سوق «الدروس الخصوصية».. أسعار الحصــة للمواطنين أعلى من المقيمين والإعلانات على «التواصل الاجـتماعي»

تشهد الأيام الأخيرة من العام الدراسي رواجاً كبيراً في سوق الدروس الخصوصية، وكلما اقترب موعد الامتحانات ازداد إقبال الطلبة على الدروس الخصوصية، ما يدفع معلمين إلى مضاعفة الأسعار خصوصاً للصفوف المتقدمة «العاشر، والحادي عشر، والثاني عشر»، في إطار رغبة طلبة وذويهم تحقيق معدلات مرتفعة، تساعدهم على الالتحاق بتخصصات جامعية مطلوبة في سوق العمل، فيما أكد ذوو طلبة أن سعر حصة الدرس الخصوصي في شهر الامتحانات تراوح بين 2000 و‬4000 درهم، مشيرين إلى أن وقت الحصة لا يزيد على ساعة ونصف الساعة، وتضم المجموعة ستة طلاب. وتصل قيمة الحصة للطالب الواحد ليلة الامتحان إلى 600 درهم، مضيفين أن معلمين يحددون قيمة الحصة بناءً على عدد الطلبة ومواقع سكنهم ومواعيد الحصص.

وطالب ذوو طلبة بوضع نظام رسمي بديل عن الدروس الخصوصية، والسماح للمعلمين بمزاولته بعلم المدرسة، وبأسعار معلنة ومقبولة، حتى يتم القضاء على ظاهرة استغلال المعلمين للأسر الراغبة في توفير دعم إضافي لأبنائها، مشيرين إلى أن هذه الظاهرة تتكرر كل عام مع اقتراب مواعيد الامتحانات، نظراً لعدم وجود أي رقابة على سوق الدروس الخصوصية أو تنظيمها وتقنينها.

فيما أكد مجلس أبوظبي للتعليم أنه ينفذ برنامجاً للدعم المدرسي لطلبة الحلقتين الثانية والثالثة، ويوفر مراكز لدعم الطلبة بكل ما يحتاجون إليه، لرفع مستواهم الدراسي على أيدي معلمين أكفاء، في خطوة تهدف إلى الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية.

واعتبر متخصصون أن «التعاطي مع ظاهرة الدروس الخصوصية سلوك غير تربوي، ينجرف إليه بعض الطلبة وذويهم وعدد من المعلمين»، فيما قال معلمون إن معظم محترفي الدروس الخصوصية والقائمين عليها لا يزاولون مهنة التدريس، بل يتخذونها وسيلة لزيادة دخلهم، مشيرين إلى أن النظام التعليمي يفرض قيوداً على المعلم النظامي في مزاولة الدروس.


قالت والدة طالبين، أحدهما في الصف التاسع، والآخر في السابع، المواطنة فوزية محمود، إنها موظفة، لذلك تضطر إلى الاستعانة بمعلمين لشرح بعض الدروس في عدد من المواد لأبنائها، لافتةً إلى أن المعلمين يميزون بين المواطن والمقيم عند تحديد سعر الساعة، فالطالب المواطن في الصف السابع تتعدى ساعة تدريسه الـ100 درهم مع بداية العام، وتزيد إلى 150 درهماً قبيل البدء في امتحانات نهاية العام، فيما يبدأ سعر الساعة للمقيم بـ50 درهماً، وتصل إلى 100 درهم في المراجعة ليلة الامتحان.

50% من الطلبة يلجؤون إلى الدروس الخصوصية

أظهرت نتائج استبيان نفذه مجلس أبوظبي للتعليم على أكثر من 52 ألف طالب وطالبة، في الصفوف من الخامس حتى الثاني عشر بمدارس حكومية وخاصة، تم الإعلان عنه في العام الدراسي الماضي، أن نصف الطلبة يحصلون على دروس خصوصية.

وأظهرت النتائج أن 42.4% من طلبة المدارس الخاصة، و65.7% من طلبة المدارس الحكومية، يتلقون دروساً خصوصية في الرياضيات، ويتلقى 34.6% من المدارس الخاصة، و64.2% من الحكومية، دروساً خصوصية في الإنجليزية، وذكر 13.3% من ذوي طلبة المدارس الخاصة، و20.5% من الحكومية، أن أبناءهم يتلقون دروساً خصوصية في مادة العلوم.

وتساوت نسبة الطلبة، الذين يعتقدون أن المدرسين يشرحون الدروس بطريقة منظمة في المدارس الحكومية والخاصة بنسبة 63%، وذكر 65.3% من طلبة المدارس الحكومية، و69.9% من الخاصة، أن المعلمين يحثون على الاجتهاد والمثابرة.

3 أسباب وراء انتشار الظاهرة

أفادت رئيسة لجنة التربية والتعليم والثقافة والشباب والإعلام في المجلس الوطني الاتحادي، ناعمة الشرهان، بأن اللجنة رفعت في تقريرها حول «سياسة وزارة التربية والتعليم» توصية بخفض كثافة المناهج المقررة على طلبة المدارس، لتتناسب مع الفترة الزمنية المحددة لتدريسها فيها.

وحدّدت لـ«الإمارات اليوم» ثلاثة أسباب رئيسة تدفع الطلبة وذويهم إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية، تكمن في طول اليوم الدراسي، ما يؤدي إلى إرهاق الطلبة، وعدم استيعابهم كل ما يتم شرحه، ما يدفع بعضهم إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية لتحصيل ما فاتهم، فضلاً عن كثافة المنهج الدراسي الذي تتوجب على الطالب دراسته في الفصل الدراسي الواحد، في حين لا يتلاءم البعد الزمني المقرر لهذا الفصل أو ذاك مع هذه الكثافة في المناهج، وكذلك بعض المواد الدراسية تتضمن العديد من الصعوبات في الفهم، وتحتاج إلى مزيد من الشرح والتبسيط.

وأكدت أن الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية مطلب ملحّ، ويتطلب منظومة متكاملة من الأهالي الذين لابد أن يقتنعوا بعدم جدواها، والمؤسسات التربوية التي يجب عليها أن تضع آلية لسد ثغرة هذه الظاهرة، ووسائل الإعلام مطالبة بأن تضطلع بدورها في التوعية ضد آثار الدروس الخصوصية السلبية في الأسرة اجتماعياً ومادياً وعلمياً، كما يجب على الطالب أن يحدد لنفسه جدول عمل ينجز من خلاله دروسه، ويكون أكثر اعتماداً على قدراته وإمكاناته، والعمل على تطويرها ذاتياً، مع ترك الاتكالية التي يجنح إليها في كثير من الأوقات.


• آباء يطالبون بنظام بديل عن الدروس الخصوصية تحت إشراف الجهات المعنية.

• معظم محترفي الدروس الخصوصية في الدولة لا يزاولون مهنة التدريس.

• طلاب يتغيّبون عن المدرسة ويعتمدون على الدروس الخصوصية في منازلهم.


600

درهم سعر حصة مادة الرياضيات للطالب الواحد قبل الامتحانات.

وأكد ذوو طلبة أن سعر حصة الدرس الخصوصي في شهر الامتحانات تراوح بين 2000 و‬4000 درهم للمجموعة التي تصل إلى ستة طلاب، بما يعادل نحو 600 درهم للطالب الواحد.

وذكرت والدة طالب في الصف الثاني عشر، علياء عبدالرحيم، أن شهر الامتحانات يمثل كابوساً لذوي الطلبة، خصوصاً لمن لديهم أكثر من ابن في الدراسة، ما يشكل عبئاً مالياً كبيراً على الأسر، لافتةً إلى أن المعلمين في منتصف شهر أبريل الماضي أبلغوها وصديقاتها بأن شهر مايو سيشهد زيادة في وقت الحصة بمقدار نصف ساعة، تترتب عليه زيادة 50% في السعر، إضافة إلى أن حصة ليلة الامتحان سيكون لها حساب منفصل، وأنها بلغت في مادة الرياضيات 600 درهم للطالب الواحد، وفي مواد الكيمياء والفيزياء 500 درهم، فيما تنخفض إلى 300 درهم في مادة اللغة العربية.

وقال والد طالب في الصف الثاني عشر، عبدالرحمن خليل، إن «مواد الرياضيات والعلوم للصف الثاني عشر تحتاج إلى إيضاح أكثر للطلبة، وهذا ما لم يتح للمعلم داخل الصف، لالتزامه بالانتهاء من تدريس المناهج في وقت محدد، ما يدفع الطلبة إلى الاستعانة بمعلمي هذه المواد لإعادة شرحها»، مضيفاً أن «الاستعانة بالمعلمين الخصوصيين يرهق ميزانية الأسرة بشكل كبير، لأن سعر الساعة الواحدة يتخطى الـ150 درهماً، خصوصاً قبيل الامتحانات، والمراجعات النهائية، لكن حرصنا على حصول ابننا على درجات عالية تضمن له الانتساب إلى كلية مناسبة، يجعلنا نتحمل كلفة الدروس الخصوصية الباهظة».

وأكد الطلاب، سيف البلوشي، ومعتصم زيدان، وإبراهيم حامد، وماجد علي، أن الدروس الخصوصية تعتبر وسيلة دعم للطلبة من الصعب الاستغناء عنها، خصوصاً أن كل طالب يطمح لتحصيل جيد لتحقيق نتائج مرتفعة، عازين لجوء بعض الطلبة إلى الدروس الخصوصية إلى قصر مدة الفصل الدراسي مع كثافة المناهج، ما يجعل شرح المعلمين لا يغني عنها، خصوصاً مواد الفيزياء، والكيمياء، والأحياء، والرياضيات، التي تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين لفهمها، وهي المواد التي تكثر فيها الدروس الخصوصية.

فيما أفاد المعلمون محمد سيد، ومحمد أنور، عماد ربيع، وأمجد شهدي، بأن ظاهرة الدروس الخصوصية تعتبر سلوكاً غير تربوي، ومعظم محترفي الدروس الخصوصية لا يزاولون مهنة التدريس، بل يعملون في مجالات أخرى، ويتخذون من الدروس الخصوصية وسيلة لزيادة دخلهم، مشيرين إلى أن النظام التعليمي يفرض قيوداً على المعلم النظامي لعدم مزاولة الدروس، كما أنه يوفر للطلبة بدائل مجانية تجعلهم يستغنون عن اللجوء للدروس الخصوصية، مطالبين بمحاربة هذه الظاهرة عبر تغيير ثقافة ذوي الطلبة، حيث يعتبرها بعضهم أهم من المدرسة نفسها.

وتواصلت «الإمارات اليوم» مع عدد من أصحاب إعلانات الدروس الخصوصية على الشبكة العنكبوتية، الذين أكدوا أنهم يفرّقون بين الطالب المواطن والطالب المقيم، عند تحديد كلفة الساعة الواحدة في الدرس الخصوصي، مبينين أن المقيمين لا يمتلكون القدرة المالية الكافية لدفع القيمة العالية لحصة الدرس، ومن ثم يتم تخفيض هذه القيمة لهم مراعاة لظروفهم.

وقال أحد المعلنين عن الدروس الخصوصية، ويدعى إسماعيل، إنه «يستطيع تدريس الرياضيات والفيزياء والكيمياء لطلبة الصف الثاني عشر، كما يستطيع تدريس جميع المواد للمرحلة الأساسية من الصف الأول إلى التاسع»، موضحاً أنه حاصل على بكالوريوس هندسة، لكنه يحب التدريس، لذلك يعمل في مجال الدروس الخصوصية.

وأضاف أنه قدم إلى الدولة من موطنه بتأشيرة زيارة خلال هذه الفترة التي تسبق امتحانات نهاية العام الدراسي، ومنذ دخوله الدولة أعلن عن نفسه كمدرس خصوصي، ولاقى إعلانه تفاعلاً من المواطنين والمقيمين.

وذكرت معلمة أخرى تدعى ميسون، أنها متخصصة في اللغة العربية، لكنها تستطيع تدريس جميع المواد الدراسية حتى الصف التاسع، مشيرة إلى أن «سعر الساعة 150 درهماً للطالب الواحد، سواء أكان بمفرده أم مع مجموعة، شريطة ألا يتعدى عدد المشاركين فيها ثلاثة طلاب، لأن لدى الطلبة فروقاً فردية تستلزم أن تبذل جهداً كبيراً في توصيل المعلومة إليهم جميعاً بالتساوي، ولذلك فإنها لا تضع حدوداً لوقت الحصة، سواء استغرقت ساعة أو ساعتين، والعبرة في الدفع بالساعة وليس بالحصة».

فيما اعتبر مساعد مدير مدرسة الصفا الثانوية للبنين، راشد لاحج، أن «التعاطي مع ظاهرة الدروس الخصوصية سلوك غير تربوي، ينجرف إليه بعض الطلبة وذويهم وعدد من المعلمين»، لافتاً إلى أن «الفترة التي تسبق امتحانات نهاية العام تشهد غياباً كبيراً للطلبة عن المدرسة، لأنهم يعتمدون على الدروس الخصوصية في منازلهم أو في أماكن أخرى كمراكز التقوية».

وأضاف أن «المدرسة تخصص وقتاً قبل بدء الاختبار لمراجعة المادة مع الطلبة قبل الامتحانات، إلا أنه لا يحرص على حضورها غير الطلبة المجتهدين فقط، فيما ضعفاء المستوى يتكاسلون عن الحضور اعتماداً على المدرس الخصوصي».

وطالب اختصاصيون اجتماعيون في مدارس حكومية وخاصة، ناصر صلاح، وأمينة البلوشي، وتيسير حافظ، وميسون أسعد، بوجود تشريع يجرّم نشر إعلانات الدروس الخصوصية في الجرائد ووسائل الإعلام، وأن تلتزم هذه الوسائل بالحصول على صورة الهوية للمعلن، لمساءلته في حال نشر الإعلان، خصوصاً أن العديد من الأشخاص غير الموثوق بهم يستطيعون من خلال هذه الإعلانات الدخول إلى المنازل.

فيما ينفّذ مجلس أبوظبي للتعليم برنامجاً للدعم المدرسي لطلبة الحلقتين الثانية والثالثة، حيث يوفر مراكز لدعم الطلبة بكل ما يحتاجون إليه، لرفع مستواهم الدراسي على أيدي معلمين أكفاء، في خطوة تهدف إلى الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية، حيث يطبق برنامج الدعم الأكاديمي ضمن مجموعات صغيرة لا تتعدى 12 طالباً في الفصل الواحد، وذلك لتحقيق الاستفادة القصوى من البرنامج».

وأعلن المجلس سابقاً أنه تم اختيار المعلمين المشاركين في البرنامج، ممن حققوا نسبة تزيد على 91% في عمليات التقييم التي خضعوا لها، كما يقدم المجلس خدمة نقل الطلبة من منازلهم إلى المراكز، وبالعكس، تجنباً لأي صعوبات أو مشكلات قد تنشأ عن الالتحاق بالبرنامج بعد ساعات الدوام المدرسي.

في المقابل، نصت لائحة السياسات التعليمية، الصادرة عن المجلس، بأن العقود المبرمة بين المجلس والمعلمين، تمنعهم من إعطاء دروس خصوصية، وتقضي بفصل أي معلم يثبت إعطاؤه دروساً خصوصية، إضافة إلى وجود قرار يحظر على المعلمين التابعين للمجلس تقديم الدروس الخصوصية مدفوعة الأجر لأي طالب.

Comments are closed.