«النقض»: التعويض لابد أن يناسب حجم الضرر
قالت محكمة النقض في حيثيات حكم أصدرته أخيراً، إن التعويض عن الضرر الذي يلحق بالمضرور لابد أن يشمل عناصر الضرر كافة، سواء الأدبية أو المادية، بما يتناسب مع حجم الضرر.
وقضت المحكمة بإلغاء حكم استئناف قضى لمدير مالي في إحدى الشركات الكبرى بتعويض مالي قدره 120 ألف درهم على شركة تأمين، بسبب حادث سيارة أدى إلى إصابة قدمه اليسرى بعجز دائم نسبته 50٪ نتيجة خطأ وتهور سائق، الأمر الذي أدى إلى خفض الراتب الذي كان يحصل عليه من 45 ألف درهم إلى 10 آلاف درهم، لعدم قدرته على القيام بالمهام نفسها التي كان يؤديها قبل الإصابة التي لحقت به.
وكان موظف يعمل مديراً مالياً في إحدى الشركات الكبرى أقام دعوى على الشركة المطعون ضدها، يطلب بأن تؤدي له مبلع أربعة ملايين درهم تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء حادث سيارة مؤمن عليها لدى الشركة، تسبب فيه سائق سيارة وأدين بحكم جزائي بات. وندبت المحكمة خبيراً من الطب الشرعي، ثم قضت بإلزام شركة التأمين بأن تؤدي للطاعن مبلغ 250 ألف درهم تعويضا، إلا أن الطاعن والشركة استأنفا الحكم، فقضت محكمة الاستئناف بقبول استئناف شركة التأمين، وقضت بخفض التعويض إلى 120 ألف درهم، ما دفع الموظف إلى الطعن على الحكم أمام محكمة النقض.
وأقام طعنه على سبب واحد من ثلاث نقاط، أهمها مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، موضحاً أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم كفاية التعويض المقضي به، لعدم شموله تعويضه عما فاته من كسب، وما لحقه من خسارة، وما طرأ عليه من تغيير في مركزه المالي والاجتماعي نتيجة الحادث.
وقدم الموظف المستندات المؤيدة لأقواله، ومن بينها شهادة راتب توضح أن راتبه الشهري كان مبلغ 45 ألفاً و333 درهماً، إذ كان يعمل رئيسا لقسم المالية في مجموعة شركات، وكان ذلك يتطلب منه السفر داخلياً وخارجياً باستمرار، لكن بعد الحادث لم يعد يستطيع القيام بهذه المهام، ما أدى إلى قيام الشركة بإعادة توظيفه على أساس إضافي، ومؤقت براتب قدره 10 آلاف درهم، إلا أن الحكم الذي صدر له خفّض التعويض المقضي به دون الردّ على دفاعه، أو بيان عناصر الضرر التي قضى على أساسها بخفض التعويض.
وقبلت محكمة النقض هذا الدفع، وأفادت بأن مواد قانون المعاملات المدنية تقر بأن كل إضرار بالغير يلزم فاعله بالضمان الذي يقدر ما لحق بالمضرور من ضرر وما فاته من كسب، بشرط أن يكون ذلك نتيجة للفعل الضار الذي ارتكب ضده، وعلى الرغم من أن محكمة الموضوع هي المختصة بتقدير هذا التعويض، إلا أن تحديد عناصر الضّرر التي تدخل في حساب هذا التعويض من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض.
وتابعت: «بما أن المضرور قدم دليلا على أحد هذه العناصر، والتفتت محكمة الموضوع عنه وقدرت تعويضا على خلافه، كان يتعين على المحكمة بيان سبب ذلك، والرد على الدفوع الجوهرية التي قدمها المضرور. كما أن حكم محكمة الاستئناف لم يتناول ما قدمه الطاعن من دفاع بالسلب أو الإيجاب، واكتفى بالقول إن الحكم أبان عناصر الأضرار كافة التي لحقت به، وأنه يرى مبلغ 120 ألف درهم كفاية لجبر كل الأضرار، من دون أن يوضح كذلك عناصر الضرر التي قدر على أساسها التعويض الذي انتهى إليه». وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن العنصر الذي يطلب التعويض عنه يعد من عناصر التعويض الأدبي والمعنوي لما له من تأثير في مركزه المالي والاجتماعي، وبما أن مبلغ التعويض المقضي به هو مبلغ إجمالي لكل الأضرار التي حاقت بالمضرور فإنه يتعين أن يكون النقض مع الإحالة مرة أخرى لنظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف.