مطـالب بتشديد عقوبة إهمال ذوي ضحايا الدهس من الأطفال

طالب قانونيون ومختصون في السلامة المرورية بتشديد العقوبة على ذوي الأطفال الذين يتعرضون لحوادث دهس على الطرق، وتفعيل التشريعات التي تحمّل الأهل جزءا من المسؤولية عما تعرض له أطفالهم من إصابات ووفيات، نتيجة تقصيرهم في تأمين حياتهم. وأكدوا أهمية العمل على تعزيز الوعي المروري، لتوفير الوسائل الكفيلة بالحد من حوادث دهس الأطفال. ووفقا لدراسة حديثة، أعدتها مديرية المرور في أبوظبي، فإن أكثر من 40٪ من أسباب حوادث الدهس في عام ،2010 تعود إلى الإهمال وعدم الانتباه، و10٪ إلى عدم تقدير مستخدمي الطريق. وتشير إحصاءات مرورية إلى أن إجمالي عدد حوادث الدهس، في إمارة أبوظبي، بلغ 590 حادثًا العام الماضي، أسفرت عن وفاة ،101 وإصابة 489 شخصا.

وعلى الرغم من عدم وجود أرقام، فقد حذرت دراسة أعدها مركز البحوث والدراسات الأمنية في شرطة أبوظبي أخيرا، بعنوان «الأطفال ضحايا الحوادث»، من أن هناك تزايداً مطرداً، وبنسب مختلفة، لمشكلة تعرض الأطفال للحوادث في إمارة أبوظبي «إذ توشك أن تصبح ظاهرة»، داعية في توصياتها إلى العمل على تفعيل إجراءات إصدار قانون اتحادي لحماية الطفل.

المسؤولية القانونية

وكشفت الدراسة التي أعدها الباحث النقيب بشير صالح البلبيسي، عن أن حوادث الدهس شكلت 15.8٪، من إجمالي الحوادث التي تعرض لها الأطفال، خلال الفترة من 2001 إلى .2007

ونظرت محاكم الدولة، خلال السنوات الماضية، كثيرا من قضايا التعويضات لأطفال وقعوا ضحايا حوادث، سواء بالإصابة البليغة أم بالوفاة، وحمّلت المحاكم، في كثير من هذه القضايا، كامل المسؤولية للسائقين، استنادا إلى أن قانون المرور يشدد على قائد أي مركبة ألا يعرض المشاة للخطر، وأن يتوقف عند اللزوم لتجنب إزعاج أو إصابة أي مستعمل للطريق، وألا يجاوز السرعة القصوى المحددة للطريق مع مراعاة ظروف المكان والطقس والمركبة، وغيرها من متطلبات السلامة.

ويؤكد المحامي إبراهيم خوري ضرورة أن يتحمل الأهل جانبا من المسؤولية القانونية في الحوادث المرورية التي تلحق بالأطفال، خصوصا عندما يكونون في مرحلة عدم القدرة على تقدير أخطار الطريق، مشيرا إلى أن بعض الأهالي لا يقدرون حجم الخطر المحدق بأبنائهم، عندما يتركونهم بمفردهم في أماكن قريبة من حركة سير المركبات، داعيا إلى تشديد العقوبة عليهم.

ويشرح خوري أن السائقين المتسببين في حوادث دهس الأطفال يتحملون المسؤولية الجنائية، نتيجة عدم التزامهم بقواعد السير والمرور والسرعة الزائدة وعدم الانتباه، بينما يفترض توجيه تهمة الإهمال إلى ولي الأمر، على اعتبار أنه يمثل سببا غير مباشر لوقوع تلك الحوادث.

غرامة مالية

وقال المحامي علي العبادي إن المحاكم تأخذ في الاعتبار، عند تقدير التعويضات، مدى المسوؤلية الجنائية التي تقع على المجني عليه في حوادث المرور، ويمتد ذلك إلى الأطفال، لكن من واقع القضايا التي تنظرها المحاكم، فإن ذوي الأطفال لا يحاسبون عن ركن الإهمال الذي أسهم في في وقوع الحوادث، وقد يكتفي القاضي بالغرامة المالية، فيما يتحمل السائق المسؤولية كاملة، لعدم احترازه أثناء القيادة. كما طالب العبادي بتشديد العقوبة على المستهترين من السائقين بأرواح المشاة، في ضوء زيادة عدد ضحايا تلك الحوادث، وما ينتج عنها من تداعيات اجتماعية ومالية وإنسانية.

ورأت نائب مدير عام هيئة التأمين فاطمة محمد إسحاق العوضي، أن السائق يظل هو القائد المسيطر على الآلة القاتلة أو المتسببة في وقوع الإصابات، وعليه أن يكون يقظاً ومسيطراً على المركبة التي يقودها، وأن يتأكد من استيفاء مركبته شروط السير، ويتخذ على الدوام الاحتياطات اللازمة، التي تكفل سلامته وسلامة غيره من مستعملي الطريق.

وتابعت أن من واجبه مراعاة عابري الطريق وإعطاء الأولوية للمشاة، حتى إن خالفوا أنظمة السير، لافتة إلى أنه يبقى مسؤولا عن الحادث، ونسبة مسؤوليته تتحدد بمدى إسهامه في وقوع الحادث، ويترك للقضاء تحديد هذه النسبة.

الوعي المروري

وأكد الخبير المروري والباحث في مركز البحوث والدراسات الأمنية في شرطة أبوظبي، محمود محمد عبدالقادر، أن هناك حاجة لزيادة الوعي لدى الآباء لتأمين حياة أطفالهم ضد حوادث الدهس، وما يتعرضون له من إصابات أو وفيات نتيجة لذلك، مشدداً على أن هناك مسؤولية قانونية تقع على الآباء في حال تعرض أطفالهم لحوادث مرورية، بحسب النصوص القانونية التي تعاقب كل من يعرض حياة إنسان للخطر.

وقال: «لسنا بحاجة إلى تشريعات قانونية جديدة لتقويم سلوكيات الآباء تجاه تأمين سلامة أطفالهم ضد حوادث الدهس، بل هناك حاجة إلى زيادة الوعي لديهم بخطورة ترك الأطفال بمفردهم بالقرب من أماكن عبور المركبات»، لافتاً إلى أن «التشريعات الحالية كافية بالقدر الذي يحدّ من حوادث الدهس التي يتعرض لها الأطفال، في حال تم الالتزام بها بشكل كامل، سواء من قبل السائقين أو ذوي الأطفال أنفسهم»، داعياً إلى وضع قيود أكثر على السائقين لتأمين عبور المشاة على الطرق.

وبحسب نص المادة 349 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة،1987 يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين من عرض للخطر سواء بنفسه أو بواسطة غيره حدثاً لم يتم 15 سنة، أو شخصاً عاجزاً عن حماية نفسه بسبب حالته الصحية أو العقلية أو النفسية، وتكون العقوبة الحبس من شهر إلى ثلاث سنوات، إذا وقعت الجريمة بطريق ترك الحدث أو العاجز في مكان خال من الناس، أو وقعت من قبل أحد من أصول المجني عليه أو من هو مكلف بحفظه أو رعايته، فإذا نشأت عن ذلك عاهة مستديمة بالمجني عليه أو موته دون أن يكون الجاني قاصداً ذلك عوقب بالعقوبة المقررة لجريمة الاعتداء المفضي إلى عاهة مستديمة أو بعقوبة الاعتداء المفضي إلى الموت بحسب الأحوال.

ويعاقب بالعقوبة ذاتها إذا كان التعريض للخطر بحرمان الحدث أو العاجز عمداً من التغذية أو العناية التي تقتضيها حالته، متى كان الجاني ملتزماً شرعاً بتقديمها.

كما تنص المادة 350 من قانون العقوبات الاتحادي نفسه، على أن «يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاث سنوات، أو بالغرامة التي لا تزيد على 10 آلاف درهم من عرض للخطر طفلاً لم يتم سبع سنوات، وكان ذلك في مكان معمور بالناس، سواء أكان ذلك بنفسه أم بوساطة غيره».

وأكد عبدالقادر ضرورة معرفة حيثيات الحوادث المرورية التي يتعرض لها الأطفال لتحديد مدى مسؤولية الآباء فيها، مشيراً إلى أن «قانون المرور والسير على سبيل المثال، يمنع ركوب الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 10 سنوات في المقاعد الأمامية، أو وضعهم على عجلة القيادة أثناء السير، ويجرم ولي الأمر عن هذا الفعل؛ خصوصا إذا وقع حادث مروري نتج عنه إصابة الطفل أو وفاته»، مؤكداً أن تقدير مدى المسؤولية على الأهل متروك للقاضي.

أبرز حوادث الدهس:

يونيو 2008:

توفي طفل مواطن يبلغ سنة ونصف السنة، في حادث دهس، على الطريق العام في أبوظبي، وعزت مصادر الشرطة الحادث إلى الإهمال وعدم رقابة الأهل.

يوليو 2009:

تسبب سائق في وفاة ثلاث شقيقات مواطنات دهساً على شارع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في أبوظبي، أثناء عبورهن الخاطئ سيراً على الأقدام برفقة مربيتهن التي لحقت بها إصابات بليغة. وتبلغ أعمار الشقيقات الثلاث سبعة، وستة وأربعة أعوام.

مايو 2010:

توفي طفل مواطن دهسا بينما كان يلعب أمام منزل ذويه، وحملت المحكمة السائق المتهم 80٪ من قيمة الدية الشرعية (160 ألف درهم) وأوقفت العمل برخصة قيادته عاما، وحرمته من الحصول على رخصة قيادة جديدة خلال تلك المدة.

كما حكمت على الخادمة التي كانت برفقة الطفل المتوفى بالسجن شهرين، وحملتها 20٪ من قيمة الدية (40 ألف درهم) عن الاتهام المسند إليها، وهو الإصابة بالخطأ وعبور الشارع من مكان غير مخصص لذلك.

يوليو 2010:

أصيب طفل مواطن يبلغ ست سنوات بعجز، نتيجة تعرضه لحادث دهس، وقضت المحكمة بإلزام شركة تأمين بدفع 90 ألف درهم تعويضاً.

يناير 2011:

أيدت محكمة الاستئناف، في خورفكان، حكما بإلزام سائقة بدفع دية قدرها 200 ألف درهم، لتسببها في دهس طفلة تبلغ سنة واحدة، ما أدى إلى وفاتها.

 

Comments are closed.