واحة الكرامة.. قصة مجد ترويها بطولة الشهداء
باتت واحة الكرامة مقصداً رئيساً للزوار والسائحين، ومعلماً وطنياً يحكي بكل فخر وعزة قصص تضحيات أبطال أبناء الإمارات، الذين قدموا أرواحهم للحفاظ على كرامة وعزة دولة الإمارات وأمن المنطقة بأسرها، كما باتت رواية فخر وعز دائمة لهذه التضحيات، وقصة مجد ترويها بطولات الشهداء.
مصمم نصب الشهيد تصميم نصب الشهيد هو من إبداع الفنان إدريس خان، الذي يقيم في لندن، والمولود في مدينة برمنغهام في المملكة المتحدة عام 1978، الذي حظي منذ حصوله على درجة الماجستير بتقدير امتياز في مجال البحث من الكلية الملكية للفنون عام 2004. بإشادة دولية، نظراً لما قدمه من صور ومقاطع فيديو ومنحوتات بأفكار مميزة. وبفضل الأعمال الفنية التي يقتنيها أكثر من 1000 شخص من هواة الأعمال الفنية من جميع أنحاء العالم، يعتبر إدريس خان أحد أكثر الفنانين تأثيراً في جيله، إذ يوجد له كثير من الأعمال في المجموعات الفنية الدائمة الرئيسة في المتاحف العالمية. جائزة عالمية
نالت «واحة الكرامة» جائزة فن العمارة الأميركية لعام 2017، عن فئة العمران الثقافي، لتكون من بين الفائزين الـ13 بهذه الجائزة الأميركية المرموقة، ما يضفي على الواحة بعداً معمارياً عالمياً، لكونها أصبحت من المعالم المعمارية المتميزة التي أنجزت أخيراً. واختيرت واحة الكرامة للفوز بالجائزة العالمية من قبل لجنة تحكيم تضم 36 مختصاً وخبيراً، بينهم مهندسون معماريون مخضرمون. وجاء الاختيار بعد دراسة تحليلية شملت تصميم الواحة الفريد، الذي يجمع بين العراقة والحداثة، ودلالاتها الثقافية والاجتماعية والوطنية، التي منحتها طابعاً خاصاً، لارتباطها بشهداء الإمارات الذين ارتقوا أثناء تأديتهم واجبهم الوطني. |
وتجسّد الواحة رؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وتوجيهاته لـ«تخليد أسماء من ضحوا بأرواحهم أثناء تأدية واجبهم الوطني، ليبقى علم الإمارات عالياً في سماء الدولة».
ويحرص كثير من رؤساء وملوك دول العالم والمسؤولين الدوليين، الذين يأتون إلى أرض الدولة، على زيارة هذا المعلم الوطني والحضاري، مشيدين بالشكل المعماري للواحة، ومعبرين عن أسمى مشاعر التقدير والاحترام لأبطال الإمارات البواسل.
وتبلغ مساحة واحة الكرامة 46 ألف متر مربع، وتقع في منطقة حيوية مقابل جامع الشيخ زايد الكبير، في مدينة أبوظبي، وتم الإعلان عن موقع واحة الكرامة في نوفمبر 2015. وبعد إجراء مسابقة تصميم في بداية 2016، وقع الاختيار على تصميم يجسد الوحدة والتلاحم، تقدم به الفنان إدريس خان، المولود في بريطانيا. وفي 20 مارس من العام نفسه، بدأت أعمال التنفيذ. وبحلول سبتمبر 2016، انتهت أعمال تركيب ألواح الألمنيوم، وأنجز العمل في واحة الكرامة في أواخر نوفمبر من العام نفسه.
وتحتفي واحة الكرامة بشهداء الوطن وتضحياتهم، سواءً بعد تأسيس الاتحاد أو قبله، الذين قدموا الغالي والنفيس فداءً لدولة الإمارات العربية المتحدة. وفي طليعتهم، عند مرحلة تأسيس الاتحاد، سالم سهيل خميس الدهماني، الذي استُشهد في 30 نوفمبر 1971، قبل أيام من إعلان تأسيس الدولة، عندما كان يقود جماعة مكونة من ستة أفراد من قوات الشرطة الأبطال، الذين دافعوا بعزة وبسالة عن جزيرة طنب الكبرى ضد القوات الإيرانية.
وتخليداً لهذه الذكرى، جاء اختيار يوم 30 من نوفمبر ليكون يوماً للشهيد من كل عام، وليكون مناسبة وطنية تتجسد فيها أسمى معاني التلاحم بين قيادة دولة الإمارات وشعبها والمقيمين على أرضها، ولتسطر أسمى آيات الفخر والاعتزاز بتضحيات وبطولات شهداء الوطن الباقية في ذاكرة ووجدان جميع أبناء هذا الوطن والمقيمين على أرضه.
وتضم الواحة مركزاً للزوار، يوفر تجربة تفاعلية تقوم على سرد قصة نصب الشهيد، وتروي قصصاً بطولية عن تضحيات شهداء الوطن. وتضم أيضاً ميدان الفخر، الذي يتميز بمساحة واسعة، ويتخذ شكلاً دائرياً، ويقدم انعكاساً واضحاً لنصب الشهيد وجامع الشيخ زايد الكبير. ويحيط بالميدان مدرج كبير، يتسع لنحو 1200 شخص، كما توجد في منتصف الميدان بركة دائرية تشكل لوحة فنية، وتجمع بين انعكاس جامع الشيخ زايد ونصب الشهيد عليها.
جناح الشرف
تضم واحة الكرامة جناحاً للشرف، يضم أسماء 196 شهيداً من أبناء الإمارات البواسل، الذين ضحوا بأرواحهم فداءً للوطن، ويُغطى سقف الجناح بثمانية ألواح ترمز سبعة منها إلى الإمارات السبع، بينما يمثل اللوح الثامن شهداء دولة الإمارات. ويوجد في منتصف الجناح عمل فني يتكون من ألواح زجاجية شفافة كبيرة، تمثل الإمارات السبع، وتحيط بها بركة تجري المياه من خلالها. ويحيط بكل لوح من الجانبين، الأمامي والخلفي، نقش بقسم القوات المسلحة، حيث يمكن للزوار قراءته من أي جانب. كما نقشت على جدارية الجناح أسماء شهداء الوطن، ومكان وتاريخ استشهادهم. إضافة إلى ذلك، توجد آيتان من القرآن الكريم في جناح الشرف، نُقشت الأولى بالألمنيوم على الجانب الأيمن من المدخل، والثانية على الجدار الخلفي فوق لوحة الأسماء، وفوق النحت الزجاجي مباشرةً في الواجهة عند مدخل الجناح.
وتوجد أعلى الجدار الداخلي الدائري للجناح ألواح معدنية، يخلد كل لوح منها اسم أحد شهداء الوطن، ورتبته، وعمله، إضافة إلى مكان وتاريخ استشهاده.
صنعت الألواح من الألمنيوم المعاد تدويره من آليات تابعة للقوات المسلحة الإماراتية، بما في ذلك الآليات التي شاركت ضمن قوات التحالف العربي في اليمن.
نُصب الشهيد
يتكون النصب التذكاري للشهيد من 31 لوحاً من ألواح الألمنيوم الضخمة، التي يستند كل منها إلى الآخر، رمزاً للوحدة والتكاتف والتضامن، في مشهد يعبّر عن أسمى معاني الوحدة والتلاحم بين القيادة والشعب. كما يرمز النصب إلى القوة والشجاعة التي تحلى بها شهداء الإمارات وأبطالها. وقد نقش قسم القوات المسلحة لدولة الإمارات على العمود الطويل في الجزء الخلفي من نصب الشهيد. ونُقش على الألواح الأخرى قصائد وأقوال للوالد المؤسس، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، واقتباسات من أقوال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان؛ رئيس الدولة، إضافة إلى اقتباسات وقصائد لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
ويتكون نصب الشهيد الذي يمر من خلاله مجرى مائي يرمز إلى «الفلج» من 300 طن من الحديد، وأكثر من 1000 لوح من الألمنيوم.