد
ينص البند 10 من عقد البعثة الدراسية لشركة «أدنوك» أن للشركة إذا رأت ذلك ضروريا إعفاء الموظف وكفيله من جميع أو بعض التزاماته المنصوص عليها في هذا العقد. وحددت الحالات التي يعتبر فيها الطالب مخلا بالنصوص الواردة في هذا العقد بما يترتب عليه دفع جميع المبالغ التي أنفقتها الشركة عليه خلال مدة بعثته وهي:
—عدم إتمامه مدة الخدمة المقررة. —لم يكمل بنجاح البرنامج التحضيري في اللغة الإنجليزية خلال فترة أقصاها سنة واحدة. —لم يكمل بنجاح وبمعدل جيد على الأقل في كل سنة دراسية الحد الأدنى من عدد الساعات الدراسية الفصلية المعتمدة لدراسته. —رسب في أحد الامتحانات المقررة مرتين متتاليتين خلال فترة دراسته. —تزوج بأجنبية غير مسلمة. —سلك سلوكا شائنا أو أساء إلى سمعة وطنه. —ارتكب جريمة مخلة بالشرف والأمانة، أو إذا صدر أمر بإبعاده عن البلد الذي يدرس فيه لأسباب تعود لأعمال صادرة عنه. —انقطع عن دراسته مدة أسبوعين أو أكثر دون عذر مقبول أو دون علم أو موافقة الشركة.
|