خبراء يطالبـون بتشـريعـات لمواجهة «الأموال الساخنة»

دخول الأموال الساخنة وخروجها السريع أثر سلباً في الاقتصاد المحلي.  تصوير: عماد علاء الدين ــ أرشيفية

 
طالب خبراء ماليون بضرورة الإسراع بسن تشريعات وقوانين تساعد في جذب الاستثمار الأجنبي المؤسسي طويل الأجل للحد من ظاهرة تدفق أموال المضاربة «الأموال الساخنة»، التي قال المصرف المركزي عنها، في بيان صدر عنه الأسبوع الماضي «إن 90% منها غادر الدولة».

وأكد الخبراء أن طبيعة هذه الأموال البحث عن فرص الربح السريع من خلال دورات سريعة تأخذها بالأسواق المختلفة، وتخرج معتمدة مبدأ «بيت أند رن» أو «اضرب واهرب». وشددوا على أن النصيب الأكبر من هذه الأموال يذهب لأسواق المال، وهو ما يحدث أخيراً، حيث أدى الخروج السريع وغير المنظم لهذه الأموال إلى انتكاسة لأسعار الأسهم.

منوهين إلى أن العقار له طبيعة مختلفة تستلزم تدوير المال خلال فترة زمنية أطول نسبياً، ومشددين الأثر السلبي لهذه الأموال في الاقتصاد الوطني حال خروجها سريعاً.

 

استثمار مؤسسي

وتفصيلاً، قال المدير الإقليمي لـ«بنك أوف نيويورك»، هاني القبلاوي «إن من المهم التركيز على جذب الاستثمار الأجنبي المؤسسي، الذي يصب في صالح تنشيط الاقتصاد وخلق مزيد من فرص العمل، لأن هذا هو البديل الأمثل للأموال الساخنة، وهو يعد خط الدفاع الأول ضدها، كما أنه يتأتى من خلال آليات تشريعية تؤمّن وجود هذا النوع من الاستثمار».

 

وأضاف «سياسات الحوكمة التي تتبعها الشركات والمؤسسات تعد خطوة جيدة على هذا الطريق، لكن المطلوب هو تسريع الخطى في هذا الصدد لضمان وجود الشركات العملاقة داخل الإمارات».

وبحسب محلل مالي، طلب عدم نشر اسمه، فإن «المتغيرات التي شهدتها المنطقة في الفترة الماضية، وكثرة التكهنات التي لم تقابلها شفافية من الجهات الرسمية، سمحت بوجود مليارات ساخنة تجوب منطقة الخليج، خصوصاً بعد فك الكويت ربط عملتها بالدولار والحديث عن خطوة مماثلة ستقوم بها الإمارات، ما أدى إلى ظهور مضاربات قوية على الدرهم في سوق الأسهم، والآن وبعد تداعيات أزمة الرهن العقاري الأميركية، فإن هناك اضطراب وقلق لدى المضاربين الدوليين، وهو ما تجلى في البيع العشوائي لأسهم بأسواق المال المحلية».

 

القطاع العقاري

وقال رجل الأعمال والخبير الاقتصادي، طارق رمضان «إن حديث المصرف المركزي ينطبق بشكل أساسي على الأموال الساخنة في البورصة، لأن هناك مؤسسات أجنبية كبرى تستثمر في البورصة، أما القطاع العقاري فمعظم المستثمرين فيه، باستثناء عدد قليل منهم، سواء كانوا أفراداً أو شركات صغيرة، قاموا بدور إيجابي كبير فيه، كما أسهموا في تحريك السوق وجعلها نشطة.

 

ولفت رمضان إلى أن «المستثمرين في القطاع العقاري لم ولن يخرجوا منه بسرعة كما حدث في البورصة»، لافتاً إلى أنه «لايزال يوجد ضغط وطلب كبير من جانب المستثمرين الأجانب للاستثمار في العقار المحلي، حيث تشكل رؤوس الأموال الأجنبية ما يتراوح بين 60% و70% من إجمالي الاستثمارات في القطاع العقاري».

 

مشدداً على أن «هؤلاء المستثمرين ليس أمامهم بديل للاستثمار أفضل من الإمارات لتحقيق أرباح كبيرة وضمان الحفاظ على رؤوس أموالهم في الوقت ذاته، وذلك بعد الانهيار الذي شهدته الأسواق العقارية في بريطانيا والولايات المتحدة»، مشيراً إلى أنه «يوجد هبوط في أسواق العقارات في الدول الكبرى، حيث خسر المستثمرون العقاريون في الولايات المتحدة 40% من رأسمالهم، وتراوحت الخسارة في بريطانيا ما بين 25% و40%، ما جعل المستثمرين يتمسكون بالاستثمار في الإمارات».

 

ونوه إلى أنه «ربما توجد منافسة من جانب أسواق ناشئة، مثل الهند، على جذب الأموال للاستثمار في القطاع العقاري، إلا أنه لا يوجد في المنطقة سوق تتميز بالشفافية وتنامي الطلب فيها بشكل كبير مثل الإمارات».

 

ظاهرة سلبية

من جهته، قال الخبير الاقتصادي المدير العام لشركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلم «إن دخول الأموال الساخنـة إلى الإمارات ظاهرة سـلبية، إلا أن خروجها أكثر سلبية، لأنه يؤدي إلى انهيار سوق المال كما يحدث حالياً في الدولة».

 

ودعا مسلم إلى «إكمال اللوائح والضوابط التي تنظم العمل داخل الأسواق المالية في الدولة لتحجيم هذه الأموال وتأثيراتها السلبية، حيث إن عدم وجود هذه الضوابط أدى إلى دخول هذه الأموال بكميات كبيرة».

 

وأضاف «كان من الضروري التصدي لهذه الأموال ووضع ضوابط لمنع دخولها قبل استفحال تأثيرها وتزايد حجمها، عن طريق الاستفادة من تجارب الدول الكبرى التي سبقتنا».

واستطرد «تعمل الأموال الساخنة على شراء كميات كبيرة من أسهم الشركات في السوق، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ثم تبدأ في الانسحاب من السوق في الوقت الذي تراه مناسباً بعد تحقيق مكاسب ضخمة، ما يؤدي إلى انهيار الأسعار».

 

وطالب مسلم بتدخل الدولة كصانع للسوق من خلال الشراء في أوقات الأزمة، حتى لا تنخفض الأسعار إلى مستويات تؤدي إلى خسائر ضخمة، مثلما يحدث الآن»، مذكراً «الحكومة اليابانية ضخت 70 مليار دولار كسيولة لضبط سوق المال قبل استفحال أزمة انخفاض الأسعار». وحول حجم الأموال الساخنة التي دخلت الإمارات، قال مسلم «من الصعوبة الحديث عن رقم دقيق لحجم هذه الأموال، لأن البنك المركزي هو الوحيد الذي يراقب حـركة دخــول الأمــوال وخـروجها»، لافــتاً إلى أنها «قــد تكــون في حدود 200 مليار درهم تقريباً».

 

 

«الأموال الساخنة»

 تُعرف الأموال الساخنة بأنها السيولة التي تدخل الأسواق لتأخذ دورة سريعة من يوم إلى ثلاثة أيام، لتخرج بعد أن تكون قد حققت هدفاً استثمارياً قصير الأجل، وهو الشراء عند هبوط الأسعار وإعادة البيع مع أول ارتفاع، ثم تعاود الدخول مرات أخرى إلى أن تخرج نهائياً باتجاه سوق أخرى.

Comments are closed.