«الروف» يدخل على خط الإيجارات في أبوظـبي
مشكلات سكن «الروف» بدأت تظهر تباعاً ولم تكن في الحسبان منها عدم وجود تكييف مركزي. تصوير: سعيد دحلة
أفاد مقيمون وخبراء في السوق العقارية في الدولة بأن «ظاهرة إيجارية سلبية جديدة بدأت في الانتشار أخيراً في أبوظبي، بعد تفاقم أزمة السكن في الإمارات كافة، وهي تحويل أسطح البنايات «الروف» إلى مساكن مخالفة بأسعار غالية». فيما حذر أطباء من هذا السكن، مؤكدين أنه «يشكل خطرا جسيماً على صحة المستأجرين، إذ يؤدي لإصابتهم بالصرع والاضطراب النفسي».
وقال رئيس قسم تراخيص بناء المشروعات التطويرية والبنية التحتية في إدارة تراخيص البناء في بلدية أبوظبي، المهندس علي شجاع العفيفي، إن «قانون البناء سابقاً لم يكن يسمح ببناء وحدات سكنية فوق أسطح البنايات التجارية سوى لحارس البناية، ولكن أعيد النظر فيه، بحيث يتيح بناء وحدات سكنية بشروط معينة». وأضاف أن «من هذه الشروط وجود مساحات كافية للبناء، تراعي اشتراطات قانون البناء الخاصة بمساحات الغرف وملحقاتها، إضافة إلى شروط السلامة والأمان والخدمات المرافقة، مع الفصل التام بين المعدات والأجهزة الكهربائية والسكن، حفاظاً على سلامة السكان».
وأشار إلى أن «البنايات التي توفّر مولدات كهربائية خاصة فوق الأسطح قليلة، وتقتصر على البنايات التي تحتوي على شركات يتأثّر العمل بها بانقطاع التيار الكهربائي بشكل مفاجئ، وحتى في حال وجود هذه المولدات فإنه يراعى الفصل بينها وبين السكان».
وتفصيلاً قالت عبير النمر، موظفة علاقات عامة في مؤسسة خاصة إن «زوجها اضطر لتأجير شقة من غرفة وصالة بسطح بناية في منطقة الخالدية في بداية العام الجاري بمبلغ 58 ألف درهم سنوياً، وعلى الرغم من تكبّدهم مبالغ أخرى في تركيب عوازل للصوت إلا أن الضجيج لم ينقطع يوماً واحداً منذ سكنهم، ما يدفعهم لقضاء أغلب ألأوقات خارج الشقة».
وأضافت أن «مشكلات سكن السطح بدأت تظهر تباعا ولم تكن في الحسبان، منها عدم وجود تكييف مركزي يعمل في مساكن السطح، إضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة بسبب أشعة الشمس واضطرارهم للصعود إلى الشقة والنزول منها على الأقدام لأن المصاعد لا تصل إلى الأعلى».
وأيدتها دعاء، موظفة عربية الجنسية، موضحة أن «طفلها الذي يبلغ من العمر تسع سنوات أصيب بمضاعفات خطيرة، بدأت بشرود ذهني متواصل وتحولت إلى نوبات صرع نتيجة الضغط العالي الناتج عن معدات ومولدات الكهرباء فوق السطح وأجهزة استقبال الإرسال التلفزيوني». وأضافت دعاء أن «الأطباء نصحوها بتغيير السكن في أقرب وقت لمنع تفاقم الحالة لأنها قد تؤدي إلى الوفاة، على اعتبار أن سكن السطح عموماً غير آدمي، تروج له شركات العقارات والسماسرة، ويضطر المستأجر لاستخدامه تحت وطأة الحاجة».
وذكر عباس أبو عيدة أنه «كان يسكن أحد أسطح البنايات الفاخرة مقابل دائرة المباني التجارية مباشرة، وعلى الرغم من أن البناية كانت إدارتها تخضع للدائرة وتقع على بعد أمتار منها، إلا أن المستثمرين والشركات المنتفعة بها قد استغلتها بكل الأشكال القانونية وغير القانونية، ومنها تأجير السطح للاستخدام السكني، من دون أن يفي بالاشتراطات المطلوبة».
وقال الخبير العقاري مدير شركة النجم لإدارة العقارات، عياد نجم إن «هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية انتشرت بعد دخول سماسرة الشارع الجائلين سوق العقارات، بممارساتهم التي تخلو من الأخلاقيات المهنية»، مضيفا أن «سكن السطح والسكن بالدور الأرضي مخصص بالأساس لحارس البناية، ليكون على مقربة من ما يدور بها، لكن بعض المستثمرين وأصحاب البنايات استعانوا بالسماسرة الجائلين لاستغلال هذا السكن وتأجيره».
وأكّد أن «بعض البنايات مرخص لها تأجير شقق سكنية بالأسطح ضمن شروط أمنية وصحية معينة، لكن نحو 70% منها يؤجر بشكل مخالف».
بدوره أكد رئيس مجلس إدارة شركة «ماجيك لاند» لإدارة العقارات، مشعل سالم آل سودين، أن «أهم أسباب انتشار ظاهرة تأجير شقق السطح هو انخفاض سعرها في مقابل الشقق السكنية في الأبراج والفلل، لأن تكاليف إنشائها أقل».
وأشار إلى أن «على الرغم من أن القانون يقصر سكن السطح على حارس البناية «الناطور»، ويحظر سكن غيره، فإن الملاحظ أن بعض المستثمرين بدأوا يلجأون لتأجيره كنوع من الاستثمار غير القانوني، مستفيدين من أزمة قلة المعروض وارتفاع الإيجارات إلى مستويات قياسية».
صرع واضطراب نفسي وحذّر أخصائي الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى النور في أبوظبي، الدكتور نيازي صادق أنور من انتشار ظاهرة سكن السطح، نظرا للمضاعفات الخطيرة التي يسببها على المديين القريب والبعيد، بسبب وجود أجهزة الضغط العالي والمحركات وتكييف الهواء المركزي، قائلاً إن «الضوضاء التي تسببها أجهزة الخدمات في البنايات السكنية داخل المدن مثل المولدات والكمبروسرات والمبردات تصل شدتها إلى 120 ديسبل، وهو ما يعادل صوت قطار يمر عن قرب، مع الأخذ في الاعتبار أن ساكن السطح يتعرض للصوت بشكل مستمر، وهو ما يعرّضه لمضاعفات مرضية خطيرة، ربما تتسبب في فقدانه حاسة السمع بمرور الوقت».
وأكّد أن العاملين بمحطات البترول ومواقع الحفر وسائقي النقل الثقيل وحتى أثناء التدريبات العسكرية الذين يتعرضون لضجيج صوتي يتعدى 90 ديسبل ينصح بعدم تعرضهم لهذه الضوضاء السمعية لأكثر من ساعتين يوميا.
فيما اعتبر استشاري الطب النفسي بمركز الورود الطبي في أبوظبي، الدكتور محمد حسين علي أن «هذا التلوث السمعي يعد من أخطر أشكال التلوث على صحة الإنسان»، مضيفا أن «التلوث السمعي عموماً يشكّل خطورة كبيرة على الصحة ويتسبّب في أذى نفسي وفيزيائي للإنسان ويؤثر في وظائف الجسم، ويسبب خللاً في النوم وبالتالي اضطراباً في السلوك العام والشعور بالخمول أثناء العمل وسرعة استجابة أعضاء الجسم للأوامر الصادرة من المخ».
وعزا عدم تركيز البعض، وضعف استجابتهم، وتوتر أعصابهم الدائم إلى تعرضهم لهذا النوع من الضجيج، لأنه جهد نفسي غير مرغوب فيه، وأنه قد يتسبب في أضرار مرضية أخطر من ذلك، تصل إلى حد الإصابة بنوبات صرعية لبعض الأشخاص الذين لديهم قابلية للإصابة بالصرع، والاحتراق النفسي المبكّر».
المادة «45» قال رئيس قسم تراخيص بناء المشروعات التطويرية والبنية التحتية بإدارة تراخيص البناء في بلدية أبوظبي، المهندس علي شجاع العفيفي، إن «المادة 45 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 4 لسنة 1983 في شأن تنظيم أعمال البناء تنص على أن طابق السطح هو طابق خدمات البناية ويحتوي على الخدمات الأساسية مثل بيت الدرج وغرف المصاعد وملحقاتها وغرف المضخات والفلتر والحارس وغيرها من الخدمات».
ولفت إلى أن «المادة تحظر تماماً استخدام هذه الغرف أو بناء غرف أخرى بغض السكن باستثناء غرفة الحارس والحمام الملحق بها إذا لم تكن متوافرة في الطابق الأرضي أو الميزانين، كما يجب ألا تتجاوز نسبة البناء لغرف الخدمات المذكورة 35% من مساحة السطح». |
Comments are closed.