راشد يقضي 10 سنوات في محو أمّية النساء
لم يخطر في بال المواطن راشد محمد الحضّار الظاهري، حين بدأ تنفيذ فكرته عام 1998 أنه سيكون ضمن ثمانية أشخاص خصّهم الفريق أول سموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وليّ عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالتكريم، نتيجة جهود تركت أثراً بارزاً في المجتمع، فلم تكن فكرة الظاهري آنذاك، سوى إنشاء حلقة تحفيظ القرآن الكريم داخل غرفتين في مسجد الاستقامة في منطقة العامرية في مدينة العين. وتطورت الفكرة على مدار 10 سنوات، لتصبح مركزاً متكاملاً لمحو أمية نساء العين وفتياتها، وتعليمهن القرآن حفظاً وتلاوةً وتجويداً.
وجاء الحفل السنوي الرابع لجائزة أبوظبي، بإحدى المفاجآت السارّة للمواطن راشد الظاهري (74 عاماً) الذي قضى سنوات طويلة في سبيل هذه الرسالة السامية، ورشّحه العاملون في المركز للجائزة من دون علمه، وفق المسؤولة عن المركز مريم النعيمي التي أوضحت أن الظاهري ظل لا يعلم بأمر ترشيحه للجائزة، حتى أُعلن فوزه بها بالفعل. وفوجئ بكاميرات التلفزيون تصوره داخل المركز، لأنه لم يفكّر إلا في كيفية إنجاح المركز في أداء عمله من دون محاولة الظهور الإعلامي، أو التحدث عن دوره.
ويرى الظاهري أن أعظم ما في هذا التكريم هو تشجيع الآخرين على القيام بمثل هذه الأعمال التطوعية، من دون أن يفصح عن مصادر تمويل المركز. ويؤكّد العاملون في المركز، أنه يتكفّل بكل المصاريف والنفقات الخاصة به، ولا يعتمد على أي جهة أخرى، على الرغم من استعداد البعض لدعمه مالياً، إلا أنه يرفض.
ويحكي الظاهري عن بداية فكرته قائلاً «كانت الفكرة في الأساس لمساعدة بعض النساء على تعلم القرآن الكريم وحفظه وتجويده، بعدما لاحظتُ أن عدداً كبيراً من النساء يعانين أمية كاملة، وسرعان ما اتخذت الفكرة طريقها إلى النجاح».
وتابع «كانت البداية في غرفتين صغيرتين داخل المسجد، أضيفت إليهما غرفة أخرى، في مرحلة تالية، لمساعدة النساء عن طريق معلمتين متطوعتين من حي العامرية نفسه. وبدأ المركز بـ 20 دارسة فقط، وإدارية واحدة، مازالت تواصل عملها حتى الآن. ومن ثم زاد عدد النساء إلى 60 وأصبح عدد المعلمات ثلاثاً، وسرعان ما اتسعت هذه الحلقات بعد الإقبال الكبير من النساء والفتيات على تعلم القرآن. وفي عام 1998 تم إنشاء المركز. ومنذ ذلك التاريخ وحتى عام 2001 زاد عدد النساء إلى 100 دارسة. وبعدها بعام واحد تم بناء مقرّ خاص للمركز، مستقل عن المسجد، يضم 11 فصلاً دراسياً، ومكتبة كبيرة تحتوي على كمّ هائل من الكتب والمراجع، وحضانة لأبناء الدارسات والمعلمات، وازداد عدد الدارسات سواء من الأميات وربات البيوت، أو من طالبات الجامعة والخريجات، إلى نحو 200 دارسة في الفترة الصباحية. وفي العام التالي تم تشغيل فترة مسائية لاستيعاب العدد المتزايد من الدارسات اللاتي أبدين رغبة في التعلّم في المركز، والتحقت 101 دارسة أخرى. وأوضح الظاهري أن عدد الدارسات خلال العام الماضي وصل إلى 625 دارسة، تم توزيعهن على فترتين، صباحية وتضم 350 دارسة و13 معلمة، ومسائية وتضم 275 دارسة وثماني معلمات. وفي نهاية الفصل الدراسي الحالي، وصل عدد النساء إلى 847 دارسة و20 معلمة.
أما أهم ما أنجزه المركز منذ إنشائه فكان تخريج 40 خاتمة للقرآن حفظاً وتلاوة وتجويداً، ومحو أمية نحو 300 دارسة بشكل كامل.