«إهمال الأسر» المتهم الرئـيس في حوادث غرق الأطفال

توفي 20 طفلاً راوحت أعمارهم بين سنة و12 عاماً، في حوادث غرق شهدتها الدولة في الفترة من بداية العام 2015 حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، وتنوعت بين السقوط في دلو ماء وآبار مزارع غير مؤمنة وأحواض سباحة داخل منازل وبنايات وفنادق سياحية، إضافة إلى الغرق على شواطئ البحر، حسب تقارير وزارة الداخلية.

وأفادت تقارير الوزارة، بأن أسباب تلك الحوادث تعود في المقام الأول إلى غياب الرقابة على الأطفال في الأماكن التي تتواجد فيها أحواض سباحة، وغيرها.

فيما طالبت عضو مجلس إدارة جمعية توعية ورعاية الأحداث، مريم الأحمدي، البلديات والجهات الهندسية المعنية، باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة قبل منح التراخيص لبناء أحواض المياه داخل المنازل، أو داخل البنايات.

وأوضح الباحث القانوني، أيهم جمال المغربي، أن «التدابير التي حددها القانون لحماية الطفل لا تعفي أولياء الأمور والقائمين على الطفل من العقوبة الجنائية أو الغرامة، التي يمكن أن تشملهم في حال ثبوت تعرضه للأذى بسبب إهمالهم».


وتفصيلاً، كشفت تقارير وزارة الداخلية، أن 20 طفلاً توفوا في حوادث غرق في الدولة خلال الفترة من بداية 2015 حتى الربع الثالث من العام الجاري.

وحسب التقارير، فإن من هذه الحوادث، منها غرق طفل (من جنسية دولة عربية ــ عامان) في حمام سباحة بمنزل أسرته، ووفاة طفلين شقيقين في بركة مياه عند أحد سدود الدولة، ووفاة رضيع (آسيوي ــ عمره عام)، إثر سقوطه في دلو مياه داخل حمام الشقة التي تقطنها أسرته، بينما كانت والدته مشغولة في إعداد الطعام.

إسعاف

قال مدير إدارة الشؤون الطبية والفنية في مؤسسة دبي للإسعاف، الدكتور عمر السقاف، إن المؤسسة تعاملت مع حالات عدة لتعرض أطفال للغرق، وكان إهمال الآباء والأمهات لإجراءات الأمان والسلامة لأبنائهم أثناء السباحة وفي المنزل، السبب الرئيس وراء وقوع هذه الحوادث، التي تسبب الموت في بعض الحالات».

وذكر أن «الحالات التي تعاملت معها مؤسسة إسعاف دبي، تم إنقاذها بفضل فريق متخصص من المسعفين، وسرعة زمن الاستجابة، الذي لم يزد على سبع دقائق، بمجرد تلقي البلاغ»، مشيراً إلى أن «فرق المسعفين عادة ما تقدم إرشادات عبر الهاتف لإسعاف المرضى حتى وصولهم لموقع الحالة».

نصائح وقائية

حدد مدير إدارة الشؤون الطبية والفنية في مؤسسة دبي للإسعاف الدكتور، عمر السقاف، عدة نصائح للحد من تعرض الأطفال للغرق وهي:

* ضرورة مراقبة الأهل لأبنائهم في مناطق السباحة، والمنزل، وفيما يتعلق بالإناث أكد ضرورة تغطية رأوسهم بغطاء بلاستيكي قبل السباحة، وذلك لحمايته من تعلق شعرهن بشي خصوصا في حمامات السباحة التي بها مناطق لسحب المياه.

* ضرورة منع الأطفال من السباحة وهم في فمهم أي طعام، الأمر الذي قد يتسبب في اختناقهم ومن ثم تعرضهم للغرق.

* في حالة التعرض للغرق يجب أن لا يبادر أحد بإخراج المياه من جوف الغريق لأن هذه الممارسات قد تؤدي إلى انسداد القصبة الهوائية وينتج عنها موتهم، ولكن على مسعفيهم العمل على إنعاش القلب أولاً، والبعد عن حالات التشنج والعصبية التي قد تؤدي إلى سوء التصرف وصعوبة إنقاذ حياة الطفل. ومن ثم الاتصال برقم 999 للتواصل مع الإسعاف الطارئ لتلقي الإسعافات اللازمة في أسرع وقت.

* ضرورة الحرص على استخدام الأطفال لطوق النجاة أثناء سباحتهم.

قضايا إهمال

شهدت محاكم الدولة قضايا من ذوي أطفال توفوا غرقا بسبب الإهمال، وقضى فيها بالدية لصالحهم، ومنها حكم أصدرته المحكمة الاتحادية العليا بإلزام منتجع سياحي بدفع دية بقيمة 200 ألف درهم لورثة طفل غرق في حوض السباحة التابع له، مبينة أن حيثيات الحادث أظهرت إهمال المنتجع وعدم توفيره وسائل الأمن والسلامة أو أفراد متخصصين في الإنقاذ والإسعاف.

وفي قضية أخرى رفعها والد طفلين غرقاً في بركة مياه، مشتكياً على جهة محلية في الدولة، بسبب عدم اتخاذها التدابير اللازمة لتأمين تجمع مياه في أحد السدود التي تخضع لرقابتها. وأحالت المحكمة الاتحادية العليا القضية، إلى محكمة الاستئناف، لبحث عناصر جريمة القتل الخطأ، ومدى توافر أركانها بحق الجهة المسؤولة عن الوفاة.

كما توفي أربع أطفال غرقاً في حوض مياه داخل مزرعة في منطقة الباهية، خلال سبتمبر الماضي، وانتشلتهم فرق شرطة أبوظبي، وتبين أن بينهم طفل مواطن (12 سنة)، وثلاثة آخرون من الجنسية العربية، بينهم شقيقان ( 10 و11 سنة)، والأخير (12 سنة)،

وأظهرت المعاينة الأولية لموقع الحادث، أن حوض المياه يُستخدم في تربية الأسماك، بمقاييس 30 متراً طولاً، و10 أمتار عرضاً، ومتر ونصف المتر عمقاً.

وشيعت مدينة العين، في نوفمبر الماضي، جثامين ثلاثة أطفال مواطنين هم: حصة الخييلي (أربع سنوات)، ومحمد الخييلي (أربع سنوات)، وسلطان الدرمكي (خمس سنوات)، الذين توفوا بعد سقوطهم في بئر داخل منزل ذويهم في منطقة النايفة بالهيلي، فيما نجا الطفل خليفة الدرمكي (خمس سنوات)، وتم نقله إلى مستشفى العين.

وأفادت تقارير الوزارة، بأن أسباب تلك الحوادث تعود في المقام الأول إلى غياب الرقابة على الأطفال في الأماكن التي تتواجد فيها أحواض سباحة، وغيرها من المسطحات المائية، وعدم التزام الأهالي بإجراءات الأمن والسلامة، مضيفة أن من الأسباب أيضاً عدم اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة وغياب وجود منقذين، وعدم إجادة الضحايا للسباحة.

إلى ذلك، دعا مركز وزارة الداخلية لحماية الطفل، الآباء والأمهات إلى الانتباه لمخاطر استخدام الأطفال أحواض السباحة دون رقابة، على اعتبار أن هذه الأحواض غالباً تكون عميقة، مناشداً الأسر التي ترغب في إنشاء أحواض سباحة في منازلها الالتزام بإجراءات الأمن والسلامة لأن كثيراً من حوادث غرق الأطفال يكون بسبب عدم تقيد ذويهم بها.

وأرجع سبب معظم حوادث غرق الأطفال في أحواض السباحة إلى إهمال الأسر التي تترك الأطفال يلعبون بالقرب من الأحواض بمفردهم دون رقابة أو متابعة مستمرة، في حين يجب على الآباء والأمهات عدم ترك الأطفال بمفردهم بالقرب من الأحواض حتى لو كانوا يجيدون السباحة، مع ضرورة أن يرتدي الطفل سترة السباحة الواقية عند اللعب بالماء، كما أنه يجب قفل الأبواب المؤدية إلى أحواض السباحة في المنزل.

ولفت إلى أهمية مراقبة الأطفال الذين يعانون تشنجات عصبية أو مصابين بعجز حركي عن قرب أثناء السباحة، ويفضل تعليم الطفل السباحة ابتداء من عمر ست سنوات.

فيما طالبت عضو مجلس إدارة جمعية توعية ورعاية الأحداث، مريم الأحمدي، البلديات والجهات الهندسية المعنية، باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة قبل منح التراخيص لبناء أحواض المياه داخل المنازل، أو داخل البنايات، بتشديد الرقابة ومراعاة اشتراطات السلامة فيها، خصوصاً بالنسبة للأطفال، ومتابعة التصاميم والتفتيش الدوري على هذه الأحواض للتأكد من موافاتها لاشتراطات السلامة.

ورأت كفاية قوانين الدولة، التي شددت العقوبة على الإهمال في حماية الأطفال وتعريض سلامتهم للخطر بأي صورة، سواء كانت من قبل الوالدين أو أي طرف آخر، مؤكدة أهمية زيادة وعي الأسر بأخذ الحيطة والحذر عند تواجد أطفالهم عند حمامات السباحة أو الشواطئ، أو أي تجمعات مياه، يمكن أن تشكل خطرا على حياتهم.

من جهته، أكد المحامي، على العبادي، على المسؤولية القانونية التي تقع على الأسر تجاه حماية أبنائها من حوادث الغرق واتخاذ التدابير الكفيلة بحمايتهم، خصوصاً خلال تواجدهم في محيط أحواض سباحة أو شواطئ غير مؤمنة أو مراقبة أو لا يتوافر فيها منقذون، إذ يفترض بالوالدين أن يوفرا لأطفالهما متطلبات الحماية كافة في مثل هذه الأماكن.

وأضاف أنه وفقاً لقانون حماية الطفل (وديمة)، فإن والدي الطفل يتحملان المسؤولية القانونية في حال تعرضه لحادث غرق داخل أحواض السباحة داخل المنازل، وكذا في حال تعرضه لأي من أشكال الإهمال الذي يؤدي إلى تعرض حياته للخطر، أما في الحالات التي يفترض وجود رقابة من الجهة المعنية بحوض السباحة، مثل الفنادق والمنتزهات، فهنا تتحمل هذه الجهة مسؤولية الإهمال وتعريض حياة الأطفال للغرق، إذ أن هذه الجهات مناط بها تأمين حياة وسلامة هؤلاء الأطفال.

ولفت إلى أن المادة رقم 35 من القانون نصت على أنه يحظر على القائم على رعاية الطفل تعريضه للإهمال أو اعتياد تركه دون رقابة أو متابعة، أو التخلي عن إرشاده وتوجيهه، أو عدم القيام على شؤونه.

وأوضح أنه يحق لذوي الأطفال الذين يتعرضون لحوادث الغرق في أحواض السباحة في الفنادق والمنتزهات والأماكن التي يفترض وجود منقذين ومراقبين، أن يقاضوا الجهة المعنية أمام المحاكم والمطالبة بالدية أو التعويض في حال الإصابة والضرر.

وأشار الباحث القانوني، أيهم جمال المغربي، إلى أن «التدابير التي حددها القانون لحماية الطفل لا تعفي أولياء الأمور والقائمين على الطفل من العقوبة الجنائية أو الغرامة، التي يمكن أن تشملهم في حال ثبوت تعرضه للأذى بسبب إهمالهم، وحظرت المادة (34) منه، تعريض سلامة الطفل العقلية أو النفسية أو البدنية أو الأخلاقية للخطر، سواء بتخلي القائم على رعايته عنه أو تركه بمكان أو مؤسسة رعاية دون موجب أو رفض قبول الطفل من القائم على رعايته أو الامتناع عن مداواته و القيام على شؤونهم ، وتنص المادة (35) كذلك على أنه يحظر على القائم على رعاية الطفل تعريضه للنبذ أو التشرد أو الإهمال أو اعتياد تركه دون رقابة أو متابعة، أو التخلي عن إرشاده أو توجيهه أو عدم القيام بشؤونه أو عدم إلحاقه بالمؤسسات التعليمية، يعاقب بالحبس أو بالغرامة التي لا تقل عن 5000 درهم من يخل بأحكام المادتين.

كما تنص المادة 350 من قانون العقوبات الاتحادي، على أنه يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاث سنوات، أو بالغرامة التي لا تزيد على 10 آلاف درهم من عرض للخطر طفلاً لم يتم سبع سنوات، وكان ذلك في مكان مليء بالناس، سواء أكان ذلك بنفسه أم بوساطة غيره.

Comments are closed.