عملية ولادة بالشفط تنتهي بخلل في ذاكرة المولود
يقول قارئ: “أنا متزوج من ثلاث سنوات، وزوجتي عانت عدم استقرار الحمل لديها للمرة الأولى، وكان الحمل الثاني منذ عامين، مستقراً، وكنا نتابع عند إحدى الطبيبات المعروفات، في عيادتها الخاصة، وطلبت منا الحجز في احد المستشفيات، حيث أعطتنا أسماء ثلاثة مستشفيات لنحجز في احدها، وبالفعل تم الحجز لدى أفضلها من وجهة نظري وبعد السؤال، وعندما جاءها المخاض، توجهنا إلى المستشفى وتم إخطار الطبيبة للحضور، للقيام بعملية الولادة”.
ويتابع : “تمت الولادة، ورزقنا بولد، ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله، تم إخبارنا أنه نظراً لضعف الأم فتمت ولادة الجنين عن طريق الشفط، ولكن أثناء عملية الشفط، فوجئت الطبيبة بحدوث نزيف يحصل داخل جمجمة المولود نتيجة شفط رأسه بشكل خاطئ، حيث تسبب ضغط الشفط بتمزق بعض الأوعية الدموية داخل جمجمة الجنين، وهذا النزيف سيؤدي بإصابة ولدي بخلل في مراكز الذاكرة، وخلل في الحركة”.
ويضيف بحسرة ” كانت الصدمة علينا قوية، أخذنا تقريراً من المستشفى، واستمرت المتابعة مع الطبيبة والأطباء المختصين في هذا المجال، طيلة السنتين الماضيتين، وبالفعل ظهرت على الولد علامات الخلل في الحركة، وهذا معناه ان حياته لن تكون طبيعية، هذا غير الخلل في مراكز الذاكرة عنده، وهذا الامر أثر علينا جميعاً بل وصل الأمر بأمه إلى حالة الانهيار، وتأثرها كلما تشرد بذهنها وتفكر في مستقبله بين أقرانه وحياته العملية إلى غير ذلك من الأمور”.
ويسأل القارئ هل يرضى بقضاء الله ولا يقيم دعوى ضد الطبيبة على ما فعلته؟، خصوصاً أنها أبلغتنا أنها أجرت الذي تفرضه عليها واجبات وظيفتها، والعملية تمت من الناحية المهنية بنجاح من دون خطأ منها، ولا عقوبة عليها، وأن ما حدث يعد من الحالات نادرة الحدوث عند إجراء الشفط، وهذا أمر الله، فسلموا أمركم لله؟ متسائلاً هل هذا صحيح من الناحية القانونية؟ مع العلم أني تكبدت مبالغ كبيرة نفقات للعلاج ومازلت، فضلاً عن سوء الحالة النفسية لي ولزوجتي على ولدنا.
من جانبه، يرد المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف على السائل، بقوله “نسأل الله أن يعافي ولدكم، وأن يأجركم في مصابكم، ولكن صراحة من واجبكم أن لا تتركوا هذه الطبيبة تنجو بفعلتها من دون عقاب، نعم هذا قضاء الله وقدره، ولا نعترض عليه، ولكن هناك من الأسباب ما سببت بذلك القضاء، فلقد كان ذلك المرض الذي أصاب ولدكم عافاه الله نتيجة لخطأ الطبيبة عند قيامها بعملية الشفط أثناء توليد زوجتك، وهذا يمكن إثباته بالرجوع إلى اللجان الطبية المختصة، نعم هناك من الأعراض الجانبية أو المضاعفات يمكن أن تحدث نتيجة إجراء عملية ما، ولكن ليس جميعها يكون طبيعياً، فمنها ما يكون لخطأ أجراه الطبيب، وهذا يفصل فيه أهل الاختصاص، فإن ثبت الخطأ وجب العقاب”.
أما من الناحية القانونية، يجب عليك تقديم شكوى لدى وزارة الصحة أو هيئة الصحة أمام لجان المسؤولية الطبية، وسيقومون بدورهم بالتحقيق في شكواك، فإذا تقررت مسؤولية وخطأ الطبيبة، فلك الحق في أن تقدم ضدها بلاغاً جزائياً لأنها خالفت أحكام المادة المرسوم بقانون بشأن المسؤولية الطبية، والتي تلزم الطبيب بقيامه بواجبات وظيفته وفقاً للأصول العلمية والفنية المتعارف عليها، وكذلك ما يستوجبه ذات القانون، بضرورة إخطار الطبيب ذوي المريض بالمضاعفات التي قد تنجم عن التشخيص أو العلاج الطبي أو التدخل الجراحي قبل القيام به، وحيث إن الطبيبة قد خالفت هاتين المادتين، وثبت في حقها الخطأ الجسيم، حسب عرضك للمشكلة، لقيامها بعملية شفط الجنين بطريقة خاطئة نجم عنه إصابته بالخلل في مركز الذاكرة والخلل الحركي، ما تتحقق في حقها العقوبة المقررة في القانون، وهي الحبس مدة لا تزيد على سنة والغرامة التي لا تجاوز 200 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
أما من الناحية المدنية: فلك أحد خيارين، إما أن تبدأ بالبلاغ الجزائي، وعند إحالة الطبيبة للمحاكمة تدعي مدنياً بالتعويض المؤقت، ومن ثم عقب صدور الحكم النهائي ضدها، تقوم بمباشرة الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض.
الخيار الثاني أن لا تقدم بلاغاً جزائياً، وتقيم دعوى مدنية مباشرة ضد الطبيبة لمطالبتها بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي سببتها لك ولزوجتك، فضلاً عن الأضرار الجسدية والمعنوية لولدك بصفتك الولي الطبيعي له، وستقضي لك المحكمة بالتعويض المناسب، وإن كانت أية مبالغ لن تجبر أحزانكم، ولكن من قبيل تضميد بعض الآلام”.