الاتجاهات السلبية لأصحاب وزملاء العمل أهم أسباب بطالة المعاقين
أفادت مديرة إدارة رعاية وتأهيل المعاقين في وزارة الشؤون الاجتماعية، وفاء حمد بن سليمان، بأن الاتجاهات السلبية لأصحاب العمل والزملاء نحو توظيف المعاقين وقدرتهم على العمل أبرز مسببات بطالة المعاقين في الدولة، مؤكدة انه بعد تدريب المعاقين للعمل، اختلفت اتجاهات العاملين نحو تشغيلهم بشكل كبير، ما يدل على ان تلك الاتجاهات السلبية بنيت على أسس غير موضوعية.
وأوضحت أن دراسة أجرتها الوزارة أكدت تغير آراء زملاء وأصحاب عمل نحو تشغيل المعاقين قبل وبعد تدريب افراد معاقين في تلك المنشآت، فضلاً عن تغيير مواقف أسرة المعاق التي تتسم بالحماية الزائدة والتخوف من حوادث العمل أو عدم التأقلم معه.
وأشارت سليمان إلى أن أهمية التدريب تكمن في تغيير النظرة الدونية للمعاقين وقدراتهم العملية، فضلاً عن السيطرة على عوائق اخرى تتمثل في الافتقار إلى التعليم وإلى مهارات العمل، والتغير السريع الذي يطرأ على سوق العمل عند إدخال عناصر التكنولوجيا، وزيادة المنافسة على الوظائف، إضافة إلى التكاليف الزائدة المرتبطة بالعمل عندما تكون على نفقة المعاق، كالأدوات المساعدة والأحذية والمعوقات المعمارية.
ووفقاً لابن سليمان، فإن توجهات معظم اصحاب وزملاء العمل كانت سلبية اتجاه امكانية عمل المعاقين مع زملائهم في المؤسسات المختلفة، وعدم اختلاف قدرات اصحاب الإعاقة عن الموظفين العاديين، وأن أداء اصحاب الإعاقة متميز في العمل، ومن الممكن تكليفهم بالمهام نفسها، وهو ما تغير كلياً وفقاً لنتائج الدراسة، بعد تجربة تشغيل معاقين في اماكن عمل عينة الدراسة، التي اظهرت النتائج تحول الاتجاهات الى الإيجابية، بعد وجودهم برفقة اصحاب الإعاقة لمدة 60 يوماً.
وقالت إنه وفقاً للدراسة، تغيرت توجهات زملاء العمل نحو زملائهم المعاقين حول أخطاء المعاقين، وتأهيلهم الكافي، وتقيدهم بالتعليمات والأنظمة، والتفاني في العمل، والالتزام بأوقات الدوام الرسمي، والمثابرة في العمل، حيث انتقلت اختياراتهم الى الإيجابية بعد تجربة العمل برفقة المعاقين، بعد أن كانت النظرة السلبية تحكم خياراتهم قبل تجربة العمل.
وأشارت بن سليمان إلى أن النظرة السلبية للمعاقين طالت واقعهم الاجتماعي، حيث ظهرت النتائج السلبية واضحة في خيارات زملاء العمل قبل تجربة العمل برفقة أصحاب الإعاقة حول قدرة أصحاب الإعاقة على العمل ضمن الفريق، وتحمل المسؤولية، والعلاقات الاجتماعية مع الزملاء، والتواصل مع المسؤولين، والتكيف مع بيئة العمل، واستغلال زملاء العمل، وامتلاك المعاق روح المبادرة والتعاون مع الآخرين، كما اظهرت تشككاً في قدرة المعاق على تكوين صداقات خارج إطار العمل.
وتابعت، أن العمل يمثل بالنسبة للمعاق أهمية بالغة في حياته الاجتماعية والاقتصادية، فهو يمكّنه من الاعتماد على الذات في توفير حاجاته الأساسية وتوفير بعض المتطلبات التي قد تكون مرتبطة بإعاقته، فضلاً عن المستوى الاجتماعي، حيث يوفر العمل للمعاق الفرصة للاحتكاك والتواصل الاجتماعي مع الآخرين، فهو يخفف من الإحباط والوحدة والعزل الاجتماعي، ويزيد الإحساس بالمسؤولية والاستقلالية، إضافة إلى إمكانات توفير فرص المشاركة والمساهمة المجتمعية، وبناء اتجاهات إيجابية عن الذات وعن الآخرين، ورفع مستوى الثقة بالقدرات والمهارات الذاتية، وتنمية مفهوم إيجابي عنها.
وقالت بن سليمان إن اصحاب الإعاقة يواجهون مقاومة من جانب أصحاب العمل عند تشغيلهم، قد تعزى إلى تفضيل أصحاب العمل تشغيل القادرين على العمل، لعدم معرفتهم الكافية بإمكانات وقدرات المعاقين، إذ يتخوف أصحاب العمل من خوض تجربة تشغيل المعاقين، لأسباب تتعلق بالإنتاجية، وتعرض المعاقين لإصابات العمل، والمسؤولية القانونية تجاه الحوادث، والمطالبات، وظاهرة التغيب التي يعتقدون أنها أكثر عند المعاقين، ولا تقتصر هذه الاتجاهات عند أصحاب العمل، بل تمتد إلى الزملاء، كونهم لا يعرفون الكثير عن الإعاقة وماهيتها وسمات المعاق وقدراته.
من جانبه، قال الاخصائي الاجتماعي التربوي في وزارة الشؤون الاجتماعية روحي عبدات، ان جزءاً كبيراً من اتجاهات أصحاب العمل والزملاء نحو المعاقين هو عبارة عن أحكام وانطباعات مسبقة، تم اكتسابها من ثقافة المجتمع السائدة نحو الإعاقة، حيث تتبلور هذه الاتجاهات في السياق الاجتماعي الذي يعيشه الفرد، دون أن تتاح له الفرصة لاختبار صحة توجهاته، لذلك فمن الطبيعي أن تتغير الاتجاهات نحو المعاق بعد معايشته والاحتكاك به، لافتاً الى ان إعطاء الشخص المعاق الفرصة لإثبات ذاته في مكان العمل، سيكون له دور مهم في اختبار صحة هذه الاتجاهات وتغييرها.
وأشار عبدات إلى ان نتائج الدراسة أكدت ضرورة تهيئة الشخص المعاق للعمل عن طريق إلحاقه بالبرامج التدريبية في سوق العمل قبل المباشرة في تشغيله، وتشغيل المعاقين بين زملائهم غير المعاقين لإتاحة المجال لهم للتعرف إليهم عن كثب، وإعطاء المعاق الفرصة لإثبات ذاته في بيئة العمل، وعدم الحكم المسبق على قدراته، وتعميم قصص النجاح ونماذج المعاقين العاملين بين المؤسسات والشركات التي لم تخض تجربة تشغيل المعاقين.
وأكد أهمية تنظيم برامج تدريب للمعاقين في سوق العمل، من أجل تعديل اتجاهات أصحاب العمل والزملاء نحو المعاقين وقدرتهم على العمل، والتركيز على قدرات الشخص المعاق، ومراعاة مهاراته وميوله عند اختيار العمل المناسب له، وإلحاق المعاقين المتقدمين بطلبات عمل، بدورات تدريبية تنمي سماتهم الشخصية وقدراتهم على التواصل والتعامل مع الآخرين في بيئة العمل، والتعامل مع تشغيل المعاقين كحق يستند إلى قوانين وتشريعات، وليس من منطلق العطف والشفقة نحوهم.