أمراض خطرة بلا تأمين صحي.. ومـرضى يتسوّلون العلاج

ترفض شركات تأمين صحي في الدولة تحمل نفقات علاج مصابين بأمراض صدرية، خصوصاً حالات الإصابة بالفشل الرئوي والحساسية.

وقال مرضى إنهم اضطروا إلى تسول قيمة العلاج من جمعيات خيرية، على الرغم من أن المؤسسات والمنشآت التي يعملون فيها توفر لهم تأميناً صحياً في شركات تأمين كبرى. وأفاد أطباء امراض صدرية في مؤتمر عقد في دبي، أخيراً، بأن «شركات التأمين في الدولة ترفض تغطية نفقات فحوص وعلاج الامراض الصدرية، ما يعرض المرضى للاصابة بمضاعفات خطرة، ويهدد الصحة العامة».

وأوضحوا أن شركات التأمين ترفض تحمل نفقات علاج أمراض الفشل الرئوي، وأمراض النوم، وامراض الحساسية، باعتبارها أمراض رفاهية»، مشيرين إلى أنها «أمراض خطرة، ويتم تغطيتها تحت مظلة التأمين الصحي في معظم دول العالم».

أمراض الحساسية

أفاد الرئيس التنفيذي لشركة «هايبرد هيلث سلوشن»، للاستشارات التأمينية والطبية، زياد أرناؤوط، بأنه في بعض الأسواق تكون أمراض الحساسية أو النوم مغطاة في الوثيقة الأساسية باعتبار أن القانون يلزم بذلك، لكن أسعار وثائق التأمين تكون مرتفعة أصلاً في تلك الأسواق.

وأشار إلى أن «شركات التأمين العاملة في الدولة لا تغطي أمراض الحساسية باعتبارها خطراً مفتوحاً، أي أن كلفة فحوصاتها فقط قد تعرض شركات التأمين لخسائر»، مؤكداً أن شركات التأمين تبحث في المسبب الرئيس للحالة أثناء دراستها لتغطية أي أخطار قد تواجه المؤمن عليه، فمثلاً صورة أشعة بغرض التجميل لا تغطيها الوثيقة، لكن بغرض معرفة طبيعة الكسر الذي تعرض له المؤمن عليه، فالتغطية مؤكدة.

في المقابل، أقرت شركات تأمين بأنها «تستثني أمراض الصدر من وثائق التأمين الشائعة في الدولة، باعتبارها خطراً مفتوحاً، أي أن كلفة فحصها فقط قد تعرض شركات التأمين لخسائر»، لافتة إلى أن الوثائق قد تشملها «مقابل زيادة في قيمة القسط التأميني».

وتفصيلاً، قال المريض خالد علي، مصاب بأعراض فشل رئوي، إنه توجه إلى مستشفى خاص في دبي، حاملاً بطاقة تأمين تتبع شركة كبرى في الدولة، لكن المستشفى أخبره بأن البطاقة لا تغطي فحوص وعلاج مرضه.

وأضاف «اضطررت للاستدانة حتى أسدد نفقات علاجي، خصوصاً أن مرضي خطر، وفق تشخيص الأطباء».

وقال المريض سعيد عامر إنه لجأ إلى جمعية خيرية في دبي، وقدم لها صوراً إشعاعية توضح طبيعة مرضه، طالباً أن تساعده على شراء جهاز أكسجين يساعده على التنفس، مشيراً إلى أن «المستشفى خاطب شركة التأمين التي يحمل بطاقتها، لتحمل نفقات علاجه، لكن الشركة رفضت تحمل كلفة العلاج».

أما المريضة شيماء حسين فتوجهت إلى مستشفى خاص، طالبة علاج ابنها الذي يعاني توقف التنفس أثناء النوم، وصدمت بأنها مطالبة بسداد مبلغ كبير يصل إلى آلاف الدراهم مقابل تلقي العلاج، على الرغم من أنها تحمل بطاقة تأمين، مشيرة إلى أنها «اضطرت إلى سداد المبلغ الكبير، خشية إصابة ابنها بمضاعفات».

وأكد المريض (س.ن)، أنه موظف في مؤسسة كبيرة ويحمل بطاقة تأمين صحي، لكنه فشل في الحصول على علاج لمرض صدري، بدعوى أنه غير مشمول في البطاقة، «فاضررت إلى تسول قيمة العلاج من جمعية خيرية، ما أصابني بأزمة نفسية».

وقال المحاسب (ج.ن)، إن زوجته وطفليه مصابون بأمراض الحساسية، وهي غير مشمولة في بطاقة التأمين، وفحوص هذا المرض مكلفة، إذ طالبتني إدارة المستشفى بدفع 5420 درهماً، وهذا المبلغ فوق طاقتي المالية، ما اضطرني للجوء إلى مؤسسة خيرية لتساعدني على سداد كلفة العلاج.

وفي السياق، طالب أطباء شاركوا في مؤتمر الخليج الثالث لطب وجراحة الصدر والحساسية، الذي عقد في دبي، أخيراً، بضرورة أن تتحمل شركات التأمين تغطية علاج الامراض الصدرية، لحماية المرضى من مضاعفاتها الخطرة.

وقال رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر، نائب رئيس شعبة الأمراض الصدرية في جمعية الإمارات الطبية، الدكتور بسام محبوب، لـ«الإمارات اليوم» إن شركات التأمين الصحي لا تغطي فحص وعلاج الفشل الرئوي، وهو مرض يحتاج إلى أجهزة أكسجين، أو أجهزة تساعد على التنفس.

وأضاف أن شركات التأمين لا تغطي أيضا فحص وعلاج أمراض النوم، مثل انقطاع التنفس أثناء النوم، أو الشخير، وهي أمراض شائعة، اذ تقدر نسبة الإصابة بها بـ15٪ من السكان، لافتاً إلى أن علاجها يتكلف ما بين 4000 و5000 درهم.

وذكر أن «قائمة الأمراض التي ترفض الشركات تأمينها تضم أمراض الحساسية بأنواعها، وهي أمراض يعانيها 20٪ من السكان»، موضحاً أن الرفض يشمل الفحص والعلاج المناعي الذي يؤدي إلى الشفاء، الذي يتكلف ما بين 2000 و3000 درهم سنوياً.

ولفت محبوب إلى أن أطباء الامراض الصدرية خاطبوا شركات التأمين مراراً لتحمل نفقات علاج هؤلاء المرضى، مثلما تفعل شركات التأمين في مختلف دول العالم، لكن الاجابة تأتي دوماً بالرفض، مشيراً إلى أن أطباء يلجأون إلى جمعيات خيرية، لتتحمل كلفة أجهزة الاكسجين اللازمة لإنقاذ هؤلاء المرضى.

وحذر من أن «الاهمال في علاج تلك الامراض قد يصيب المرضى بمضاعفات صحية خطرة، تصل إلى الاصابة بحالات ربو حادة، وفشل رئوي».

وتابع أن كل دول العالم تغطي كلفة علاج هذه الامراض، كونها أمراضاً تهدد الصحة العامة، وتوثر في انتاجية المرضى.

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة الهلال الأخضر للتأمين، الدكتور حازم الماضي، إن جميع المخاطر الصحية التي من الممكن أن يتعرض لها أي فرد تدرجها شركات التأمين ضمن الوثيقة، ولا توجد استثناءات أبداً، موضحاً أن «تغطية أي خطر إضافي وإدراجه ضمن الوثيقة الأساسية تقابله زيادة في سعر وثيقة التأمين».

ولفت إلى أن الوثيقة الأساسية أو تلك التي توفرها الشركات لموظفيها هي الوثيقة التي تغطي الأمراض الطارئة والتي عادة ما تكون أخطارها شائعة، بينما الأمراض الخلقية وأمراض الكبد الوبائي ليست شائعة وكلفتها تدرس ضمن التكاليف الإضافية للوثيقة.

وبين أن معظم الاشكالات التي يواجهها العملاء لدى حدوث عارض صحي تكمن في عدم معرفتهم بطبيعة الأخطار التي تغطيها الوثيقة، نظراً إلى ضعف الوعي التأميني لديهم، فضلاً عن أن إدارات الشركات التي يعملون بها هي التي قررت من جانبها جدول المنافع في الوثيقة حسب موازنتها دون علم العميل أو المؤمن عليه بالضرورة.

ولفت إلى أن «شركات التأمين لا تحدد العلاج ولا تقرره بالنسبة للحالات المرضية وإنما هو من ضمن صلاحيات الطبيب المعالج»، موضحاً أن «شركات التأمين مسؤولة عن دفع تكاليف التعويض العلاجي للأمراض المشمولة وغير المستثناة في وثيقة التأمين الصحي، والتي يتم تحديدها في فترة اقتناء الوثيقة».

بدوره، قال العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لشركة دبي الإسلامية للتأمين وإعادة التأمين (أمان)، حسين الميزة، إن بعض أمراض النوم والتنفس تغطى أخطارها ضمن الوثيقة الأساسية، في حين أن هناك أخطاراً أخرى تكون مستثناة، مشيراً إلى أهمية «وجود وصف دقيق للأمراض الشائعة لمعرفة وتحديد ما يفترض تغطيته أو استثناؤه».

وفي السياق ذاته، قال الأمين العام لجمعية الإمارات للتأمين، فريد لطفي، إن «أمراض التنفس والنوم والحساسية بشكل عام غير مغطاة في الوثائق الأساسية لدى شركات التأمين العاملة في السوق الإماراتية، وهي أخطار تضاف إلى الوثيقة في حال طلبها المؤمن عليه»، لافتاً إلى أن «هذه الأخطار غير مغطاة أيضاً في العديد من الأسواق الخارجية ولا تقتصر عملية استثنائها من الوثيقة الأساسية على الشركات التي تعمل في الإمارات فقط».

وأضاف «في حال كانت هذه الأمراض مغطاة في الوثيقة الأساسية في بعض الدول فنجد أن أسعار الوثائق مرتفعة».

بدوره، قال المدير العام لشركة تكافل الإمارات للتأمين، غسان مروش، إن «بعض الأمراض التي تستثنى من الوثيقة الأساسية تعود في بعض الأحيان إلى شركات إعادة التأمين التي ترفض تغطيتها، وبالتالي فإن شركات التأمين المباشرة لا يمكنها تحمل الخطر وحدها»، لافتاً إلى أن أمراض التنفس باتت شائعة وهي مغطاة ضمن الوثيقة الأساسية لدى الشركة، في حين أن الشركات في معظم الأسواق العربية والمجاورة تستثني أمراض الحساسية.

Comments are closed.