توثيق موافقة المواطنين والمقيـــــمين على التبرع بالأعضاء في «بطاقــــــة الهوية»
أنجزت وزارة الصحة ووقاية المجتمع استعداداتها لإنشاء المركز الوطني لزراعة الأعضاء، الذي سيتخذ من ديوان الوزارة مقراً له، إذ كشف الوكيل المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص في وزارة الصحة ووقاية المجتمع، الدكتور أمين حسين الأميري، أمس، أن المركز سيُعنى بثلاث مهام رئيسة هي: إنشاء سجل وطني للمتبرعين، وقائمة موحدة للمرضى المحتاجين لنقل وزراعة أعضاء، إضافة إلى توليه مسؤولية منح تراخيص المستشفيات والمراكز المتخصصة في نقل وزراعة الأعضاء، بالتعاون مع «لجنة رباعية» تقوم بتقييم الجهات طالبة الترخيص.
وكشف عن توثيق موافقة المواطنين والمقيمين في الدولة، الراغبين في التبرع بالأعضاء، عبر تسجيل الموافقة على بطاقة الهوية.
وتفصيلاً، نظمت الوزارة، أمس، مؤتمراً صحافياً في أبوظبي، للإعلان عن «البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء»، الذي يأتي تطبيقاً لمرسوم أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بشأن تنظيم نقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية.
وتناول المؤتمر الصحافي، الذي ترأّسه الوكيل المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص في الوزارة، الدكتور أمين حسين الأميري، شرحاً للتشريع المتعلق بزراعة الأعضاء لمواكبة أحدث المعايير الصحية الدولية تحقيقاً لطموح دولة الإمارات، كي تكون نموذجاً يحتذى، على المستويين الإقليمي والعالمي، في مجال نقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية.
وخلال المؤتمر أوضح الأميري الأهداف الخمسة للبرنامج الوطني لزراعة الأعضاء، التي تنص على «تنظيم إجراء عمليات نقل وزراعة وحفظ الأعضاء والأنسجة البشرية وتطويرها، منع الاتجار بالأعضاء والأنسجة البشرية، وحماية حقوق الأشخاص الذين تُنقل منهم أو إليهم أعضاء أو أنسجة بشرية، تنظيم عملية التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية، ومنع استغلال حاجة المريض أو المتبرع».
وأكد الأميري أن المرسوم بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2016، الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، يواكب أحدث المعايير الصحية الدولية ويتيح منظومة تشريعية لزراعة الأعضاء، ويشدد على التزام دولة الإمارات بتجريم المتاجرة في زراعة الأعضاء، لافتاً إلى أن هذا الأمر يميز الدولة عن بقية الدول، حيث تطمح إلى أن تكون نموذجاً يحتذى على المستويين الإقليمي والعالمي في هذا المجال.
أهداف حددت وزارة الصحة ووقاية المجتمع خمسة أهداف للبرنامج الوطني لزراعة الأعضاء، هي: – تنظيم إجراء عمليات نقل وزراعة وحفظ الأعضاء والأنسجة البشرية وتطويرها. – منع الاتجار في الأعضاء والأنسجة البشرية. – حماية حقوق الأشخاص الذين تُنقل منهم أو إليهم أعضاء أو أنسجة بشرية. – تنظيم عملية التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية. – منع استغلال حاجة المريض أو المتبرع. • «الزراعة» ستشكل حلاً مستداماً للمصابين بالسرطان وأمراض القلب والفشلين الرئوي والكلوي والتليف الكبدي. • التشريع الإماراتي أجاز نقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية بين الأحياء مباشرة، أو عن طريق النقل التبادلي. • 4 منشآت صحية مرخصة لزراعة الأعضاء في الإمارات، هي: مدينة الشيخ خليفة الطبية، مستشفى كليفلاند كلينيك، مستشفى المدينة ميديكلينيك، مستشفى الجليلة التخصصي للأطفال. 6 متوفين أنقذوا حياة 22 شخصاً استعرض الوكيل المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص في الوزارة، الدكتور أمين حسين الأميري، خلال المؤتمر الصحافي، الإنجازات التي تحققت بفضل تطبيق المنظومة التشريعية لزراعة الأعضاء، موضحاً أن تبرع ستة أشخاص، بعد الوفاة، أسهم في إنقاذ حياة 22 شخصاً مريضاً، استفادوا من 12 كلية، وثلاث أكباد، وأربع رئات، وقلبين، وبنكرياس، فيما بلغ عدد عمليات زراعة الأعضاء بالدولة 13 عملية، إذ نُقلت تسعة أعضاء إلى السعودية، وأصبحت هناك أربع منشآت صحية مرخصة لزراعة الأعضاء، هي «مدينة الشيخ خليفة الطبية، مستشفي كليفلاند كلينيك، مستشفى المدينة ميديكلينيك، مستشفى الجليلة التخصصي للأطفال». وقال الأميري: «بالتوازي مع هذه الإنجازات، وحرصاً على تطبيق أفضل الممارسات العالمية، ولضمان توحيد الإجراءات على مستوى الدولة، قامت اللجنة الوطنية لزراعة الأعضاء باستضافة وفد من المركز السعودي لزراعة الأعضاء ومعهد تبرع الأعضاء في إسبانيا DTI لأن النموذج الإسباني لزراعة الأعضاء هو الأفضل في العالم، وتم بنجاح تدريب ما يقارب 180 مختصاً من مختلف الجهات الطبية، فضلاً عن إيفاد ثمانية خبراء إلى برشلونة لحضور الدورة المكثفة المتقدمة من شركة «صحة»، ومستشفيات وزارة الصحة ووقاية المجتمع، والمكتب الصحي لوزارة شؤون الرئاسة، وكليفلاند كلينيك أبوظبي وجامعة الإمارات». |
وأشار إلى أن «زراعة الأعضاء ستشكل حلاً مستداماً لعدد كبير من المرضى، خصوصاً المصابين بالسرطان وأمراض القلب والفشل الرئوي والتليف الكبدي والفشل الكلوي، لأن هذه الجراحات تؤدي للشفاء التام»، مشدداً على التزام الإمارات بتجريم المتاجرة في زراعة الأعضاء لأنها تمثل امتهاناً للكرامة الإنسانية.
وأوضح الأميري أن التشريع الإماراتي وفّر الحلول المناسبة لعلاج الأشخاص الذين يحتاجون إلى زراعة عضو أو نسيج، حيث أجاز نقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية بين الأحياء حتى الدرجة الرابعة، سواء بصفة مباشرة أو عن طريق النقل التبادلي، مع التأكيد على احترام شروط محددة تتعلق بعدم الإضرار بالمتبرع، بينما في حالة التبرع من المتوفي اشترط التشريع إرادة صريحة من المتبرع قبل الوفاة، موثقة بصفة رسمية، سواء عن طريق كاتب العدل أو إدراج ذلك ضمن بيانات بطاقة الهوية.
وقال: «في إطار مساعي الدولة لحماية المرضى من الوقوع فريسة لمراكز زرع الأعضاء غير المتخصصة أو الموثوق بها خارج الدولة، التي كان يتوجه إليها مرضانا في السابق ويعود بعضهم مصاباً بأمراض مزمنة وخطيرة، كالإيدز وأمراض الكبد وغيرها، سيتم افتتاح مراكز عالمية متخصصة في زراعة الأعضاء بالدولة، وإنشاء بنك وطني للأعضاء، وبناء قاعدة بيانات لتسجيل الراغبين في التبرع بعد الوفاة، وهي أمور تسهم كذلك في تنشيط السياحة العلاجية بالدولة، وتدفق استثمارات جديدة».
وأضاف: «دورنا نشر هذه الثقافة، والتأكيد على أهمية التوعية الاجتماعية والتربوية في هذا الإطار، إلى جانب المساعي القانونية والطبية والإرشاد الديني من أجل تحفيز الناس على التبرع بأعضائهم، لأنه يسهم في تخفيف آلام الآلاف من المرضى، وتخفيف العبء على المستشفيات، وخفض التكاليف المادية على الدولة والمجتمع، وتحفيز شركات التأمين وتشجيعها على إطلاق باقات جديدة تتعلق بزراعة ونقل الأعضاء».
سجل للمتبرعين.. وقائمة موحدة للمرضى
ورداً على سؤال لـ«الإمارات اليوم»، أفاد الأميري بأن المركز الوطني لزراعة الأعضاء سيتم إنشاؤه قريباً في مقر الوزارة، وسيُعنى بإنشاء سجل وطني للمتبرعين، وقائمة موحدة للمرضى المحتاجين لنقل وزراعة أعضاء، إضافة إلى توليه مسؤولية منح تراخيص المستشفيات والمراكز المتخصصة في نقل وزراعة الأعضاء، بالتعاون مع لجنة رباعية تقوم بتقييم الجهات طالبة الترخيص.
وتابع: «تتشكل اللجنة من مسؤول في المركز الوطني لزراعة الأعضاء، وآخر من وزارة الصحة، وثالث من المركز السعودي لزراعة الأعضاء، وأخير من المركز الإسباني لزراعة الأعضاء».
4000 حالة فشل كلوي
قال الأميري إن عمليات زراعة الأعضاء بدأت بتطور علم الأدوية، الذي حافظ قدر الإمكان على مرضى الفشل العضوي، وعلم طب الإنعاش أو الرعاية المركزة، الذي أدى إلى وفاة شريحة من الناس مع إمكان بقاء أعضائها تعمل لفترة معينة بعد الوفاة، ما أدى إلى تلاقي العِلمين أو الفرعين، وأسهم في إتاحة أو إمكان زراعة الأعضاء، لكن بنسبة لا تجاوز 0.5% من إجمالي المتوفين، هم الذين يمكن لهم التبرع بأعضائهم.
وكشف الأميري أن أكثر من 4000 حالة فشل كلوي داخل الدولة لا يمكن القول إن جميعها في حاجة إلى زراعة أعضاء، لافتاً إلى أنه وفقاً للنسب العالمية فإن هناك أكثر من 130 ألف عملية زراعة أعضاء أجريت، منها 70% للكلى، تلتها الكبد ثم القلب والرئتان.
ثقافة التبرع بالأعضاء
أكد رئيس اللجنة الوطنية لزراعة الأعضاء، الدكتور علي عبدالكريم العبيدلي، أهمية نشر ثقافة التبرع بالأعضاء بين المواطنين والمقيمين في الدولة، وبناء شراكة تكاملية بين الجهات الصحية الحكومية والخاصة والمؤسسات الخيرية لتحقيق الأهداف المرجوة منها، إضافة إلى ضرورة التكامل مع دول مجلس التعاون من خلال أوجه التعاون المختلفة.
واستعرض العبيدلي الحالات الست التي أجرت عمليات زراعات الأعضاء في الدولة، مبيناً أن الحالة الأولى تمت من متبرع بعد الوفاة في المستشفى القاسمي، ما أسهم في إنقاذ حياة خمسة أشخاص، فيما جرت حالة التبرع الثانية من مستشفى الفجيرة، حيث أنقذ المتوفى حياة ثلاثة أشخاص، وجرت الحالة الثالثة في مستشفى كليفلاند أبوظبي وأنقذ المتوفى حياة ثلاثة أشخاص، بينهم شخص أجرى أول زراعة قلب داخل الدولة، أما الرابعة فقد تم التبرع بها من المستشفى السعودي الألماني لطفلة تبلغ أسبوعين، وقد حرص والداها بعد التأكد من وفاتها على التبرع بكليتيها، في حالة تجسد عمق مشاعرهما الإنسانية، ما أسهم في إنقاذ حياة مريضة تحتاج إلى كليتين.
وقال العبيدلي إن «عملية التبرع بالأعضاء، التي جرت بمدينة الشيخ خليفة الطبية في عجمان، هي الخامسة، وأسهمت في إنقاذ حياة أربعة أشخاص، إذ تبرع بإحدى كليتيه لطفل يبلغ 14 عاماً (أردني)، وأجريت الزراعة في مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي، فيما أرسلت الكلية الثانية إلى مواطن يبلغ 42 عاماً يعاني فشلاً كلوياً، كما نُقلت كبد إلى مستشفى كليفلاند كلينيك في أبوظبي لإنقاذ مريض مواطن يبلغ 60 عاماً. وهذه عملية الزراعة الأولى لكبد داخل الدولة، فيما نقلت الرئتان إلى مريضة تعاني فشلاً رئوياً في السعودية، وتمت عملية التبرع السادسة في مستشفى الفجيرة، وأنقذت ثلاثة أشخاص، من خلال التبرع بكليتين زرعتا بمدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي ومستشفى كليفلاند كلينيك أبوظبي، وكذلك أول زراعة رئة في الدولة، تمت في كليفلاند».
12 حقلاً طبياً في «الهوية»
أكد العبيدلي أن الشريحة الذكية لبطاقة الهوية تتضمن 12 حقلاً لتخزين البيانات الصحية لصاحبها، أحدها يوثّق موافقة صاحبها على التبرع بأعضائه إذا أبدى رغبة في ذلك، بجانب تضمنها فصيلة الدم، والأمراض المزمنة، والأمراض المعدية، وأمراض الحساسية، والإعاقات والتشوهات الخلقية، والعمليات الجراحية التي أجريت لصاحب البطاقة، والإجراءات الجراحية، والتطعيمات الأساسيّة والفرعية، والأدوية التي يتناولها على المدى الطويل، والأجهزة أو الدعامات المركبة له، إضافة إلى تاريخ آخر تحديث.
وبدوره، نوه مدير جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، الدكتور عامر شريف، بالقرار الإنساني لأسر المتوفين، التي آثرت وهي في أوج محنتها أن تكون سبباً في إنقاذ حياة الآخرين.
ولفت إلى أن الجامعة كانت أولى المؤسسات التعليمية على مستوى الدولة التي تدير برنامجاً يُعنى بزراعة الأعضاء، ولاسيما الكلى، من خلال تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، والتعاون مع «ميديكلينيك مستشفى المدينة» في مدينة دبي الطبية.
توعية شرطية بثقافة التبرع
وشدد مدير عام الشرطة الجنائية الاتحادية في وزارة الداخلية، العميد حمد عجلان العميمي، على حرص الوزارة على نشر ثقافة التوعية القانونية بأشكال المخاطر والتحديات عبر إداراتها المتخصصة، والقيام بحملات توعوية وقائية بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية، لافتاً إلى وجود تعاون وثيق ومستمر بين المؤسسات والجهات الحكومية لتعزيز الجهود التوعوية الوقائية في حماية المجتمع والأفراد وسلامة الأشخاص.
وتابع العميمي أن الإمارات من أولى الدول في المنطقة التي التزمت بتجريم المتاجرة في زراعة الأعضاء، لأنها تمثل امتهاناً للكرامة الإنسانية، مؤكداً أن الوزارة أسهمت في بلورة استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الاتجار بالبشر، وإعداد الخطط والبرامج والآليات المنفذة لها بالتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة.
وقال: «نعمل بالتنسيق مع السلطات المختصة والجهات المعنية لتأمين الحماية والدعم للمتضررين من الاتجار في البشر، بما في ذلك برنامج الرعاية والتأهيل لمساعدة الضحايا على الاندماج المجتمعي، ومن بين الجرائم التي تقع ضمن جرائم الاتجار بالبشر، تلك المتعلقة ببيع الأعضاء البشرية والاتجار بها بصورة غير قانونية، وقد نص القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 المعدل بالقانون رقم (1) لسنة 2015، على اعتبار نزع الأعضاء والاتجار بها ضمن الجرائم الذي يعاقب عليها القانون، أو إذا سبّب الفعل إصابة الضحية، بسبب الجريمة، بمرض لا يُشفى منه أو إعاقة دائمة».
وبدوره، أكد مدير عام المركز السعودي لزراعة الأعضاء، الدكتور فيصل شاهين، أهمية تفعيل تبادل الأعضاء بين دول مجلس التعاون «بما يخدم تكافل الخدمات المقدمة لمرضى الفشل العضوي في المنطقة، وإمكان استفادة مرضى الإمارات عن طريق التسجيل في قائمة مرضى الفشل العضوي لدول الخليج، وكذلك إمكان تسجيل مواطنين من دول المجلس في الدولة، بما يسهم في انطلاق برنامج مستدام لزراعة الأعضاء، كما الحال بين الدول الأوروبية وأميركا الشمالية».
وقال إن «المنشآت الصحية، والخبرة الموجودة في الإمارات، تعتبران إضافة نوعية لجميع دول المنطقة».