رفض إسقاط حضــانة أم لــ 5 أبناء بعد بلوغهم الســـن القانونية
رفضت محكمة النقض طعناً تقدم به أب لخمسة أطفال كانت المحكمة الابتدائية قد أصدرت حكماً بتطليق زوجته منه للضرر، وإسناد حضانة الأبناء الخمسة إليها.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن للذكر الذي بلغ سن 18 عاماً حق اختيار حاضنه، لأنه أصبح على درجة من الوعي تؤهله للاختيار. كما قضت المحكمة بتأييد حكم طلاق الزوجة، على الرغم من أن الزوج لم يخلّ بواجباته الشرعية تجاهها، بعدما ثبت أن هناك فراقاً بين الزوجين يمتدّ لأكثر من ستّ سنوات.
وتعود وقائع الدعوى إلى لجوء الزوجة (المطعون ضدها) إلى رفع دعوى ضدّ الزوج أمام محكمة أبوظبي الابتدائية، تطلب فيها الحكم بتطليقها للضرر والشقاق، وبإثبات حضانتها لأولادها منه، وتمكينها من أصل شهادة الميلاد، والبطاقة الشخصية، وخلاصة القيد، وجواز السفر، مع إلزام الزوج بالرسوم والمصروفات.
كما تقدم الزوج بطلب عارض التمس فيه الحكم بدخول الزوجة في طاعته، والتحاقها بمنزل الزوجية، وضمّ أولاده إليه، ورفض دعواها الأصلية.
وقضت محكمة أول درجة بتطليق الزوجة طلقة بائنة، مقابل سقوط حقها في مؤخر صداقها، البالغ قدره 10 الآف درهم، وإثبات حضانتها لأولادها الخمسة، وإلزام الطاعن بتسليم المطعون ضدها أصل أوراقهم الثبوتية، فاستأنف الزوج الحكم، وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف جزئياً في قضائه بشأن حضانة المطعون ضدها لأحد الأبناء، وتأييده فيما عدا ذلك، إلا أن الزوج لم يقبل بهذا الحكم، وطعن عليه أمام محكمة النقض.
وقال الزوج في أسباب طعنه إن الحكم أخطأ في تطبيق أحكام الشريعة والقانون، وخالف الثابت بالأوراق، وأخلّ بحقوق الدفاع.
وقال إن قانون الأحوال الشخصية ينصّ على أن صلاحية النساء للحضانة تنتهي ببلوغ الذكر 11 سنة، والأنثى 13 سنة، كما أن أحكام الشريعة الإسلامية تقرر أنه ليس من المصلحة اعتماد رأي الطفل في اختيار من يحضنه، لأن الصبيّ ضعيف العقل، ويفضل البطالة واللعب، ولا يستطيع أن يزن مصلحته حاضراً ومستقبلاً، بشكل صحيح، مضيفاً أن الحكم الصادر بحقه خالف هذه الأحكام لأنه أثبت أحقية طليقته في حضانة الأولاد، على الرغم من بلوغهم سناً تنتهي فيها صلاحية النساء للحضانة.
ورفضت المحكمة هذا الطعن، شارحة أن القانون أعطى الحق للمحكمة في تمديد سن المحضون إلى أن يبلغ الذكر، أو تتزوج الأنثى، متى اقتضت المصلحة ذلك، ولمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع، وتحديد مصلحة الأولاد المتجاوزين سن حضانة النساء، كما أن ما قدرته المحكمة مبنيّ على أسباب سائغة كافية.
كما رفضت المحكمة ادعاء الأب بعدم جواز الاعتماد على رأي الطفل المحضون في اختيار حاضنه.
وقالت إنه على الرغم من أن المادة القانونية المذكورة لم تأخذ برأي بعض الاتجاهات الفقهية التي تعطي حق التخيير للمحضون، لعدم قدرته على تحديد مصلحته، فإن الحكم المطعون فيه بإقراره حق التخيير لأحد الأولاد لا يشكل مخالفة للأحكام المنصوص عليها في هذه المادة، ما دام الولد بلغ ما يزيد على 18 عاماً، ما يكون معه قد تجاوز سن البلوغ التي تنتهي بها الحضانة عموماً، لأنه خرج من طور الحضانة، وأصبح حراً في اختياره.
أما في ما يتعلق بطعنه على حكم الطلاق، الذي رأى الزوج أنه ليس صحيحاً لأنه لم يخلّ بأي واجب شرعي، ولم يثبت بدليل قاطع أمام المحكمة، أو أمام الحكمين، أنه قام بأي فعل يمثل ضرراً للزوجة، بل هي التي خرجت من بيت الزوجية من غير موجب.
وكذلك ادعاء الزوج بأن حكم الطلاق لم يحترم مقتضيات قانون الأحوال الشخصية، التي توجب القيام بالإصلاح بين الزوجين قبل الحكم بالطلاق، فقالت محكمة النقض إن الثابت من تقرير الحكمين أن الزوج وفّر مسكنا لزوجته وأولاده، وأنه لم يثبت في حقه إخلال بواجباته الشرعية تجاه زوجته، إلا أن التقرير ذاته أورد أن الزوجين كانا على فراق منذ ست سنوات تقريباً، وهو ما ينمّ عن أن الحياة الزوجية بينهما أصبحت متعذرة، ومن ثم انتهى الحكمان إلى التفريق بينهما، لما كان ذلك وكانت مقتضيات المادة 118 من قانون الأحوال الشخصية تنصّ على أنه في حال عدم إثبات الضرر، واستمرار الشقاق بين الزوجين، وتعذّر الإصلاح بينهما، عين القاضي حكمين للنظر في أمرهما وفق المحددات الواردة في هذه المادة.
ولما كانت حالة الشقاق مستقرة بين الزوجين المتنازعين، وخلص الحكمان إلى التفريق بينهما، كان الحكم المطعون فيه قد طبق القانون تطبيقاً سليما. وتاليا، يكون ما ينعاه الطاعن بهذا الخصوص غير صحيح.
كما أن الثابت من أوراق الملفّ أن محاولة الإصلاح بين الزوجين، قد تم احترامها من قبل المحكمة والمحكمين، وأن رفض الزوج الحضور أمام لجنة التوجيه الأسري، على الرغم من إعلانه، كان سبباً في تعذر القيام بالإصلاح بينهما، واعتباراً لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد طبّق أحكام المواد المذكورة، ويكون النعي المثار في هذا الجانب هو الآخر غير سديد، وحرياً بالرفض.