فتاة تقاضي والدها لرفضه تزويجها بخاطب
أقامت فتاة دعوى ضد والدها، لرفضه تزويجها خاطباً تراه كفوءاً لها، ورفضت المحكمة الابتدائية الدعوى، فيما قبلتها محكمة الاستئناف، وأذنت لها بالزواج، وطعن الأب أمام المحكمة الاتحادية العليا التي أيدت طعنه، مؤكدة أن حكم الاستئناف خالف القواعد القانونية والشرعية، وتجاهل حق الأب في الولاية على ابنته، واختيار الزوج الكفء لها.
وتفصيلاً، أقامت فتاة دعوى ابتدائية ضد والدها، بادعاء أنه رفض تزويجها خاطباً، رغم رغبتها في الزواج به، مؤكدة أنه كفء لها.
وقضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى، لكن الفتاة استأنفت الحكم، وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الأول، والإذن للفتاة بزواج الخاطب بالولاية العامة.
ولم يرتض والدها بهذا الحكم، وطعن عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا، وأودعت النيابة العامة مذكرة فوضت فيها الرأي للمحكمة.
• «الابتدائية» رفضت دعوى الفتاة.. و«الاستئناف» أذنت لها بزواج الخاطب بالولاية العامة. • «الاتحادية العليا»: أوراق الدعوى خالية من دليل على تكافؤ الفتاة ومن ارتضته خلافاً لرغبة والدها. |
وقال والد الفتاة، في طعنه، إن «حكم الاستئناف أخطأ في تطبيق القانون وتأويله حين أزال ولايته، وهو الأب، وحل محله القاضي في تزويج ابنته بشخص لم يثبت أنه كفء لابنته، ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه».
وأيدت المحكمة الاتحادية العليا الطعن، موضحة في الحيثيات أن من المقرر بنص المادة (21) من قانون الأحوال الشخصية أنه «يشترط في لزوم الزواج أن يكون الزوج كفؤاً للمرأة وقت العقد فقط، ولكل من المرأة ووليها الحق في طلب الفسخ عند فوات الكفاءة، والعبرة في الكفاءة بصلاح الزوج ديناً، ويعتبر العرف في تحديد الكفاءة في غير الدين، والكفء هو النظير في اصطلاح الفقهاء، وهو المساواة بين الزوجين في أمور مادية واجتماعية، بحيث تستقر العائلة في المستقبل، وتتحقق السعادة بين الزوجين، ولا ينتقص أحدهما الآخر فتتعثر حالة الأسرة وتتحول إلى جحيم». وأضافت المحكمة، أنه «يراد بالكفاءة في الزواج ألّا يكون الزوج دون الزوجة، وفي مرتبة أدنى منها في المجتمع، لأسباب وجيهة، بدرجات لا يوافقها العرف بحيث تتعير به هي أو أولياؤها أو قرابتها، وتحديد عناصر الكفاءة، ما يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة، ولكل مكان وعصر مقاييس للتكافؤ بين الزوجين أو بين الزوج وعائلة الزوجة». وأفادت بأن «الكفاءة حق لكل من المرأة والولي، لأن المقصود بهذا الحق حماية سمعة الأسرة، وإذا أسقط أحدهما حقه، لم يؤثر ذلك في حق الآخر، ومن ذلك قال فقهاء الشافعية إن المسن ليس كفؤاً للشابة، وتحكيم العرف في مناط الكفاءة واضح في اتجاهات الفقهاء، ولا شك أن العرف قاعدة قانونية موضوعية بالمعنى الدقيق، والمشهور عند المالكية أنه إذا تم العقد ولم يكن الزوج كفؤاً للزوجة كان العقد صحيحاً، وثبت للمرأة وللولي حق الاعتراض وطلب فسخ عقد النكاح». وتابعت أن «عدم التكافؤ يجعل الحياة الزوجية معرضة للفشل والانهيار مع مصاحبة القلق والاضطراب، لاسيما إذا بدأت بعدم رضا الوالدين والأسرة».
وذكرت أن «الصفات المعتبرة عند الفقهاء هي: الإسلام، والتقوى والصلاح، والنسب، والحرية، والمال، والحرفة والصنعة، والسلامة من الأمراض والعيوب».
وأشارت المحكمة إلى أن «أوراق الدعوى جاءت خالية من دليل على تكافؤ الفتاة ومن ارتضته خلافاً لرغبة والدها وولي أمرها، وحيث لم يثبت التكافؤ بينها وبين خاطبها، فإن ولاية الزواج لا تنتقل من الولي، وهو الأب، إلى القضاء، لعدم ثبوت تعسف الولي، ومن ثم تظل ولايته قائمة، وإذ خالف حكم الاستئناف ما سلف من قواعد شرعية ونصوص قانونية فإنه يكون مشوباً بمخالفة القانون، لعدم ثبوت التكافؤ بين المدعية وخاطبها في النسب، وهو ما يوجب نقضه».