مُعلم التربية الأخلاقية

في ظل الدعوات المستمرة لتطوير التعليم وتبني الأساليب التقنية المتقدمة في عمليات التدريس وتطوير المناهج ومصادر المعرفة، وفي ظل وجود المنافسة القوية للمؤثرات من العالم الافتراضي على توجهات وسلوكيات البشر بمختلف أعمارهم، نجد أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد أولت الاهتمام الكبير بالبعد الإنساني والأخلاقي في تطوير النظام التعليمي، بتضمين مناهج وزارة التربية والتعليم مادة التربية الأخلاقية.

إن عملية التعلم لها ثلاثة عناصر أساسية هي المُعلم والمحتوى الدراسي والمتعلم، وهنا سنركز على موضوع معلم مادة التربية الأخلاقية، فمما لاشك فيه أن محتوى أو منهج مادة التربية الأخلاقية قد بُذلت في إعداده الكثير من الجهود والدراسات وعلى أيدي كفاءات وطنية مقتدرة، إلا أن نجاح تطبيق هذه المبادرة يعتمد على وجود معلمين أكفاء متفهمين لأهمية دور تدريس هذه المادة وقادرين على حمل هذه المهمة وتحقيق أهدافها بكل جدارة، بهدف إعداد أجيال منتجة للمعرفة مُحصنة الفكر ومتمسكة بالهوية الوطنية وبمبادئ السلام والتسامح.

إن للمعلم الدور الرئيس في عملية التعلم وبصفة خاصة لهذه المادة، وكذلك دوره في تفعيل العناصر الأخرى في هذه العملية، فشخصية المعلم وسمعته الطيبة لهما أبلغ الأثر في نفوس الطلبة، كما أن المعلم هنا هو القدوة في التطبيق والممارسات لهذه المادة فكراً وسلوكاً، كما أنه بتمكنه المعرفي من محتوى المنهج واستخدامه لوسائل التعليم والأدوات والأنشطة الداعمة له سيمكن الطلبة من الاستفادة القصوى من دراستهم لهذه المادة، فمهما كان المنهج شاملاً ومتطوراً ومميزاً، فإن وجود المعلم المتمكن معرفياً وتربوياً هو الأساس في نجاح تطبيق هذا المنهج.

ولأن المعلم هو الذي يُفعّل العنصر الثالث من هذه العملية (المتعلم) لتحقيق نتاجات ومخرجات تعليمية أفضل، فلا غنى عن وجود المعلم المُلِم بأساليب التدريس، الذي لديه المعرفة الكافية بطرق التعامل مع الفئة العمرية التي يقوم بتدريسها واحتياجات هذه الفئة ومتطلباتها العقلية والنفسية والاجتماعية، ولديه القدرة على التعرف إلى اهتمامات الطلبة وقدراتهم وأنواع ذكائهم.

إن إعداد واختيار المعلمين الأكفاء لتدريس مادة التربية الأخلاقية عنصر أساسي لنجاح هذه المبادرة، ولابد من مشاركة مؤسات التعليم العالي والجامعات وبالأخص كليات التربية في البدء بإعداد برنامج جامعي خاص بالتربية الأخلاقية، وبرامج مهنية داعمة للمعلمين القائمين على تدريس هذه المادة، لضمان تحقيق أفضل المخرجات وتحقيق الأهداف المرجوة من هذه المبادرة.